خطبة عن (الزهد: معناه وأقسامه ومتعلقاته)
يوليو 11, 2016خطبة عن ( السعادة وأسبابها )
يوليو 11, 2016الخطبة الأولى ( من هو أسعد الناس؟ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك …. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له… وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. وصفيه من خلقه وحبيبه .. شرح الله له صدره.. ووضع عنه وزره .. ورفع له ذكره..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى مخاطبا رسوله محمدا : ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ) (1): (8) الشرح
إخوة الإسلام
إذا ما سألتكم.. من هو أسعد الناس ؟.. من هو أسعد الخلق في الدنيا والآخرة ؟ ،الإجابة بلا شك سوف تكون: أسعد الناس في الدنيا والآخرة هو : (رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ) .. والسؤال: لماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أسعد الناس في الدنيا والآخرة؟؟، والإجابة: لأن الله تبارك وتعالى شرح له صدره ،فامتلأ بالإيمان.. ووضع عنه ذنوبه وأوزاره وخطاياه … فأصبح نقيا من الأوزار والآثام.. ورفع له ذكره… فأصبح مذكورا في السماوات والأرض في الدنيا ويوم الزحام ..فقال وقوله الحق : ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ … وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ … الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ …. وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ )، بهذه الأمور الثلاثة ..أكمل الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أسباب السعادة: شرح له صدره… فكان من أشرح الناس صدراً… وأوسعهم قلباً… وأقرهم عيناً.. صلى الله عليه وسلم….نعم .. شرح الله له صدره فأصبح مليئا بالإيمان ..مليئا بالعلم والحكمة .. مليئا بالحب والطهر … مليئا بالإخلاص والمراقبة … مليئا بالخشية والتعظيم .. مليئا باليقين والتوكل… مليئا بالسعادة… لذلك. يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين 🙁 فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ.. يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ… وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ.. يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ) الانعام 125.. هذا هو السبب الأول من أسباب السعادة ...أما السبب الثاني : فهو في قوله تعالى : (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ )…أي قد غفرنا لك ذنوبك … فصحائفك يا محمد.. بيضاء.. ناصعة.. نقية …لا وزر فيها ولا ذنب .. فقد غفر الله لرسوله ذنبه.. ووضع عنه وزره .. قال تعالى : (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا.. (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ.. مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ.. وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ..وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ) الفتح 1، 2 .نعم .. فمن غفر الله له ذنبه.. ووضع عنه وزره ..فهو سعيد ..لأن الذنوب تضيق وتظلم بها القلوب .. وتعمى بها الأبصار.. لذلك ..لما وضع الله تعالى عن رسوله وزره .. وغفر له ذنبه … كان أسعد الناس في الدنيا والآخرة …أما السبب الثالث من أسباب سعادته ( صلى الله عليه وسلم ) ..فهو: في قوله تعالى : (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ).. فقد رفع الله تعالى ذكر رسوله محمد .. فما قال قائل.. أشهد أن لا اله إلا الله … إلا وقال .. وأشهد أن محمدا رسول الله ... فليس خطيب، ولا متشهد.. ولا صاحب صلاة… إلا ينادي بها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.. وفي تفسير الطبري : (عن أبي سعيد الخدريّ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: “أتانِي جِبْرِيلُ فَقالَ إنَّ رَبِّي وَرَبكَ يَقُولُ: كَيْفَ رَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ ؟ قال: الله أعْلَمُ، قال: إذَا ذُكِرْتُ ذُكرتَ مَعِي”. ورفع ذكره يوم القيامة .. فأعطاه الشفاعة العظمى يوم يقوم الناس لرب العالمين .. فهو ( صلى الله عليه وسلم ) مشروح الصدر.. مرفوع الذكر . عالي القدر … هو صاحب المقام المحمود .. واللواء المعقود … والحوض المورود .. والشفاعة العظمى ، والدرجة العالية، لذلك …كان (صلى الله عليه وسلم ) أسعد الناس في الدنيا والآخرة… والسؤال : ما هي الأسباب التي رغب الله تعالى رسوله فيها ..لتدوم السعادة والنعم؟ … الإجابة نجدها في قوله تعالى : { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ } .. أي .. إذا أردت أن تدوم لك هذه النعم وتلك السعادة …فعليك بالمداومة على هذه الطاعات : { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ } … فإذا فَرعت من صلاتك يا محمد ، فانصب إلى ربك في الدعاء..وسله حاجاتك…. ( فَإِذَا فَرَغْتَ ) من جهاد عدوّك ( فَانْصَبْ ) في عبادة ربك… وإذا فرغت من أمر الدنيا فانصب.. في عبادة ربك. وارغب فيما عند الله وكن محبا لجوار الله… فهذه هي أسباب السعادة في الدنيا والآخرة .. أما إذا لم ينصب العبد لربه….ولم يرغب فيما عنده… بل رغب في نعيم الدنيا الفانية..وشهواتها الحقيرة… فلا سعادة له..لا في الدنيا. ولا في الآخرة
إخوة الإسلام
إن الناس في هذه الدنيا يفسرون السعادة بتفسيرات عديدة…. فمنهم من يرى السعادة جمع المال…. ومنهم من يرى السعادة جمال المنظر…. ومنهم من يرى السعادة جمال المركب …ومنهم من يرى السعادة في الجاه والمنصب .. وكل هؤلاء أصابوا شيئاً وأخطأوا في أشياء… فإن هذه الأمور وإن كانت من أسباب السعادة في هذه الدنيا…. لكنها ليست هي السعادة الحقيقية التي ينبغي للمؤمن أن يسعى لها .. ولذلك… تجد أن كثيرين ممن لم يُمَكَّنوا من هذه الأمور… أو من أكثرها… يجدون من الانشراح والطمأنينة.. وسعة الصدر.. والابتهاج والسرور… ما لا يجده مَن مَلَك هذه الأشياء جميعاً.. أو مَلَك أكثرها… وذلك يبرهن ويبين.. أن السعادة ليست في هذه الأشياء..وإنما هي فيما أنعم الله به على رسوله ومصطفاه: { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ .. وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ..الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ .. وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية ( من هو أسعد الناس؟ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له… وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الآيات السابقة إشارة واضحة.. على أن من أراد أن يكون سعيدا في دنياه وآخرته .. فعليه بطاعة الله …إذا أردت أيها العبد المؤمن .. أن يشرح الله لك صدرك …. ويضع عنك وزرك … ويرفع لك ذكرك ….{ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ }…نعم … إذا فرغت من عملك …فانصب إلى ربك …وإذا فرغت من نومك ..فانصب بين يدي ربك … إذا فرغت من شئون حياتك .فارغب إلى طاعة ربك …( وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ) .. كن راغبا فيما عند الله … كن راغبا في طاعة الله …. كن راغبا فيما يقربك من الله .. كن راغبا في محبة الله … كن راغبا في جنة الله ولقاء الله .. فإذا تحقق فيك ذلك …فنصبت قدميك بين يدي الله بعد فراغك.. ..ورغبت فيما عند ربك … ولم تركن للدنيا الفانية …. تكون النتيجة … أن يشرح الله لك صدرك ….ويضع عنك وزرك ….ويرفع لك ذكرك … وتكون مع رسول الله.. ومن السعداء في الدنيا والآخرة . وفي الآيات إشارة واضحة لنا جميعا.. نحن المسلمين من أتباع محمد … هذه الإشارة تقول لنا…. من أراد السعادة فعليه أن يسلك طريق الرسول صلى الله عليه وسلم .. فلا يحصل الإنسان على السعادة الحقيقية.. إلا إذا اتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته في كل صغيرة وكبيرة . وأحبه المحبة الكاملة الصادقة..فمن أراد أن يأخذ من السعادة التي نالها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فليحرص كل منا على سلوكه.. وهديه.. فإنه بقدر التزام الإنسان بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم… بقدر ما يكون معه من انشراح الصدر.. وتخفيف الوزر.. ورفع الذكر…في الدنيا والآخرة.. وأتبعُ الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. هو أشرحُهم صدراً.. وأوضعهم وزراً.. وأرفعهم ذكراً.. فبقدر متابعة الإنسان لرسول الله صلى الله عليه وسلم … بقدر ما يكون له نصيب من السعادة التي نالها صلى الله عليه وسلم…فكلما قويت متابعة العبد علماً وعملاً وحالاً واجتهاداً لرسول الله..قويت هذه الثلاث.. شرح الصدر.. ووضع الوزر.. ورفع الذكر ، فقوموا لله قانتين … وبين يديه خاشعين ….وارغبوا فيما عند رب العالمين … تكونوا من السعداء الموفقين ….
الدعاء