MinbarLogMinbarLogMinbarLogMinbarLog
  • الرئيسية
  • خطب منبرية مكتوبة
    • خطبة الاسبوع
    • موسوعة الخطب المنبرية
    • خطب منبرية بصيغة ” وورد – Word “
  • خطب منبرية صوتية
  • دروس وندوات
  • أخترنا لكم
    • القرأن الكريم – فلاش
    • القرأن الكريم – إستماع
    • تفسير القرآن الكريم – الشيخ نشأت أحمد
    • تفسير القرأن الكريم -الشيخ الشعراوى
    • شرح صحيح البخارى – الشيخ هتلان
    • المكتبة الشاملة – تحميل
    • إذاعة القرآن الكريم
    • شرح زاد المستقنع – الشنقيطي
    • سلسلة السيرة النبوية – راغب السرجانى
    • أحداث النهاية – محمد حسان
      • صوتى
      • فيديو
    • موقع الشيخ محمد حسين يعقوب
    • نونية ابن القيم في وصف الجنة
      • عبدالواحد المغربى
      • فارس عبّاد
  • الخطب القادمة
  • إتصل بنا
    • سياسة الخصوصية
  • من نحن؟
  • English Friday Sermons
خطبة عن حديث :( لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا )
5 يناير، 2019
خطبة عن قوله تعالى ( فَلِذَلِكَ فَادْعُ . وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ . وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ )
5 يناير، 2019

خطبة عن الصحابي : ( سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ )

5 يناير، 2019

                 الخطبة الأولى ( مع الصحابي : ( سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ ) 

الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة  اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                    أما بعد أيها المسلمون

 

يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين :

{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]،

وروى مسلم في صحيحه  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

« النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ

وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ

وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».

إخوة الاسلام

 

إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم – أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً ، وأحسنهم خلقاً

واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار ، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد

نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله

لنرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا

نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ،                          

وضياع المصير ، حقا ، إنهم فتية آمنوا بربهم ، فزادهم الله هدى 

واليوم إن شاء الله  موعدنا مع  صحابي  جليل ، إنه الصحابي 🙁 سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ ) 

أما عن اسمه ونسبه : فهو سلمة بن عمرو بن الأكوع، واسم الأكوع سنان بن عبد الله بن قشير بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم الأسلمي،

ويكنى أبا مسلم، وقيل‏:‏ أبو إياس، وقيل‏:‏ أبو عامر، والأكثر أبو إياس.

وأما عن أخلاقه وصفاته وملامح شخصيته : فقد كان – رضي الله عنه – شجاعاً رامياً سخياً خيراً فاضلاً‏ ، وكان من الشجعان ويسبق الفرس عدوا ،

وعن قصة اسلامه -رضي الله عنه -: قال ابن إسحاق‏:‏

وقد سمعت أن الذي كلمه الذئب سلمة بن الأكوع : قال سلمة‏:‏

رأيت الذئب قد أخذ ظبياً فطلبته حتى نزعته منه فقال‏:‏ ويحك‏!‏ مالي ولك عمدت إلى رزق رزقنيه الله ليس من مالك تنتزعه مني قال‏:‏ قلت أيا عباد الله إن هذا لعجب ذئب يتكلم‏.‏

فقال الذئب‏:‏ أعجب من هذا أن النبي في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله وتأبون إلا عبادة الأوثان‏.‏ قال‏:‏ فلحقت برسول الله فأسلمت‏.‏

وقد شارك سلمة بن الاكوع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواته ومشاهده كلها ، فقد روى البخاري في صحيحه (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – سَبْعَ غَزَوَاتٍ .  فَذَكَرَ خَيْبَرَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ وَيَوْمَ الْقَرَدِ . قَالَ يَزِيدُ وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُمْ ).

فكان رضي الله عنه ممن حضر بيعة الحديبية ، وبايع تحت الشجرة ،وفيهم نزلت آية: (لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) الفتح 18،

 أيها المسلمون

أما عن جهاده وبطولاته وموقفه من المشركين الذين سبوا النبي عليه الصلاة والسلام ، فلنستمع لما حدث على لسانه رضي الله عنه، كما في صحيح مسلم :

(حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنِي أَبِى قَالَ قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لاَ تُرْوِيهَا – قَالَ – فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى جَبَا الرَّكِيَّةِ فَإِمَّا دَعَا وَإِمَّا بَسَقَ فِيهَا – قَالَ – فَجَاشَتْ فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا.

قَالَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ.

قَالَ فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ ثُمَّ بَايَعَ وَبَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ                                      

« بَايِعْ يَا سَلَمَةُ ». قَالَ قُلْتُ قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ قَالَ « وَأَيْضًا ».                 

