خطبة عن قوله تعالى (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ)
يناير 26, 2019خطبة عن حديث: (يَقُولُ الْعَبْدُ مَالِي مَالِي إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلاَثٌ)
يناير 26, 2019الخطبة الأولى ( تُقَاتِلُكُمُ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين: (أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« تُقَاتِلُكُمُ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ ». وروى مسلم : ( قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « تَقْتَتِلُونَ أَنْتُمْ وَيَهُودُ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ ». وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ. إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ » رواه مسلم.
إخوة الاسلام
بداية لابد أن نعلم أن الشريعة الإسلامية جاءت حامية لأهل الذمة في بلاد المسلمين ، ومدافعة عن حقوقهم إذا التزموا بشروط الإقامة ، حتى قال عليه الصلاة والسلام :( مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ) رواه البخاري ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا ، أَوْ انْتَقَصَهُ ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ ، فَأَنَا حَجِيجُهُ [أي خصمه] يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه أبو داود وصححه الألباني ، ويكفيك شاهدا على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة كان بها ثلاثة طوائف لليهود ، وهم (بنو قينقاع ، وبنو النضير ، وبنو قريظة ) وقد عاهدهم جميعاً وسالمهم جميعاً ، ولكنهم غدروا وخانوا جميعا !! فقاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقتل منهم من قتل ، وطرد منهم من طرد خارج المدينة ، ومنعهم من الإقامة فيها . فأهل الذمة إن أخلوا بالشروط – كما لو غدروا أو خانوا أو تجهزوا لقتالنا أو ساعدوا أعداءنا … ونحو ذلك – فإنهم يكونون ناقضين للعهد ، وحينئذ فلا عهد بيننا وبينهم ، ولا يستحقون تلك الإقامة الآمنة التي لم يحافظوا عليها . نعم ؛ فإن المسلمين يتقبلون وجود اليهود ويحسنون إليهم ما داموا ملتزمين بشروط إقامتهم ، ولكن اليهود هم اليهود ! سرعان ما يعودون إلى غدرهم وخيانتهم ، فتكون المعركة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث معركة عادلة مشروعة يحبها الله تعالى ويأمر بها .والله تعالى يكرم المسلمين في هذه المعركة بهذه الكرامة ،وهي نطق الحجر والشجر، ومناداته على المسلم ،حتى يقتل اليهودي الذي يختبئ وراءه . وكل ذلك يدل على أنها معركة عادلة يحبها الله ، كما هو الشأن في المعارك الإسلامية كلها التي يكون المقصد منها إعلاء كلمة الله في الأرض ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) رواه مسلم
أيها المسلمون
فبلاد الشام والقدس وفلسطين وبلاد المسلمين المحتلة من الأعداء ليس العرب بوصفهم عرباً هم أهلها؛ بل إن أهلها المسلمون بوصفهم مسلمين لا غير وبوصفهم عباداً لله عزّ وجلّ صالحين؛ ولذلك لن ينجح العرب في استرداد بيت المقدس ، وأرض فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين باسم العروبة أبداً؛ ولا يمكن أن يستردوها إلا باسم الإسلام ،على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه، كما قال الله تعالى: (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) [الأعراف: 128] ؛ ومهما حاول العرب، ومهما ملؤوا الدنيا من الأقوال والاحتجاجات، فإنهم لن يفلحوا أبداً حتى ينادوا بإخراج اليهود منها باسم دين الإسلام ،وبعد أن يطبقوه في أنفسهم .؛ فإن هم فعلوا ذلك فسوف يتحقق لهم ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم : “لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ، وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ، أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ”؛ فالشجر، والحجر يدل المسلمين على اليهود يقول: “يا عبد الله” . باسم العبودية لله .، ويقول: “يا مسلم” . باسم الإسلام .؛ والرسول يقول: “يقاتل المسلمون اليهود” ، ولم يقل يقاتل : “العرب”.. ولهذا فإننا لن نقضي على اليهود باسم العروبة أبداً؛ لن نقضي عليهم إلا باسم الإسلام؛ ومن شاء فليقرأ قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) [الأنبياء: 105] ،فجعل الله تعالى الميراث لعباده الصالحين؛ وما عُلِّق بوصف فإنه يوجد بوجوده، وينتفي بانتفائه؛ فإذا كنا عبادَ الله الصالحين ورثناها بكل يسر وسهولة، وبدون هذه المشقات، والمتاعب، والمصاعب، وإنما نستحلها بنصر الله عزّ وجلّ، وبكتابة الله لنا ذلك ، وما أيسره على الله . ونحن نعلم أن المسلمين ما ملكوا بيت المقدس وأرض الشام وفلسطين في عهد الإسلام الزاهر إلا بإسلامهم؛ ولا استولوا على المدائن عاصمة الفرس، ولا على عاصمة الروم، ولا على عاصمة القبط إلا بالإسلام؛ ولذلك ليت شبابنا يعون وعياً صحيحاً بأنه لا يمكن الانتصار المطلق إلا بالإسلام الحقيقي . لا إسلام الهوية بالبطاقة الشخصية . ولعل بعضنا سمع قصة سعد بن أبي وقاص حينما كسرت الفُرس الجسور على نهر دجلة، وأغرقت السفن لئلا يعبر المسلمون إليهم؛ فسخَّر الله لهم البحر؛ فصاروا يمشون على ظهر الماء بخيلهم، ورجلهم، وإبلهم؛ يمشون على الماء كما يمشون على الأرض، لا يغطي الماء خفاف الإبل، ومشوا عليه آمنين؛ فالله تعالى قادر على ما هو أعظم من ذلك.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( تُقَاتِلُكُمُ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وهذه الأحاديث التي صدرت بها هذه الخطبة إنما هي من معجزات الرسول-صلى الله عليه وسلم- الذي أخبر عن قتال المسلمين لليهود في آخِر الزمان قبلَ وقوعه بأكثرَ من أربعة عشر قرنًا من الزمان، فلم يقم لليهود دولةٌ بين العرب إلا منذ عهد قريب ،وها هي الحرْب مستمرة بين المسلمين واليهود، يستعر أوارها، وتضطرم نارها، وما فتئ اليهود في عدوانهم وطيشهم سادرين، وقد أثاروا نقمةَ العالم الإسلامي، واستبان طغيانهم للعالم أجمع، وثورة المسلمين ضدهم لن تهدأ ، ولن تستسلم ، وقد ورد في كتبهم ما يشير إلى ذلك ، فقد جاء في الإصحاح السادس من سفر أرميا: هكذا قال الرب: هو ذا شعب قادم من أرض الشمال، وأمة عظيمة تقوم من أقاصي الأرض تُمسك القوس والرمح، هي قاسية لا ترحم، صوتها كالبحر يعج، وعلى خيل تركب مصطفة كإنسان لمحاربتك يا ابنة صِهْيون، سمعنا خبرها، ارتخت أيدينا، أمسكنا ضيق ووجع كالماخض، لا تخرجوا إلى الحقل، وفي الطريق لا تمشوا؛ لأن سيف العدو خوف من كل جهة. وقد هرع اليهود إلى بلاد المسجد الأقصى (فلسطين)، واختاروها على أي بقعة أخرى من العالم؛ انتظارًا لما ورد من أخبار وإشارات عن تجمُّعهم بها في آخر الزمن، وفي التلمود وبروتوكولات حكماء صهيون، وبيانات زعماء اليهود وكتابهم – شيء كثيرٌ من ترقب ذلك التجمع الذي أسسوه على البغي والشر ، فكان جزاؤهم السيف والانسحاق والدمار، حتى تكون إبادتهم نهائيًّا على يد المسيح ابن مريم – عليه السلام – وجنده من المسلمين، قال الله تعالى :﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر: 51].
الدعاء