خطبة عن ( خلافة أبي بكر الصديق ومميزاتها)
فبراير 14, 2016خطبة عن ( أبو بكر مهاجرا : ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ)
فبراير 14, 2016الخطبة الأولى (أبو بكر الخليفة الأول لرسول الله)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ مَرِضَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ فَقَالَ « مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ » . قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ . قَالَ « مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ » فَعَادَتْ فَقَالَ « مُرِى أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ » . فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِى حَيَاةِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم)
إخوة الإسلام
لقد عاش أبو بكر رضي الله عنه محبا للرسول ، راهبا في محراب الدعوة ، مجاهدا بنفسه وماله ، صادقا في إيمانه وتوكله ، كل ذلك أهله ليكون خليفة رسول الله في صلاته إماما بالمسلمين حال غيابه ، فلما اشتد المرض برسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يصلي بالناس ، كما في صحيح البخاري (عن عائشة قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مَرَضَهُ الَّذِى مَاتَ فِيهِ ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَأُذِّنَ ، فَقَالَ « مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ » . فَقِيلَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ ، إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ ، وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ ، فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ « إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ » ، فقال بعض العلماء : إن في ذلك إشارة على اختياره خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه هذا ، وانتقل إلى الرفيق الأعلى ، عندها تعرض المسلمون لمحنة كبرى ، ومصيبة عظمى ، أفقدتهم صوابهم وعقولهم ، وشلت تفكيرهم ، وجعلت دمعهم ينزل مدرارا ، لفقدهم الرسول المعلم ، والأب الحنون ، فلم يكن يدور في خلدهم أن يفقدوه يوما ، لكنها إرادة الله وحكمته وحكمه ، فلكل أجل كتاب ،في هذه اللحظات العصيبة ،تظهر حكمة هذا الصديق، هنا يتحول هذا الرجل الوديع البكاء ، الرقيق القلب ، اللين الجانب ، يتحول إلى قائد صامد مؤمن صابر ، متحكم في عواطفه ، رشيد سديد في رأيه ، فيرد المسلمين إلى صوابهم ، ويعيد إليهم عقولهم ، ففي البخاري : (أَنَّ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – زَوْجَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ – رضى الله عنه – عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ ، حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ – رضى الله عنها – فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، لاَ يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا .) وعنده أيضا : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ اجْلِسْ يَا عُمَرُ ، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ . فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ ،فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا – صلى الله عليه وسلم – فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ ،قَالَ اللَّهُ ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) إِلَى قَوْلِهِ ( الشَّاكِرِينَ )وَقَالَ وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ حَتَّى تَلاَهَا أَبُو بَكْرٍ ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إِلاَّ يَتْلُوهَا . فَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاَهَا فَعَقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلاَيَ ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلاَهَا أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَدْ مَاتَ) ،هكذا كان موقف الصديق عند أعظم مصيبة ، فقد كان جلدا صابرا محتسبا ،وبدأ المسلمون يفكرون في اختيار خليفة لهم ، فلم يطمع الصديق في منصب ، ولم يطلب لنفسه إمارة ، بل قدم غيره ليكون خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونأى بنفسه أن يكون هو ، وهكذا هي قلوب العارفين ،ففي البخاري (وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ فَقَالُوا مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلاَّ أَنِّى قَدْ هَيَّأْتُ كَلاَمًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لاَ يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلاَمِهِ نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ . فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ لاَ وَاللَّهِ لاَ نَفْعَلُ ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لاَ ، وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا ، وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ . فَقَالَ عُمَرُ بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – . فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ)، وتولى الصديق الخلافة ، وحمل المسئولية ، فماذا قال في أول خطبة له في مسند البزار : (عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،فَقَالَ : إِنِّي وُلِّيتُكُمْ وَلَسْتُ مِنْ أَخْيَرِكُمْ ، وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ، فَإِنْ أَصَبْتُ فَاحْمَدُوا اللَّهَ ، وَإِنْ أَخْطَأْتُ فَقَوِّمُونِي ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْصَمُ بِالْوَحْيِ)، وفي سنن البيهقي (عَنِ الْحَسَنِ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ أَكْيَسَ الْكَيْسِ التَّقْوَى وَأَحْمَقَ الْحُمْقَ الْفُجُورُ أَلاَ وَإِنَّ الصِّدْقَ عِنْدِي الأَمَانَةُ وَالْكَذِبَ الْخِيَانَةُ أَلاَ وَإِنَّ الْقَوِىَّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ وَالضَّعِيفَ عِنْدِي قَوِىٌّ حَتَّى آخُذَ لَهُ الْحَقَّ أَلاَ وَإِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِأَخْيَرِكُمْ. قَالَ الْحَسَنُ : هُوَ وَاللَّهِ خَيْرُهُمْ غَيْرَ مُدَافَعٍ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ يَهْضِمُ نَفْسِهُ. ثُمَّ قَالَ : لَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَفَانِي هَذَا الأَمْرَ أَحَدُكُمْ. قَالَ الْحَسَنُ : صَدَقَ وَاللَّهِ. وَإِنْ أَنْتُمْ أَرْدَتُمُونِي عَلَى مَا كَانَ اللَّهُ يُقِيمُ نَبِيَّهُ مِنَ الْوَحْىِ مَا ذَلِكَ عِنْدِي إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَرَاعُونِي فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى السُّوقِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ السُّوقَ قَالَ : قَدْ جَاءَكَ مَا يَشْغَلُكَ عَنِ السُّوقِ. قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ يَشْغَلُنِي عَنْ عِيَالِي قَالَ : تَفْرِضُ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ : وَيْحَ عُمَرَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ يَسَعَنِي أَنْ آكُلَ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْئًا قَالَ فَأَنْفَقَ فِي سَنَتَيْنِ وَبَعْضِ أُخْرَى ثَمَانِيَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ قَدْ كُنْتُ قُلْتُ لِعُمَرَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ يَسَعَنِي أَنْ آكُلَ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْئًا فَغَلَبَنِي فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَخُذُوا مِنْ مَالِي ثَمَانِيَةَ آلاَفٍ دِرْهَمٍ وَرُدُّوهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ فَلَمَّا أُتِىَ بِهَا عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ تَعَبًا شَدِيدًا)، هكذا يرى أبو بكر الخلافة والولاية والإمارة ، أنها أمانة ، فهي تكليف ، وليست تشريف ، وهكذا يرى نفسه (وَإِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِأَخْيَرِكُمْ) ،فلم ير في نفسه ميزة عن بقية المسلمين ، ولم يجعل لنفسه امتيازا ، إنما هو خادم للمسلمين ، فهو راع ومسئول عن هذه الرعية أمام الله يوم القيامة ، فيقول في خطبة له ، كما في المستدرك للحاكم ، وفي سنن البيهقي: (ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَخَطَبَ النَّاسَ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى الإِمَارَةِ يَوْمًا وَلاَ لَيْلَةٍ قَطُّ وَلاَ كُنْتُ فِيهَا رَاغِبًا وَلاَ سَأَلْتُهَا اللَّهَ فِي سِرٍّ وَلاَ عَلاَنِيَةٍ وَلَكِنِّى أَشْفَقْتُ مِنَ الْفِتْنَةِ وَمَا لِي فِي الإِمَارَةِ مِنْ رَاحَةٍ وَلَكِنْ قُلِّدْتُ أَمْرًا عَظِيمًا مَا لِي بِهِ طَاقَةٌ وَلاَ يَدَانِ إِلاَّ بِتَقْوِيَةِ اللَّهِ وَلَوَدِدْتُ أَنَّ أَقْوَى النَّاسِ عَلَيْهَا مَكَانِي عَلَيْهَا الْيَوْمَ فَقَبِلَ الْمُهَاجِرُونَ مِنْهُ مَا قَالَ وَمَا اعْتَذَرَ بِهِ وَقَالَ عَلِىٌّ وَالزُّبَيْرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا : مَا غَضِبْنَا إِلاَّ لأَنَّا أُخِّرْنَا عَنِ الْمُشَاوَرَةِ وَإِنَّا نَرَى أَبَا بَكْرٍ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِنَّهُ لِصَاحِبُ الْغَارِ وَثَانِي اثْنَيْنِ وَإِنَّا لَنَعْرِفُ شَرَفَهُ وَكِبَرَهُ وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالصَّلاَةِ بِالنَّاسِ وَهُوَ حَيٌّ ) ، هذه هي الخلافة والإمارة ، وهذه هي رؤية الصديق لها فهي ليست مغنما ولكنها كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في مسند البزار: (عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : إِنْ شِئْتُمْ أَنْبَأْتُكُمْ عَنِ الإِمَارَةِ وَمَا هِيَ ؟ فَقُمْتُ فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي ثَلاثَ مَرَّاتٍ : وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : أَوَّلُهَا مَلامَةٌ ، وَثَانِيهَا نَدَامَةٌ ، وَثَالِثُهَا عَذَابٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ مَنْ عَدَلَ وَكَيْفَ يَعْدِلُ مَعَ أَقْرِبِيهِ ؟)
أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أبو بكر الخليفة الأول لرسول الله)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونواصل الحديث عن أبي بكر الصديق ورؤيته للحكم والإمارة فيقول :(إِنِّي وُلِّيتُكُمْ وَلَسْتُ مِنْ أَخْيَرِكُمْ ، وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ، فَإِنْ أَصَبْتُ فَاحْمَدُوا اللَّهَ ، وَإِنْ أَخْطَأْتُ فَقَوِّمُونِي ) ، هكذا يأمر الخليفة المسلمين ، أن يقوموه إذا مال أو اعوج عن الطريق المستقيم ، فإنه ليس معصوما من الخطإ ، وكما قيل (رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي ) ، ويخشى أن تزل قدمه من حيث لا يدري ، ونعوذ بالله من إمارة السفهاء ، الذين يرون فيها المغنم والشهرة وأكل أموال الناس بالباطل ، والتسلط على خلق الله ، ففي صحيح ابن حبان ،ومسند أحمد، والمستدرك للحاكم :(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ ». قَالَ وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « أُمَرَاءٌ سَيَكُونُونَ مِنْ بَعْدِى مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِحَدِيثِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسُوا مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُمْ وَلَمْ يَرِدُوا عَلَىَّ الْحَوْضَ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِحَدِيثِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ وَأُولَئِكَ يَرِدُونَ عَلَىَّ الْحَوْضَ) ولنا مع الصديق لقاء آخر إن شاء الله
الدعاء