قَالَ وَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَزِلاً – يَعْنِى لَيْسَ مَعَهُ سِلاَحٌ – قَالَ فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَجَفَةً أَوْ دَرَقَةً ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ قَالَ :

« أَلاَ تُبَايِعُنِي يَا سَلَمَةُ ».قَالَ قُلْتُ قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ وَفِى أَوْسَطِ النَّاسِ           قَالَ « وَأَيْضًا ». قَالَ فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ ثُمَّ قَالَ لِي « يَا سَلَمَةُ أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ ».

قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقِيَنِي عَمِّى عَامِرٌ عَزِلاً فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا – قَالَ – فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ « إِنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الأَوَّلُ : اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى ».

 

ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا فِي بَعْضٍ وَاصْطَلَحْنَا  

قَالَ وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَسْقِى فَرَسَهُ وَأَحُسُّهُ وَأَخْدُمُهُ وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِ وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا فَاضْطَجَعْتُ فِي أَصْلِهَا –

 

قَالَ – فَأَتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَبْغَضْتُهُمْ فَتَحَوَّلْتُ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى وَعَلَّقُوا سِلاَحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي يَا لَلْمُهَاجِرِينَ قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ.

 

قَالَ فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَ الأَرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ فَأَخَذْتُ سِلاَحَهُمْ. فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا فِي يَدِى قَالَ ثُمَّ قُلْتُ وَالَّذِى كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لاَ يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَأْسَهُ إِلاَّ ضَرَبْتُ الَّذِى فِيهِ عَيْنَاهُ.

قَالَ ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- – قَالَ – وَجَاءَ عَمِّى عَامِرٌ بِرَجُلٍ مِنَ الْعَبَلاَتِ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزٌ. يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى فَرَسٍ مُجَفَّفٍ فِي سَبْعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « دَعُوهُمْ يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ »

فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَهُوَ الَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) الآيَةَ كُلَّهَا.

قَالَ ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِى لَحْيَانَ جَبَلٌ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمَنْ رَقِىَ هَذَا الْجَبَلَ اللَّيْلَةَ كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابِهِ – قَالَ سَلَمَةُ – فَرَقِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا

ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِظَهْرِهِ مَعَ رَبَاحٍ غُلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا مَعَهُ وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنَدِّيهِ مَعَ الظَّهْرِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَزَارِيُّ قَدْ أَغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ وَقَتَلَ رَاعِيَهُ

قَالَ فَقُلْتُ يَا رَبَاحُ خُذْ هَذَا الْفَرَسَ فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ – قَالَ – ثُمَّ قُمْتُ عَلَى أَكَمَةٍ فَاسْتَقْبَلْتُ الْمَدِينَةَ فَنَادَيْتُ ثَلاَثًا يَا صَبَاحَاهْ.

ثُمَّ خَرَجْتُ فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ أَقُولُ :أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ

فَأَلْحَقُ رَجُلاً مِنْهُمْ فَأَصُكُّ سَهْمًا فِي رَحْلِهِ حَتَّى خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إِلَى كَتِفِهِ –

قَالَ – قُلْتُ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

قَالَ فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ فَإِذَا رَجَعَ إِلَىَّ فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَجَلَسْتُ فِي أَصْلِهَا ثُمَّ رَمَيْتُهُ فَعَقَرْتُ بِهِ حَتَّى إِذَا تَضَايَقَ الْجَبَلُ فَدَخَلُوا فِي تَضَايُقِهِ عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بِالْحِجَارَةِ –

قَالَ – فَمَا زِلْتُ كَذَلِكَ أَتْبَعُهُمْ حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ بَعِيرٍ مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلاَّ خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي وَخَلَّوْا بَيْنِي وَبَيْنَهُ ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً وَثَلاَثِينَ رُمْحًا يَسْتَخِفُّونَ وَلاَ يَطْرَحُونَ شَيْئًا إِلاَّ جَعَلْتُ عَلَيْهِ آرَامًا مِنَ الْحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ حَتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقًا مِنْ ثَنِيَّةٍ فَإِذَا هُمْ قَدْ أَتَاهُمْ فُلاَنُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ – يَعْنِى يَتَغَدَّوْنَ – وَجَلَسْتُ عَلَى رَأْسِ قَرْنٍ

قَالَ الْفَزَارِيُّ مَا هَذَا الَّذِى أَرَى قَالُوا لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحَ وَاللَّهِ مَا فَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ يَرْمِينَا حَتَّى انْتَزَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَيْدِينَا.

