خطبة عن : ستر العورة ، وحديث ( احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ)
مايو 7, 2022خطبة عن (هيا إلى قوارب النجاة وهلموا إلى شعاع النور)
مايو 7, 2022الخطبة الأولى ( الْعُطَاسُ مِنَ اللَّهِ ، وَالتَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ هَا . ضَحِكَ الشَّيْطَانُ » ، وفي رواية في سنن الترمذي بسند صححه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْعُطَاسُ مِنَ اللَّهِ وَالتَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَإِذَا قَالَ آهْ آهْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْ جَوْفِهِ وَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ آهْ آهْ إِذَا تَثَاءَبَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ فِي جَوْفِهِ ».
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الأدب النبوي الكريم ، والذي يرشدنا فيه صلى الله عليه وسلم إلى آداب العطاس والتثاؤب ، فيُخبرُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا الحديثِ النبوي أنَّ اللهَ يُحبُّ العُطاسَ ، ويَكره التَّثاؤُبَ؛ والسَّببُ في ذلك أنَّ العُطاسَ يدلُّ على النَّشاطِ والخفَّةِ؛ ولهذا تجدُ الإنسانَ إذا عطَسَ نَشِطَ، واللهُ سبحانه وتعالى يُحبُّ الإنسانَ النَّشيطَ الجادَّ، وأما التَّثاؤبُ فإنَّما يَكونُ مع ثِقلِ البدنِ وامتلائِه ، وعند استرخائه لِلنَّومِ ومَيلِه إلى الكسلِ؛ ولأجلِ ذلك المعنى ، صار العُطاسُ مَحمودًا يُحبُّه الله، والتَّثاؤبُ مذمومًا يكرهُه اللهُ تعالى؛ وذلك لأنَّ العُطاسَ يُعينُ على الطَّاعاتِ ، والتثاؤبَ يُثبِّطُ عَن الخَيراتِ وقضاءِ الواجباتِ. ، وقد أخبَر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في أحاديث متعددة ، أنَّ مِن حقوقِ المسلِمِ على المسلِمِ أنَّه إذا عَطَسَ أنْ يُشمِّتَه، وتَشميتُ العاطسِ أنْ يقولَ له: يَرحمُكَ اللهُ، أمَّا التَّثاؤبُ فينبغي على المسلِمِ أنْ يَكظِمَه ويَردَّه ما استطاع؛ لأنَّه إذا قال (هَا) يَعني فَعلَ التَّثاؤبَ ، وفتَحَ فمَه به ، ضَحِكَ الشَّيطانُ منه؛ لأنَّهُ نالَ مقصودَه ، ورأى ثمرةَ تحريضِه على كثرةِ الأكْلِ والكسلِ ،
أيها المسلمون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (الْعُطَاسُ مِنَ اللَّهِ ) فمعناه أنه مِنْ نعمةِ اللهِ ، لأنّه يَدُلُّ على صِحّةِ الدّماغ، وتشميت العاطس فرض كفاية ، وبه قال جمهور العلماء، إذا فعله بعض الحاضرين سقط التكليف عن الباقين، ومع ذلك لا ينبغي تركه خروجاً من استدلال من قال: بفرضية العين. واستدلوا باستدلال له حظ من النَّظر، وهو: ما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «.فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ.». ومن السُّنَّة ألَّا يُشمَّت العاطس إذا لم يحمد الله تعالى ؛ فقد روى البخاري في صحيحه : ( أن أَنَسًا – رضى الله عنه – يَقُولُ عَطَسَ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ . فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَمَّتَّ هَذَا وَلَمْ تُشَمِّتْنِي . قَالَ « إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ ، وَلَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ » ، وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِى مُوسَى وَهْوَ فِي بَيْتِ بِنْتِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ فَعَطَسْتُ فَلَمْ يُشَمِّتْنِي وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَهَا فَرَجَعْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا فَلَمَّا جَاءَهَا قَالَتْ عَطَسَ عِنْدَكَ ابْنِى فَلَمْ تُشَمِّتْهُ وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَّهَا. فَقَالَ إِنَّ ابْنَكِ عَطَسَ فَلَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلَمْ أُشَمِّتْهُ وَعَطَسَتْ فَحَمِدَتِ اللَّهَ فَشَمَّتُّهَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتُوهُ فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلاَ تُشَمِّتُوهُ ». ولكن إذا كان المقام مقام تعليم كأن يربي الأبُ ابنَه، أو المعلمُ طلابَه، أو نحو ذلك ممّا هو في مقام التعليم، فإنه يقول له: قل: «الحمد لله»؛ ليربيه على هذه السُّنَّة فقد يكون جاهلاً لسنّيتها. وأما من كان مزكوماً فإنه لا يُشمَّت بعد الثالثة، فإذا عطس ثلاث مرات يُشمَّت، وبعدها لا يُشمَّت. ويدلّ عليه : ما رواه أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفاً ومرفوعاً، قالَ: «شَمِّتْ أَخاكَ ثَلاَثاً فَمَا زَادَ فَهُوَ زُكَامٌ» ، ويؤيده ما رواه مسلم في صحيحه، من حديث سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: «يَرْحَمُكَ اللّهُ»، ثُمَّ عَطَسَ أُخْرَى فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «الرَّجُلُ مَزْكُومٌ»
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله : ولما كان العاطس قد حصلت له بالعطاس نعمة ومنفعة بخروج الأبخرة المحتقنة في دماغه التي لو بقيت فيه أحدثت له أدواء عسرة ،شرع له حمد الله على هذه النعمة مع بقاء أعضائه على التئامها وهيئتها بعد هذه الزلزلة التي هي للبدن كزلزلة الأرض لها …. فإن العطاس يحدث في الأعضاء حركة وانزعاجاً . وقيل : (أي : في اشتقاق التشميت) هو تشميت له بالشيطان لإغاظته بحمد الله على نعمة العطاس وما حصل له به من محاب الله ، فإن الله يحبه ، فإذا ذكر العبد الله وحمده ساء ذلك الشيطان من وجوه منها : نفس العطاس الذي يحبه الله ، وحمد الله عليه ، ودعاء المسلمين له بالرحمة ، ودعاؤه لهم بالهداية وإصلاح البال ، وذلك كله غائظ للشيطان محزن له ، فتشميت المؤمن بغيظ عدوه وحزنه وكآبته ، فسمي الدعاء له بالرحمة تشميتاً له لما في ضمنه من شماتته بعدوه ، وهذا معنى لطيف إذا تنبه له العاطس والمشمت انتفعا به ، وعظمت عندهما منفعة نعمة العطاس في البدن والقلب ، وتبين السر في محبة الله له ، ويقول ابن القيم في مفتاح دار السعادة :” فإنما أُمر العاطس بالتحميد عن العطاس لأن الجاهلية كانوا يعتقدون فيه أنه داء, ويكره أحدهم أن يعطس, ويود أنه لم يصدر منه؛ لما في ذلك من الشؤم, وكان العاطس يحبس نفسه عن العطاس ويمتنع من ذلك جهده من سوء اعتقاد جهالهم فيه, ولذلك والله أعلم بنوا لفظه على بناء الأدواء كالزكام والسعال والدوار والسهام وغيرها…إلى أن قال : والمقصود أن التطير من العطاس من فعل الجاهلية الذي أبطله الإسلام وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يحب العطاس”.
