MinbarLogMinbarLogMinbarLogMinbarLog
  • الرئيسية
  • خطب منبرية مكتوبة
    • خطبة الاسبوع
    • موسوعة الخطب المنبرية
    • خطب منبرية بصيغة ” وورد – Word “
  • خطب منبرية صوتية
  • دروس وندوات
  • أخترنا لكم
    • القرأن الكريم – فلاش
    • القرأن الكريم – إستماع
    • تفسير القرآن الكريم – الشيخ نشأت أحمد
    • تفسير القرأن الكريم -الشيخ الشعراوى
    • شرح صحيح البخارى – الشيخ هتلان
    • المكتبة الشاملة – تحميل
    • إذاعة القرآن الكريم
    • شرح زاد المستقنع – الشنقيطي
    • سلسلة السيرة النبوية – راغب السرجانى
    • أحداث النهاية – محمد حسان
      • صوتى
      • فيديو
    • موقع الشيخ محمد حسين يعقوب
    • نونية ابن القيم في وصف الجنة
      • عبدالواحد المغربى
      • فارس عبّاد
  • الخطب القادمة
  • إتصل بنا
    • سياسة الخصوصية
  • من نحن؟
  • English Friday Sermons
خطبة عن الغاية من خلق الانسان ، وقوله تعالى ( أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى )
3 أكتوبر، 2020
خطبة حول معنى الحديث ( إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ )
3 أكتوبر، 2020

خطبة عن البذل والعطاء ،وحديث ( يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ )

3 أكتوبر، 2020

                الخطبة الأولى ( يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ ) 

 الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                  أما بعد  أيها المسلمون    

روى الامام مسلم في صحيحه : أن (أَبَا أُمَامَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« يَا ابْنَ آدَمَ : إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ ،وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى » .

إخوة الإسلام

موعدنا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع هذا الحديث القدسي ، والذي يرغبنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في البذل والصدقة ،والانفاق في سبيل الله ، ويحذرنا من البخل والشح والامساك ، والله سبحانه وتعالى يقول في محكم آياته : (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ:39]، ويقول سبحانه وتعالى : (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) [الحديد:7]، ويقول جلَّ وعلا: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [التغابن:16].

