خطبة عن اسم الله (الْعَلِيمُ ،العَالِمُ ،العَلَّامُ)
ديسمبر 9, 2017خطبة عن ( التدخين وأضراره )
ديسمبر 9, 2017الخطبة الأولى (الصحابي : ربعي بن عامر التميمي )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]،وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ
وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الاسلام
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم – أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً ، وأحسنهم خلقاً،واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار ، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد ،نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله ، لنرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ،نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ،وضياع المصير ، حقا ، إنهم فتية آمنوا بربهم ، فزادهم الله هدى ،واليوم إن شاء الله موعدنا مع صحابي جليل ، إنه الصحابي : (ربعي بن عامر التميمي) : أما عن نسبه : فهو ربعي بن عامر بن خالد بن عمرو ، من أشراف العرب، وهو من بني تميم، وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، وشهد الفتوحات الإسلامية، وأمد به عمر بن الخطاب المثنّى بن حارثة ، وله ذكر في غزوة نهاوند ، وولاه الأحنف لما فتح طخارستان ، وكانوا لا يؤمرون إلا الصحابة. والصحابي ربعي بن عامر التميمي من الفطناء العارفين بأحوال عدوهم، ومن المواقف التي تظهر فطنته ،أنه لما أراد سيدنا سعد بن أبي وقاص قائد جيش المسلمين ، أن يرسل إلى الفرس رسلا من المسلمين إلى قائد الفرس , فقال لهم : إني مرسلكم إلى هؤلاء القوم فما عندكم ؟ , فقالوا جميعًا : نتبع ما تأمرنا به وننتهي إليه, فإذا جاء أمر لم يكن منك فيه شيء نظرنا أمثل ما ينبغي وأنفعه للناس فكلمناهم به, فقال سعد: هذا فعل الحزمة اذهبوا فتهيئوا, وهنا قال ربعي بن عامر: إن الأعاجم لهم آراء وآداب ومتى نأتهم جميعًا يروا أنا قد احتفلنا بهم فلا تزدهم على رجل ، فلما لمح منه القائد سعد بن أبي وقاص حسن التصرف، ودقة وزنه للأمور، ولاّه الأمر فأرسله الى الفرس وحده ، إذ أنه طالما فطن الى عادات القوم ، فهو أقدر على التفاوض معهم ، وانزالهم لما هو في صالح المسلمين . فذهب سيدنا ربعي رضي الله عنه وأرضاه إلى الفرس وحده وبمفرده، وباطنه ملآن وعامر ، وظاهره متقشف خشن ، فقد امتلأ ايمانا وزهدا واخلاصا ، وترسه من اديم البقر ، وتقلد السيف ، وله غمد من قماش خلق ، ورمح وقوس بنبل ، وعلى رأسه مشدودة عمامة ، وله ضفائر اربع مرفوعة كأنها قرون وعل ، يمتطي فرسا قصيرة غير فارهة. في حين أن رستم قائد الفرس عليه زينته ، ويجلس على سرير من ذهب ،والأرض مفروشة بالبسط والنمارق ، وقد أعدوا البهرجة في كل مكان عن قصد ، ظناً منهم ان ذلك سيؤثر في البدو الذي ما رأى ذلك قط ، فمشى سيدنا ربعي رضي الله عنه بهيئته تلك ، راكبا فرسه ،يشق طريقه بين صفوف جند الفرس ، وحرس القائد ، وهم ينظرون الى بزته وعدته وملبسه وسلاحه ، وهو غير عابئ بكل مظاهر الترف والثراء حوله، فلما وصل ، قالوا له : انزل عن فرسك، فلم يحفل لهم ، وهمز فرسه ، فسارت على البساط ، ثم نزل عنها ، وربطها بوسادتين من وسائد الحرير المنسوج من الذهب ، ثم شقهما فادخل الحبل فيها ، كل ذلك والقوم ينظرون في تعجب وغيظ فلم يكلمه احد ، ثم تقدم منه احدهم فقال له : ” ضع سلاحك . ” فقال : إني لم آتكم فأضع سلاحي بأمركم ، أنتم دعوتموني ، فإن أبيتم أن آتيكم كما أريد رجعت .فاخبروا رستم فقال دعوه ، فإنما هو رجل واحد ، فاقبل يتوكأ على نصل رمحه ،و يقارب الخطو ، ويخرق لهم النمارق والبسط ، فما ترك لهم نمرقة ولا بساطا إلا أفسده وتركه مخرقا ، فلما دنا من رستم ، تعلق به الحرس، وجلس على الأرض ،وركز رمحه بالبسط ،فقالوا : ما حملك على هذا ؟ ( أي لم تجلس على الأرض ) ،قال : إنّا لا نستحب القعود على زينتكم هذه .ثم بدأ الحوار التاريخي الماجد الذي لا يمل التاريخ من سطره انجما تضيء سماء عز أمتنا جيلا بعد جيل ، فسأله رستم : ” لم جئتم الينا ؟” فقال ربعي بن عامر رضي الله عنه : ” ان الله ابتعثنا وجاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ، فأرسلنا بدينه إلى خلقه ، لندعوهم إليه ، فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه ، ورجعنا عنه وتركناه وأرضه ، يليها دوننا ، ومن أبى قاتلناه أبدا ، حتى نفضي إلى موعود الله ، فقال رستم : “وما موعود الله ؟ ” قال : ” الجنة لمن مات على قتال من أبى ، والظفر لمن بقي ” فقال رستم: ” قد سمعت مقالتكم ، فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا ” قال : ” نعم كم أحب إليكم أيوما أو يومين ” قال : ” لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا ، ثم اراد رستم أن يقرّب ربعيا منه ،ويليّن له الحديث ، ليستميله ، لعله يركن إليه ، أو على الأقل يرجع الى المسلمين بوجه غير الذي جاء به ، فأبى سيدنا ربعي ذلك، وفطن إلى رستم ، وقال له : “إن مما سنّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل به أئمتنا ، ألا نمكن الأعداء من آذاننا ، ولا نؤجلهم عند اللقاء أكثر من ثلاث ، فنحن مترددون عنكم ثلاثا ، فانظر في أمرك وأمرهم ، واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل : اختر الإسلام وندعك وأرضك ، أو الجزاء فنقبل ونكف عنك ، وإن كنت عن نصرنا غنيا تركناك منه، وإن كنت إليه محتاجا منعناك ، أو المنابذة في اليوم الرابع ، ولسنا نبدؤك فيما بيننا وبين اليوم الرابع، إلا أن تبدأنا ، أنا كفيل لك بذلك على أصحابي وعلى جميع من ترى ،قال رستم متعجبا : ” أسيدهم أنت؟ قال لا ، ولكن المسلمين كالجسد بعضهم من بعض ، يجير أدناهم على أعلاهم ” ، فخلى رستم برؤساء أهل فارس فقال : “ما ترون ؟ هل رأيتم كلاما قط أوضح ولا أعز من كلام هذا الرجل ! ؟ ” ،فقالوا له : “اياك أن تميل إلى شيء من هذا ، وتدع دينك لهذا الكلب أما ترى إلى ثيابه !؟ ” فقال لهم وقد كان اكثرهم حكمة : ” ويحكم لا تنظروا إلى الثياب ، ولكن انظروا إلى الرأي والكلام والسيرة، فان العرب يستخفون باللباس ، والمأكل ، ويصونون الأحساب ، ليسوا مثلكم في اللباس ، ولا يرون فيه ما ترون “فانكر القوم من قائدهم ذلك وظنوا به الظنون ، ثم تقدموا إلى ربعي ، وتناولوا سلاحه وجعلوا يزهدونه فيه . فقال لهم ربعي : هلاّ نظرتم ؟ ثم عمد إلى استعراض صغير أراهم فيه مدى مهارته في استخدام سلاحه والتحصن بدرعه فيما هم لم يفلحوا في ذلك . ثم قال لهم : ” يا أهل فارس إنكم عظمتم الطعام واللباس والشراب ، وإنا صغرناهن ، ثم رجع إلى أن ينظروا إلى الأجل . وانصرف ،
