خطبة عن (حكم الظلم وأنواعه )
فبراير 14, 2016خطبة عن ( خلافة أبي بكر الصديق ومميزاتها)
فبراير 14, 2016الخطبة الأولى ( إِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ) الكهف 87، ويقول سبحانه (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) الطلاق 1 ،ويقول سبحانه (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) لقمان 13 ، وروى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : « يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا )وأخرج الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”، وفي مسند أحمد وغيره (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
إخوة الإسلام
الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وهو التعدي عن الحق إلى الباطل ، وفيه نوع من الجور؛ إذ هو انحراف عن العدل. والظلم من الذنوب العِظام ، والكبائر الجِسام، يُحيطُ بصاحبه ويُدمِّره، ويُفسِد عليه أمرَه، ويُغيِّرُ عليه أحوالَه، فتزولُ به النعم، وتنزل به النِّقَم، ويُدرِكُه شُؤمه وعقوباتُه في الدنيا وفي الآخرة، كما تُدرِكُ عقوبات الظلم الذُّريةَ. الظلمُ يُخرِّبُ البيوتَ العامرة، ويجعل الديار دامِرة، الظلمُ يُبيدُ الأمم ، ويُهلِك الحرثَ والنسل. ولقد حذَّرنا الله من الظلم غاية التحذير، وأخبرنا تبارك وتعالى بأن هلاك القرون الماضية بظلمهم لأنفسهم لنحذَر أعمالهم، فقال تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ . ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [يونس: 13، 14]. وقال تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} [الكهف: 59]. وقال تبارك وتعالى: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ . أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 45، 46]، ولأجل كثرة مضار الظلم ، وعظيم خطره ، وتنوُّع مفاسده ، وكثير شرِّه؛ حرَّمه الله بين عباده ، كما حرَّمه على نفسه، فقال تعالى في الحديث القدسي: « يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا ) (رواه مسلم ).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فالله حرَّم الظلمَ على نفسه – وهو يقدر عليه – تكرُّمًا وتفضُّلاً وتنزيهًا لنفسه عن نقيصة الظلم؛ فإن الظلمَ لا يكون إلا من نفسٍ ضعيفة ، لا تقوَى على الامتناع من الظلم، ولا يكون الظلمُ إلا من حاجةٍ إليه، ولا يكون إلا من جهلٍ، والله عز وجل مُنزَّهٌ عن ذلك كلِّه، فهو القوي العزيز الغني عن خلقه فلا يحتاجُ إلى شيء، وهو العليمُ بكل شيء. وحرَّم الله الظلمَ بين عباده ليحفظوا بذلك دينَهم ويحفَظوا دنياهم، وليُصلِحوا أمورهم، وليُصلِحوا دنياهم وآخرتهم، وليتمَّ بين العباد التعاوُن والتراحُم بترك الظلم، وأداء الحقوق لله ولخلق الله تعالى.
أيها المؤمنون
والظلم ثلاثة: الأول ـ أن يظلم الناسُ فيما بينهم وبين الله تعالى: وأعظمه الكفر والشرك والنفاق، ولذلك قال تعالى: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ( لقمان:13)، وإياه قصد بقوله تعالى :{ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } (هود:18). الثاني ـ ظلم بينه وبين الناس: وإياه قصد بقوله: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} ( الشورى:40) ،وبقوله تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ} ( الشورى 42) . الثالث ـ ظلم بين العبد وبين نفسه: وإياه قصد بقوله: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } (فاطر:32)، وقوله على لسان نبيه موسى: { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } ( القصص:16)، وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس، فإن الإنسان في أول ما يهمُّ بالظلم فقد ظلم نفسه. وقال الذهبي: «الظلم يكون بأكل أموال الناس وأخذها ظلمـًا، وظلم الناس بالضرب والشتم والتعدي والاستطالة على الضعفاء»، وقد عده من الكبائر، وبعد أن ذكر الآيات والأحاديث التي تتوعد الظالمين، ولنا مع الظلم لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء