MinbarLogMinbarLogMinbarLogMinbarLog
  • الرئيسية
  • خطب منبرية مكتوبة
    • خطبة الاسبوع
    • موسوعة الخطب المنبرية
    • خطب منبرية بصيغة ” وورد – Word “
  • خطب منبرية صوتية
  • دروس وندوات
  • أخترنا لكم
    • القرأن الكريم – فلاش
    • القرأن الكريم – إستماع
    • تفسير القرآن الكريم – الشيخ نشأت أحمد
    • تفسير القرأن الكريم -الشيخ الشعراوى
    • شرح صحيح البخارى – الشيخ هتلان
    • المكتبة الشاملة – تحميل
    • إذاعة القرآن الكريم
    • شرح زاد المستقنع – الشنقيطي
    • سلسلة السيرة النبوية – راغب السرجانى
    • أحداث النهاية – محمد حسان
      • صوتى
      • فيديو
    • موقع الشيخ محمد حسين يعقوب
    • نونية ابن القيم في وصف الجنة
      • عبدالواحد المغربى
      • فارس عبّاد
  • الخطب القادمة
  • إتصل بنا
    • سياسة الخصوصية
  • من نحن؟
  • English Friday Sermons
خطبة عن (الحمد لله : معناها ، ومنزلتها ، وفضائلها )
16 ديسمبر، 2017
خطبة عن (اسم الله (الصَّبُوْرُ)
16 ديسمبر، 2017

خطبة عن ( يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا )

16 ديسمبر، 2017

                         الخطبة الأولى ( يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا )  

 الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                   

                               أما بعد  أيها المسلمون    

روى البخاري في صحيحه (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ :

لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ لَهُمَا :

« يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا ، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا ، وَتَطَاوَعَا »

وفي رواية (أن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم –

« يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا ، وَسَكِّنُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا »

وفي البخاري (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – أَنَّهَا قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا ، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا ، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ قَطُّ ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ ، فَيَنْتَقِمَ بِهَا لِلَّهِ

وروى البخاري (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ لِيَقَعُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « دَعُوهُ ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ – أَوْ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ – فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ »

إخوة الإسلام

اليُسْر مقصد مـن مقـاصـد الـدِّين الكبـرى، جعـله الله ـ تعالى ـ أساساً لكل ما أمر به ونهى عنه في كتابه الكريم ،وفي سنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ، وأمرنا أن نلتزمه في فهمنا للدين والعمل به والدعوة إليه؛ فقال تعالى { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].

وقال – صلى الله عليه وسلم كما في مسند أحمد « إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ »    وفي لفظٍ: « إِنَّكُمْ أُمَّةٌ أُرِيدَ بِكُمُ الْيُسْرُ » . أخرجه الإمام أحمد 

ومفهوم اليسر في الاصطلاح : هو تطبيق الأحكام الشرعية بصورة معتدلة كما جاءت في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، من غير تشدُّد يُحرِّم الحلال ، ولا تميُّع يُحلِّل الحرام .

ويدخل تحت هذا المسمى السماحة والسعة ورفع الحرج وغيرها من المصطلحات التي تحمل المدلول نفسه .

واليُسْر أيضا :هو فـعل ما يحقق الغاية بأدنى قدر من المشقة،

فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول كما في سنن النسائي والبيهقي وصحيح ابن حبان (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ                             

(إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَيَسِّرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدَّلْجَةِ )

يعني استعينوا على طاعة الله بالأعمال في هذه الأوقات الثلاثة

فإن المسافر يستعين على قطع مسافة السفر بالسير فيها

  أيها المسلمون

ولكي نقف على يسر الإسلام وسماحته ، فلابد أن نتعرف على شرع من كان قبلنا ،

فقد كان الذى يقع في المعصية، ويفعل السيئة في بنى إسرائيل كانت توبته أن يقتل نفسه

أما في الإسلام وهو دين اليسر فيكفى للمذنب أن يندم على ما فعل ، ويعزم على ألا يعود ، ويقلع عن الذنب ، ويرد الحقوق لأصحابها .

لذا قال تعالى في صفة نبي الإسلام : ( يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلّ لَهُمُ الطّيّبَاتِ وَيُحَرّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلاَلَ الّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) سورة الاعراف 157

ويظهر مبدأ اليسر والمسامحة جليًّا في العبادات أكثر من غيرها من أمور الدين ، حيث إنها سلوك ظاهر ، فجميع العبادات قائمة على هذا المبدأ الذي خصّ الله تعالى به هذه الأمة من غيرها من الأمم ، المفروضة منها والنوافل ،  فنرى يسر الإسلام مع المسافر الذى سُمح له بجمع الصلوات وقصرها الرباعية منها فيصلى الظهر مع العصر ويصلى الظهر ركعتين وكذلك العصر بل أذن له ألا يصوم في سفره ، قال تعالى : (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا) (101) ) النساء

 والإسلام دين اليسر مع المريض والعجوز والمرأة والمرضع والحامل في السماح لهم بعدم الصيام تقديراً لحالتهم .

قال تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة 185

والإسلام دين اليسر عندما أذن للمريض وذي العاهة في عدم الاشتراك في قتال الأعداء . قال تعالى (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ) الفتح 17

ومن صور اليسر ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجة وغيره                     

(عَنْ أَبِى ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-                                                     

« إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِى الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ».

 وقوله صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا ، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ »

 ومن صور اليسر في الاسلام ما جاء في الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ                                                             

« إِذَا نَسِىَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ »  

 ومن صور اليسر في الاسلام جواز الفطر في السفر  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

« لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ » رواه الترمذي وغيره 

 ومن صور اليسر في الاسلام الصلاة في الرحال  ففي الصحيحين                         

(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ ، أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ . فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوِ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ )

ومن صور اليسر في الاسلام أن سمح للمريض ومن في حكمه أن يصلي على الهيئة التي يستطيعها ففي صحيح البخاري (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ – رضى الله عنه – قَالَ كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – عَنِ الصَّلاَةِ فَقَالَ « صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ » .

  ومن صور اليسر في الاسلام  التيمم عند فقد الماء أو عدم القدرة على استعماله لقوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(سورة المائدة الآية 6) .

وفي سنن الترمذي (عَنْ أَبِى ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ                            

« إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ »  

ومن صور اليسر في الاسلام ألا يكلف المسلم نفسه ما لا تطيق من العبادات ، ففي صحيح مسلم (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعِنْدِي امْرَأَةٌ فَقَالَ « مَنْ هَذِهِ ».

فَقُلْتُ امْرَأَةٌ لاَ تَنَامُ تُصَلِّى.                           

قَالَ « عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَوَ اللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا ». 

 أيها المسلمون

وتظهر سماحة الإسلام في توافقه مع الفطرة الإنسانية السليمة التي خلقها الله في نفس الإنسان ، ومن هذه الفطرة الخطأ الذي يقع فيه الإنسان في معظم أحواله من غير قصد ، وكذلك ما يعتريه من النسيان ، وهو ما ذكره الله – تعالى – على لسان المؤمنين الذين قالوا :(رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (سورة البقرة الآية 286 ) قال الله تعالى : ” قد فعلت ” .

وأما الاستكراه فهو أمر خارج عن إرادة الإنسان ، فلا يستطيع كل إنسان أن يتحمل ما قد يتعرض له من أذى أو ضرر أو تهديد بالقتل أو قطع عضو وغيره ، فحينها رخص له الشارع أن يتنازل عن بعض مفاهيمه الدينية تخلصًا من الحال التي يعانيها ، والعذاب الواقع عليه كما حصل لعمار بن ياسر رضي الله عنهما ، ففي سنن البيهقي (عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى سَبَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ ثُمَّ تَرَكُوهُ فَلَمَّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« مَا وَرَاءَكَ؟ ». قَالَ : شَرٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تُرِكْتُ حَتَّى نِلْتُ مِنْكَ وَذَكَرْتُ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ. قَالَ :« كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟ ». قَالَ : مُطْمَئِنًا بِالإِيمَانِ. قَالَ :« إِنْ عَادُوا فَعُدْ ».

 كما يظهر مبدأ اليسر والمسامحة في الطهارة واضحًا لأنه المدخل إلى العبادات ، واليسر فيها أمر ضروري ، لأن المسلم يتوضأ في اليوم والليلة خمس مرات ، ويغتسل من الجنابة كذلك ، ويتعرض لبعض النجاسات هنا وهناك ، فإن الشدة في الطهارة توقعه في الضيق والحرج ويجعل نفسه تمل من العبادة نفسها فضلا عن الطهارة ، كما هي حال كثير من المصابين بالوسوسة أثناء الوضوء أو الطهارة أو وقوع بعض النجاسات على الثوب وغيرها ، وهذا ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو جزء من سماحة هذا الدين ويسره ، وفضل من الله – تعالى – على عباده ليندفعوا نحو الطاعة وأداء العبادات بالصورة المطلوبة ، حيث يقول عليه الصلاة والسلام في طهارة الماء كما في سنن ابن ماجة (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-  « إِنَّ الْمَاءَ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلاَّ مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ ».

وفي سنن الترمذي (سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ ». 

 ويتبين يسر هذا الدين في الطهارة من قصة الأعرابي الذي بال في المسجد فقام الناس ليقعوا به ، ففي صحيح البخاري (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ »  

 ومن صور اليسر في الإسلام – جواز الصلاة في أي مكان من الأرض ، حيث لم تكن جائزة عند الأمم السابقة إلا في المعابد والصوامع ،

 ففي صحيح البخاري (جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ                                    « أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِى أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً ، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً » .                       

ومن صور اليسر في الإسلام – تخفيف الصلاة وعدم الإطالة فيها ، لأن صلاة الجماعة تجمع بين الصغير والكبير والمريض ، فينبغي مراعاة ذلك ، وهذا ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يحذر أصحابه منه ،

ففي الصحيحين (عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلاَنٌ ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ فَقَالَ

« أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ »  

 ومن صور اليسر في الإسلام – رفعت الصلاة عن الحائض والنفساء ، ولا تقضى بعد الطهر ، وهذا يسر ولطف على المرأة ، حيث تعاني في فترة الحيض والنفاس آلامًا ودماء ، يصعب معها الصلاة ، وقد تطول هذه المدة فيشق القضاء ، فجاءت الرحمة الربانية على المرأة بهذا التيسير ، ولم يطلب منها قضاء تلك الصلوات الفائتة عنها بعد ذلك .

ومن صور اليسر في الإسلام – مشروعية سجود السهو لجبر الخلل الذي يحصل في الصلاة ، ولم تطلب إعادتها .

وتتبين مظاهر اليسر والتسهيل في أداء فريضة الزكاة من أنها لم تأت على جميع الممتلكات والعقارات والأموال ، وإنما اقتصرت على بعض الأصناف مثل : بهيمة الأنعام ، والأثمان ، والزروع ، وعروض التجارة .ويشترط في الأصناف التي تجب فيها الزكاة أن تبلغ النصاب

                              أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم

 

                           الخطبة الثانية ( يسروا ولا تعسروا ) 

 الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                              أما بعد  أيها المسلمون    

وتتضح صور السماحة في الحج من خلال النقاط الآتية :

– الاستطاعة في الزاد والراحلة ، وأن لا يكون عليه دين أو التزام مالي آخر من حقوق الآخرين ، لقوله تعالى 🙁 وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)(سورة آل عمران الآية 97)  

– وجوبه في العمر مرة واحدة ، لأن فيه المشقة والعناء ، فيصعب على المؤمن أن يؤديه كل عام ، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ                         « أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا ». فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ – ثُمَّ قَالَ – ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ ».

 

–ومن صور التيسير التخيير بين المناسك الثلاثة : التمتع ، والقران ، والإفراد .

– وكذا التخيير في الترتيب بين الأعمال الثلاثة يوم العيد ، الرمي والحلق والطواف ،  ففي البخاري (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ . فَقَالَ « لاَ حَرَجَ » . قَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ . قَالَ « لاَ حَرَجَ »   ويقول عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – في رواية مسلم : فما رأيته صلى الله عليه وسلم سئل يومئذ عن شيء إلا قال افعلوا ولا حرج .

– ومن اليسر أن كل خلل في واجبات الحج من غير قصد يجبر بفدية ، وحجه صحيح إذا كان القصور من هذا الوجه فقط .

 أيها المسلمون

ولم يقتصر التيسير في الإسلام على العقيدة والعبادة بل تعداه إلى المعاملات التي تأخذ مساحة واسعة من حياة الإنسان العملية ، فالتجارة والصناعة والزراعة والتعليم وغيرها ، يدخل جميعها تحت مظلة المعاملات ، والناس في المعاملات أكثر عرضة للمعاصي والآثام ، لأن المحرك لها هو المال ، ففي صحيح البخاري (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنهما – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ ، وَإِذَا اشْتَرَى ، وَإِذَا اقْتَضَى »  

وفي سنن أبي داود وغيره (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ ».