وأما قوله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث القدسي :« يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى ». فهذا الحديثُ فيه توجيهٌ نبويٌّ لِبَنِي آدَمَ بعدمِ إمساكِ الأموالِ واكتِنازِها، وتوجيهُ الأَنفُسِ إلى البذلِ والعطاءِ، وفيه البَدْءُ بالأهلِ والأقارِبِ في الصِّلَةِ والنَّفَقةِ، وفيه تشجيعٌ على النَّفَقَةِ والعَطاءِ والبذلِ، وإيماءٌ إلى عَدمِ سُؤالِ الناسِ؛ فاليَدُ المُعطِيَةِ خيرٌ مِنَ الآخِذَةِ. وفي الحديث ما يدل على أن الإنفاق هو طريق المؤمن ، ولا يُلام على كفافٍ ، لما يسدّه ويسدّ حاجته، فالإنفاق في وجوه البرّ كله خير، وكله فضل من الله جلَّ وعلا، ومن أسباب الخلف، وقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الإِسْلاَمِ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ – قَالَ – فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِى عَطَاءً لاَ يَخْشَى الْفَاقَةَ ). فالمؤمن يجتهد في الإنفاق والإحسان، ويتحرَّى وضع الأمور في مواضعها، فيتحرَّى النَّفقة في تأليف القلوب، وفي تعمير المساجد، وفي التَّشجيع على طلب العلم، وفي توزيع الكتب النَّافعة، وفي صلة الرحم، وغيرها من وجوه الخير، يرجو ما عند الله من المثوبة. وهناك ثمة فرق كبير بين إنسان يستشعر أنه وما يملك عبد مملوك لله، محتاج إليه في كل حين، وفقير إلى إمداده في كل نَفَس من أنفاسه، وبين إنسان آخر يرى أنه سيد نفسه، ولا يرى نعمة ربه عليه، فهو مستغن بماله عنه، ومستطيل بثروته وجاهه على خلق الله وعبيده.  فإن يرى الإنسان على وجه الحقيقة أنه عبد لربه ، فإن ذلك يعني أن سلوكه منهاج العابدين، والتزامه سبيل الموحدين، فهو وماله وجهده وسائر عمله لله ، وفي خدمة دينه ونصرة إخوانه المسلمين ، قال الله تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (162) ،(163)  الأنعام ، فحال المؤمن المهتدي مع المال ، يغاير حال الآخرين، فهو حريص على اكتسابه مما أحله الله له، وعلى إنفاقه فيما أباحه له، وهو حريص على إخراج حق الله الذي أوجبه فيه، وهو الزكاة المفروضة، وهو من بعد ذلك جواد كريم تجود نفسه بالصدقات، وتسارع إلى العطاء والبذل الزائد عن الحد الواجب فيه.  وفي قوله تعالى:( وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (البقرة:219) ، وفي هذا بيان لما سأل عنه الصحابة ، فيما ينفقونه من أموالهم، يقول شيخ المفسرين الإمام الطبري: ويسألك يا مـحمد أصحابك: أيّ شيء ينفقون من أموالهم فـيتصدقون به، فقل لهم يا مـحمد : أنفقوا منها العفو. ثم قال: ومعنى العفو: الفضل من مال الرجل عن نفسه وأهله في مؤنتهم ، وما لا بدّ لهم منه. وذلك هو الفضل الذي تظاهرت به الأخبـار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بـالإذن في الصدقة فـي وجه البرّ ، فالمعنى : أنفقوا ما فضل عن حوائجكم، ولم تُؤذوا فيه أنفسكم فتكونوا عالة؛ 