قَالَ فَلْيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ. قَالَ فَصَعِدَ إِلَىَّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ فِي الْجَبَلِ – قَالَ – فَلَمَّا أَمْكَنُونِي مِنَ الْكَلاَمِ – قَالَ – قُلْتُ هَلْ تَعْرِفُونِي قَالُوا لاَ وَمَنْ أَنْتَ قَالَ قُلْتُ أَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ وَالَّذِى كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- لاَ أَطْلُبُ رَجُلاً مِنْكُمْ إِلاَّ أَدْرَكْتُهُ وَلاَ يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ. فَيُدْرِكَنِي  قَالَ أَحَدُهُمْ أَنَا أَظُنُّ.

قَالَ فَرَجَعُوا فَمَا بَرِحْتُ مَكَانِي حَتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ – قَالَ – فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ عَلَى إِثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ وَعَلَى إِثْرِهِ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ – قَالَ – فَأَخَذْتُ بِعِنَانِ الأَخْرَمِ – قَالَ – فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ

قُلْتُ يَا أَخْرَمُ احْذَرْهُمْ لاَ يَقْتَطِعُوكَ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ. قَالَ يَا سَلَمَةُ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ فَلاَ تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ.

قَالَ فَخَلَّيْتُهُ فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ –

قَالَ – فَعَقَرَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ وَتَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِهِ وَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ فَوَ الَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو عَلَى رِجْلَيَّ حَتَّى مَا أَرَى وَرَائِي مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- وَلاَ غُبَارِهِمْ شَيْئًا حَتَّى يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ ذُو قَرَدٍ لِيَشْرَبُوا مِنْهُ وَهُمْ عِطَاشٌ – قَالَ – فَنَظَرُوا إِلَىَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ فَحَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ – يَعْنِى أَجْلَيْتُهُمْ عَنْهُ – فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً – قَالَ – وَيَخْرُجُونَ فَيَشْتَدُّونَ فِي ثَنِيَّةٍ – قَالَ – فَأَعْدُو فَأَلْحَقُ رَجُلاً مِنْهُمْ فَأَصُكُّهُ بِسَهْمٍ فِي نُغْضِ كَتِفِهِ.

قَالَ قُلْتُ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ

قَالَ يَا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ – قَالَ – وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ عَلَى ثَنِيَّةٍ قَالَ فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- – قَالَ – وَلَحِقَنِى عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ فَتَوَضَّأْتُ وَشَرِبْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِى حَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الإِبِلَ وَكُلَّ شَيْءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ وَإِذَا بِلاَلٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنَ الإِبِلِ الَّذِى اسْتَنْقَذْتُ مِنَ الْقَوْمِ وَإِذَا هُوَ يَشْوِى لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا –

قَالَ – قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلِّنِي فَأَنْتَخِبُ مِنَ الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فَأَتَّبِعُ الْقَوْمَ فَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلاَّ قَتَلْتُهُ – قَالَ – فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ فَقَالَ

« يَا سَلَمَةُ أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلاً ». قُلْتُ نَعَمْ وَالَّذِى أَكْرَمَكَ.

فَقَالَ « إِنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ فِي أَرْضِ غَطَفَانَ ». قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ فَقَالَ نَحَرَ لَهُمْ فُلاَنٌ جَزُورًا فَلَمَّا كَشَفُوا جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا فَقَالُوا أَتَاكُمُ الْقَوْمُ فَخَرَجُوا هَارِبِينَ.

 

فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ »

قَالَ ثُمَّ أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَهْمَيْنِ سَهْمُ الْفَارِسِ وَسَهْمُ الرَّاجِلِ فَجَمَعَهُمَا لِي جَمِيعًا ثُمَّ أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ –

 

قَالَ – فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ قَالَ وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ لاَ يُسْبَقُ شَدًّا – قَالَ – فَجَعَلَ يَقُولُ أَلاَ مُسَابِقٌ إِلَى الْمَدِينَةِ هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذَلِكَ – قَالَ – فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلاَمَهُ قُلْتُ أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا وَلاَ تَهَابُ شَرِيفًا قَالَ لاَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-

قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي وَأُمِّي ذَرْنِي فَلأُسَابِقَ الرَّجُلَ قَالَ « إِنْ شِئْتَ ».

