MinbarLogMinbarLogMinbarLogMinbarLog
  • الرئيسية
  • خطب منبرية مكتوبة
    • خطبة الاسبوع
    • موسوعة الخطب المنبرية
    • خطب منبرية بصيغة ” وورد – Word “
  • خطب منبرية صوتية
  • دروس وندوات
  • أخترنا لكم
    • القرأن الكريم – فلاش
    • القرأن الكريم – إستماع
    • تفسير القرآن الكريم – الشيخ نشأت أحمد
    • تفسير القرأن الكريم -الشيخ الشعراوى
    • شرح صحيح البخارى – الشيخ هتلان
    • المكتبة الشاملة – تحميل
    • إذاعة القرآن الكريم
    • شرح زاد المستقنع – الشنقيطي
    • سلسلة السيرة النبوية – راغب السرجانى
    • أحداث النهاية – محمد حسان
      • صوتى
      • فيديو
    • موقع الشيخ محمد حسين يعقوب
    • نونية ابن القيم في وصف الجنة
      • عبدالواحد المغربى
      • فارس عبّاد
  • الخطب القادمة
  • إتصل بنا
    • سياسة الخصوصية
  • من نحن؟
  • English Friday Sermons
خطبة عن (إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ)
18 ديسمبر، 2019
خطبة عن النفقة على الأهل وحديث (نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ صَدَقَةٌ)
21 ديسمبر، 2019

خطبة عن العمل بالتجارة (التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ)

21 ديسمبر، 2019

            الخطبة الأولى العمل بالتجارة ( التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ) 

 الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                               أما بعد  أيها المسلمون    

روى الإمام الترمذي في سننه بسند حسنه : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ».

إخوة الإسلام

موعدنا اليوم إن شاء الله مع هذا الأدب النبوي الكريم ، والذي يرغبنا فيه الرسول صلى الله عليه وسلم في العمل الحلال ، والكسب الطيب ، والصدق والأمانة في البيع والشراء ، فالرزق الحلال الطيب هو ما اكتسبه الإنسان عن طريق عمل مشروع ، أو حرفة لا ريبة فيها ولا شبهة، فديننا الإسلامي ما حرم علينا أمرا ، إلا وجعل في مقابله طرقا ووسائل وأعمالا شتى للحلال الطيب ، فحرّم الزنا وأحلّ الزواج، وحرّم الربا وأحلّ التجارة، وهكذا .. فالتجارة عمل شريف وطيّب ، إن التزم صاحبها الطريق المستقيم، كما جاء في الحديث السابق،  وقد وردت الكثير من النصوص من الكتاب والسنة تحث على التجارة ، وتبين فضلها وبركتها، والاستغناء بها عما في أيدي الناس، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور} [الملك:15]. وقال الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10]. وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث رافع بن خديج قال: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الكَسبِ أَطيَبُ؟ قَالَ: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ»  ، وروى البخاري في صحيحه من حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيرًا مِن أَن يَأكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ يَأكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ» ،وفي رواية: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ»   ، وفي فضل العمل ومكانته في الاسلام ، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ يَأخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ، أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ» ، وسئل الإمام أحمد بن حنبل: ما تقول فيمن جلس في بيته أو مسجده، وقال: لا أعمل شيئًا حتى يأتيني رزقي؟ فقال أحمد: هذا رجل جهل العلم، أما سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : «وَجُعِلَ رِزْقي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي»

أيها المسلمون

ومن المعلوم أن طلب الحلال من الرزق واجب، وابتغاء المال الطيب ضرورة لاستقامة الحياة الاجتماعية واستقرارها، فقد أباح الإسلام للتاجر أن يربح، ولم يجعل للربح حداً، بشرط أن يبتعد التاجر عن الاحتكار ، والاستغلال والغشِّ، ففي سنن الترمذي : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ غَلاَ السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ لَنَا. فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّزَّاقُ..) ، وقد حذّر ديننا الإسلامي الحنيف من أكل أموال الناس بالباطل، كما في قوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)، « النساء 29». ، ومن المعلوم أن الغشَّ في التجارة هو أحد وسائل أكل أموال الناس بالباطل ، والغش لا يدوم، فلا بُدَّ وأن يُكشف الغاشُّ يوماً مَا ويُفضح بين الناس، ومن أنواع الغشّ: الغشّ في البيع والشراء، حيث يأتي بعض التجار بالبضاعة الفاسدة ويقومون ببيعها في الأسواق على أنها بضاعة جيدة، وهذا تدليسٌ وكذبُ، فرسولنا – صلى الله عليه وسلم – حرَّم الغش بجميع أشكاله، كما جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟! قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ : أَفَلاَ جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّى»، (أخرجه مسلم).

فكم من المسلمين اليوم مَنْ يغشون في بضائعهم، وفي صناعتهم، وفي تجارتهم وحرفهم ، بل وهناك فئة من التُّجار تُروّج بضائع فاسدة تضر بالأمة وتجلب عليها المصائب، ونسي هؤلاء أن المال الحرام سيكون زادهم إلى النار والعياذ بالله، كما جاء في الحديث عن رفاعة – رضي الله عنه – «أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِلَى الْمُصَلَّى، فَرَأَى النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، فَاسْتَجَابُوا لِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَرَفَعُوا أَعْنَاقَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّاراً، إِلا مَنْ اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ»، (أخرجه الترمذي). ، فالأموال التي تأتي عن طريق الغش وغيره ما هي إلاّ جذوة من لهيب وقَبَس من نارٍ، يتأجج في بطون آكليها. فعليك أخي المسلم بالحلال الطيب ، وابتعد عن الحرام الخبيث ، فالدنيا بعدها آخرة ، وهناك سؤال وحساب بعده جنة أو نار، ففي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ »

 أيها المسلمون

وكما وردت النصوص الكثيرة في فضل التجارة والعمل وكسب الحلال الطيب ، فقد وردت أيضا نصوص وآثار تذم البطالة وتحذر منها، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث عياض بن حمار رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ»، وَفِيهِ:  «وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعَا، لاَ يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا» ..  ومن ذلك قول عمر بن الخطاب: لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة  ، وقال ابن مسعود: «إني لأكره أن أرى الرجل فارغًا، لا في أمر دنياه، ولا في أمر آخرته»  ،  فواجب على المسلم  أن يسعى لرزقه ويبذل الأسباب المشروعة كما أُمر، والله تعالى يبارك في هذا السعي، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين} [الذاريات:58]. وقال الله تعالى: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون} [الذاريات:22]. ، ومن المعلوم أن الرزق ليس مرتبطًا بالشهادة الدراسية أو الذكاء، أو الحصول على وظيفة حكومية، فكم من رجل أُمِّيٍّ لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك يملك الأموال الطائلة ، فمجالات الرزق والكسب الحلال كثيرة، ولكن يحتاج الإنسان لتشغيل الذهن، والتفكير المثمر، والعمل الجاد مع الاستعانة بالله، وإليك بعض هذه الأسباب التي تعين على نجاح التجارة  : أولا : حسن النية في التجارة وأن يقصد الاستعفاف والاستغناء عن سؤال الناس، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ»  ،ثانيا : الجرأة في الإقدام على العمل التجاري، قال ابن خلدون: وأما من كان فاقدًا للجرأة والإقدام من نفسه، فينبغي أن يجتنب الاحتراف بالتجارة  ثالثا : الوعي والإدراك لما يقدم عليه من أمور التجارة وتفاصيلها الدقيقة، فالبعض يقدم على التجارة ولكن للأسف لا يتابع أمورها، وإنما يكل الأمور للآخرين من موظَّفين أو عمَّال فتحصل الخسارة. رابعا : بذل الأسباب الشرعية من الاستخارة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم أمته، والتوكل على الله، والاعتماد عليه، وكذلك الاستشارة للمختصين في هذا المجال قبل البدء في العمل التجاري، ودراسة المشروع والجدوى الاقتصادية منه، والاستمرار في الاستشارة ، حتى يصل المشروع إلى تحقيق أهدافه. خامسا : تقوى الله ومراقبته في هذه التجارة، فما اتقى الله امرؤ في أي أمر من أموره، إلا بارك الله له فيه، قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ}  [الأعراف: 96]. وقال الله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2 – 3]. سادسا : البعد عن بيع أو شراء ما فيه مخالفات شرعية أو محرمات والتَّوَرُّع عن الشُّبُهات. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فَمَنْ يَأخُذْ مَالًا بِحَقِّهِ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأكُلُ وَلَا يَشْبَعُ»  ،قال ابن حجر: «وفيه أن المكتسب للمال من غير حلِّه لا يبارك له فيه، لتشبيهه بالذي يأكل ولا يشبع»  ، سابعا : الاكتفاء بالربح القليل، وعدم النظر إلى الغير من التجار، والاستعجال لِلَّحاق بهم، فمن استعجل شيئًا قبل أوانه عُوقِب بحِرمانه، وقد قيل: قليل دائم خير من كثير منقطع.

ثامنا : الترتيب المالي للعمل التجاري فيعرف ما له وما عليه؟ وكم سينفق على هذا المشروع من مال؟ وما هي الثمرة المتوقعة منه؟ وما مقدار هذه الأرباح؟ وغير ذلك من التفاصيل الدقيقة التي توضح له الأمور، وتساعده على تجاوز العقبات، ونجاح المشروع. تاسعا : الصدق في المعاملة من بيع، وشراء، وشراكة والنصح للمشتري، لما ورد في الصحيحين من حديث حكيم بن حزام: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَم يَتَفَرَّقَا، فَإِن صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيعِهِمَا، وَإِن كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيعِهِمَا»  ، وروى البخاري ومسلم من حديث جرير بن عبد الله قال: «بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» ،عاشرا : التبكير في البيع، والشراء. روى أبو داود في سننه من حديث صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا».  ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا، بَعَثَهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا، وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ ) ، الحادي عشر : أن يرضى التاجر بما قسم الله له من رزق. روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي العلاء بن الشخير قال: حدثني أحد بني سُلَيمٍ، ولا أحسبه إلا قد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاهُ، فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ، بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ، وَوَسَّعَهُ؛ وَمَنْ لَمْ يَرْضَ، لَمْ يُبَارِكْ لَهُ»  الثاني عشر : أداء الزكاة في وقتها، ووضعها في مواضعها الشرعية، فهي الركن الثالث من أركان الدين، قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [التوبة: 103]. فالزكاة طهرة ونماء للمال. الثالث عشر :  وضع جزء من الربح للصدقة وهذا من أسباب البركة ونماء المال، وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذاَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ، لِلاِسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَاذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، لاِسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَاذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ» ، الرابع عشر : الدعاء، فيكثر من الدعاء بأن يباركَ الله له في تجارته ويوسع له فيها، قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (186) [البقرة]. وروى البخاري في صحيحه من حديث عُرْوَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ )

                                            أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم

                 الخطبة الثانية ( التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ) 

 الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                     أما بعد  أيها المسلمون    

ويجب على التاجر أمور ، ومنها: 1 – ألا تلهيه تجارته عن طاعة الله؛ فإن هناك واجبات عينية وكفائية لا بد من مراعاتها وعدم الإخلال بشيء منها على حساب ما يقوم به من عمل تجاري، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك ففي صحيح البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ ..،) ، وقال الله تعالى : (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ) (10) الجمعة. ، ويقول الشيخ عبد الرحمن الدوسري: “إن الاشتغال بالتجارة إذا أحدث نقصاً في الطاعة لم يكن مباحاً، بل يكره أو يحرم، على حسب ما يحصل على الطاعة من خلل؛ فمن شغلته التجارة عن تحية المسجد، أو عن فضيلة إدراك تكبيرة الإحرام في الصلاة، كانت مكروهة، ومن شغلته عن صلاة الجماعة أو عن أدائها أول الوقت كانت محرمة عند ضيق الوقت، وكذلك من شغلته عن فعل واجب ولو مع أهله كان انهماكه المشغل عن ذلك حراماً”،  2 – أن يؤدي الحقوق الشرعية في تجارته: وذلك كزكاة عروض التجارة ونحو ذلك. 3 – أن يتجنب التجارة بالحرام ويتحرى الرزق الحلال, فيتحرى الحلال، ويجتنب الحرام، ويتورع عن المشتبه؛ فقد جاء في سنن النسائي : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ مَا يُبَالِي الرَّجُلُ مِنْ أَيْنَ أَصَابَ الْمَالَ مِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ) ، وفي سنن ابن ماجة : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-  : « أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِىَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ ». 4 – ألا يكون همه الشاغل, بل يجعل من عمله هذا وسيلة للتقوي على طاعة الله؛ فالهم هم الآخرة، فيجعل الآخرة في قلبه والدنيا في يده، وأما من أصبح وهمه الدنيا، فهذا الذي لا تحمد عقباه؛ وقد حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في مسند أحمد فقال: « مَنْ كَانَ هَمُّهُ الآخِرَةَ جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِىَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ ». وفي سنن ابن ماجه : (صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ آخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ ».