أيها المسلمون

إن الحَيَاةُ أَخذٌ وَعَطَاءٌ، وَيَدٌ تَمُدُّ وَأُخرَى تَقبِضُ، وَقُلُوبٌ تَهَبُ وَأَعيُنٌ تَتَرَقَّبُ، وَمُوسِرُونَ يُنفِقُونَ وَمُقِلُّونَ يَنتَظِرُونَ، وَقَد جَعَلَ اللهُ النَّاسَ عَلَى قِسمَينِ: قِسمٌ يَجِدُ في العَطَاءِ لَذَّتَهُ، وَيَرَى البَذلَ مُنتَهَى سَعَادَتِهِ، وَآخَرُ لا يَعرِفُ إِلاَّ الأَخذَ وَالاستِعطَاءَ، وَلا يُحسِنُ إِلاَّ السُّؤَالَ وَالاستِجدَاءَ، وَيَأبى اللهُ لِمَن أَحَبَّهُم مِنَ المُؤمِنِينَ ،وَاصطَفَاهُم مِن عِبَادِهِ الموَفَّقِينَ، إِلاَّ أَن يَكُونُوا إِلى الخَيرِ سَابِقِينَ ، وَفي العَطَاءِ مُتَنَافِسِينَ، فأنت أيها المنفق في سبيل الله تُعَامِلُ رَبَّكَ وَخَالِقَكَ، وَتُقرِضُ رَازِقَكَ الَّذِي يُضَاعِفَ مَثُوبَتَكَ، وَأَنَّ أَجرَكَ عَلَى قَدرِ نِيَّتِكَ، وَأَنَّكَ عِندَمَا تَبذُلُ وَتُعطِي، فَإِنَّكَ في الوَاقِعِ لا تُعطِي بِقَدرِ مَا تَأخُذُ. نَعَمْ، إِنَّكَ تَأخُذُ كَثِيرًا بِإِعطَائِكَ القَلِيلَ، وَتَنَالُ نَتَائِجَ مُضَاعَفَةً وَثَمَرَاتٍ مُوَفَّرَةً، لَو جُعِلَت إِلى جَنبِ عَطَائِكَ لَصَارَ كَنُقطَةٍ في بَحرٍ لُجِّيٍّ، إِنَّكَ تَأخُذُ مِمَّن أَعطَيتَهُم في الدُّنيَا مَشَاعِرَ المَدحِ وَالامتِنَانِ، وَتَكسِبُ أَلسِنَةَ الشُّكرِ وَالعِرفَانِ، تَحُوزُ مَوَدَّتَهُم وَتَربَحُ مَحَبَّتَهُم، وَتَأسِرُ قُلُوبَهُم وَتَملِكُ أَفئِدَتَهُم، وَالأَهَمُّ مِن ذَلِكَ وَالأَغلَى وَالأَنفَعُ والأَبقَى، دُعَاؤُهُم لَكَ ، وَذِكرُهُم إِيَّاكَ بِالخَيرِ بَعدَ رَحِيلِكَ، وَالنَّاسُ شُهَدَاءُ اللهِ في أَرضِهِ، قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: « يُوشِكُ أَنْ تَعْرِفُوا أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ».قَالُوا بِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ :« بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ وَالثَّنَاءِ السَّيِّئِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ ». رَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. فكُنْ عَلَى يَقِينٍ – أَيُّهَا المُعطِي شَيئًا لِوَجهِ اللهِ – أَنَّكَ إِنْ مَنَحتَ الآخَرِينَ شَيئًا مِمَّا تَملِكُ، فَسَتَرَبحُ أَضعَافَ أَضعَافَ مَا مَنَحتَ؛ لأَنَّكَ بِعَطَائِكَ تُعِيدُ الابتِسَامَةَ لِشِفَاهٍ طَالَمَا أُطبِقَت، وَتَرسَمُ البَهجَةَ عَلَى وُجُوهٍ طَالَمَا عَبَسَت، وَتُدخِلُ الأَمَلَ وَالفَرَحَ عَلَى قُلُوبٍ يَئِسَت وَتَأَلَّمَت وَحَزِنَت، فكَم مِن يَتِيمٍ فَقَد حَنَانَ الأُبُوَّةِ أَو لم يَذُقْ لِلأُمُومَةِ طَعمًا، اِنشَرَحَ بِعَطَائِكَ صَدرُهُ، وَابتَهَجَت بِبَذلِكَ نَفسُهُ، وَخَفَّت بِجُودِكَ مُعَانَاتُهُ، وَزَالَ بِكَرَمِكَ شَيءٌ مِن شَقَائِهِ ! وَكَم مِن أَرمَلَةٍ فَقَدَتِ العَائِلَ وَغَابَ عَنهَا الرَّاعِي، وَذَاقَت مَرَارَةَ الغُربَةِ وَالحِرمَانِ بِفَقدِ زَوجِهَا، أعَدتَ لَهَا شَيئًا مِنَ الأَمَلِ يُنِيرُ بَقِيَّةَ حَيَاتِهَا، لِتُوقِنَ أَنَّهُ مَا زَالَ في الدُّنيَا خَيرٌ كَثِيرٌ وَنُفُوسٌ طَيِّبَةٌ وَأَيدٍ مُبَارَكَةٌ، وَصُدُورٌ تَفِيضُ جُودًا وَقُلُوبٌ تَنبِضُ عَطَاءً  

                                             أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم

                               الخطبة الثانية ( يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ ) 

 الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                  أما بعد  أيها المسلمون    

