MinbarLogMinbarLogMinbarLogMinbarLog
  • الرئيسية
  • خطب منبرية مكتوبة
    • خطبة الاسبوع
    • موسوعة الخطب المنبرية
    • خطب منبرية بصيغة ” وورد – Word “
  • خطب منبرية صوتية
  • دروس وندوات
  • أخترنا لكم
    • القرأن الكريم – فلاش
    • القرأن الكريم – إستماع
    • تفسير القرآن الكريم – الشيخ نشأت أحمد
    • تفسير القرأن الكريم -الشيخ الشعراوى
    • شرح صحيح البخارى – الشيخ هتلان
    • المكتبة الشاملة – تحميل
    • إذاعة القرآن الكريم
    • شرح زاد المستقنع – الشنقيطي
    • سلسلة السيرة النبوية – راغب السرجانى
    • أحداث النهاية – محمد حسان
      • صوتى
      • فيديو
    • موقع الشيخ محمد حسين يعقوب
    • نونية ابن القيم في وصف الجنة
      • عبدالواحد المغربى
      • فارس عبّاد
  • الخطب القادمة
  • إتصل بنا
    • سياسة الخصوصية
  • من نحن؟
  • English Friday Sermons
خطبة عن ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )
31 أغسطس، 2022
خطبة عن ( توبة آدم، وتوبة إبليس )
3 سبتمبر، 2022

خطبة عن ( كبائر ذنوب وأمراض القلوب )

3 سبتمبر، 2022

                      الخطبة الأولى ( كبائر ذنوب وأمراض القلوب )  

 الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                 أما بعد  أيها المسلمون    

يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (87) :(89) الشعراء ، وروى الامام مسلم في صحيحه : (قَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ». وروى الامام أحمد في مسنده : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ قَلْبٌ أجْرَدُ فِيهِ مِثْلُ السِّرَاجِ يُزْهِرُ وَقَلَبٌ أَغْلَفُ مَرْبُوطٌ عَلَى غِلاَفِهِ وَقَلْبٌ مَنْكُوسٌ وَقَلَبٌ مُصْفَحٌ فَأَمَّا الْقَلْبُ الأَجْرَدُ فَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ سِرَاجُهُ فِيهِ نُورُهُ وَأَمَّا الْقَلْبُ الأَغْلَفُ فَقَلْبُ الْكَافِرِ وَأَمَّا الْقَلْبُ المَنْكُوسُ فَقَلْبُ الْمُنَافِقِ عَرَفَ ثُمَّ أَنْكَرَ وَأَمَّا الْقَلْبُ المُصْفَحُ فَقَلْبٌ فِيهِ إِيمَانٌ وَنِفَاقٌ فَمَثَلُ الإِيمَانِ فِيهِ كَمَثَلِ الْبَقْلَةِ يَمُدُّهَا الْمَاءُ الطَّيِّبُ وَمَثَلُ النِّفَاقِ فِيهِ كَمَثَلِ الْقُرْحَةِ يَمُدُّهَا الْقَيْحُ وَالدَّمُ فَأَيُّ الْمَدَّتَيْنِ غَلَبَتْ عَلَى الأُخْرَى غَلَبَتْ عَلَيْهِ ».

إخوة الإسلام

إن الحديث عن القلب له أهمية خاصة ، وذلك لعدة أمور، ومنها : أولاً: أن الله سبحانه وتعالى أمر بتطهير القلب، وتنقيته، وتزكيته، بل جعل الله سبحانه وتعالى من غايات الرسالة المحمدية تزكية الناس، يقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة:2]. ، ثانيًا: أن القلب هو الموجه والمخطط، والأعضاء والجوارح تنفذ. يقول أبو هريرة رضي الله عنه: “القلب ملك، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث القلب خبثت جنوده”. ثالثًا: إن سلامة القلب وخلوصه سبب لسعادة الدنيا والآخرة، فسلامة القلب من الغل والحسد والبغضاء وسائر الأدواء سبب للسعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة

