خطبة عن (هَذَا رَبِّي)
ديسمبر 6, 2022خطبة حول ( ما استعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم )
ديسمبر 10, 2022الخطبة الأولى ( طهِّروا أجسادَكم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روي الطبراني في الأوسط، وحسنه الألباني: (عن عبدالله بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (طَهِّروا هذِهِ الأجسادَ طَهَّرَكُمُ اللَّهُ فإنَّهُ ليسَ من عبدٌ يبيتُ طاهرًا إلَّا باتَ معَهُ في شعارِهِ ملَكٌ ولا ينقَلبُ ساعةً منَ اللَّيلِ إلَّا قالَ: اللَّهُمَّ اغفِر لعبدِكَ فإنَّهُ باتَ طاهرًا)، وفي صحيح ابن حبان, وصححه الألباني، (عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بات طاهرًا؛ بات في شعاره ملك، فلم يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان؛ فإنه بات طاهرًا).
إخوة الإسلام
الإسلام دين الطهارة والنظافة، وقد دعا المسلمين إلى العناية بنظافة أجسادهم، وجعلها شَعيرةً من شعائر الدين، وركيزة من ركائزه، وفريضة من فرائضه، بل جعل الاسلام الطهارة والنظافة شرطًا من شروط الصلاة، فقال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) المائدة (6)، كما أمر الله تعالى – رسوله ونبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحفاظ والدوام على التكبير، وعقبه بالتطهير، فقال الله تعالى: ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 3، 4]، كما دعا الإسلام أتباعه إلى العناية البالغة بالطهارة والنظافة عند دخول المساجد، فقال الله تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31]، فالطهارة والنظافة من الأخلاق الكريمة، والعادات الطيبة في الإسلام، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الطهارة شطرَ الإيمان، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الطُّهُورُ شَطْرُ)، ومن هنا ندرك مدى أهمية الطهارة والنظافة، وعِظم درجتها، وعلوِّ مرتبتها في شريعة الإسلام، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على الاعتناء بالطهارة، والاهتمام بالنَّظافة بشتَّى الطرُق والسبُل، ففي سنن الترمذي: (إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ فَنَظِّفُوا أُرَاهُ قَالَ أَفْنِيَتَكُمْ وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ)، فالإسلام وهو يأمر بذلك، يقصد إلى تخلية البيوت والشوارع من القمامات التي تنبعث منها رائحة غير طيبة، وتكون مصدرًا للعلل ،وانتشار الأمراض والعدوى، وهكذا يحتم الإسلام على المسلمين العناية البالغة والرعاية الكاملة لهذا الجانب من الطهارة والنظافة، فمن العيب الشديد أن تقصّر الشعوب المسلمة في هذا الجانب المهمِّ مِن الدِّين، وأن تكون وسببًا في تشويه صورة الإسلام والمسلمين في عصر نرى فيه أمم الأرض تولي هذا الجانب اهتمامًا بالغًا،
ومن صور نظافة الجسد في الاسلام: السواك، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ – وَفِى حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَلَى أُمَّتِي – لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ ». وفي صحيح البخاري: (قَالَ أَنَس: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ »، ومن صور النظافة: نظافة الثياب: ففي سنن الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ يَعْنِي مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ». قَالَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي حَسَنًا وَنَعْلِى حَسَنَةً. قَالَ « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ بَطَرَ الْحَقَّ وَغَمَصَ النَّاسَ »،
أيها المسلمون
والنظافة والطهارة تجلب محبة الله تعالى- وتقرِّب صاحبها إلى الله زلفى، وهي تساوي التوبة التي هي سبب صفاء النفوس، ونقائها من أرجاس المعاصي، وأدران الذنوب؛ يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222]، والنبي صلى الله عليه وسلم جعل النظافة والطهارة تزيد المؤمن إيمانًا وتَدعوه إليه، ففي موطإ مالك : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْمَلُوا وَخَيْرُ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ »، والنظافة والطهارة كفارة للذنوب، وسبب لمُضاعَفة الأجور، ومَنهاة عن الفسق والفجور، ونور وضياء لصاحبها يوم العرض والنشور؛ ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ – أَوِ الْمُؤْمِنُ – فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ – أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ – فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ – أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ – فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ الْمَاءِ – أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ – حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ ». وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكره الثوب الوسخ وينهى عنه؛ ففي سنن أبي داود وصحيح ابن حبان: (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرَأَى رَجُلاً شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ فَقَالَ « أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ ». وَرَأَى رَجُلاً