العَطَاءُ أَن تُقَدِّمَ مَا تَجُودُ بِهِ نَفسُكَ لِمَن تُحِبُّ وَمَن لا تُحِبُّ، العَطَاءُ أَلاَّ تَعِيشَ لِنَفسِكَ مُستَأَثِرًا بما رَزَقَكَ رَبُّكَ، بَل تَفتَحُ قَلبَكَ لِيَسعَ حَاجَاتِ الآخَرِينَ، وَتَمُدُّ يَدَكَ لِتَسُدَّ فَاقَاتِ المُحتَاجِينَ، لا تَنظُرْ لِقَدرِ مَا تُعطِي وَقِيمَتِهِ، وَلَكِنِ انظُرْ إِلى مِقدَارِ مَا سَيُحدِثُهُ مِن وَقعٍ عَلَى القُلُوبِ، وَتَفَكَّرْ في مَدَى تَأثِيرِهِ عَلَى النُّفُوسِ، إِنَّ مِن سِمَاتِ العَطَاءِ الحَقِيقِيِّ أَلاَّ يَنتَظِرَ صَاحِبُهُ مِمَّن أَعطَاهُ أَيَّ مُقَابِلٍ قَلِيلاً كان أَو كَثِيرًا، وَأَن يُخلِصَ للهِ نِيَّتَهُ وَقَصدَهُ، وَيَطلُبَ مَا عِندَهُ وَحدَهُ، العَطَاءُ الحَقِيقِيُّ أَن يُعطِيَ المُؤمِنُ مِن دَاخِلِهِ وَأَعمَاقِ قَلبِهِ، دُونَ أَن يَشعُرَ أَنَّهُ مُرغَمٌ عَلَى ذَلِكَ أَو مَجبُورٌ، العَطَاءُ الحَقِيقِيُّ أَن تَكُونَ بِعَطَائِكَ أَفرَحَ مِنَ الآخِذِ بما أَخَذَ، أَلاَّ يَستَرِيحَ قَلبُكَ وَلا تَهدَأَ نَفسُكَ حَتَّى يَفرَحَ مَن حَولَكَ بما قَدَّمتَهُ لَهُم وَيَسعَدُوا بما وَهَبتَهُم، أَنْ تُعطِيَ مَا تُعطِي وَدُمُوعُ عَينِكَ أَسبَقُ من يَدِكَ، ذَاكَ هُوَ العَطَاءُ الصَّادِقُ. ولَقَد ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – مَثَلاً بَلِيغًا لأَثَرِ الإِنفَاقِ في إِسعَادِ المُنفِقِ وَشُؤمِ البُخلِ عَلَى صَاحِبِهِ ، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : « مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ ، عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ ، مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا ، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلاَ يُنْفِقُ إِلاَّ سَبَغَتْ – أَوْ وَفَرَتْ – عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِىَ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ ،وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلاَ يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلاَّ لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا ، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلاَ تَتَّسِعُ » ،فَيَا مَن يُرِيدُ سَعَادَةَ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، عَلَيكَ بِالعَطَاءِ، ويَا مَن تُرِيدُ مَحَبَّةَ الخَلقِ وَرِضَا الخَالِقِ، عَلَيكَ بِالعَطَاءِ، ويَا مَن تُرِيدُ البَرَكَةَ في مَالِكَ وَالسَّعَةَ في رِزقِكَ، عَلَيكَ بِالعَطَاءِ،  ولا تَظُنَّنَّ أَنَّ العَطَاءَ يَختَصُّ بِإِطعَامِ الطَّعَامِ وَتَقدِيمِ المَالِ فَقَطْ، فالعَطَاءَ أَوسَعُ مِن ذَلِكَ وَأَشمَلُ، اُعفُ عَمَّن ظَلَمَكَ فهذا عطاء، وَتَجَاوَزْ عَمَّن أَسَاءَ إِلَيكَ فهذا عطاء، وَصِلْ مَن قَطَعَكَ فهذا عطاء ، وَادعُ لإِخوَانِكَ المُسلِمِينَ بِظَهرِ الغَيبِ فهذا عطاء، وصَفِّ قَلبَكَ ،وَنَظِّفْ فُؤَادَكَ، اِقبَلْ عُذرَ مَنِ اعتَذَرَ، وَأَقِلْ عَثرَةَ مَن عَثَرَ فكل هذا غطاء، قَدِّمْ لِمُجتَمَعِكَ فِكرَةً تُغَيِّرُهُ لِلأَحسَنِ وَالأَفضَلِ، وكُنْ صَالحًا في مُجتَمَعِكُ مُصلِحًا لِمَن حَولَكَ، اِجعَلِ النَّاسَ يَشعُرُونَ أَنَّ الحَيَاةَ في جِوَارِكَ رَائِعَةٌ وَجَمِيلَةٌ، تَنَازَلْ عَمَّا تَستَطِيعُ مِن حُقُوقِكَ ابتِغَاءَ وَجهِ اللهِ، وَآثِرْ غَيرَكَ بِشَيءٍ مِمَّا وَهَبَكَ اللهُ، لا تَنتَظِرْ مِنَ الآخَرِينَ جَزَاءً وَلا شُكُورًا، ففي كل ذلك عطاء .ولِيَكُنْ عَطَاؤُكَ وَمَنعُكَ للهِ؛ لِتَنَالَ أَعظَمَ جَائِزَةٍ وَأَسعَدَ حَيَاةٍ، فقد روى الترمذي وحسنه :(عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ ».  وفي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ ». قِيلَ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ « يَعْتَمِلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ ». قَالَ قِيلَ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ قَالَ « يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ ».قَالَ قِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ قَالَ « يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ أَوِ الْخَيْرِ ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ « يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ ». (وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) متفق عليه ، وروى ابن ماجه في سننه : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ ».

