خطبة عن ( وقفات على باب الكريم)
أكتوبر 8, 2016خطبة عن ( دروس وعبر من صلح الحديبية)
أكتوبر 15, 2016الخطبة الأولى ( أَعْظَمُ الناس حَقًّا عَلَى الْمَرْأَةِ زَوْجُهَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم « إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ » ،وروى الإمام أحمد في مسنده : ( أنه صلى الله عليه وسلم َقَالَ « لَوْ كُنْتُ آمِراً أَحَداً أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ولا تُؤَدِّى الْمَرْأَةُ حَقَّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّى تُؤَدِّىَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّى لَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِىَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ لأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ ». وروى الترمذي بسند حسن :(عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الْجَنَّةَ ». وروى الحاكم في مستدركه عن عَائِشَةَ { سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقًّا عَلَى الْمَرْأَةِ قَالَ : زَوْجُهَا قُلْت : فَعَلَى الرَّجُلِ : قَالَ أُمُّهُ }
إخوة الإسلام
إنَّ العلاقة الزوجية في الشريعة الإسلامية جعلها الله عز وجل قائمة على المودة والعطف والسَّكِيْنة والرحمة بين كلا الزوجين ليسكن كل منهما للآخر ولتتوطد أواصر المحبة والرحمة والعطف بينهما، وليتعاون الزوجان في الحياة الزوجية فيما يُرضي الله تعالى ورسوله، يقول الله سبحانه وتعالى{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (21) الروم وهناك آداب وأخلاق حضَّتْ عليها الشريعة الإسلامية في معاملة الأزواج حتى تدوم حسن المعاشرة بين الزوجين، ويبقى بيت الزوجة سعيدًا، ثابت الدعائم قوي البنيان، غير مهدد بالسقوط والانهيار، والفشل والضياع وما يترتب على ذلك من نتائج على كل من الزوجين والأولاد. وتستقر الحياة الزوجية ويسعد الزوجان عندما يعرف الزوجان ما لهما وما عليهما من حقوق، ويؤدي كل طرف حقه تجاه الآخر ويحسن إليه المعاملة. فهناك حقوق وآداب وأخلاق حضَّت الشريعة الإسلامية الزوجة أن تراعيها في جانب زوجها لتستقر الحياة الزوجية بينهما، وترفرف عليها المودة والرحمة والسكينة، ولا يعتريها أي تصدع أو اضطراب أو انهيار. ومن هذه الآداب والأخلاق: حسن معاشرة الزوجة لزوجها وتأدية حقوقه ، وحسن معاملتها له، وطاعته فيما يرضي الله تعالى ورسوله. كما بين النبي العظيم صلى الله عليه وسلم أن أعظم الناس حقًّا على المرأة زوجها” وروى الترمذي بسند حسن (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الْجَنَّةَ ». فالزوجة العاقلة الرصينة هي التي تلتزم بحق زوجها، يقول الله تبارك وتعالى{ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } (سورة النساء 34). والمرأة الصالحة هي المرأة التقية التي تؤدي الواجبات وتجتنب المحرمات، فتراعي حق الله تبارك وتعالى وتراعي حق زوجها فلا تُضَيّعُ حقوقه، وهذا الصنف قليل بين النساء هذه الأيام، يقول صلى الله عليه وسلم كما في مسند أحمد ” ولا تُؤَدِّى الْمَرْأَةُ حَقَّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّى تُؤَدِّىَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ “. فحق الزوج على زوجته عظيم عند الله تبارك وتعالى،ولذلك قال الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم ” « لَوْ كُنْتُ آمِراً أَحَداً أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا) ،ومن حقوق الزوج على زوجته : أن لا تمنعه حقَّه من الاستمتاع بها إلا فيما حرّم الشرع كالإتيان في أيام الحيض أو النفاس كما هو معلوم في الشريعة. فلا يجوز للزوجة أن تصدَّ زوجها عن الاستمتاع بها وأن ترفض رغبته في مقاربتها، فإن لم تستجب لزوجها في الاستمتاع بها بغير عذر فهي فاسقة وتلعنها الملائكة، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ » . وفي مسند أحمد قال صلى الله عليه وسلم (لَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِىَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ لأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ ». كما روى الترمذي بسند حسن (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا الرَّجُلُ دَعَا زَوْجَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَلْتَأْتِهِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّورِ ». (التنور: هو الفرن الذي يخبز فيه). فحق استمتاع الزوج بزوجته ضمن حدود الشرع هو من أهم حقوق الزوج على زوجته، لأنَّ اهتمام المرأة بحاجة زوجها إليها في فراشه سبب مهم جدًا لسعادة الزوجين وإنَّ إهمالها لهذا الحق يُسبب النكد والشقاق بين الزوجين، وكثيرًا ما يؤدي هذا إلى انهيار الحياة الزوجية وبالتالي إلى الطلاق والضياع، ومن الملاحظ أن كثيرًا من