 –ومن صور التيسير في المعاملات التيسير على المدين المعسر : وهو مبدأ عظيم جاء به الإسلام ، رحمة بحاله وتقديرًا لظروفه القاسية ،  

                                                    الدعاء

Print Friendly, PDF & Email
مشاركة
4

Related posts

16 يناير، 2021

خطبة عن ( البطولة في الإسلام )


Read more
16 يناير، 2021

خطبة عن ( أعمال تمنحك رضا الله )


Read more
16 يناير، 2021

خطبة عن ( الصحابة يسألون والنبي صلى الله عليه وسلم يجيب )


Read more

أحدث الخطب

  • 0
    خطبة عن ( البطولة في الإسلام )
    16 يناير، 2021
  • 0
    خطبة عن ( أعمال تمنحك رضا الله )
    16 يناير، 2021
  • خطبة عن ( الصحابة يسألون والنبي صلى الله عليه وسلم يجيب )
    16 يناير، 2021
  • خطبة حول :الاعتراف بمزايا الآخرين ومواهبهم وأفضليتهم (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا)
    9 يناير، 2021
  • 0
    خطبة عن : الاستعانة بالصبر والصلاة ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ )
    9 يناير، 2021
  • 0
    خطبة عن حديث ( ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ )
    9 يناير، 2021
  • خطبة عن (من السنن الربانية: (سنة التداول) (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)
    4 يناير، 2021
  • خطبة حول ( الإسلام ومبدأ المساواة بين الناس ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)
    2 يناير، 2021
  • خطبة عن ( كورونا آيَةٌ مُبْصِرَة: ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا )
    27 ديسمبر، 2020
  • خطبة عن : اصبروا أيها المستضعفون ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ )
    26 ديسمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن أحوال يوم القيامة ، وعقوبة الظلم ( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا )
    26 ديسمبر، 2020
  • خطبة عن ( الْمُؤْمِنُ المستقيمُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ )
    21 ديسمبر، 2020
  • 0
    خطبة حول قوله تعالى ( وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا)
    19 ديسمبر، 2020
  • خطبة عن (من علامات الموت ،ونذر النهاية : بَيَاضَ شَعْرِكَ بَعْدَ سَوَادِه ،وَضَعْفَ بَدَنِكَ بَعْدَ قُوَّتِه، وَانحِنَاءَ ظَهْرِكَ بَعْدَ اسْتِقَامَتِه)
    16 ديسمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن (الوقت والزمن والعمر هي رأس مال المسلم )
    16 ديسمبر، 2020
  • خطبة عن( قيمة الوقت والزمن في حياة المسلم )
    16 ديسمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن ( احتفالات نهاية العام أو ( رأس السنة ) ليست من الاسلام )
    16 ديسمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن مراقبة الله ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا )
    12 ديسمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن ( خَيْرِ النَّاسِ )
    12 ديسمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن : الله يخلق ويملك ويختار ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ )
    12 ديسمبر، 2020
  • خطبة عن ( الإسلام والتغيير للأفضل )
    7 ديسمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن فتنة الدنيا وقوله تعالى ( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا )
    5 ديسمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن ( عند الشدائد تُعرف الإخوان )
    5 ديسمبر، 2020
  • خطبة عن ( الإحسان للآخرين ،وصوره وثمراته)
    3 ديسمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن أصناف الناس ( النَّاسُ ثَلاثَةٌ : فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ ، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ)
    28 نوفمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن مجاهدة النفس ،وحديث(الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ لِلَّهِ)
    28 نوفمبر، 2020
  • خطبة عن ( العمل التطوعي ومنزلته في الإسلام )
    26 نوفمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن مبدأ العدالة والمساواة ( إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ )
    21 نوفمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن السعي للرزق ( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ )
    21 نوفمبر، 2020
  • 0
    خطبة عن ( هلموا نبايع الله ورسوله )
    21 نوفمبر، 2020

ادعم الموقع

ساهم في دعم الموقع علي باتريون
© 2019 All Rights Reserved. iSpace