فالمؤمن بالله عز وجل لا يذل ولا يخنع لأي أحد سوى الله؛ لأنه يعلم علم اليقين أن الله تعالى هو المدبر لهذا الكون القائم بأمره ، المؤمن لا يذل نفسه لغير الله ، حتى وإن كان في يد هذا البشر مظاهر القوة المادية ، إلا أنه ضعيف أمام الله عز وجل .فها هو ربعي بن عامر رضى الله عنه ، يقف أمام رستم قائد الفرس وهو في زينته ،وبين جنوده وحرسه، فلا يذل له بل يقف أمامه كالليث أمام فريسته
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الصحابي : ربعي بن عامر التميمي )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فلما كان الغد طلب الفرس من القائد سعد بن ابي وقاص ان يرسل اليهم ربعيا، فارسل اليهم حذيفة بن محصن ، فكان على هيئة ربعي وصنع بهم كما صنع ، وقالوا له كما قالوا له ، فلما وصل الى رستم قال له : اين صاحبنا الذي كان بالأمس ؟ قال : إن أميرنا يحب أن يعدل بيننا في الرخاء والشدة فهذه نوبتي . ثم سأله رستم كما سأل ربعي فرد كما رد ربعي ، فما زاد ولا نقص ، ثم طلب منه ان يمهلوه فقال له : بل ثلاثة ايام من يوم امس .. ثم طلبوا أن يرسلوا اليهم آخر ، فارسل اليهم المغيرة بن شعبة ففعل كما فعل صاحبيه وزاد على ذلك أن جلس على سرير رستم واتكأ على وسادته ، فوثبوا عليه وانزلوه وحقروه فلم يغضب لما فعلوا به ، فقد اراد بفعله هذا أمرا ، فقال لهم : قد كانت تبلغنا عنكم الأحلام فلم نرى أسفه منكم . ثم أردف مشيرا إلى ما فعلوه حين جلس على السرير : ” وانّا معشر العرب سواء لا يستعبد بعضنا بعضا إلا أن يكون محاربا لصاحبه فظننت أنكم تواسون قومكم كما نتواسى ، وكان أحسن من الذي صنعتم أن تخبروني أن بعضكم أرباب بعض – أي ان بعضكم يستعبد البعض – إن هذا الأمر لا يستقيم فيكم ، وأنا لم آتكم ،ولكنكم دعوتموني ، اليوم علمت أن ريحكم ذاهبة ،وأنكم مغلوبون ،وأن ملكا لا يقوم على هذه السيرة ولا على هذه العقول ،فكانت كلماته صفعة مدوية ألّبت قلوب ضعفائهم على ساداتهم حقدا وضغينة ورغبة في الحرية والمساواة
أيها المسلمون
وعودة الى قائدنا الصحابي الجليل ربعي بن عامر فمن كلماته لتحفيز الجند انه وقف ليحرض الناس على القتال فقال: إن الله هداكم للإسلام وجمعكم به ،وأراكم الزيادة ،وفي الصبر الراحة، فعودوا أنفسكم الصبر تعتادوه ،ولا تعودوها الجزع فتعتادوه ثم خاضوا غمار القادسية ،فسجلوا نصرا خالدا ، اطاح بحضارة فارس ، ليبنوا حضارة السماء ، حضارة تلحظها العناية الربانية وتظلها العدالة ، عدالة خير أديان السماء ، ينشرها صحابة خير رسل السماء ، وهم رجال كربعي بن عامر ،فمتى يا أمتي تعودي ، فتنجبي لنا كأمثال هؤلاء .
أيها المسلمون
هذا هو الصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه ، فهل رأيت مثل هذا؟؟ ، قوة وبيان ، وسرعة بديهة ، ووضوح حجة ،ورباطة جأش ، وثبات موقف ،هل رأيت كهذا ؟ لقد حدد الصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه غاية المسلم ، وهي : ” إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ” ، وحدد مصير المسلم ، وهو: ” موعود الله بجنة الله ” ، وأن كل هذه الإغراءات من الحرير والذهب والنمارق والأرائك لم تهز شعرة منه ، ولم تستطع أن تشغله عمَّا أعده الله له في موعوده ، حيث له فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر . الدعاء