خطبة عن (العزم والعزيمة)، (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ)
أكتوبر 8, 2016خطبة عن (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ)
أكتوبر 8, 2016الخطبة الأولى (أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الْجَنَّةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الترمذي بسند حسن وابن ماجة والحاكم (عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الْجَنَّةَ ».
إخوة الإسلام
في هذا الحديث حث الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة على أن تسعى فيما يرضي زوجها وتجتنب ما يسخطه لتفوز بالجنة، والمرأة العاقلة هي التي تبذل كل الأسباب من أجل إرضاء زوجها طاعة لربها ، وابتغاء مرضاته، ولا ينبغي لامرأة أن تقول أنه لا حق لزوجها في عدم الرضا أو الغضب عليها، بل الحديث يبين أن رضا الزوج عن زوجته سبب في دخول الجنة بعد فضل الله تعالى ورحمته، فينبغي على كل امرأة مسلمة أن تبذل وسعها في طاعة زوجها ، ولتصبر عليه، ولتجتهد في الدعاء له، وكفى المرأة المسلمة شرفاً أن تنال الجنة بإرضائها لزوجها. ومعلوم أن بني آدم جميعاً عرضة للتقصير والخطأ، ولكن المسلمة العاقلة هي التي تجتهد في إصلاح نفسها وحالها مع ربها ومع من حولها، والتي تحب الله تعالى هي التي تبذل الرخيص والغالي من أجل إرضائه.
أيها المسلمون
لقد دل القرآن والسنة على أن للزوج حقا مؤكدا على زوجته ، فهي مأمورة بطاعته ، وحسن معاشرته ، وتقديم طاعته على طاعة أبويها وإخوانها ، بل هو جنتها ونارها ، ومن ذلك: قوله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم ) النساء/34 ،وفي صحيح البخاري : ” عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ” قال الألباني رحمه الله معلقا على هذا الحديث : ( فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها ، فبالأولى أن يجب عليها طاعته فيما هو أهم من ذلك مما فيه تربية أولادهما ، وصلاح أسرتهما ، ونحو ذلك من الحقوق والواجبات ، وروى الإمام أحمد وابن حبان عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِى الْجَنَّةَ مِنْ أَىِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ». وصححه الألباني ،وروى ابن ماجة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنَ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا هَذَا يَا مُعَاذُ ». قَالَ أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِى أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « فَلاَ تَفْعَلُوا فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ تُؤَدِّى الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّىَ حَقَّ زَوْجِهَا وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِىَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ ». ” والحديث صححه الألباني ،وروى أحمد والحاكم عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ « كَيْفَ أَنْتِ لَهُ ». قَالَتْ مَا آلُوهُ إِلاَّ مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. قَالَ « فَانْظُرِى أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ ». أي هو سبب دخولك الجنّة إن قمت بحقّه ، وسبب دخولك النار عن قصّرت في ذلك . وإذا تعارضت طاعة الزوج مع طاعة الأبوين ، قدمت طاعة الزوج ، قال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة : طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها .
أيها المسلمون
فأسرع طريق لوصول المرأة إلى رضا الله ودخول الجنة طاعتها لزوجها ، وقيامها بالواجب نحوه ،ولكي تبلغ المرأة قصدها يجب عليها أن تحضر في نفسها أمورا غفلت عنها برغم أهميتها وهذه الثوابت مما تعينها بإذن الله على بلوغ الجنة بهذه الطاعة: 1. أن لا يغيب عن بالها أنها قد أخذت العهد مع الله على القيام بحق الزوج عندما وقعت على هذا العقد وارتضت هذا الزوج ،وأنها مسئولة أمام الله هل قامت بواجب هذا العهد؟ ، يقول الله تعالى : (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا) النحل:91. وسمى الله هذا العهد بأنه ميثاق فالزواج ميثاق غليظ كما ورد في سورة النساء (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) أي شديد. 2. أي خيانة أو تفريط في هذا العهد هو خيانة لله ،يقول تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) الأنفال :27. فمعنى الخيانة أن نترك أوامر الله والرسول، والله قد أمر ورسوله قد أوجب طاعة الزوج. 3. أن تعلم المرأة أنها تتعامل مع الله لأنها جعلت الله هو الوكيل على عهد الزواج ،فإذا أحست بهذه المعاملة وعلمت أن الأجر في الآخرة أكبر فلن تهمها معاملة الزوج لها ؛لأنها ما قامت بحقوقه إلا رضاءً لله ، والله تعالى هو القائل : (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ،وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق:2-3.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الْجَنَّةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فإذا لم تستحضر المرأة هذه الثوابت الثلاث سالفة الذكر فسيثمرعن هذا: أ- ظلمها لنفسها ؛لأنها تعدت وما وفت بالعهد، يقول تعالى : ( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) الطلاق:1، ونعلم ما للظلم من آثار نفسية سيئة ومشكلات بين الزوجين وعدم الاستقرار. ب- ذهاب عمر المرأة في أعمال صالحة في نظر المرأة مع عدم أدائها لحقوق زوجها فلا ترفع هذه الأعمال ولا تؤجر عليها ، ج- الوحشة التي تجدها المرأة ،وعدم الراحة وهي بسبب الذنوب التي من أعظمها وأشدها على المرأة عصيانها لزوجها ؛مما يجعلها تبحث عن الراحة في غير أماكنها ،وتكثر شكواها لكل من تحس أنه سوف يجد لها حلا مع أن الحل قريب منها ، كما في الحديث المتقدم « فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ ».، فالجنة في الدنيا هو الراحة النفسية ،والنار الوحشة والكآبة . د- غضب الله عليها، فقد روى الترمذي بسند حسن (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تُؤْذِى امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ لاَ تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا ». هـ- لعن الملائكة لها فلتتخيل الزوجة أن ملائكة السماء والأرض تلعنها ، ففي الصحيحين 🙁 عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ » ، ولمسلم : (لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ». ، وهذا الهجر ليلاً أو نهاراً. و- كراهية الزوج لها ،واختلاقه المشاكل معها مما له الأثر عليها وعلى أبنائها. فالواجب على الزوجة المسلمة أن تسعى للوصول لرضا الله بإرضاء زوجها وإسعاده ،وبذلك تتحقق لها سعادة الدنيا والآخرة. فوصيتي لكل امرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحرص على أداء حق زوجها لتنال رضاه، فيكون ذلك سبباً في رضا الله عنها ودخولها الجنة.
الدعاء