5 – أن يتعلم أحكام البيع والشراء, فيعرف الحلال والحرام؛ فلا يبيع للناس المحرمات، ولا يغشهم ولا يخدعهم، ولا يروِّج سلعته بالكذب واليمين الغموس, وقد كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: “لا يبيع في سوقنا إلا من قد تفقه في الدين” ، يقول العلامة أحمد شاكر –رحمه الله-: “حتى يعرف ما يأخذ وما يدع، وحتى يعرف الحلال والحرام، ولا يفسد على الناس بيعهم وشراءهم بالأباطيل والأكاذيب، وحتى لا يدخل الربا عليهم من أبواب قد لا يعرفها المشتري,   وبالجملة: لتكون التجارة تجارة إسلامية صحيحة خالصة، يطمئن إليها المسلم وغير المسلم، لا غش فيها ولا خداع”  ، ومن هنا كان لزاماً على من يبيع ويشتري أن يتعلم أحكام البيع والشراء والمعاملات، وغيرها مما يحتاجه في تجارته . 6 – النصح للمشتري؛ ففي الصحيحين : (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا ». 7 – أن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر:  فالتاجر أثناء تجارته قد يرى من المنكرات التي لا ترضي الله فواجب عليه إنكارها وعدم السكوت عنها، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) ، 8- التصدق: فعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى غَرَزَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ نُسَمَّى السَّمَاسِرَةَ فَقَالَ « يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ الشَّيْطَانَ وَالإِثْمَ يَحْضُرَانِ الْبَيْعَ فَشُوبُوا بَيْعَكُمْ بِالصَّدَقَةِ »

                                                    الدعاء

 

Print Friendly, PDF & Email
مشاركة
2

Related posts

25 مارس، 2023

خطبة عن (مع القرآن في رمضان)1


Read more
25 مارس، 2023

خطبة عن (مع القرآن في رمضان) 2


Read more
19 مارس، 2023

خطبة عن ( رَغِمَ أَنْفُهُ ) مختصرة


Read more

أحدث الخطب

  • خطبة عن (مع القرآن في رمضان)1
    25 مارس، 2023
  • خطبة عن (مع القرآن في رمضان) 2
    25 مارس، 2023
  • خطبة عن ( رَغِمَ أَنْفُهُ ) مختصرة
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (الانتصار على أعداء الانسان في شهر رمضان)
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (رمضان شهر الانتصار على أعداء الانسان)
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (رَمَضَانُ شَهْرُ الصَّبْر)
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن ( شهر رمضان شهر القرآن )
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (شهر رمضان نعمة)
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (أفضل الأعمال في شهر رمضان)
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (خير الأعمال في شهر رمضان)
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (كيف تحقق التقوى من الصيام؟)
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (الانتصارات والتمكين في شهر رمضان)
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن(رمضان شهر الانتصارات والتمكين)
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (رمضان شهر الخير)
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (مع شهر رمضان)
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (صوم رمضان من أسباب العتق من النار)
    19 مارس، 2023
  • خطبة حول (علاقة رمضان بالقرآن) مختصرة
    19 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (رمضان شهر التغيير) مختصرة
    19 مارس، 2023
  • خطبة عن (مرحبا شهر رمضان مرحبا)
    12 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (عقوبة المفطرين في شهر رمضان بغير عذر)
    11 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن(مع الصحابة في رمضان)
    11 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (رمضان شهر القرآن)
    11 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن(الصحابة في رمضان)
    11 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (شهر رمضان شهر القرآن)
    11 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (مع القرآن في رمضان)
    11 مارس، 2023
  • خطبة عن الصوم (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا) مختصرة
    11 مارس، 2023
  • خطبة عن ( في رحاب شهر رمضان )
    11 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (من مقاصد الصيام وحكمته) 1
    11 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (من فضائل شهر رمضان)
    11 مارس، 2023
  • 0
    خطبة عن (رمضان شهر التوبة والغفران)
    11 مارس، 2023

ادعم الموقع

ساهم في دعم الموقع علي باتريون
iSpace | Dezone
© 2019 All Rights Reserved. iSpace