 أيها المسلمون

ولأهمية الحديث عن القلب ،فسوف نتناول اليوم -إن شاء الله- أهم الأمراض التي تصيب القلوب، (بصورة مختصرة) ، حتى يلتفت المسلم إليها ، ويطهر قلبه منها ، فيسلم قلبه ، ويقبل عمله ، ويسعد في دنياه وآخرته : وأول وأخطر هذه الأمراض هو مرض الكبر : وهو بطر الحق ، وغمط الناس ، قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } النساء 36، وقال الله تعالى : {فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} النحل 29، . وروى الإمام مسلم في صحيحه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ » ،والكبر من السمات التي تظهر في سلوكيات المتكبر حتى تعلو كلامه وحركاته وسكناته ، بل وطموحاته وأفكاره، وينتج عنها وضع نفسه في مكانة أعلى من الآخرين. ثانيا : من أمراض القلوب : مرض العجب : روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: “الهلاك في اثنتين: القنوط والعجب”. والعجب هو : الزهو بالنفس ، واستعظام الأعمال والركون إليها ، وإضافتها إلى النفس ،مع نسيان إضافتها إلى المُنعم سبحانه وتعالى، فالعُجب من الآفات الخطيرة التي تصيب كثيراً من الناس ، فتصرفهم عن شكر الخالق إلى شكر أنفسهم ، وعن الثناء على الله بما يستحق إلى الثناء على أنفسهم بما لا يستحقون ، وعن التواضع للخالق والانكسار بين يديه إلى التكبر والغرور والإدلال بالأعمال ، وعن احترام الناس ومعرفة منازلهم إلى احتقارهم وجحد حقوقهم . والعجب يحبط الأعمال الصالحة ، ويخفي المحاسن ، ويكسب المذام ، ويصد عن الفضائل ،وهو محرم ؛  ثالثا : من أمراض القلوب : مرض الرياء والسمعة : ففي سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِىَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي قَالَ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ قَالَ كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فُلاَنًا قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ قَالَ كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ فِي مَاذَا قُتِلْتَ فَيَقُولُ أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ. فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ». ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ « يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلاَثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». رابعا : من أمراض القلب : اليأس من روح الله، والأمن من مكر الله : قال الله تعالى:{إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} يوسف 87،، وقال الله تعالى : {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} الاعراف 99، . عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله”، فاليأس والقنوط: سَـدّ لباب التفاؤل والأمل، وتوَقعٌ للخيبة والفشل، واستبعادٌ للفرَج بعد الشدة، واليُسْر بعد العُسْر، وتغييبٌ للرّجاء في رَحمة الله وعفوه وغفرانه…واليائسُ القنوط: من ضاقت نفسُه من كثرة الذنوب، وتوالي الهموم، فلا يتوقعُ الخيرَ ولا يرجو الفرَج.. واليأسُ والقنوط: كبيرة من كبائر الذنوب، وصفة من صفات أهل الكفر والضلال؛ فلا ييأسُ من رحمة الله إلا القوم الذين حادُوا عن الطريق وضلوا عن السبيل، وتركوا الرجاء في الله، لعدم علمهم بربهم، ولجهلهم بكمال فضله وعظيم كرَمه وإحسانه سبحانه. خامسا : من أمراض القلوب : سوء الظن بالله : قال الله تعالى: { يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ } آل عمران 154، وقال الله تعالى : {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} فصلت 23، وقال الله تعالى :{الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} الفتح 6 ،. روي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: “أكبر الكبائر سوء الظن بالله” رواه ابن مردويه، ومعنى سوء الظن بالله : هو ظنك أن الله لا يغفر لك، وأنه لا يدخلك الجنة،  وتظن بالله ظناً غير ملائم لجلال قدره ، وعظيم صفاته، فيجب عليك أن تظن بالله كل خير ، فأحسن ظنك بالله ،وظن به أنه يعفو عنك سبحانه ، فهو العفو الغفور ، وأنه يقبل منك توبتك،   سادسا : من أمراض القلوب : إرادة العلو والفساد : قال الله تعالى:{ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} القصص (83) ، ومعنى العلو في الأرض : التجبر والتكبر والغرور والبغي والظلم والافتخار، وأما الفساد: فهو العمل بالمعاصي. وكلما أفرط الإنسان بالبعد عن طاعة الله، كلما بحث عن العلو في الأرض بمعناه المذموم، والعكس صحيح؛ فلا أحد ينال العلو في الأرض والاستكبار إلا إذا ابتعد عن ربه عز وجل بفعل المعاصي، فالواجب على كل مسلم أن يحذر من طلب العلو في الأرض والفساد؛ فإن الثمن الذي يدفعه في مقابل ذلك لا طاقة له به ولا قدرة له عليه وهو خسران الآخرة