آخَرَ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ فَقَالَ « أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ» وقال الحكماء: (من نظَّف ثوبه قلَّ همُّه، ومَن طاب ريحه زاد عقله)، وقد دلَّ نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أمته على خصال وخلال يتحقَّق بالقيام بها والحفاظ عليها الطهارة والنظافة على أحسن وجه وأكمله؛ ففي صحيح مسلم: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ »، والتخليل بين الأصابع والمبالغة في الاستنشاق من آكد الأمور في الوضوء؛ ففي سنن الترمذي: (أن عَاصِمَ بْنَ لَقِيطِ بْن صَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ. قَالَ « أَسْبِغِ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا »، وقد ثبت بالتجربة أن للوضوء تأثيرا فعالا على طهارة الجسد البشري من ناحية تطهير كل من الفم والأنف، وهما مدخلان أساسيان للملوثات والجراثيم والفطريات والبكتيريا إلى داخل الجسم، ويتم تطهيرهما أثناء عملية الوضوء خمس مرات في كل يوم وليلة، وتقوم كل من مضمضة الفم والاستنشاق والاستنثار للأنف بتطهيرهما مما يمكن أن يلتصق بهما من الجراثيم والقشور، والإفرازات المخاطية من كل من الأنف والجيوب الأنفية، وغير ذلك من الملوثات التي تنتشر في الغلاف الغازي للأرض، وسرعان ما يتنفسها الإنسان عن طريق كل من الأنف والفم. ومن أهمّ المجالات التي تُظهر اهتمام الإسلام بالنظافة: الغسل: فقد جعل الإسلام أحكاماً خاصةً لغسل جميع البدن: فقد أوجب الإسلام الغسل بعد الجماع، وبعد الحيض، والنفاس، وغير ذلك من المواطن. وندب الإسلام إلى الغسل في يوم الجمعة، والعيدين ،وغسل اليدين قبل الأكل وبعده. وبعد الاستيقاظ من النوم،
والاسلام دعا أتباعه إلى طهارة الأبدان والأجساد من الأنجاس والأرجاس، ونظافة الأمكنة والأثواب من الأوساخ والأقذار، تحصينًا لصحَّتهم، وتوفيرًا للأمن لهم والخلاص من جميع الأذى والمضار، ووقاية لهم من جميع الأمراض والأسقام والأخطار، ففي سنن أبي داود : (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اتَّقُوا الْمَلاَعِنَ الثَّلاَثَ الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ ». وقد أمر الله تعالى – عبديه ونبيَّيْه إبراهيم وإسماعيل بتطهير بيته الحرام، فقال الله تعالى: ﴿ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [البقرة: 125]، فالمساجد كلها بيوت الله، فلا بد مِن تطهيرها وتنظيفها وتجميرها وتبخيرها؛ ففي سنن الترمذي وغيره: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ)، وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « عُرِضَتْ عَلَىَّ أَعْمَالُ أُمَّتِى حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِى أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ ». وفي الصحيحين: (أن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا»، وفي رواية :« التَّفْلُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا »، وقد بشَّر النبي صلى الله عليه وسلم بالثواب الكبير والأجر الجزيل لمن أماط الأذى عن الطريق؛ ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِى الْجَنَّةِ فِى شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِى النَّاسَ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( طهِّروا أجسادَكم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن صور اهتمام الاسلام بالنظافة فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يبول الإنسان في مكانِ الاستِحمام صونًا له من النجاسة، وحفاظًا على النظافة والطهارة، وبعدًا عن تردُّد الوسواس ببقاء النجاسة؛ ففي سنن أبي داود : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ ». قَالَ أَحْمَدُ « ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فِيهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ ».، ومن صور النظافة في الإسلام: تطهير الإناء إذا ولغ الكلب فيه سبع مرات بالماء؛ فقد روى مسلم في صحيحه: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مِرَارٍ ».
هذا هو دين الإسلام، دين الفطرة التي فُطر الناس عليها، يوجب على الناس كل ما فيه خيرهم وصلاحهم، ويُحرِّم عليهم كل ما فيه شرهم وفسادهم، فكما أوجب عليهم نظافة وطهارة الأبدان من الأنجاس والأقذار، أوجب عليهم طهارة القلوب من الأضغان والأحقاد؛ يقول الله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9، 10]، وفي صحيح مسلم : (أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلاَ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ ». وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ. وجعل الإسلام الاغتسال والاستحمام وسيلة ناجعة للطهارة والنظافة فدعا الناس إليها، وحثَّهم عليها، ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ » ،وفي صحيح البخاري : (عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ)،
فليحافظ المسلم على النظافة والطهارة، وليحتسب الأجر والثواب عند الله – عز وجل – وليقدم للناس صورة رائعة للإسلام والمسلمين متمثلة في الطهارة والنظافة في ظاهره وباطنه، في ملبسه، ومسكنه، ومكتبه، ومحلِّه، ومتجرِه، حتى يكون شامةً بين الناس،
الدعاء