خطبة عن الحسد: (معناه وحكمه وأنواعه)
فبراير 13, 2016خطبة عن ( من صور ظلم الحاكم لرعيته)
فبراير 14, 2016الخطبة الأولى ( عقوبة الظلم، والسكوت عليه، ومهابة أهله)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في سنن أبي داود : ( عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ ». أَوْ « أَمِيرٍ جَائِرٍ ».
إخوة الإسلام
ماذاعن الظلم ، والسكوت عليه ، ومهابة أهله : فالفتنة إذا عمَّت هلك الكل وذلك عند ظهور المعاصي وانتشار المنكر وعدم التغيير، فهل هناك زمن انتشرت فيه المعاصي وانتشر فيه المنكر فوجب فيه العمل للتغيير مثل هذه الأيام؟! ،والقادم أخطر، طالما بقينا متقوقعين على أنفسنا خائفين، ولسان حالنا ومقالنا المثل الشعبي: “الباب اللي بجيك منه الريح سده واستريح”، ألا تعلمون أن الريح إذا اشتدت وعصفت فستقلع الأبواب والبيوت وكل من فيها وكل ما حولها فلا تبقي ولا تذر؟!
أيها المسلمون
وواقع المسلمين اليوم خير دليل على جزاء السكوت على الظلم ، ومداهنة الظالمين ، بل والوقوف بجانبهم ، والسير على دربهم وطريقتهم ، والدعوة إلى سلوكهم ، والاقتداء بهم والتأسي بأخلاقهم ، فهم تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال ابن عباس رضي الله عنهما: “أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا يُقِرُّوا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ إِلَيْهِمْ فَيَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِالْعَذَابِ”، فكثر فيهم المنكرات والمظالم ففي صحيح مسلم عن زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها سألت الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت له: “يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ، وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَث». ولم يأبه أكثرهم بما يُكاد للأمة ليل نهار بل يمكن أن يكونوا قد ألفوا المنكرات رغم طاعتهم لله في أمورهم الفردية، عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا ظَهَرَ السُّوءُ فِي الْأَرْضِ، أَنْزَلَ اللَّهُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ بَأْسَهُ». قَالَتْ: وَفِيهِمْ أَهْلُ طَاعَةِ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ». والأمة الإسلامية لا زالت تتعرض للعقاب بسبب سكوتها على الظلم ، وفي ظل تحييد الحكم بما أنزل الله والرضا بحكم الطواغيت ، فهذا استعمار عسكري وسياسي وما يتبعهما من خراب وتدمير وقتل وبطش واعتقال وتعذيب ،واستعمار اقتصادي وما يتبعه من فقر وجوع وحرمان وتكدس للأموال في أيدي قلة من الرأسماليين المتنفذين الجبابرة. وإعلام قد رُسم له منهج يحقق أهداف الاستعمار ويطيل أمده. واستعمار ثقافي يتمثل في مناهج دراسية في المدارس والجامعات يجتهد القائمون عليها في حرف المسلمين عن عقيدتهم. ومعاهدات ومواثيق واتفاقيات تحمل في طيات طياتها كل ما يمكن أن يقلب المفاهيم الإسلامية وينفر منها ويبدلها بمفاهيم الكفر والضلال. ثم مؤسسات تمويلية تراقب تطبيق الحكومات لبنود الاتفاقيات وجمعيات يطلق عليها اسم “منظمات غير حكومية” تمهد الطريق لها لإيجاد رأي عام لتلك المفاهيم عند الشعوب. فالله سبحانه وتعالى قد حذّر المسلمين من التراخي في تغيير المنكر في أي صورة كانت، وأمرهم بالوقوف في وجه الظالمين المفسدين، وإلا عمهم جميعا العقاب والعذاب، وإذا دعوه لكشف العذاب عنهم لا يستجيب لهم، فقد حذرهم النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه حين قال: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ» رواه الإمام الترمذي عن حذيفة بن اليمان.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عقوبة الظلم، والسكوت عليه، ومهابة أهله)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فيا أمة الإسلام يا أمة رسول الله : اعلموا رحمكم الله أنكم بترككم الظالم وعدم أخذكم على يديه، تكونون قد خالفتم ما جاءت به الرسل، ولم تأبهوا بما حذركم من وقوعه نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ» حديث حسن، أخرجه ابن ماجه ولأنه هان أمر الله ورسوله عليكم فقد هان أمركم على الله، ووقع المحذور. والحمد لله أن هيأ الله للأمة الإسلامية ثلة واعية مخلصة ذات إحساس مرهف وذلك ما بشر به رسول الله كما في البخاري (مُعَاوِيَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ » )، ففي كل البلاد الإسلامية توجد هذه الفئة التي تدعوا الناس إلى الخير وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر ، وهي قائمة على الحق رغم قلة أهلها لكنهم تحولوا من أمة قليلة ضعيفة إلى قوية عزيزة، قال تعالى: ((واذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الأنفال: 26] ، وها هي هذه الثلة الواعية استجابت لنداء الله ورسوله وأخذت تعمل جاهدة على إنكار المنكر وتوجيه الناس وقيادتهم للسير على منهاج النبوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففي المستدرك للحاكم ، ومسند أحمد وغيره : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « إِذَا رَأَيْتُمْ أُمَّتِى تَهَابُ الْظَالِمَ أَنْ تَقُولَ لَهُ إِنَّكَ أَنْتَ ظَالِمٌ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُمْ »
الدعاء