خطبة عن ( الصحابي عمير بن وهب)
مارس 13, 2016خطبة عن حديث إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ
مارس 13, 2016الخطبة الأولي ( وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري ومسلم (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ « إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَ الَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ».
إخوة الإسلام
في هذا الحديث بيان سعة علم الله تعالى وأنه يعلم جميع أحوال الخلق قبل خلقهم ويقدر مقاديرهم لحكمة فما يكون منهم من إيمان وطاعة وكفر ومعصية وشقاوة وسعادة وفقر وغنى إلا قد سبق في علم الله ، فإذا آمن العبد بذلك واطمأن قلبه أورث ذلك عنده رضا بقسم الله له وقناعة في طلب الرزق مع بذل الأسباب المشروعة وعدم المبالغة فيها والحرص عليها ، وفي مسند البزار (عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا النَّاسَ ، فَقَالَ : هَلُمُّوا إِلَيَّ ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ فَجَلَسُوا ، فَقَالَ : ( هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ جِبْرِيلُ نَفَثَ فِي رَوْعِي أَنَّهُ لاَ تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا ، وَإِنْ أَبْطَأَ عَلَيْهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، وَلاَ يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَأْخُذُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ. ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم (فو الذي لا إله غيره) فيه دليل على مشروعية الحلف في الأمور المهمة في مقام التعليم والإفتاء والمناظرة وغيرها في المواضع التي يحتاج المتكلم إلى تأكيد الكلام ، وقوله صلى الله عليه وسلم (فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) ظاهره فيه إشكال ويفسره حديث سهل بن سعد في الصحيحين برواية (إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة) ، فهذه الرواية تدل على أن ظاهر عمل الرجل يكون صالحا وأن باطنه يكون بخلاف ذلك وأن الخاتمة السيئة تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس من شك أو نفاق أو رياء ونحوه من أمراض القلب فتغلب عليه تلك الخصلة السيئة عند موته وتوجب له سوء الخاتمة والعياذ بالله ، وكذلك قد يكون ظاهر عمل الرجل فاسدا من أعمال أهل النار وفي باطنه خصلة خفية صالحة لا يطلع عليها الناس من خوف الله ومحبته وإشفاقه من ذنوبه الكبار وغير ذلك من خصال الخير ثم تغلب عليه تلك الخصلة آخر عمره ويوفق للتوبة فتوجب له حسن الخاتمة . قال عبد العزيز بن أبي رواد “حضرت رجلا عند الموت يلقن لا إله إلا الله فقال آخر ما قال هو كافر بما تقول ومات على ذلك قال فسألت عنه فإذا هو مدمن خمر فكان عبد العزيز يقول اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته”. وأفاد الحديث الخوف الشديد والحذر من سوء الخاتمة وأن العبرة ليس بكثرة العمل وإنما العبرة بالخواتيم ،وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين يخافون على أنفسهم النفاق الأصغر ويشتد قلقهم وحزنهم منه ويخشون أن يغلب ذلك عليهم عند الخاتمة ويخرجهم إلى النفاق الأكبر ، ومن هنا ينبغي على العبد ألا يغتر بصالح عمله ولا يتكل عليه ويعجب به لأنه لا يدري ما يختم له ويكثر من سؤال الله الثبات وأن يتعوذ من سوء الخاتمة والموفق من وفقه الله وعصمه. ومذهب أهل السنة والجماعة أن لا يشهد لمعين بجنة ولا نار إلا ما شهد له الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك ، كما شهد بالجنة للعشرة والحسن والحسين وثابت بن قيس وعكاشة وغيرهم ، وكما شهد بالنار لأبي لهب وكركرة وأبي طالب وغيرهم ، ولا يجوز الحكم على أحد بجنة ولا نار من غير دليل يوجب ذلك ،إلا أننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء ونشهد للمؤمنين بالجنة عموما ونشهد للكفار بالنار عموما من غير تعيين.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
الفائدة العاشرة: السعادة الحقيقية هي إلتزام العبد الطاعة من الإيمان والعمل الصالح مما يكون سببا في دخول الجنة ،والشقاوة الحقيقية هي الخروج عن طاعة الله والإعراض عن دينه وانتهاك محارمه مما يكون سببا في دخول النار ،أما الدنيا والملذات فلا يفرح بها المؤمن لأنها زائلة وحصولها للعبد ليس دليلا على الرضا والمحبة ولا تساوي عند الله جناح بعوضة ولذلك منعها أكرم الخلق ، ومن اعتقد أن السعادة كل السعادة في جمع المال والشقاوة في قلة المال فقد جانب الصواب وضعفت بصيرته وقل إيمانه وغلبه هواه ،قال تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) هود 106 : 108 ،فالواجب على العبد أن يسعى في تحصيل أسباب السعادة وترك أسباب الشقاوة والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
إخوة الإسلام
وفي الختام نسأل الله حسن الخاتمة وحسن الخاتمة أن يوفق العبد قبل موته للبعد عمَّا يغضب ربه سبحانه، والتوبة من الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة.ومما يدل على هذا المعنى ما صحَّ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبده خيراً استعمله. قالوا: كيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل موته ). رواه أحمد والترمذي والحاكم.
الدعاء