سابعا : من أمراض القلوب : العداوة والبغضاء : فالإسلام يهدف إلى محاربة كل ما يفرق الناس، فمنطقه قائم على أن الإنسانية أسرة يكمل بعضها بعضا بغض النظر عن أي فوارق جنسية أو عرقية أو لغوية ،فالجميع منتسب لآدم، ومكانة الإنسان في الإسلام تكتسب من عمله لا من أعراقه أو جنسه، وبالتالي، فلا معنى للتعصب للأعراق والأجناس، قال الله تعالى : “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” [الحجرات: 13] ، ثامنا : من أمراض القلوب : الفحش : قال الله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} النور (19) ، وفي سنن الترمذي : (  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِيءِ »، فالكلمات الخبيثة تصدر من الأشخاص الخبيثين، والكلمات الطيبة تصدر من الأشخاص الطيبين؛ والخبيثون يصدر منهم كل شر؛ من غِيبة، ونميمة، وفحش، وبذاءة، وشهادة زور… وغير ذلك من آفات اللسان، والفحش محرَّم، وهو من كبائر الذنوب، ويدل عليه قوله تعالى: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) الاعراف (28)  ، تاسعا : من أمراض القلوب : محبة ومودة أعداء الله : قال الله تعالى :{وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} هود 113، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ : أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ ) رواه أحمد ،وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ” .. رواه البخاري ومسلم ، فيجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها، وألا يتخذ الكافرين أولياء يحبهم ويتولاهم ويصافيهم ، بل الواجب عليه أن يُبغضهم ويتخذهم أعداءً؛ لأنهم أعداء لله عز وجل، فلا يجتمع إيمان بالله وحب لأعدائه في قلب العبد. عاشرا : من أمراض القلوب : قسوة القلب : قال الله تعالى:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} المائدة 13، وقسوة القلب : ذهاب اللين والرحمة والخشوع ، وقد ذم الله هذا الداء العضال الذى ظهر في الأمم السابقة كاليهود وغيرهم, فقال سبحانه {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} الحديد 16، وقال تعالى (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) البقرة 74، فإذا قسى القلب وأظلم فسد حال العبد وخلت عبادته من الخشوع , وغلب عليه البخل والكبر وسوء الظن, وصار بعيداً عن الله , وأحس بالضيق والشدّة وفقر النفس ولو ملك الدنيا بأسرها, وحرم لذة العبادة ومناجاة الله وصار عبداً للدنيا مفتونا بها , وطال عليه الأمد !!فالقلب إذا صلح استقام حال العبد وصحت عبادته, وأثمر له الرحمة والإحسان الى الخلق, وصار يعيش في سعادة وفرحة تغمره, وذاق طعم الأنس ومحبة الله ولذة مناجاته.

                       أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم

                      الخطبة الثانية ( كبائر ذنوب وأمراض القلوب )  

 الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                 أما بعد  أيها المسلمون                                                   

ومن أمراض القلب : الحسد : ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلاَ تَحَسَّسُوا ، وَلاَ تَجَسَّسُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا » ، فالحسد من أمراض القلوب، وهو تمني زوال النعمة من الغير ، والبغض والكراهة لما يراه الحاسد من حسن حال المحسود، فتارة يكره أن يرى نعمة عليه أصلاً، وتراه يكره أن يتفوق عليه، أو أن يتميز عليه، وهذا المرض يجعل صاحبه لا يلتذ إلا إذا رأى النعمة قد زالت عن المحسود، فالحسد هو الذي يدفع للعدوان؛ ولذلك حرمته الشريعة، لأن الحسد في كثير من الأحيان يدفع إلى البغي، والظلم، والاعتداء، والايذاء،  الثاني عشر : من أمراض القلب : الحقد : لقد وصف الله أهل الجنة وأصحاب النعيم المقيم في الآخرة بأنهم مبرئون من كل حقد وغل، وإذا حدث وأصابهم شيءٌ منها في الدنيا فإنهم يُطهرون منها عند دخولهم الجنة: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) [الأعراف:43]. ،والحقد من كبائر  الذنوب  إذ الحقد من نتائج الغضب  ومن آثار الحقد : أنه (يثمر الحسد، وهو أن يحملك الحقد على أن تتمنى زوال النعمة عنه؛ فتغتم بنعمة إن أصابها، وتسر بمصيبة إن نزلت به . الشماتة بما أصابه من البلاء . الهجران والمقاطعة .

أيها المسلمون

 وقد اشتد خطر هذه المعاصي والذنوب لعدة أمور ، ومنها : أولها: أنها تتعلق بالقلب، والقلب هو حقيقة الإنسان، فليس الإنسان هو الغلاف الجسدي الطيني الذي يأكل ويشرب وينمو، بل هو الجوهرة التي تسكنه، والتي نسميها: القلب أو الروح أو الفؤاد، أو ما شئت من الأسماء. وفي هذا قال عليه الصلاة والسلام: (أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ . أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ » متفق عليه ،  وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ». رَواهُ مسلم . وقال ابن القيم: سلامته من خمسة أشياء: من الشرك الذي يناقض التوحيد ومن البدعة التي تناقض السنة، ومن الشهوة التي تخالف الأمر، ومن الغفلة التي تناقض الذكر، ومن الهوى الذي يناقض التجريد والإخلاص. ثانيها : أن هذه الذنوب والآفات القلبية، هي التي تدفع إلى معاصي الجوارح، فكل هذه المعاصي الظاهرة إنما يدفع إليها: اتباع الهوى، أو حب الدنيا، أو الحسد، أو الكبر، أو حب المال والثروة، أو حب الجاه والشهرة، أو غير ذلك. حتى الكفر نفسه، كثيرًا ما يدفع إليه الحسد، كما حدث لليهود، فقد قال تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) (البقرة: 109).أو يدفع إليها الكبر والعلو في الأرض، كما قال تعالى عن فرعون وملئه وموقفهم من آيات موسى عليه السلام: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل: 14). أو حب الدنيا وزينتها، وكذلك كل من ارتكب معصية ظاهرة من شهادة زور أو نميمة، أو غيبة أو غيرها، فلابد أن وراء تلك المعاصي شهوة نفسية، وفي هذا جاء الحديث:  (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخَلُوا وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا ».رَواهُ أبو داود ، ثالثها: أن المعاصي الظاهرة التي سببها ضعف الإنسان وغفلته، سرعان ما يتوب منها، بخلاف المعاصي الباطنة، التي سببها فساد القلوب، وتمكن الشر منها، فقلما يتوب صاحبها

منها، ويرجع عنها.

                                             الدعاء

Print Friendly, PDF & Email
مشاركة
4

Related posts

31 يناير، 2023

خطبة عن حديث ( أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ) 


Read more
31 يناير، 2023

خطبة حول قوله تعالى ( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)


Read more
28 يناير، 2023

خطبة حول دعاء الرسول ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلاَقِ)


Read more

أحدث الخطب

  • خطبة عن حديث ( أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ) 
    31 يناير، 2023
  • خطبة حول قوله تعالى ( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)
    31 يناير، 2023
  • خطبة حول دعاء الرسول ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلاَقِ)
    28 يناير، 2023
  • خطبة حول معنى قوله تعالى ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ )
    24 يناير، 2023
  • خطبة عن العلم، وحديث( سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ)
    21 يناير، 2023
  • خطبة عن: عمارة المساجد، وحديث ( أَيْنَ عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ؟ )  
    18 يناير، 2023
  • خطبة عن (اللعب المباح واللعب المحظور)
    17 يناير، 2023
  • خطبة حول دعاء النبي ( اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَأَنْتَ نَصِيرِي وَبِكَ أُقَاتِلُ )
    17 يناير، 2023
  • خطبة عن (كيف تكون وليا لله؟) 
    16 يناير، 2023
  • خطبة عن (احذر اللهو الباطل )  
    15 يناير، 2023
  • خطبة عن (من معجزات الرسول: امرأة رأت عجبا وكانت سببا )
    14 يناير، 2023
  • خطبة عن صلاح البال والحال ( كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ)
    14 يناير، 2023
  • خطبة عن (هل أنت قريب من الله؟) مختصرة 
    12 يناير، 2023
  • خطبة عن (طَائِرُك فِي عُنُقِك ) مختصرة
    12 يناير، 2023
  • خطبة عن (رَبِّي سَيَهْدِينِ ) مختصرة
    12 يناير، 2023
  • خطبة عن حديث (إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ ) مختصرة
    12 يناير، 2023
  • خطبة عن (أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ) مختصرة
    12 يناير، 2023
  • خطبة عن (ما يغضب رسول الله ) 
    12 يناير، 2023
  • خطبة حول حديث (أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا ) 
    11 يناير، 2023
  • خطبة عن قوله تعالى ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ )
    10 يناير، 2023
  • خطبة حول حديث ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ )
    10 يناير، 2023
  • خطبة عن ( أعمال أغضبت رسول الله ) 
    9 يناير، 2023
  • خطبة عن (نعمة الأمن والعافية والقوت )
    8 يناير، 2023
  • خطبة حول حديث ( ما مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ)
    7 يناير، 2023
  • خطبة عن (المسلمون ودراسة التاريخ) (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا)
    5 يناير، 2023
  • خطبة عن الصدقة وحديث ( زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ )
    3 يناير، 2023
  • خطبة عن ( إِنْ تَصْدُقْ اللَّهَ يَصْدُقْكَ ) 
    2 يناير، 2023
  • خطبة عن ( لا كرب وأنت رب )
    1 يناير، 2023
  • خطبة عن (إنها السننُ، إنها السننُ )
    31 ديسمبر، 2022
  • خطبة حول دعاء ( اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ )
    31 ديسمبر، 2022

ادعم الموقع

ساهم في دعم الموقع علي باتريون
iSpace | Dezone
© 2019 All Rights Reserved. iSpace