الزوجات، يُهملن حق الزوج في الاستمتاع بهن في وقت يكون فيه الزوج بحاجة ماسة إلى ذلك فتهجر هذه الزوجة فراش زوجها بغير عذر شرعي ويكون الزوج في حاجة إليها، وتوليه ظهرها ولا تلقي له بالاً وكأنه ليس زوجها، فتكون بذلك سببًا للنكد والتعاسة والحزن لدى الزوج وما يترتب على ذلك من آثار سلبية على الحياة الزوجية. ومن المفيد أن نذكر النساء أنه فرض على الزوجة إذا طلب منها زوجها أن تتزين له للاستمتاع أن تطيعه في ذلك. ومن حقوق الزوج على زوجته: أن لا تدخل أحدًا بيت زوجها إلا بإذنه، وأن لا تصوم تطوعًا (أي غير الفرض) إلا بإذنه، لأن الصوم مانع عن الاستمتاع فإذا صامت تطوعًا بغير إذنه لم يكن باستطاعة زوجها أن يقاربها، لأنها عادة تبتعد منه، والمقاربة بالاستمتاع حقه ، وفي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ) ،ومن حقوق الزوج على زوجته: أن لا تخرج من بيته أو تسافر مع أحد محارمها إلا بإذن زوجها، ومن المفيد المهم في هذا المقام أن نذكر أن الفقهاء قالوا إنَّ ملازمة المرأة وخاصة الزوجة لبيتها وعدم الخروج منه لغير ضرورة أحسن وأفضل لها، وهذا لمصلحة المرأة، لأنه ستر وصيانة لها ولأن أمر المرأة كما يقول العلماء مبنيّ على المبالغة في الستر وفي هذا مصلحة عظيمة الفائدة للمرأة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ مِنْ وَجْهِ رَبِّهَا (أي إلى طاعة الله) وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا) رواه البزار ،ومن حقوق الزوج على زوجته: أن تقدّم الزوجة حق زوجها على حق سائر أقاربها، لأن حقّه عليها عظيم عند الله تعالى. فالمرأة إن أمرها أهلها بشيء وأمرها زوجها بشيء مما ليس فيه معصية، تطيع زوجها ولا تطيع أهلها، وهذا هو معنى قوله عليه الصلاة والسلام ” أَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقًّا عَلَى الْمَرْأَةِ قَالَ : زَوْجُهَا) ،ومن حق الزوج على زوجته: أن لا تتأفف ولا تتسخط لضيق المعيشة أو ضعف الحال، ولا تكثر الشكوى فتؤذيه في كلامها ، بل المطلوب منها شرعًا أن تظهر له الرضا والقناعة بالمقسوم من الرزق، وتُقدّر تعب زوجها في تحصيل الرزق ولا تطلب منه فوق الحاجة خشية أن يقع في الحرام، والمرأة الصالحة العاقلة التي تبتغي رضا خالقها والجنة تبتعد بكليتها عن الحرام وترضى بالمقسوم من الرزق الحلال وتحذر زوجها من مسالك الحرام وطرقه، ورحم الله تعالى نساء السلف الصالح حيث كانت الزوجة الصالحة إذا خرج زوجها من منزله تقول له: إياك وكسب الحرام فإنا نصبر على الجوع والضُّرِ ولا نصبر على النار. ومن المفيد أن نذكر في هذا المقام أنَّ إنفاق الزوجة الغنية على زوجها وأولادها الفقراء والمحتاجين ابتغاء الثواب من الله عز وجل لها في ذلك ثواب عظيم عند الله تعالى . ومن حقوق الزوج على زوجته: حسن معاشرة الزوج وحسن معاملته، وهذا أصل عظيم في السعادة الزوجية. فمن حق الزوج على زوجته أن تُحسن عشرته بحسن الأدب والحديث والانبساط في أسباب اللذة والاستمتاع بأن تتطيب له وتتزين كما يحب منها ويرضى، فلا تتفاخر على زوجها بجمالها ولا تزدري زوجها لقبحه إن كان قبيحًا ولا تتباهى عليه بمالها وحسبها إن كانت ثرية ذات مال وحسب، بل الزوجة العاقلة التي تريد رضا خالقها تُطيع زوجها فيما يُرضي الله عز وجل ولا تؤذيه في أقوالها وأفعالها، ولا تفشي سره الذي ائتمنها عليه ولو لأقاربها، وتكون مشفقة على أولادها، راعية لهم بالتربية الإسلامية التي يحبها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم حافظة للسانها عن كل ما يؤذي زوجها ويسخط خالقها، كأن تصرخ في وجهه وتقول له مثلا: “أنت ثقيل لا تفهم” ونحو ذلك مما يتأذى به الزوج ،ومن الفوائد التي نُذَكّرُ بها الزوجات للاتعاظ في حسن عشرة الأزواج وبيان عظيم حق الزوج أنَّ أحد العلماء والمربين الأجلاء نَصَحَ إحدى تلميذاته المتزوجات كيف تُكلّمُ زوجها وتحسن صحبته وعشرته فقال لها: كلميه وقفي أمامه وكأنك أمام مَلِكٍ عظيم. وروى أحمد والترمذي (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تُؤْذِى امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ لاَ تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكَ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا » ،ومن حقوق الزوج على زوجته: أن لا تنكر الزوجة فضل الزوج وإحسانه: فعلى الزوجة العاقلة أن تحجم عن نكران فضل الزوج وجميله وإحسانه وهذه خصلة مهمة جدًا في استقرار الحياة الزوجية، ولا يراعيها من النساء المتزوجات إلا القليلات. إذ أن كثيرًا من النساء يُكْثِرنَ من نكران إحسان الزوج لأدنى إساءة تبدر عنه، ولهذا كانت النساء أكثر أهل النار كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام. كما في الصحيحين (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي أَضْحًى – أَوْ فِطْرٍ – إِلَى الْمُصَلَّى ، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ « يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ ، فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ » . فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ ،وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ،ومن حقوق الزوج على زوجته عدم اغضابه. فإن الاغضاب نوع من أنواع الإيذاء المحرّم
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَعْظَمُ الناس حَقًّا عَلَى الْمَرْأَةِ زَوْجُهَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن حقوق الزوج على زوجته : وجوب المحافظة على ماله وسائر مختصاته في حال غيابه, كما هي مأمورة بذلك في حالة حضوره, فلا يكون تصرفها مشروعاً وسائغاً إلا بإذنه وطيب نفسه, فإن أموال الزوج أمانة بين يدي زوجته لا يجوز التصرف فيها, إلا حسب ما نصت عليه الاجازة التي أعطاها لها في ذلك. وروى الإمام أحمد وغيره (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ « الَّذِى تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلاَ تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ ». ومن حقوق الزوج على زوجته : الحداد عليه إن مات. فإنه يجب على الزوجة, إن قضى زوجها, الحداد عليه مدة عدّتها. ففي الصحيحين (أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا » ومن حق الزوج على زوجته أن تحرص عليه وتحافظ على الحياة معه، ولا تسأله الطلاق من غير سبب. ففي مسند أحمد وغيره (عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاَقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ »
أيها المسلمون
هذه أيتها الزوجة المسلمة بعض حقوق زوجك عليك، فعليك أن تجتهدي في القيام بها حق القيام، وأن تغضي الطرف عن تقصير زوجك في حقك، فإنه بذلك تدوم المودة والرحمة، وتصلح البيوت، ويصلح المجتمع بصلاحها، وعلى الأمهات أن يعلمن أن من الواجب عليهن أن يبصرّن بناتهن بحقوق أزواجهن وأن تذكر كل أم بنتها بهذه الحقوق قبل زفافها، فإن ذلك سنة نساء السلف رضي الله عنهن فقد خطب عمرو بن حجر ملك كندة أم إياس بنت عوف الشيباني، فلما حان زفافها إليه خلت بها أمها أمامة بنت الحارث فأوصتها وصية بينت فيها أسس الحياة الزوجية السعيدة وما يجب عليها لزوجها، فقالت: أي بنية: إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك، لكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل. ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال. أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلّفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصحبيه بملكه عليك رقيبا ومليكا فكوني له أمة يكن لك عبدا وشيكا. واحفظي له خصالا عشرا يكن لك ذخرا. أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة. وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح. وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة. وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، ومالك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير. وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمرا، ولا تفشين له سرا، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره.ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهموما، والكآبة بين يديه إن كان مسرورا.
أيها المسلمون
فالواجب على الزوجة المسلمة أن تدين لزوجها بالسمع والطاعة في كل ما يأمر به بما لا يخالف الشرع والدين ، والحذر كل الحذر من الإفراط في الطاعة حتى في المعصية، فإن أطاعته في معصية كانت آثمة لأن الطاعة في المعروف ،ومن ذلك مثلا: أن تطيعيه في إزالة شعر حواجبها تجملا له، فقد لعن النبي النامصة والمتنمصة.
ومن ذلك: أن تطيعيه في ترك الخمار عند الخروج من البيت لأنه يحب أن يتباهى بجمالك أمام الناس، ففي مسند أحمد: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِى مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمْ بَعْدُ نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلاَتٌ مُمِيلاَتٌ عَلَى رُءُوسِهِنَّ أَمْثَالُ أَسْنِمَةِ الإِبِلِ لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا وَرِجَالٌ مَعَهُمْ أَسْيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ » ومن ذلك أن تطيعيه في الوطء في المحيض أو في غير ما أحل الله، فقد روى الترمذي (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- ». ومن ذلك أن تطيعيه في الظهور على الرجال والاختلاط بهم ومصافحتهم، وفي الصحيحين (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ » . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ . قَالَ « الْحَمْوُ الْمَوْتُ » .فلا طاعة للزوج ولا غيره في كل ما يخالف شرع الله، فإنما الطاعة في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
الدعاء