خطبة عن ( من صفات وسمات أهل اليقين بالله)
أبريل 20, 2016خطبة عن (منزلة اليقين بالله تعالى ووسائل بلوغها)
أبريل 20, 2016الخطبة الأولى ( اليقين في حياة الأنبياء والمؤمنين الأولين )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله سبحانه : ” إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (40) التوبة .
إخوة الإسلام
حديثنا عن اليقين في حياة الأنبياء والمرسلين : فهذا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يقول لصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهما في الغار وقد أحدقتم به الإخطار ” ما ظنك باثنين الله ثالثهما , لا تحزن إن الله معنا “وقال سبحانه : ” إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (40) التوبة . ما رواه الإمام أحمد (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُحَارِبَ خَصَفَةَ بِنَخْلٍ فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالسَّيْفِ فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قَالَ « اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ».فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى ». قَالَ كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ. قَالَ « أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ». قَالَ لاَ وَلَكِنِّى أُعَاهِدُكَ أَنْ لاَ أُقَاتِلَكَ وَلاَ أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ. فَخَلَّى سَبِيلَهُ – قَالَ فَذَهَبَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ ) ، وهذا اليقين الذي وقف به أيوب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وقد أصابه الضر والبلوى ، وعظُمت عليه الشكوى، فنادى ربه جل وعلا، فناداه وناجاه بقلب لا يعرف أحداً سواه، قال تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (83) الانبياء ،ففرج الله عز وجل كربه، ونفسَّ همه وغمه، ورد عليه ما افتقده. وهذا نبي الله يعقوب (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (يوسف : 86 ) ، قال علماء التفسير ان العلم الذي يعلمه يعقوب عليه السلام ويقصده هنا هو اليقين ، لقد غاب عنه ولده يوسف ،بعد أن ألقاه إخوته في الجب وهو صغير ، مرت أربعين سنة ، ولكن كان عند نبي الله يعقوب عليه السلام يقين في الله ، وصاحب اليقين لا يلجأ للحسابات الدنيوية ، أو الأستدلالات والنتائج التي تبنى على منطق ضعيف ، المنطق يقول أربعين سنة كفيلة أن تنسيك يوسف يا يعقوب ، (قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ) (يوسف : 85 ) ، فكان الرد من صاحب اليقين وأعلم من الله ما لا تعلمون ، ولأن يقينه راسخ فأمله بالله موجود بل ويبث الأمل في أولاده ويأمرهم بعدم اليأس (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف : 87 ) ، حتى يأتي الفرج من الله ويثبت للعالم أن يقينه كان في محله وأن الله لا يخزي المتقين (فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (يوسف : 96 ).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اليقين في حياة الأنبياء والمؤمنين الأولين )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن صور اليقين في حياة المؤمنين الأولين : لما أراد سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه أن يعبر دجلة إلى المدائن، وقطع الفُرْسُ عليه الجسر، وحازوا السفن؛ نظر سعد في جيشه، فلما اطمأن إلى حالهم، اقتحم الماء، فخاض الناس معه، وعبروا النهر فما غرق منهم أحد، ولا ذهب لهم متاع، فعامت بهم الخيل وسعد يقول: ‘ حسبنا الله ونعم الوكيل، والله لينصُرَّنَ الله وليَّه، وليُظْهِرَنَّ الله دينه، وليهزمن الله عدوه؛ إن لم يكن في الجيش بَغْيٌ أو ذنوب تغلب الحسنات ‘ ولما نزل خالد بن الوليد رضى الله عنه الحيرة، فقيل له: احذر السم لا تسقك الأعاجم، فقال: ‘ ائتوني به، فأُتي به، فالتهمه، واستفه، وقال: بسم الله، فما ضره ‘. قال الذهبي رحمه الله: هذه والله الكرامة وهذه الشجاعة ‘ ،وهذا أنس بن النضر رضي الله عنه ، صحابي جليل ، أعرج ، يتأهب الرجال للخروج للمعركة يوم أحد ، فيخرج معهم فيقال له إن الله أعذرك ( ولا على الأعرج حرج ) ،فيرد بيقينه لا بلسانه أنه من أهل الجنة في ذاك اليوم ويقول لهم ” والله لأطأن الجنة بعرجتي هذه ” ويقاتل حتى يلقى ما خرج من أجله ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عنه ( لقد رأيته في الجنة وما به من عرج ). إنه اليقين الذي جعل الصحابة رضوان الله عليهم ينالوا هذه المنزلة ، فكان من يقينهم مثلا ،وما جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال :” لو رأيت الجنة والنار ما ازددت يقيناً ، لأني رأيتهما بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ربه ((مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى)) (النجم : 17 ) ” وقال عامر بن قيس رضي الله عنه ” لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً “.وهذا المثال يبين أثر اليقين في سلوك العبد، حيث يزهده فيما في أيدي الخلق: دخل هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي الكعبة، فرأى سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم، فقال له: ‘سلني حاجة –فرصة ثمينة الخليفة يعرض عليه أن يسأله ما شاء، اطلب، فماذا قال؟- قال:’ إني لأستحي من الله أن أسال في بيته غيره’. فلما خرجوا قال له:’ فالآن سلني حاجتك، فقال سالم: من حوائج الدنيا أم حوائج الآخرة؟– طبعاً حوائج الآخرة لا سبيل إليها، لا سبيل إلى تحصيلها من قِبَل المخلوقين، هم لا يستطيعون أن يعطوك شيئاً من أمور الآخرة- قال:’ بل من حوائج الدنيا’ قال:’ والله ما سألت الدنيا من يملكها –يعنى الله، يقول: أنا ما دعوت قط ربي أن يعطيني شيئاً من حُطام الدنيا- ما سألت الدنيا من يملكها، فكيف أسأل من لا يملكها!’. ونواصل الحديث إن شاء الله
الدعاء