الخطبة الأولى ( عمير بن وهب ) 2
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونواصل الحديث عن الصحابي (عمير بن وهب ) ورحلته إلى المدينة ليقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاقبل عمير حتى قدم المدينة فنزل باب المسجد و عقل راحلته و أخذ السيف لرسول الله صلى الله عليه و سلم فنظر اليه عمر بن الخطاب وهو في نفر من الأنصار يتحدثون عن وقعة بدر و يشكرون نعمة الله
فلما رأى عمر عمير بن وهب معه السيف فزع منه فقال :
عندكم الكلب هذا عدو الله الذي حرش بيننا و حزرنا للقوم
فقام عمر فدخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال هذا عمير بن وهب قد دخل المسجد معه السلاح و هو الفاجر الغادر يا رسول الله لا تأمنه
قال : ( أدخله علي ) فدخل عمر و عمير و أمر أصحابه أن يدخلوا على رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم يحترسوا من عمير اذا دخل عليهم فاقبل عمر بن الخطاب و عمير بن وهب فدخلا على رسول الله صلى الله عليه و سلم و مع عمر سيفه
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعمر : ( تأخر عنه )
فلما دنا منه حياه عمير أنعم صباحا و هي تحية أهل الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
قد أكرمنا الله عز و جل عن تحيتك و جعل تحيتنا السلام و هي تحية أهل الجنة
فقال عمير ان عهدك بها لحديث قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( قد بدلنا لله خيرا منها فما أقدمك يا عمير ؟ )
قال قدمت في أسيري عندكم فقاربوني في اسيري فإنكم العشيرة والأهل
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( فما بال السيف في رقبتك ؟ ) فقال عمير قبحها الله من سيوف فهل أغنت عنا من شيء أنا نسيت و هو في رقبتي حين نزلت و لعمري إن لي غيرة
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أصدقني ما أقدمك ؟ )
قال ما قدمت إلا في أسيري فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( فما شرطت لصفوان بن أمية الجمحي في الحجر ؟ ) ففزع عمير
وقال ما ذا اشترطت له ؟
قال : ( تحملت له بقتلي على أن يعول بنيك و يقضي دينك و الله حائل بينك و بين ذلك )
فقال عمير أشهد أنك رسول الله و أشهد أنه لا إله إلا الله
كنا يا رسول الله نكذبك بالوحي و بما يأتيك من السماء
وإن هذا الحديث لذي كان بيني وبين صفوان في الحجر كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يطلع عليه أحد غيري وغيره ثم أخبرك الله به فآمنت بالله و رسوله و الحمد لله الذي ساقني هذا المقام
ففرح المسلمون حين هداه الله
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لخنزير كان أحب إلي منه حين اطلع و لهو اليوم أحب الي من بعض بني
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( اجلس نواسك ) و قال :
( علموا أخاكم القرآن ) و اطلق له أسيره
وقال يا رسول الله قد كنت جاهدا ما استطعت على أطفاء نور الله فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق فلتأذن لي فالحق بقريش فادعوهم إلى الاسلام لعل الله يهديهم و يستنقذهم من الهلكة
فأذن له رسول الله صلى الله عليه و سلم فلحق بمكة
و جعل صفوان يقول لقريش في مجالسهم ابشروا بفتح ينسيكم وقعة بدر و جعل يسأل كل راكب قدم من المدينة هل كان بها من حدث ؟
و كان يرجو ما قال عمير بن وهب حتى قدم عليه رجل من أهل المدينة فسأل صفوان عنه فقال قد أسلم
فلقيه المشركون فقالوا قد صبأ و قال صفوان ان علي أن لا أنفعه بنفقة أبدا و لا أكلمه من رأس كلمة أبدا و قدم عليهم عمير و دعاهم الى الاسلام و نصح لهم فأسلم بشر كثير
وهكذا راح يعوض ما فاته، فيبشر بالإسلام ليلا نهارا، علانية وجهرا، يدعو الى العدل والإحسان والخير، وفي يمينه سيفه يُرهب به قطاع الطرق الذين يصدون عن سبيل الله من آمن به، وفي بضعة أسابيع كان عدد الذين أسلموا على يد عمير يفوق عددهم كل تقدير، وخرج بهم عمير -رضي الله عنه- الى المدينة بموكب مُهلل مُكبر.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عمير بن وهب ) 2
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي يوم الفتح العظيم، لم ينس عمير صاحبه وقريبه صفوان، فراح إليه يُناشده الإسلام ويدعوه إليه، بيد أن صفوان شدّ رحاله صوب جدّة ليبحر منها الى اليمن، فذهب عمير الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال له:
{ يا نبي الله، إن صفوان بن أمية سيد قومه، وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر، فأمِّـنه صلى الله عليك }.
فقال النبي: { هو آمن }.
قال: { يا رسول الله فأعطني آية يعرف بها أمانك }.
فأعطاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمامته التي دخل فيها مكة.
فخرج بها عمير حتى أدرك صفوان فقال:
{ يا صفوان فِداك أبي وأمي، الله الله في نفسك أن تُهلكها، هذا أمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد جئتك به }.
قال له صفوان: { وَيْحَك، اغْرُب عني فلا تكلمني }.
قال: { أيْ صفوان فداك أبي وأمي، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضـل الناس وأبـر الناس، وأحلـم الناس وخيـر الناس، عِزَّه عِزَّك، وشَرَفه شَرَفـك }.
قال: { إنـي أخاف على نفسـي }.
قال: { هو أحلم من ذاك وأكرم }.
فرجع معه حتى وقف به على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال صفوان للنبي الكريم: { إن هذا يزعم أنك قـد أمَّـنْتَنـي }.
قال الرسـول -صلى الله عليه وسلم-: { صـدق }.
قال صفـوان: { فاجعلني فيها بالخيار شهريـن }.
فقـال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: { أنت بالخيار فيه أربعة أشهر }.
وكان صفوان قد أعار النبي صلى الله عليه وسلم مائة درع بأداتها كان قد خبأها في جدة، فأمره رسول الله بحملها إلى حنين، إلى أن رجع النبي إلى الجعرانة وقد نصره الله على هوازن،
وبينا هو يسير ينظر إلى الغنائم ومعه صفوان فجعل ينظر إلى شعب ملأى نعما وشاء ورعاء، فأدام النظر ورسول الله يرمقه،
فقال: ((أبا وهب، يعجبك هذا؟)) قال: نعم، قال: ((هو لك))،
قال: والله لا يعطي هذا العطاء إلا نبي،
ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله،
وأسلم وحسن إسلامه. فرضي الله عنه وأرضاه،
وسعد بإسلامه عمير بن وهب الذي كان سببا في إسلامه.
الدعاء