الخطبة الأولى ( الفتن ) 2
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونستكمل الحديث عن الفتن ، وتوقفت معكم عند هذا السؤال :
كيف تنجو بنفسك من الفتن ؟ كيف تحصن نفسك من الفتنة ؟وتنأى بنفسك عن المهالك ؟
.فأقول .أولا : عليك بالتمسك بالكتاب والسنة ..والسير على خطا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده . فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (“إنه من يعش منكم ؛فسيرى اختلافا كثيراً؛ فعليكم بستَّني وسنًّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي, تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ )
ثانيا : إذا ظهرت الفتن , أو تغيرت الأحوال ؛ فعليك بالرفق والتأنِّي والحلم , ولا تتعجل في إصدار الأحكام.
ففي مسند الامام احمد عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَا كَانَ الرِّفْقُ فِى شَىْءٍ قَطُّ إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ عُزِلَ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ شَانَهُ » فعليك بالرفق , ولا تعجل , ولا تكن مع المتعجَّلين إذا تعجَّلوا , ولا مع المتسرعين إذا تسرعوا فلا تحكم على شئ من تلك الفتن الا بعد تأني ودراية ..
ثالثا: اللجوء إلى الله والاعتصام به فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ « اللَّهُمَّ فَإِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ)…
ومنها لزوم الجماعة..وعدم مفارقة جماعة المسلمين قال تعالى.
( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) آل عمران 103 وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية , فقال : ” عليكم بالجماعة , وإياكم والفرقة”
وفي سنن الترمذي.. عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« إِنَّ اللَّهَ لاَ يَجْمَعُ أُمَّتِى – أَوْ قَالَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضَلاَلَةٍ .وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ .وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ »..
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِى لِذِى عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ » رواه مسلم . ..
وفي الحديث ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ قَالَ « تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ». فَقُلْتُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ » متفق عليه
.ومنها مجالسة العلماء أو الاستماع إليهم فالعلماء هم أصحاب البصيرة والرأي. ويستطيعون أن يكتشفوا الفتن وفهم الأمور على حقيقتها
ومنها الصبر ..فالفتن تحتاج الى الصبر والتحمل. فمن صبر عليها كانت رحمة في حقه ، ونجا بصبره من فتنة أعظم منها ، ومن لم يصبر عليها وقع في فتنة أشد منها .
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال:( يأتي على الناس زمان ، الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر )
رواه الترمذي
اقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الأولى (الفتن ) 2
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
.روى مسلم ان أَبَا بَكْرَةَ يُحَدِّثُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم« إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ أَلاَ ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِى فِيهَا وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى إِلَيْهَا أَلاَ فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ ». قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلاَ غَنَمٌ وَلاَ أَرْضٌ قَالَ « يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لْيَنْجُ إِنِ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ». قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِى إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِى رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِىءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِى قَالَ « يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ».
.ومنها ان تلزم بيتك ..ففي المعجم للطبراني (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لِيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ مِنْ ذِكْرِ خَطِيئَتِكَ، وَامْلُكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ)
وفي سنن ابي داود عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم يَقُولُ« قَتْلاَهَا كُلُّهُمْ فِى النَّارِ » قَالَ فِيهِ قُلْتُ مَتَى ذَلِكَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ تِلْكَ أَيَّامُ الْهَرْجِ حَيْثُ لاَ يَأْمَنُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ. قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ الزَّمَانُ قَالَ تَكُفُّ لِسَانَكَ وَيَدَكَ وَتَكُونُ حِلْسًا مِنْ أَحْلاَسِ بَيْتِكَ.).
ومنها عدم تصديق الشائعات أو اذاعتها وترويجها وتناقلها ..فعند الفتن تكثر الشائعات .وتختلط الامور وتغيب الحقيقة ..
ألا فاحذروا الفتن في زمان الفتن ..وتضرعوا إلى الله أن ينجيكم منها وأن يحفظ عليكم إيمانكم
الدعاء