أيها المسلمون
ومن الآداب المتعلقة بالعطاس : أولا : إذا أتاه العطاس , فلا يرده لأن فيه منفعة للبدن فضلا عن كونه محبوبا لله تعالى. ثانيا : ويستحب للعاطس أن لا يبالغ في إخراج العطاس ولا يرفع صوته, بل يخفضه ويخمر وجهه إن أمكن ، ففي سنن أبي داود وصححه الألباني : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ وَخَفَضَ أَوْ غَضَّ بِهَا صَوْتَهُ ). ثالثا : حمد الله على العطاس : فإذا عطس المسلم فعليه أن يحمد الله تعالى , لقول النبي صلى الله عليه وسلم « إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ » . رواه البخاري ، رابعا : من صيغ الحمد التي وردت ، فمنها قوله : “الحمد لله” كما في الحديث المتقدم ، و” الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ” لقول النبي صلى الله عليه وسلم « إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ “. أخرجه أبو داود وصححه الألباني . خامسا : تشميت العاطس :فإذا عطس الرجل فحمد الله يشرع لمن يسمعه أن يشمته , بأن يقول له : يرحمك الله , ويرد عليه العاطس بقوله يهديكم الله ويصلح بالكم , ففي صحيح البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ . وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ . فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ . فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ »
أيها المسلمون
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ ) : قال ابن بطال: إضافة التثاؤب إلى الشيطان بمعنى إضافة الرِّضا والإرادة – أي أنَّ الشيطان يحب أن يرى الإنسان متثائباً -؛ لأنها حالة تتغير فيها صورته، فيضحك منه، لا أنَّ المراد أنَّ الشيطان فعل التثاؤب. وقال ابن العربي: «قد بينا أنَّ كل فعل مكروه نسبه الشرع إلى الشيطان؛ لأنه واسطته، وأنَّ كل فعل حسن نسبه الشرع إلى الملك؛ لأنه واسطته، قال: والتثاؤب من الامتلاء، وينشأ عنه التكاسل وذلك بواسطة الشيطان، والعطاس من تقليل الغذاء، وينشأ عنه النشاط، وذلك بواسطة الملك». وقال النَّووي: «أضيف التثاؤب إلى الشيطان؛ لأنه يدعو إلى الشهوات إذ يكون عن ثقل البدن، واسترخائه وامتلائه، والمراد التحذير من السبب الذي يتولد منه ذلك وهو التوسع في المأكل» أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الْعُطَاسُ مِنَ اللَّهِ ، وَالتَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الآداب المتعلقة بالتثاؤب : فعلينا أن نرد التثاؤب لما يحمله من هذه التأثيرات السيئة, عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: « وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَإِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ » رواه البخاري ، قال الشيخ ابن عثيمين: قال العلماء: إذا أردت أن تكظمه فَعُضَّ على شفتك السفلى ،وليس عضاً شديداً فتنقطع ،ولكن لأجل أن تضمها حتى لا تنفتح ،فالمهم أن تكظم سواء بهذه الطريقة أو غيرها فإن عجزت عن الكظم فتضع يدك على فمك. وقال الشيخ عبد الرزاق العباد: ولا يليق بالمسلم أن يتثاءب مفتوح الفم دون وضع يده أو شيءٍ, من لباسه على فيه فإن هذا إضافة إلى ما فيه من قبح في الهيئة والمنظر فإنه ذريعة وسبيل لدخول الشيطان. وننبه هنا على ما يفعله البعض من وضع أطراف أصابعه على فمه عند التثاؤب وهذا لا يكفي ؛ لأنه لا يسد جميع الفم , فيبقى فمه مفتوحا للشيطان, فعليه أن يسده كاملا، وأيضا نسمع الكثير حال التثاؤب يستعيذ من الشيطان , لأن التثاؤب حاصل بسببه, فيظن أن هذا من السنة وأنه يطرد الشيطان ،فنقول أن التعوذ من الشيطان حال التثاؤب لم تأت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولم يفعله أحد من الصحابة . فلا يجوز أن نبتدع ونزيد على الدين ما ليس منه ، بل علينا أن نتحرى السنة بأن نرد التثاؤب, ولا نزيد على ما ورد
أيها المسلمون
ومما ينبغي أن يُعلم أن الأصل في المسلم التسليم للنصوص ، والعمل بها دون التكلف في البحث عن الحكم والعلل والأسباب التي من أجلها جاء النص بإثبات أمر أو نفيه ، مع وجوب اعتقاد أن الله تعالى الحكيم الخبير الذي لم يشرع شيئاً لعباده إلا وفيه من المصالح العاجلة والآجلة من أمر الدين والدنيا ما لا يخطر له على بال ، علم البعض ذلك ، وجهله من جهل ، فالأصل الذي يلزم المسلم هو الانقياد والإتباع ، فإن أضيف إلى ذلك معرفة الحكمة من تشريع الحكم فالحمد لله .
الدعاء