خطبة عن ( من علامات الساعة الكبرى والصغرى)
أبريل 12, 2016خطبة عن (قصة نبي الله المسيح عيسى بن مريم دروس وعبر)
أبريل 12, 2016الخطبة الأولى ( من علامات الساعة وأشراطها)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) الأعراف 187، وقال الله تعالى : ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ) (18) محمد
إخوة الإسلام
إن الساعة حق ،والايمان بها من اركان الدين ، وموعد قيام الساعة من الأمور الغيبية التي لم يطلع الله عليها أحدا من خلقه ، واستأثر بها سبحانه وتعالى دون خلقه ، وروى البخاري ومسلم واللفظ له، عن عمر بن الخطاب في حديث جبريل ، جاء فيه (قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ « مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا كَانَتِ الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْبَهْمِ فِي الْبُنْيَانِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا فِي خَمْسٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ ». ثُمَّ تَلاَ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) » ، فمن ذلك نعلم أن المؤمن يعتقد اعتقادا جازما أن موعد قيام الساعة لا يعلمه إلا الله وحده ، وإذا سمعتم أو قرأتم عمن يخبر عن موعد قيام الساعة ، فاعلم أنه من الكذابين المضللين ، لأن الآيات واضحة في نفي علم قيام الساعة لأي مخلوق ،ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة بأمته ، وحرصا منه على أن يستعدوا لها ، أخبرهم صلى الله عليه وسلم ، عن بعض أشراطها وعلاماتها ، وأماراتها ،والحديث السابق ذكر لنا بعض أشراطها كما في قوله صلى الله عليه وسلم (إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا ) والمعنى : أن من علامات قرب وقوع أحداث الساعة ، أن تلد الأمة ربتها ، والأمة هي الجارية ، وربتها هي سيدتها ، أي تلد الجارية سيدتها ، ومالكتها ، وللعلماء في ذلك أقوال : فقال أحدهم : هذه إشارة على فتح البلاد ، ودخولها في الإسلام ، وكثرة جلب الرقيق والعبيد ، حتى تكثر السرايا (الأسرى من النساء ) ، ويكثر أولادهن ، فتكون الأمة رقيقة لسيدها ، وأولاده منها بمنزلته ، فيكون ولد الأمة بمنزلة ربها وسيدها ،وقال آخر : تلد الأمة ربها ، أي أن الإماء يلدن الملوك ، وتكون أمه من جملة رعيته ، وهو سيدها وسيد غيرها ، وقال آخر : هذا دليل على انتشار الزنا بين الناس ، حتى أن الأمة تزني وتلد ، ثم تباع وتشترى ، حتى يشتريها ولدها ، وهو لا يعلم أنها أمه ، ومن علامات قرب الساعة (وَإِذَا كَانَتِ الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا ) والمقصود هنا بالحفاة والعراة والعالة رعاء الشاء هم الفقراء والمحتاجين ، ومعنى هذا أن الفقراء والمحتاجين تبسط لهم الدنيا ، وتكثر في أيديهم الأموال ، ويصبحوا أغنياء ، ويتباهون في البناء ، معنى هذا أيضا ، أن أسافل الناس يصيروا رؤساءهم ، ويؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد والترمذي واللفظ له (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ ابْنُ لُكَعَ » ، واللكع : (هو اللئيم من الناس )، وروى الإمام أحمد وغيره واللفظ له ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّهَا سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ ». قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ « السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ ». بل وحينما سأل أحد الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة كما في صحيح البخاري : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » . قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » ، ومضمون ما جاء في هذه الأحاديث السابقة واللاحقة ، أن من علامات الساعة ، أن الأمور تنعكس ، وتنقلب الحقائق ، وتتغير الموازين ، فتوضع الأخيار ، ويرفع الأشرار ويتكلم الجاهل ، ويسكت العالم ، ويسود كل قبيلة منافقوها ، ويصبح أهل الأمر والنهي هم أهل الفساد ، وهكذا تصير الأمور على غير طبيعتها وفطرتها ،ولذلك جاءت أحاديث كثيرة كلها تحمل هذا المعنى : ومنها ما رواه البخاري وغيره واللفظ له (عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – قَالَ لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِى ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ ، وَيَكْثُرَ الْجَهْلُ وَيَكْثُرَ الزِّنَا ، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الْخَمْرِ ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ » ،وفي سنن الترمذي (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا اتُّخِذَ الْفَيْءُ دُوَلاً وَالأَمَانَةُ مَغْنَمًا وَالزَّكَاةُ مَغْرَمًا وَتُعُلِّمَ لِغَيْرِ الدِّينِ وَأَطَاعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَعَقَّ أُمَّهُ وَأَدْنَى صَدِيقَهُ وَأَقْصَى أَبَاهُ وَظَهَرَتِ الأَصْوَاتُ فِي الْمَسَاجِدِ وَسَادَ الْقَبِيلَةَ فَاسِقُهُمْ وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ وَظَهَرَتِ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتِ الْخُمُورُ وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحًا حَمْرَاءَ وَزَلْزَلَةً وَخَسْفًا وَمَسْخًا وَقَذْفًا وَآيَاتٍ تَتَابَعُ كَنِظَامٍ بَالٍ قُطِعَ سِلْكُهُ فَتَتَابَعَ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من علامات الساعة وأشراطها)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن علامات الساعة التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفتتن المسلمون بحب الدنيا ، ويكرهون القتال والجهاد في سبيل الله ، وعند ذلك يطمع فيهم عدوهم ، وتنعدم هيبتهم بين الأمم ، وتضعف شوكتهم بين الشعوب ،فقد روى أحمد في مسنده (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لِثَوْبَانَ « كَيْفَ أَنْتَ يَا ثَوْبَانُ إِذْ تَدَاعَتْ عَلَيْكُمُ الأُمَمُ كَتَدَاعِيكُمْ عَلَى قَصْعَةِ الطَّعَامِ يُصِيبُونَ مِنْهُ ».قَالَ ثَوْبَانُ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا قَالَ « لاَ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ يُلْقَى فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنُ ». قَالُوا وَمَا الْوَهَنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « حُبُّكُمُ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَتُكُمُ الْقِتَالَ ». ومن علامات الساعة أن يعلو صوت الباطل على صوت الحق ، وأن تهاب الناس الظالم ، وتحترم الفاسق ، فقد روى البزار وأحمد واللفظ له (رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا رَأَيْتُمْ أُمَّتِى تَهَابُ الْظَالِمَ أَنْ تَقُولَ لَهُ إِنَّكَ أَنْتَ ظَالِمٌ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُمْ ». ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء