خطبة عن طغيان الانسان: ( كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى )
أكتوبر 23, 2021خطبة عن سؤال الله طول العمر ، وحديث ( سَأَلْتِ اللَّهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ)
أكتوبر 30, 2021الخطبة الأولى ( يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِلاَّ تَفْعَلْ مَلأْتُ يَدَيْكَ شُغْلاً وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ ». رواه الترمذي وصححه الألباني .
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الهدي النبوي الكريم ، والذي يحثنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم على تفرغ القلب لعبادة الله ، ويحذرنا من الغفلة والانشغال عن ذكره وطاعته وعبادته ، ففي قوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي ) : أي : تفرغ من مهماتك وأشغالك الدنيوية لطاعتي ،والتقرب إلي بأنواع القرب ، فالمُرادُ من التفرُّغِ للعِبادَةِ : إيثارُها على حُظوظِ الدُّنيا، والإتيانُ بما أَمَرَ به منها، فلا تُلْهيهِ عن ذِكْرِ اللهِ، لا أنَّه لا يَفعَلُ إلَّا العِبادَةَ، بل لا يَنشغِلُ عن ربِّهِ، فيكُونُ في كلِّ أحوالِهِ وأعمالِهِ في طاعتِه، فلا تُلْهِيهِ تِجارةٌ أو بيعٌ عن ذِكرِ اللهِ وفَرائضِهِ. وعُبوديَّةُ اللهِ تعالى هي أعْلى المَقاماتِ وأشْرَفُها، وهي الغايةُ من خَلْقِ الإنسانِ، وعندَما يَتفرَّغُ لها الإنسانُ، ينالُ الخيْرَ العميمَ، ولكن إنْ غَفَلَ عنها، وانْشَغَلَ بالدُّنيا، كان ذلك هو الخُسْرانَ الحقيقيَّ ، ثمَّ بيَّن الله سُبحانَه وتَعالى ما يُعطيهِ لفاعِلِ ذلك: “أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى” والمُرادُ بالغِنى: غِنى النَّفْسِ والرِّضا بما قَسَمهُ اللهُ، ويحصلُ في قلبِهِ قَناعَةٌ تامَّةٌ، “وأَسُدَّ فَقْرَكَ” : والمُرادُ أنَّه لا يَبْقى للفَقْرِ ضَرَرٌ، بل يُغْنيهِ اللهُ في نَفْسِهِ، ويُبارِكُ له في القليلِ من مالِه، “وإلَّا تَفْعَلْ” يعني : وإنْ لم تفْعَلْ ما أَمَرْتُك به :من التَّفرُّغِ للطاعَةِ والعِبادَةِ، وآثَرْتَ الدُّنيا على الآخِرةِ ، “مَلأْتُ صَدْرَكَ شُغْلًا”، أي: كثَّرْتُ شُغْلَكَ بالدُّنيا، فظَلَلْتَ مُنشغِلًا بغَيرِ العِبادةِ، مُقبِلًا على الدُّنيا وأعمالِها وأشغالِها، ولا يَزالُ قَلْبُك غيرَ راضٍ ، “ولم أَسُدَّ فَقْرَكَ” : أي : تُنزَعُ البَرَكةُ من مالِكَ، ويَبْقى القَلْبُ مُتلهِّفًا على الدُّنيا غيرَ بالِغٍ منها أمَلَهُ، فيَحرِمُكَ اللهُ مِن ثَوابِهِ وفَضلِهِ، وتَزيدُ تعَبًا في الدُّنيا دونَ شُعورٍ بالغِنى.