                                          الدعاء

 

Print Friendly, PDF & Email
مشاركة
1

Related posts

10 أبريل، 2021

خطبة حول (علاقة رمضان بالقرآن ) مختصرة


Read more
10 أبريل، 2021

خطبة حول ( لماذا نقرأ القرآن ؟ ) مختصرة


Read more
10 أبريل، 2021

خطبة عن ( رمضان شهر الانتصار على أعداء الانسان ) 1


Read more

أحدث الخطب

  • خطبة حول (علاقة رمضان بالقرآن ) مختصرة
    10 أبريل، 2021
  • خطبة حول ( لماذا نقرأ القرآن ؟ ) مختصرة
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( رمضان شهر الانتصار على أعداء الانسان ) 1
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( رمضان شهر الانتصار على أعداء الانسان ) 2
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( عقوبة المفطرين في شهر رمضان بغير عذر)
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن( رَمَضَانُ شَهْرُ الصَّبْر )
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن (شهر رمضان نعمة)
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن (خير الأعمال في شهر رمضان ) 1
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن(خير الأعمال في شهر رمضان ) 2
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( كيف تحقق التقوى من الصيام ؟)
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن( رمضان شهر الانتصارات والتمكين ) 1
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن( رمضان شهر الانتصارات والتمكين ) 2
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( رمضان شهر التغيير) مختصرة
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( رمضان شهر الخير )
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( مع شهر رمضان)
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( صوم رمضان من أسباب العتق من النار) 1
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن(مع الصحابة في رمضان ) 1
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن (رمضان شهر القرآن ) 1
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن(مع الصحابة في رمضان ) 2
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن (رمضان شهر القرآن ) 2
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن (مع القرآن في رمضان)
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن (من مقاصد الصيام وحكمته ) 1
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( من فضائل شهر رمضان )
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( رمضان شهر التوبة والغفران )
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( رمضان شهر التغيير )
    10 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن ( فضائل شهر رمضان )
    10 أبريل، 2021
  • خطبة عن الصوم ( إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ) مختصرة
    3 أبريل، 2021
  • 0
    خطبة عن فضل الصيام في سبيل الله ، وحديث ( مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ )
    3 أبريل، 2021
  • ( استقبال رمضان) (قصيرة ومختصرة )
    3 أبريل، 2021
  • خطبة حول استقبال المسلمين لشهر رمضان (مرحبا شهر رمضان مرحبا)
    3 أبريل، 2021

ادعم الموقع

ساهم في دعم الموقع علي باتريون
© 2019 All Rights Reserved. iSpace