قَالَ قُلْتُ اذْهَبْ إِلَيْكَ وَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ – قَالَ – فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ أَسْتَبْقِى نَفَسِى ثُمَّ عَدَوْتُ فِي إِثْرِهِ فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ ثُمَّ إِنِّي رَفَعْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ – قَالَ – فَأَصُكُّهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ – قَالَ – قُلْتُ قَدْ سُبِقْتَ وَاللَّهِ قَالَ أَنَا أَظُنُّ. قَالَ فَسَبَقْتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ

 

قَالَ فَوَاللَّهِ مَا لَبِثْنَا إِلاَّ ثَلاَثَ لَيَالٍ حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-                                    قَالَ فَجَعَلَ عَمِّى عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ

تَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا    وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا   وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا    فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا      وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ هَذَا ». قَالَ أَنَا عَامِرٌ. قَالَ « غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ ».

قَالَ وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلاَّ اسْتُشْهِدَ.

قَالَ فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلاَ مَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ.

قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ قَالَ خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ وَيَقُولُ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّى مَرْحَبُ شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ

قَالَ وَبَرَزَ لَهُ عَمِّى عَامِرٌ فَقَالَ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّى عَامِرٌ شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرٌ

قَالَ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ.

قَالَ سَلَمَةُ فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُونَ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ

قَالَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا أَبْكِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-

« مَنْ قَالَ ذَلِكَ ». قَالَ قُلْتُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ.

قَالَ « كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ ».

 

ثُمَّ أَرْسَلَنِي إِلَى عَلِىٍّ وَهُوَ أَرْمَدُ فَقَالَ « لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ». قَالَ فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ وَهُوَ أَرْمَدُ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَبَسَقَ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فَقَالَ

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّى مَرْحَبُ شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ

فَقَالَ عَلِىٌّ أَنَا الَّذِى سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ

قَالَ فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ ) .

 

                            أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم     

 

                 الخطبة الثانية ( مع الصحابي : ( سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ ) 

الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة  اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                    أما بعد أيها المسلمون

 

 وروى ابن ماجة في سننه (عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ أَبِى بَكْرٍ هَوَازِنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنَفَّلَنِي جَارِيَةً مِنْ بَنِى فَزَارَةَ مِنْ أَجْمَلِ الْعَرَبِ عَلَيْهَا قِشْعٌ لَهَا فَمَا كَشَفْتُ لَهَا عَنْ ثَوْبٍ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي السُّوقِ

فَقَالَ « لِلَّهِ أَبُوكَ هَبْهَا لِي ». فَوَهَبْتُهَا لَهُ

فَبَعَثَ بِهَا فَفَادَى بِهَا أُسَارَى مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ ) .

وفي صحيح البخاري (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ كُنْتُ آتِى مَعَ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ فَيُصَلِّى عِنْدَ الأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ . فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلاَةَ عِنْدَ هَذِهِ الأُسْطُوَانَةِ .  قَالَ فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَتَحَرَّى الصَّلاَةَ عِنْدَهَا )

وكانت تُعرف باسطوانة المُهاجرين، وكان المهاجرين من قريش يتجمعون عنها. وكان عبد الله بن الزّبير يتحرّى بعد سماعه قوله هذا صلاته عندها.

وقد أذِن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي سلمة بن الاكوع أن يسكن بالبدو وأخبره أن ذلك لا يضيع أجر الهجرة ، ففي مسند أحمد (عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ َنَّ سَلَمَةَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَلَقِيَهُ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحَصِيبِ فَقَالَ ارْتَدَدْتَ عَنْ هِجْرَتِكَ يَا سَلَمَةُ.

فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنِّي فِي إِذْنٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ

« ابْدُوا يَا أَسْلَمُ فَتَنَسَّمُوا الرِّيَاحَ وَاسْكُنُوا الشِّعَابَ ». فَقَالُوا ِنَّا نَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَضُرَّنَا ذَلِكَ فِي هِجْرَتِنَا. قَالَ « أَنْتُمْ مُهَاجِرُونَ حَيْثُ كُنْتُمْ »

 

وفي الصحيحين (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَ يَا ابْنَ الأَكْوَعِ ارْتَدَدْتَ عَلَى عَقِبَيْكَ تَعَرَّبْتَ قَالَ لاَ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَذِنَ لِي فِي الْبَدْوِ .

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ خَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ إِلَى الرَّبَذَةِ ، وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ امْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلاَدًا ،فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِلَيَالٍ ،فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ)

ورأى يزيـد بن أبي عُبَيـد أثرَ ضربة في ساق سلمة كما في البخاري (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ ، فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ ، مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ

قَالَ هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِي يَوْمَ خَيْبَرَ ، فَقَالَ النَّاسُ أُصِيبَ سَلَمَةُ .

فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَنَفَثَ فِيهِ ثَلاَثَ نَفَثَاتٍ ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ ).

