الخطبة الاولى ( وصايا على فراش الموت ) (2)
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد …. واشهد ان لا اله الا الله .. وحده لا شريك له … واشهد ان محمدا عبده ورسوله خير الخلق وحبيب الحق .. الله صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اما بعد ايها المسلمون
ونواصل حديثنا عن وصايا الصالحين على فراش الموت … ثم نأتي الى وصية الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
..قال معاوية رضي الله عنه عند موته لمن حوله : أجلسوني ..فأجلسوه .. فجلس يذكر الله .. , ثم بكى .. و قال :..الآن يا معاوية .. جئت تذكر ربك بعد الانحطام و الانهدام .., أما كان هذا و غض الشباب نضير ريان ..ثم بكى و قال :…يا رب , يا رب , ارحم الشيخ العاصي ذا القلب القاسي, ثم جعل يضع خداً على الأرض، ثم يقلب وجهه ويضع الخد الآخر، ويبكي ويقول: [اللهم إنك قلت في كتابك:( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] فاجعلني فيمن تشاء أن تغفر له، ثم قال: اللهم أقل العثرة، واعف عن الزلة، وتجاوز بحلمك عمن جهل ولم يرج غيرك، فإنك واسع المغفرة، ليس لذي خطيئة من خطيئته مهرب إلا إليك].ثم فاضت روحه رضي الله عنه
.اما الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه حينما حضرته الوفاة .. بكى طويلا .. وحول وجهه إلى الجدار , فقال له إبنه :ما يبكيك يا أبتاه ؟ أما بشرك رسول الله
فأقبل عمرو رضي الله عنه إليهم بوجهه و قال : إن أفضل ما نعد … شهادة أن لا إله إلا الله , و أن محمدا رسول الله ..إني كنت على أطباق ثلاث ..لقد رأيتني و ما أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه و سلم مني , و لا أحب إلى أن أكون قد استمكنت منه فقتلته فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار….. فلما جعل الله الإسلام في قلبي , أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت : (ابسط يمينك فلأبايعك , فبسط يمينه , قال : فقضبت يدي ….فقال : ما لك يا عمرو ؟قلت : أردت أن أشترط …فقال : تشترط ماذا ؟ قلت : أن يغفر لي .فقال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله , و أن الهجرة تهدم ما كان قبلها , وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟ ) و ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا أحلى في عيني منه , و ما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له , و لو قيل لي صفه لما استطعت أن أصفه , لأني لم أكن أملأ عيني منه ,…و لو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة
, ثم ولينا أشياء , ما أدري ما حالي فيها ؟ فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة و لا نار ,
فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور و يقسم لحمها , حتى أستأنس بكم , وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي ؟
أما الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري لما حضرت أبا موسى – رضي الله عنه – الوفاة , دعا فتيانه , و قال لهم اذهبوا فاحفروا لي و أعمقوا…..ففعلوا فقال : اجلسوا بي , فو الذي نفسي بيده إنها لإحدى المنزلتين , إما ليوسعن قبري حتى تكون كل زاوية أربعين ذراعا ليفتحن لي باب من أبواب الجنة , فلأنظرن إلى منزلي فيها و إلى أزواجي , و إلى ما أعد الله عز و جل لي فيها من النعيم , ثم لأنا أهدى إلى منزلي في الجنة مني اليوم إلى أهلي , و ليصيبني من روحها و ريحانها حتى أبعث . و إن كانت الأخرى ليضيقن علي قبري حتى تختلف منه أضلاعي , حتى يكون أضيق من كذا و كذا , و ليفتحن لي باب من أبواب جهنم , فلأنظرن إلى مقعدي و إلى ما أعد الله عزوجل فيها من السلاسل و الأغلال و القرناء , ثم لأنا إلى مقعدي من جهنم لأهدى مني اليوم إلى منزلي , ثم ليصيبني من سمومها و حميمها حتى أبعث)
اقول قولي هذا واستغفر الله لىولكم
الخطبة الثانية ( على فراش الموت )( 2)
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد …. واشهد ان لا اله الا الله .. وحده لا شريك له … واشهد ان محمدا عبده ورسوله خير الخلق وحبيب الحق .. الله صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اما بعد ايها المسلمون
ونواصل حديثنا عن وصايا الصالحين على فراش الموت …
ثم ناتي الى وصية الصحابي سعد بن الربيع رضي الله عنه لما انتهت غزوة أحد .. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من يذهب فينظر ماذا فعل سعد بن الربيع ؟…فدار رجل من الصحابة بين القتلى .. فأبصره سعد بن الربيع قبل أن تفيض روحه .. فناداه .. : ماذا تفعل ؟ ..فقال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعثني لأنظر ماذا فعلت ؟فقال سعد : اقرأ على رسول الله صلى الله عليه و سلم مني السلام و أخبره أني ميت و أني قد طعنت إثنتي عشرة طعنة و أنفذت في , فأنا هالك لا محالة , و اقرأ على قومي من السلام و قل لهم .. يا قوم .. لا عذر لكم إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و فيكم عين تطرف
…اما الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال عبدالله بن عمر قبل أن تفيض روحه ما آسى من الدنيا على شيء إلا على ثلاثة :ظمأ ا لهواجر ومكابدةالليل و مراوحة الأقدام بالقيام لله عز و جل ,
اما الصحابي عبادة بن الصامت رضي الله عنه و أرضاه لما حضرته الوفاة ، قال :أخرجوا فراشي إلى الصحن ثم قال :اجمعوا لي موالي و خدمي وجيراني و من كان يدخل علي فجمعوا له فقال :إن يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي علي من الدنيا ، و أول ليلة من الآخرة ، و إنه لا أدري لعله قد فرط مني إليكم بيدي أو بلساني شيء ، والذي نفس عبادة بيده ، القصاص يوم القيامة ، و أحرج على أحد منكم في نفسه شيء من ذلك إلا اقتص مني قبل أن تخرج نفسي .فقالوا : بل كنت والدا و كنت مؤدبا .فقال : أغفرتم لي ما كان من ذلك ؟ قالوا : نعم
. فقال : اللهم اشهد … أما الآن فاحفظوا وصيتي ..أحرج على كل إنسان منكم أن يبكي ، فإذا خرجت نفسي فتوضئوا فأحسنوا الوضوء ، ثم ليدخل كل إنسان منكم مسجدا فيصلي ثم يستغفر لعباد و لنفسه ، فإن الله عز و جل قال:(واستعينوا بالصبر و الصلاة و إنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) . ثم أسرعوا بي إلى حفرتي ، و لا تتبعوني بنار
اما الصحابي الجليل أبو هريرة لما حضرت أبا هريرة رضي الله عنه المنية بكى، فقيل: ما يبكيك ؟ قال: [على قلة الزاد وشدة المفازة، وأنا على عقبة هبوط إما إلى الجنة أو إلى النار، فما أدري إلى أيهما أصير، وقال: اللهم إني أحبَّ لقاءك، فأحب لقائي].
الدعاء