الخطبة الأولى ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) (59) الاسراء ،وقال الله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ) (12) ، (13) الرعد ،وقال الله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا) (60) الاسراء ، ويقول جل شأنه :{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ .أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ . أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النحل:45-47]
إخوة الإسلام
إن المتدبر والمتأمل لهذه الآيات الكريمات، يتبين له إنها آيات عظيمة ومخيفة ،يحذّرنا الله فيها ويخوفنا من أليم عذابه، وشديد عقابه، إذا تمادينا في الطغيان، وغرقنا في العصيان، واستمرأنا المعاصي والذنوب، فمعاصينا تتزايد، ومخالفاتنا تتكاثر، وآيات الله وإنذاراته علينا تتوالى، فكم نسمع من الحوادث، وكم نشاهد من العبر، وكم نرى من العقوبات، وكم تنزل بنا من البلايا والمحن ، وكم يصيب البشرية من جوائح وأمراض ومهالك وصواعق وزلازل وبراكين وفيضانات وآفات وحروب وقتل وهدم ، وما زالت البشرية في غيها وكفرها وظلمها وفسادها وبعدها عن منهج الله تعالى ، يقول ابن القيم رحمه الله: “اقشعرت الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة، وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكى الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش، وغلبة المنكرات والقبائح، وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه، ومؤذن بليل بلاء قد أدلهم ظلامه، فاعدلوا عن هذا السبيل بتوبة نصوح، ما دامت التوبة ممكنة ،وبابها مفتوح، وكأنكم بالباب وقد أغلق، قال تعالى : {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء:227) . وإن المخيف في الأمر هو أن العقوبة إذا حلت شملت الجميع ،ووقعت على الكل ،إلا من رحم الله ،ففي صحيح البخاري : (أن ابْنَ عُمَرَ – رضي الله عنهما – يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم «إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا ،أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ،ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ » ، وفي الصحيحين : (قَالَتْ زَيْنَبُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ « نَعَمْ ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ »، كما روى البخاري في صحيحه : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ ،فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ » .قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ .قَالَ « يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ »، فإذا أسرف الناس في الظلم والفجور والشذوذ ،نزل بهم عذاب الله وغضبه ،وحل بهم بطشه وعقابه ،هذه سنة كونية سارية نافذة ،لا تتغير ولا تتبدل على مر العصور والأجيال، فقد يكون العذاب طوفانًا يغمر الناس ،أو زلزالًا يزلزل الأرض ،أو جفافًا أو أعاصيرًا أو صواعقًا أو أمراضًا جسدية أو روحية ،أو قلقًا وحروبًا ،أو تفرقًا وتمزقًا ، قال الله تعالى : {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت:40]. ، فالمجتمع حين يغرق في الشهوات ،وتفشوا فيه المنكرات ،ويألف الوقوع في الموبقات ، وتقوم الحياة فيه على الذنوب والآثام ،فإنه يسقط من عين الله تعالى ،ويقع في مصارع السوء ،وينزل الله به العذاب والعقاب ،قال الله تعالى :{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام:44]. ،
ومن الملاحظ والذي لا يخفى على عاقل أن المعاصي في كل مجتمعات كوكب الأرض –إلا ما رحم ربي – قد تكاثرت وتنوعت بشكل مخيف ،بل حدثت معاص لم تكن معروفة من قبل ، ووقعت منكرات لم نتوقع أبدًا أن تقع ، فنسمع ونرى أطفالا صغارا وشبابا كبارا يسبون الرب والدين، وشبابا في مقتبل العمر وبداية السن يتعاطون المخدرات ويدمنون المسكرات ،وبنات في سن الشباب يغازلن الشباب ،ويمارسن الفواحش ،وقنوات تجلب كل الشر والمجون ،بل توسعت دائرة الشر لتشمل كل شيء ،فأكل الحرام قد كثر، وتنوعت الحيل في أخذه ،وفشت رذائل الأخلاق ،ومستقبح العادات ،وأثيرت العنصريات والتحزبات ،وحورب الدين وأهله ،وسخر ممن يسعى لإقامته ويطالب بتطبيقه ،واستهزئ بهم ،ونال السفهاء منهم ،وكثر الجحود ،وقل الشكر ،ونشأ كثير من الشباب على التقليد ،والجهل بأمور الدين، والأخذ بسفاسف الأمور ،ومورست كثير من المنكرات بشكل ظاهر وواضح، والأخطر من ذلك كله هو أننا ألفنا هذه المنكرات ،وقل فينا الناكرون والمنكرون لها ، وتبلدت فينا الأحاسيس ،وماتت في قلوبنا الغيرة على الدين ،فإذا أنكر الواحد منا أنكر عليه ،وإن نصح وصف بالتشدد ووصم بالتطرف ،وهذه من أعظم الأسباب التي تغضب الله تعالى علينا ،وتجلب سخطه ومقته ولعنته ، قال الله تعالى : {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:78-79]. ولقد حذّرنا الله جل جلاله من أسباب سخطه وبطشه ،وحذرنا من نفسه فقال الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران:28]، وقال الله سبحانه: { وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة:95]، فالله سبحانه وتعالى قادر على أن يسلب منا النعم بمختلف أنواعها وأشكالها، فيحل بدلًا منها النقم والمحن والفتن إن لم نتدارك أنفسنا ،ونصحح ونصلح أوضاعنا ، ونغير أحوالنا ،فهل نعتبر بما يجري حولنا ،وما نرى ونقرأ ونسمع ونشاهد من عقوبات مفزعة ،وأحداث أليمة ،وهل نتعظ بالمصائب والكوارث التي نزلت بنا أو حلت قريبًا من ديارنا ،أم لا زال الكثير منا مصرًا على قطع صلته بالله ، ومحاربة ومخالفة الشرع والدين ، فنخشى أن يأخذنا الله على غرة ،وينزل بنا العذاب ، قال الله تعالى : {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [يوسف:107]،وقال الله تعالى : {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ . أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ . أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:97-100]. ألا نخشى من العقوبة ونزول العذاب لأن معاصينا تزيد ،ونعم الله علينا تتكاثر ، فعلينا عباد الله أن ننتبه لأنفسنا ونرجع إلى ربنا لنتدارك أمرنا قبل أن ينزل بنا البلاء بعد البلاء ، والفتن تلو الفتن ، وقبل أن يحل بنا العذاب فإن الله سبحانه وتعالى لا يسلب نعمة أنعمها على قوم إلا بسبب ذنوبهم ومخالفاتهم ، قال الله تعالى : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال:53-54]، {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7].
أيها المسلمون
ويقول قتادة: في بيان معنى قوله تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) (59) الاسراء : “إن الله يخوف الناس بما شاء من آية لعلهم يعتبرون، أو يذكرون، أو يرجعون، وذكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود، فقال: يأيها الناس إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه” ،وروى ابن أبي شيبة: في مصنفه من طريق صفية بنت أبي عبيد قالت: زلزلت الأرض على عهد عمر حتى اصطفقت السرر، فوافق ذلك عبد الله بن عمر وهو يصلي، فلم يدر، قال: فخطب عمر الناس وقال: لئن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم. وهذا التوارد في كلمات السلف ليؤكد أن السبب الأكبر في إرسال الآيات: هو تخويف العباد، وترهيبهم مما يقع منهم من ذنوب ومعاصٍ، لعلهم يرجعون إلى ربهم الذي أرسل لهم هذه الآيات والنذر، وإن لم يرجعوا فإن هذه علامة قسوة في القلب كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 42 – 44]. وكما قال ربنا عز وجل: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: 76]. ونحن لا ننكر أن لزلزلة الأرض أسباباً جيولوجية معروفة، وللفضيانات أسبابها، وللأعاصير أسبابها المادية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: من الذي أمر الأرض أن تتحرك وتضطرب؟ ومن الذي أذن للماء أن يزيد عن قدره المعتاد في بعض المناطق؟ ومن الذي أمر الرياح أن تتحرك بتلك السرعة العظيمة؟ أليس الله؟ أليس الذي أرسلها يريد من عباده أن يتضرعوا له، ويستكينوا له لعله يصرف عنهم هذه الآيات؟ وفي البخاري ومسلم : (عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ ». قَالَتْ وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَخَرَجَ وَدَخَلَ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّىَ عَنْهُ فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ « لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ : (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (24)، (25) الاحقاف
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ألا فاتَّقوا اللهَ واعتَبِروا بما يَجري لنا وحَولَنا، واستَغفِروا مِن ذُنوبِكُم وتوبوا إلى رَبِّكُم، واستَقيموا على دينِكُم، واحذَروا كُلَّ ما نُهيتُم عَنهُ تَحصُلْ لَكُم العافيةُ والنَّجاةُ في الدُّنيا والآخِرةِ، ويَدفَعِ اللهُ عَنكُم كُلَّ بَلاءٍ، ويَمنَحْكُم كُلَّ خَيرٍ؛ قالَ الله سُبحانَهُ : ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96] ، وقالَ الله تَعالى – في أهلِ الكِتابِ: ﴿ وَلَو أَنَّهُم أَقَامُوا التَّورَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِن رَبِّهِم لأَكَلُوا مِن فَوقِهِم وَمِن تَحتِ أَرجُلِهِمْ ﴾ [المائدة: 66]، وتَذَكَّروا قولَهُ – جَلَّ جَلالُهُ -: ﴿ قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَن يَبعَثَ عَلَيكُم عَذَابًا مِن فَوقِكُم أَو مِن تَحتِ أَرجُلِكُم أَو يَلبِسَكُم شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعضَكُم بَأسَ بَعضٍ انظُرْ كَيفَ نُصَرِّفُ الآياتِ لَعَلَّهُم يَفقَهُونَ ﴾ [الأنعام: 65]، وقَولَهُ – سُبحانَهُ -:﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرضَ أَو يَأتِيَهُمُ العَذَابُ مِن حَيثُ لا يَشعُرُونَ * أَو يَأخُذَهُم في تَقَلُّبِهِم فَمَا هُم بِمُعجِزِينَ ﴾ [النحل: 45، 46].، وفي صحيح البخاري : (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَامَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فَصَلَّى بِالنَّاسِ ، فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ ،ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ،ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ ،وَهْىَ دُونَ قِرَاءَتِهِ الأُولَى ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ دُونَ رُكُوعِهِ الأَوَّلِ ،ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ،ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ،ثُمَّ قَامَ فَقَالَ « إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُرِيهِمَا عِبَادَهُ ،فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ »
الدعاء