أيها المسلمون
فليس معنى التفرّغ لعبادة الله تعالى أن نترك أعمالنا وأشغالنا ووظائفنا وتجاراتنا ثم نرحل إلى المساجد عاكفين! هذا لا يقوله عاقل؛ لأن الحياة سوف تتعطّل ،والله تعالى لن يرزق أحدًا إلا بسعيٍ وعمل، وإنما المقصود ألا ينسى المؤمن الدار الآخرة ،وعبادة الله عز وجل ، وينشغل بالدنيا انشغالًا كليًا ، بحيث تصبح الدنيا أكبر همّه ومبلغ عِلمه ومصدر سعيه، فهذا هو الشقاء والنكد ،فهذه الأحاديث النبوية التي تدعونا إلى تفرغ القلب لعبادة الله ، فهي تبعث في قلب المؤمن معاني إيمانية عظيمة، تجعله يُراجع كثيرًا من حساباته ،في خِضم ومُعترك هذه الحياة التي يشقى فيها كثيرٌ من الناس! ،فعدم التفرّغ للعبادة شقاءٌ وحرمانٌ وهم، وضِيقٌ ونكد، وعاقبةٌ سيئة، وخاتمة غير مُرضية، ولهذا نجد أن كثيرًا من الأغنياء في العالم ،لا يَهنؤون بغناهم ،ولا يَسعدون بأموالهم ،رغم ما أُوتوه من بسطةٍ في العلوم والأجسام والأموال والأولاد، ولكن مع كل هذا ، لمَّا انقطعوا عن الله ،وانفصموا عن ربهم انفصامًا نكدًا ، عاقبهم الله تعالى بألوانٍ كثيرةٍ من العقوبات، وقد يصل الأمر بأكثرهم إلى الانتحار ،والتخلُّص من حياة الجحيم التي يكابدها في صدره الضيق الحرج. إننا -معشر المسلمين- مُطالَبون جميعًا بالرجوع إلى الله ،والتوبة إليه ، بسبب البُعد الذي يُعانيه كثير ممن ينتسبون إلى الإسلام ،وهم أبعد ما يكونون عن تعاليمه وأحكامه وأخلاقه، وهم أبعد ما يكونون عن طاعة الله وعبادته ، فضلًا عن التفرّغ للعبادة والطاعة، فالتفرّغ لطاعة الله وعبادته هو من صفات الصالحين والصِّدِّيقين ، وهم منتشرون في كل زمانٍ ومكان، وهذه الأمة كلها خير ،لا يدرى أَخيرها في أولها أم في آخرها ، ففي سنن الترمذي : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَثَلُ أُمَّتِى مَثَلُ الْمَطَرِ لاَ يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ »، فالتفرّغ الذي نعنيه : هو التفرّغ لله بالمستحبات والنوافل ،أما الفرائض والواجبات فكل مسلم مُلزَمٌ بأدائها، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ،..)
أيها المسلمون
فأسعدَ الخَلق أعظمُهم عبودية لله، والتقرُّب من الله والتعبد له يُعَد من أعظم أسباب الغنى – وهذا واضح من سياق الحديث القدسي – بل له أثرٌ عظيمٌ على النفس، ويبعثُ طمأنينة في القلب، وهو وسيلة إلى السعادة ورضا الله، وبلوغ جنته ودار رِضوانه. وهذا الحديث قد غسَل كل الأمراض، وأزال كافة الشكوك من قلوب الموحّدين الصدِّيقين، حتى حصل لهم اليقين الكبير، فسكنتْ نفوسُهم، واطمأنت قلوبهم، فهم في رُوح وريحان؛ لأنه متى ذاق القلب طعمَ العبادة والقُرب من الله، لم يكن عنده شيءٌ قط أحلى من ذلك ولا ألذّ ولا أمتع، وعلى قَدْر التفاوت في تحصيله يزداد الطعم الرُّوحي للإيمان أو يَخبو. ففي هذا الحديث دعوة لتغليب الله – عز وجل – وعبادته على هموم الرزق ومتاعب العيش، والكدّ في الدنيا، وإن هذا حقيقة العبادة، وإن العمل الذي يستغرق وقت الإنسان وعمره، حتى لا يكاد يبذُل شيئًا في سبيل الله – عز وجل – ولا يجد وقتًا لعبادة الله – عز وجل – وذِكره، ولا يجد وقتًا للدعوة إلى الله – عز وجل – ولا يجد وقتًا للتعلم والتعليم ونشْر الخير – هو علامة أكيدة على أن القلب أصبح أبعد ما يكون عن الله – عز وجل. والله – عز وجل – قد أخبر أنه غير محتاج إلى خَلْقه ألبتة، بل إنهم هم الفقراء إلى الله في جميع أحوالهم، وبقدر تحقيقهم لهذه النسبة بقدر ما يكون الجزاء، ومن المتقرِّر أن الجزاء من جنسِ العمل، قال الله – عز وجل -: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾ [الشورى: 20]. ومن معاني الحديث أيضا: ألا يكون في القلب شاغلٌ عن الإقبال على الله – عز وجل – وطاعته، وكذا ألا يكون فيه شاغل عن الطاعة وقت تأديتها؛ والمعنى أن كل عبادة تكون فيها، فلا تنشغِل عنها بغيرها؛ فإذا كنت في صلاة، فلا تنشغِل عنها بغيرها، وكذلك إذا قرأتَ القرآن لا تنشغِل عنه بغيره، بل استحضر القلبَ عند كل عبادة تفعلها، وعند كل عمل تقوم به، وهذه المعاني هي من معاني قوله – عز وجل – في هذا الحديث: ((تفرِّغ لعبادتي)).
أيها المسلمون
إن عز العبودية هي المهمة العظيمة التي من أجلها خُلق الخلق ، وهي بمفهومها الشامل لا تقتصر على أداء الشعائر التعبدية – من صلاة وصيام وحج وذكر وغير ذلك – فحسب ، ولكنها تمتد لتنتظم حياة الإنسان كلها ،بشتى جوانبها وأنشطتها ،بحيث لا يخرج شيء منها عن دائرة التعبد لله رب العالمين ، وتمتد كذلك لتشمل جميع ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة قال الله تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (162) ،(163) الأنعام ، ولا يبلغ الإنسان ذروة الكمال البشري في العزّة والشرف والحرية حتى يحقق هذه الغاية ، وقد وصل إلى هذا الكمال أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام ، وفي مقدمتهم نبيّنا محمَّدٌ – صلى الله عليه وسلم – ، الذي خاطبه ربُّه جل وعلا في أعلى مقاماته – مقامِ تلقي الوحي ومقامِ الإسراء – بوصف العبودية ، باعتبارها أرقى وأعظم وأشرف منزلة يرقى إليها الإنسان ، فقال الله سبحانه : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} (1) الكهف ، وقال الله تعالى : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى } (الإسراء: 1) ، وكلما ازداد العبد تحقيقاً لهذه العبودية كلما ازداد كماله وعلت درجته . وكل من تعلّق قلبه بمخلوق وأحبَّه ، وعلق عليه نفعه وضرَّه فقد وقع في ربقة الرقّ والعبودية له ، شاء أم أبى ، إذ الرقّ والعبودية في الحقيقة ، هو رقُّ القلب وعبوديته ، ولهذا يُقال: ” العبد حرٌّ ما قنع ، والحرُّ عبدٌ ما طمع ” ، وكلّما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته ورجائه في قضاء حاجاته ، كلما قويت عبوديته وحريته عمَّا سواه ، كما قيل : ” احتج إلى من شئت تكن أسيره ، واستغن عمن شئت تكن نظيره ، وأحسن إلى من شئت تكن أميره ” .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن حقيقة الغنى إنما هي في القلب ، وهي القناعة التي يقذفها الله في قلوب من شاء من عباده ، فيرضون معها بما قسم الله ، ولا يتطلعون إلى مطامع الدنيا أو يلهثون وراءها لهث الحريص عليها المستكثر منها ، وفي الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-«لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ ،وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» ،وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر : ( أترى أن كثرة المال هو الغنى ؟! إنما الغنى غنى القلب ، والفقر فقر القلب ، من كان الغنى في قلبه فلا يضره ما لقي من الدنيا ، ومن كان الفقر في قلبه فلا يغنيه ما أكثر له في الدنيا ، وإنما يضر نفسه شحها ) رواه ابن حبان وصححه الألباني . وكم من غني عنده ما يكفيه وأهله عشرات السنين ، ومع ذلك لا يزال حريصاً على الدنيا ، يخاطر بدينه وصحته ، ويضحي بوقته وجهده ، وكم من فقير يرى أنه أغنى الناس ، مع أنه قد لا يجد قوت غده ، فالقضية إذاً متعلقة بالقلوب وليست بما في الأيدي . يقول عمر رضي الله عنه : ” إن الطمع فقر ، وإن اليأس غنى ، وإن الإنسان إذا أيس من الشيء استغنى عنه ” ، وسئل أبو حازم فقيل له : ما مالُك ؟ قال : لي مالان لا أخشى معهما الفقر : الثقة بالله ، واليأس مما في أيدي الناس ” ، وهذا الحديث العظيم يضع للعبد علاجاً عظيماً للهموم والغموم التي يتعرض لها في حياته الدنيا ، هذا العلاج هو الاشتغال بما خلق له وهو عبادة الله عز وجل ، والاهتمام بأمر الآخرة ، فإن العبد إذا شغله همُّ الآخرة أزاح الله عن قلبه هموم الدنيا وغمومها ، وخفف عنه أكدارها وأنكادها ، فيصفو القلب ويتجرد من كل الأشغال والصوارف ، يقول – صلى الله عليه وسلم – : « مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ آخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ » رواه ابن ماجة ، وفي سنن الترمذي ،صححه الألباني : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِىَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهَ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ ». قال الإمام ابن القيم رحمه الله : ” إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمّل الله عنه سبحانه حوائجه كلها ، وحمَل عنه كلّ ما أهمّه ، وفرّغ قلبه لمحبته ، ولسانه لذكره ، وجوارحه لطاعته ، وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمّله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكَلَه إلى نفسه ….. ” .فعلى العبد أن يقنع بما قسم الله له ، وأن يثق بوعد الله وحسن تدبيره له ، وألا يكون شديد الاضطراب والخوف مما يستقبل ، فالمستقبل بيد الله ، وأن ينظر إلى من هو دونه في أمور الدنيا ، وليستعن على ذلك بقصر الأمل ،واليقين بأن الرزق الذي قُدِّر له لا بد وأن يأتيه ،
الدعاء