خطبة عن (من فضائل المحافظة على صلاة الفجر في جماعة)
يناير 10, 2016خطبة عن (ما يعين على سلامة القلب)
يناير 10, 2016الخطبة الأولى ( سلامة القلب )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام أحمد في مسنده : ( أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ». فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وَضُوئِهِ قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِى يَدِهِ الشِّمَالِ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- مِثْلَ ذَلِكَ فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الأُولَى فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضاً فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الأُولَى فَلَمَّا قَامَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ إِنِّى لاَحَيْتُ أَبِى فَأَقْسَمْتُ أَنْ لاَ أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلاَثاً فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُئْوِيَنِى إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِىَ فَعَلْتَ. قَالَ نَعَمْ . قَالَ أَنَسٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِىَ الثَلاَثَ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئاً غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ غَيْرَ أَنِّى لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلاَّ خَيْراً فَلَمَّا مَضَتِ الثَلاَثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّى لَمْ يَكُنْ بَيْنِى وَبَيْنَ أَبِى غَضَبٌ وَلاَ هَجْرٌ ثَمَّ وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لَكَ ثَلاَثَ مِرَارٍ « يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ». فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَلاَثَ مِرَارٍ فَأَرَدْتُ أَنْ آوِىَ إِلَيْكَ لأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِىَ بِهِ فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ فَمَا الَّذِى بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ. قَالَ فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِى. فَقَالَ مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ غَيْرَ أَنِّى لاَ أَجِدُ فِى نَفْسِى لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلاَ أَحْسُدُ أَحَداً عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الَّتِى بَلَغَتْ بِكَ وَهِىَ الَّتِى لاَ نُطِيقُ.)
إخوة الإسلام
لسلامة القلب والصدرأثرها على الفرد والمجتمع : فصاحب الصدر السليم ، يفوز بكل الفضائل التي سبق الحديث عنها، والنتيجة المباشرة هي:· راحة البال والبعد عن الهموم والغموم.· اتقاء العداوات.أما بالنسبة للمجتمع فإنه يكون مجتمعًا متماسكًا متراصًا متكاتفًا ، ترفرف عليه رايات المحبة والإخاء ويصدق عليهم قول النبي – صلى الله عليه وسلم – : عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ».[صحيح مسلم]. وأسوق إليكم نماذج لرجال صفت قلوبهم ، وسلمت صدورهم ،وذلك ليكون لنا فيهم أسوة حسنة ، وقدوة طيبة ، فهذا سيد ولد آدم أجمعين عليه صلوات رب العالمين، يذهب إلى الطائف عارضًا نفسه على وجهائها وأهلها، فلم يجبه منهم أحد، فانطق مهمومًا، ففي صحيح البخاري (أَنَّ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – زَوْجَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ : « لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى ، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي ، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ ، فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ ، فَسَلَّمَ عَلَىَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ ، فَقَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – :( بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا » ، واستحضر معي حالة المشركين معه صلى الله عليه وسلم في مكة وقد آذوه وسعوا في قتله حتى خرج من بين أظهرهم وكان الأمر كما أخبر الله عز وجل : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال:30) ، فلما مكن الله له ودخل مكة فاتحا ما انتقم ولا آذى بل قال لقومه ،“لا تثريب عليكم اليوم”. وهذا نبي الله يوسف عليه السلام: وقصته مع إخوته أنموذج رائع لسلامة الصدر فبعد أن ألقوه في الجب وفرقوا بينه وبين أبيه ودخوله السجن إلى غير ذلك مما هو معروف مكن الله له وجعله على خزائن مصر فلما ترددوا عليه وعرفوه قالوا: (تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ) يوسف 91. ،فما كان منه إلا أن قَال: ( لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) يوسف 91. فما حمل على إخوته غلا. ولا أوغر عليهم صدرا ، ولكنه عفا ، لأن قلبه سليم ، ثم تأمل معي موقف الصِّدِّيقُ – رضي الله عنه – مع مسطح بن أثاثة إذ كان الصديق ينفق على مسطح فلما كانت حادثة الإفك كان مسطح ممن خاضوا فيها فأقسم الصديق ألا ينفق على مسطح فأنزل الله قوله تعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:22) ، فما كان من الصديق إلا أن أعاد النفقة على مسطح. وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه في أوج انتصاراته وهو قائد الجيش يأتيه خبر عزل الفاروق له فما تكلم بما يدل على سخطه ، ولاترك ساحات القتال ، بل ظل مجاهدا كجندي من جند المسلمين بعد أن كان قائدهم.، ثم استمع إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول : “إني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدًا من بلدان المسلمين فأفرح به، ومالي به سائمة”.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( سلامة القلب )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما أبو دجانة رضي الله عنه فقد دُخل عليه وهو مريض فرأوا وجهه يتهلل (منور) فكلموه في ذلك فقال: “ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى كان قلبي سليمًا للمسلمين”. وانظروا إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يُضرب ويُعذَّب على يد المعتصم، وحين أخذوه لمعالجته بعد وفاة المعتصم وأحسَّ بألمٍ في جسده قال: “اللهم اغفر للمعتصم”. وهذا شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- كان فيما يجمع من الخصال سلامة الصدر لإخوانه من أهل العلم، مع أن بعضهم حصل لهم حسدًا عليه، قاموا ضده، بل سعوا في سجنه، وألبوا عليه الحكام، ومع ذلك كان ممسكًا للسانه، وممسكا لألسنة أصحابه أن تنال أحدًا من أهل العلم، فقال في رسالته التي بعثها من السجن، قال لهم، قال لأصحابه، خارج السجن، وهو يتوقع أن صدورهم تغلي الآن على أولئك الذين كانوا سببًا في إيداعه في ذلك السجن، يقول: تعلمون – رضي الله عنكم – أني لا أحبّ أن يؤذى أحد من عموم المسلمين، فضلا عن أصحابنا بشيء أصلا، لا ظاهرا ولا باطنًا ، ولا عندي عتب، لا حظ: على أحد منهم، ولا لوم أصلًا، بل هم عندي من الكرامة،
الدعاء