خطبة عن ( الترغيب في غض البصر والترهيب من النظرة المحرمة)
مارس 27, 2016خطبة عن (آثار النظرة المحرمة وخطورتها وعلاجها)
مارس 27, 2016الخطبة الأولى ( غض البصر وفوائده وثمراته)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (30 ) :(31) النور
إخوة الإسلام
لقد أمر الإسلام بغض البصر ، وترك النظر إلى الحرام ، لأن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف لا تهاج فيه الشهوات في كل لحظة، ولا تستثار هذه الأمور المحرمة، ولذلك جاء بتوجيهات تحث المسلمين وتحضهم على ذلك، ومنها ما رواه البخاري (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ » . فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا . قَالَ « فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا » قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ قَالَ « غَضُّ الْبَصَرِ ، وَكَفُّ الأَذَى ، وَرَدُّ السَّلاَمِ ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ » . فكان غض البصر أول ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم للجالسين على الطرقات، وكذلك جعل الله الاستئذان كإجراء احتياطي ، وأمر احترازي من أجل عدم النظر إلى العورة، ولذلك فإنه صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، وذلك لأن الدور لم يكن عليها ستور، وحتى لو كان لها أبواب فإن الباب إذا فُتح فجأة قد يقع النظر على شيء من عورات أهل البيت، ولذلك يكون من طرف الباب الذي إذا فُتح لم يقع النظر على شيء، ولا يواجه الباب مباشرة، كل ذلك إجراء احترازي من أجل عدم وقوع البصر على الحرام. فإن الإسلام يهمه أن يمنع المنكر من جميع جهاته، وليست القضية في غض البصر فقط، وإنما أيضاً في تغطية العورة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح ابن حبان وسنن الترمذي : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ ». يعني: زينها في أعين الناظرين، ولذلك كانت عورة كلها، من أعلى شيء في رأسها إلى أخمص قدميها، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ وَلاَ يُفْضِى الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلاَ تُفْضِى الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ». وهذا مما يدل على أن لكل من الجنسين أمام بني جنسه عورة لا يجوز النظر إليها، وكذلك أمر بالزواج، ورغب في الصيام لمن لم يستطعه ، وحتى المتزوج له إجراء إذا وقع على شيء مما يثير الشهوة في نفسه، ففي سنن الترمذي ومسند أحمد قال صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ فِى صُورَةِ شَيْطَانٍ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ مَعَهَا مِثْلَ الَّذِى مَعَهَا ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( غض البصر وفوائده وثمراته)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولغض البصر عن المحرمات ، ثمرات وفوائد جمة متعددة ، فما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه، خيراً منه بسعادة في القلب، خيراً منه بأجر يوم القيامة، خيراً منه بأن يكون من أصحاب الفراسة؛ لأن إصابة الحق لا تكون للواقعين في المعاصي، وقوله تعالى ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ ) النــور:35 يعني: في قلب عبده المؤمن ( كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) سورة النــور:35، يورثه الله تعالى، ويعوضه عز وجل عن غض بصره بشجاعة قلبه وقوة قلبه، ويجمع الله عليه أمره، وينور له بصيرته، ويسد عليه طرق الشيطان، فإن الشيطان يزين الصورة في القلب، ويجعلها صنماً يعكف عليه القلب، ثم يعده ويمنيه، ويوقد على القلب نار الشهوة، ويلقي عليه حطب المعاصي، فيصير القلب في اللهب، فمن ذلك اللهب تلك الأنفاس التي يجد فيها وهج النار، اسأل العشاق، اسأل الذين وقعوا في عشق الصور، اسأل الذين ابتلوا بهذه الأدواء، وهج كوهج النار، وتلك الزفرات والحرقات، فإن القلب قد أحاطت به نيران من كل جانب، فهو وسطها كالشاة في وسط التنور، ولهذا كان عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة أن جُعل لهم في البرزخ تنور من نار تودع فيه أرواحهم إلى حين حشر أجسادهم، يعذبون في ذلك، كما جاء في الحديث الصحيح الطويل في البخاري ( وفيه : فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ ، أَعْلاَهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا ، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا ، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا ، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ . فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ ……… وَالَّذِى رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ )
الدعاء