خطبة عن ( حق الطريق وآدابها)
فبراير 11, 2016خطبة عن ( ضوابط الأخوة في الله)
فبراير 11, 2016الخطبة الأولى ( حقوق وآداب الطريق في الإسلام )
الحمد لله رب العالمين .اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ ». قَالُوا وَمَا حَقُّهُ قَالَ « غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ ». وفي البخاري ( عَنْ عِكْرِمَةَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَضَى النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا تَشَاجَرُوا فِي الطَّرِيقِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ )
إخوة الإسلام
كمال الأخلاق من كمال الإيمان، ونقصها من نقص الإيمان؛ فالمؤمن حين يتحلى بحسن الخلق طاعة لله تعالى فإنما يدفعه لذلك إيمانه بأنه مأمور بحسن الخلق، مثاب عليه، معاقب على تركه، وارتباط الأخلاق بالإيمان وثيق جدا؛ ولذا نُفي كمال الإيمان عن جملة من الناس ساءت أخلاقهم. ففي مسند أحمد وغيره (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلاَّ قَالَ « لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ ». والناس شركاء في طرقهم التي يسيرون فيها، فكان لهذه الطرق حقوق تحفظ على الناس أخلاقهم، وتديم الألفة والمودة بينهم، وهذه الحقوق جاء ذكرها في الحديث المتقدم «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ» متفق عليه. فهذا الحديث أصل عظيم في أن للطرق حقوقا ولو لم يملكها أحد، وكانت مشاعا بين الناس. ولأجل هذه الحقوق كان الجلوس في الطرقات مظنة الوقوع في الإثم، فكان الأصل هو النهي عن الجلوس فيها احترازا من الإثم، لكن الصحابة رضي الله عنهم طمأنوا النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن مجالسهم فيها مجالس خير لا مجالس شر، يبين ذلك حديث آخر عن أَبي طَلْحَةَ رضي الله عنه قال: «كُنَّا قُعُودًا بِالْأَفْنِيَةِ نَتَحَدَّثُ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَامَ عَلَيْنَا فَقَالَ: مَا لَكُمْ وَلِمَجَالِسِ الصُّعُدَاتِ، اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُدَاتِ، فَقُلْنَا إِنَّمَا قَعَدْنَا لِغَيْرِ مَا بَاسٍ قَعَدْنَا نَتَذَاكَرُ وَنَتَحَدَّثُ قَالَ: إِمَّا لَا فَأَدُّوا حَقَّهَا: غَضُّ الْبَصَرِ، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَحُسْنُ الْكَلَامِ» رواه مسلم.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( آداب الطريق في الإسلام ) 1
الحمد لله رب العالمين .اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومعنى الجلوس في الطرقات هو اللبث فيها سواء اتخذ مجلسا في ناصيتها، أو دكة عند بيته، أو كرسيا خارج دكانه، أو كان في مقهى أو مطعم يجلس على حافة الطريق أو نحو ذلك، فكل ذلك جلوس في الطريق. وليس المعنى ذات الجلوس، وإنما اللبث في الطريق فلو جلس في سيارته، أو وقف يتحدث مع صديقه، أو ينتظر أحدا، فكل أولئك يتناولهم حق الطريق المنصوص عليه في الحديث.وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام جملة من الحقوق للطريق يجب على من كان في الطريق أن يراعيها، فمنها غض البصر؛ لأن الطرق تسلكها نساء لحاجتهن، وقد تُفتح أبواب بيوت أو نوافذها فيكشفها الجالس في الطريق فوجب عليه أن يصرف بصره، ولا يطلقه في حريم الناس وبيوتهم وعوراتهم . ولا يؤذي مسلما يحمل في يده متاعا له فيرمقه ببصره لمعرفة ما معه؛ فإن هذا من سوء الأدب، ومن التطفل على حقوق الغير، ومن إطلاق البصر فيما لا ينبغي، مع ما يسببه من حرج وأذى لأخيه. ومما يعارض غض البصر في الطريق ما يفعله بعض الناس من الاطلاع على ما بداخل سيارات الناس من نساء وأطفال ومتاع في الطرقات وعند الإشارات وفي الزحام، وكل هذا مما ينافي الأخلاق، ويقدح في المروءات، ويسبب الأذى. وغض البصر مأمور به في قول الله تعالى ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30]، والعبد مسئول يوم القيامة عما أبصر قال تعالى : ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].
ونستكمل الموضوع إن شاء الله
الدعاء