وقال سلمة أنّ النبيّ عليه الصّلاة والسّلام قد مسح وجهه – أي سلمة – مرارًا، واستغفر له كثيرًا عدد أصابع يديه.

أيها المسلمون  

 ونأتي إلى وفاته رضى الله عنه : فحين قتل عثمان بن عفان أدرك سلمة بن الأكوع أن الفتنة قد بدأت ، فرفض المشاركة بها ، وغادر المدينة الى الربذة ، حيث عاش بقية حياته ، وفي يوم من العام أربع وسبعين من الهجرة سافر الى المدينة زائرا ، وقضى فيها يومان ، وفي اليوم الثالث مات ، فضمه ثراها الحبيب مع الشهداء والرفاق الصالحين . رضى الله عنهم اجمعين .

                                          الدعاء

Print Friendly, PDF & Email
مشاركة
0

Related posts

16 فبراير، 2019

خطبة عن الصحابي : ( سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو )


Read more
2 فبراير، 2019

خطبة عن الصحابي : (عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ )


Read more
10 نوفمبر، 2018

خطبة عن الصحابي : (مَجْزَأَة بن ثَوْرٍ الأَسْلَمِيّ )


Read more

أحدث الخطب

  • خطبة عن ( نصرة الله ورسوله والمؤمنين: حكمها ،وصورها ،ونتائجها)
    6 مارس، 2021
  • 0
    خطبة عن قوله تعالى ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )
    6 مارس، 2021
  • خطبة حول ( المشاهد والمرائي التي رآها الرسول في رحلة الإسراء والمعراج ودلالاتها)
    2 مارس، 2021
  • 0
    خطبة عن سؤال ومحاسبة العبد ، وحديث (يُؤْتَى بِالْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا وَمَالاً وَوَلَدًا)
    27 فبراير، 2021
  • خطبة حول قوله تعالى ( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ )
    27 فبراير، 2021
  • خطبة حول حديث ( دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ .. وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ )
    23 فبراير، 2021
  • خطبة عن :إياكم أن تُفتنوا بقوة الكافرين، وقوله تعالى: (ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ )
    22 فبراير، 2021
  • 0
    خطبة حول قوله تعالى ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا )
    20 فبراير، 2021
  • 0
    خطبة عن اليمين وكفارته ،وحديث (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ)
    13 فبراير، 2021
  • 0
    خطبة عن قوله تعالى ( وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى )
    13 فبراير، 2021
  • 0
    خطبة عن الخصومة يوم القيامة ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ )
    13 فبراير، 2021
  • 0
    خطبة عن حسن الخلق ،وحديث (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً )
    6 فبراير، 2021
  • 0
    خطبة حول حديث : ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)
    6 فبراير، 2021
  • 0
    خطبة عن متاع الدنيا ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى )
    6 فبراير، 2021
  • 0
    خطبة عن حديث (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ ،وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ)
    30 يناير، 2021
  • 0
    خطبة عن سنة الاستبدال :(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)
    30 يناير، 2021
  • 0
    خطبة عن عذاب أهل النار ، وحديث ( إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ)
    30 يناير، 2021
  • خطبة حول قوله تعالى ( يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ )
    27 يناير، 2021
  • خطبة عن( من أسباب وعوامل النجاح والفشل في الإسلام )
    26 يناير، 2021
  • خطبة حول (الاعتذار: من شيم الأبرار ،وقبول الاعتذار: من أخلاق المطهرين الأخيار)
    23 يناير، 2021
  • 0
    خطبة عن ( البطولة في الإسلام )
    16 يناير، 2021
  • 0
    خطبة عن ( أعمال تمنحك رضا الله )
    16 يناير، 2021
  • خطبة عن ( الصحابة يسألون والنبي صلى الله عليه وسلم يجيب )
    16 يناير، 2021
  • خطبة حول :الاعتراف بمزايا الآخرين ومواهبهم وأفضليتهم (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا)
    9 يناير، 2021
  • 0
    خطبة عن : الاستعانة بالصبر والصلاة ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ )
    9 يناير، 2021
  • 0
    خطبة عن حديث ( ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ )
    9 يناير، 2021
  • خطبة عن (من السنن الربانية: (سنة التداول) (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)
    4 يناير، 2021
  • خطبة حول ( الإسلام ومبدأ المساواة بين الناس ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)
    2 يناير، 2021
  • خطبة عن ( كورونا آيَةٌ مُبْصِرَة: ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا )
    27 ديسمبر، 2020
  • خطبة عن : اصبروا أيها المستضعفون ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ )
    26 ديسمبر، 2020

ادعم الموقع

ساهم في دعم الموقع علي باتريون
© 2019 All Rights Reserved. iSpace