خطبة عن ( اسم الله الفتاح )
يوليو 13, 2016خطبة عن ( اسم الله اللطيف )
يوليو 13, 2016الخطبة الأولى ( اسم الله الكافي )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف 180، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه – أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: “إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ”، وقال الله تعالى -: ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ ﴾ [الحجر: 95].
إخوة الإسلام
اليوم -إن شاء الله- موعدنا مع اسم من أسماء الله الحسنى ، ألا وهو اسمه تعالى : ( الكافي ) ، قال – تعالى -: ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ ﴾ [الحجر: 95]. وقال ابن القيِّم – رحمه الله -: وَهُوَ الْحَسِيبُ كِفَايَةً وَحِمَايَةً وَالْحَسْبُ كَافِي الْعَبْدِ كُلَّ أَوَانِ ، والتوكُّل على الله سببُ كفاية الله لعبده؛ قال – تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]؛ أي: كافيه كلَّ أموره الدِّينيَّة والدنيويَّة، والتوكُّل هو اعتماد القلْب على الله في حصول المطلوب، ودفْع المكروه، مع الثِّقة به، وفعْل الأسباب المأذون فيها شرعًا . وقال بعضُ السلف: جعل الله – تعالى – لكلِّ عمل جزاءً من جنسِه، وجعل جزاءَ التوكل عليه نفسَ كفايته لعبده؛ فقال: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾، ولم يقل: نؤتِه كذا وكذا من الأجْر، كما قال في الأعمال؛ بل جعل نفسَه – سبحانه – كافيَ عبدِه المتوكِّلِ عليه، وحسبه وواقيه . فلو توكَّل العبدُ على ربِّه حقَّ التوكل بأنِ اعتمد بقلْبه على ربِّه اعتمادًا قويًّا كاملاً في تحصيل مصالحه، ودفْع مضارِّه، وقويت نفسُه، وحسُن ظنُّه بربِّه، حصلتْ له الكفاية، وأتمَّ الله له أحوالَه، وسدَّده في أقواله وأفعاله، وكفاه همَّه، وجَلاَ غمَّه ، فهناك لا تسأل عن كلِّ أمر يتيسَّر، وصعْبٍ يسهل، وخطوبٍ تهون، وكروبٍ تزول، وأحوالٍ وحوائجَ تُقضى، وبركاتٍ تنزل، ونِقمٍ تُدفع، وشرورٍ تُرفع .
أيها المسلمون
ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم ( الكافي ): أولاً: إذا عَلِم العبدُ أنَّ الله هو الكافي عبادَه رِزقًا ومعاشًا، وحفظًا وكلاءةً، ونصرًا وعزًّا، اكتفى بمعونته عمَّن سواه، وإذا كان كذلك، وَجَب ألاَّ يكون الرجاء إلا فيه، والرَّغبةُ إلا إليه، روى النسائيُّ من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قَالَ سَرَّحَتْنِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ وَقَعَدْتُ فَاسْتَقْبَلَنِي وَقَالَ مَنْ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ اسْتَكْفَى كَفَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فمَن وقع في شِدَّة وضيق، فليطلبْ من الله الكفايةَ، فإنَّ الله يكفيه). وفي “صحيح مسلم” في قصَّة الغلام المؤمن، لمَّا أبى أن يرجعَ عن دِينه: “دفَعَه الملِك إلى نَفَرٍ من أصحابه (أي: جماعة من الناس)، وقال لهم: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا – جبل معروف عندهم شاهِق رفيع – وقال لهم: إذا بلغوا ذروتَه فاطرحوه؛ يعني: على الأرض؛ ليقعَ من رأس الجبل فيموت، بعدَ أن تَعرِضوا عليه أن يرجع عن دِينه، فإنْ رجع وإلا فاطرحوه، فلمَّا بلغوا قمَّة الجبل، فطلبوا منه أن يرجع عن دِينه، أبَى؛ لأنَّ الإيمان قد وَقَر في قلبه، ولا يمكن أن يتحوَّل أو يَتزحزح، فلمَّا همُّوا أن يطرحوه، قال: اللهم اكفنيهم بما شئتَ – دعوة مضطر مؤمن – أي: بالذي تشاء ولم يُعيِّن، فرجف الله بهم الجبلَ فسقطوا وهلكوا، وجاء الغلام إلى الملِك، فقال: ما الذي جاء بك؟ أين أصحابك؟! فقال: قد كفانيهم الله، ثم دَفَعه إلى جماعة آخرين وأمرَهم أن يركبوا البحر في قُرقُور (سفينة)، فإذا بلغوا لُجَّة البحر عرَضوا عليه أن يرجع عن دِينه، فإن لم يفعلْ رمَوْه في البحر، فلمَّا توسَّطوا من البحر، عَرَضوا عليه أن يرجع عن دينه – وهو الإيمان بالله – فقال: لا، فقال: اللهم اكفنيهم بما شِئت، فانقلبتِ السفينة وغرقوا، وأنجاه الله” .
أقول قولي وأستعغر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اسم الله الكافي )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم ( الكافي ): ثانيًا: مَن كان عليه دَينٌ فليتضرَّعْ إلى الله – تعالى – ليكفيَه همَّ الدَّين؛ روى الترمذيُّ في سُننه عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ إِنِّى قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِى فَأَعِنِّى. قَالَ أَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ قَالَ « قُلِ اللَّهُمَّ اكْفِنِى بِحَلاَلِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِى بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ». ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم ( الكافي ): ثالثًا : أنه يُشرع للعبد أن يسأل الله الكافي أن يكفيَه شرَّ الأعداء؛ قال – تعالى -: ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137]، فيقول: يا كافٍ، اكفني شرَّ فلان، الذي ظلَمه أو آذاه، روى الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا خَافَ مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ قَوْمٍ قَالَ « اللَّهُمَّ إِنَّى أَجْعَلُكَ فِى نُحُورِهِمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ » . وروى البخاريُّ في صحيحه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِىَ فِى النَّارِ ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ – صلى الله عليه وسلم – حِينَ قَالُوا ( إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) ﴾ [آل عمران: 173]. ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم ( الكافي ): رابعًا: أنَّ الله – تعالى – كفَى المؤمنين شرَّ أعدائهم في مواطنَ كثيرةٍ، فعلى سبيل المثال في غزوة بدْر مع قلَّة عددهم، ونقص عُدَّتهم وضعْفهم، نصرَهم الله وكفاهم الأعداء، قال – تعالى -: ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴾ [آل عمران: 124]. وكذلك في غزوة الخندق أو الأحزاب، كفاهم الله شرَّ الأحزاب التي تجمَّعت عليهم، قال – تعالى -: ﴿ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ﴾ [الأحزاب: 25]. والخلاصة: أنَّ (الكافي) اسم من أسماء الله – تعالى – وهو بمعنى الكافي عبادَه جميعَ ما يحتاجون، ويضطرون إليه، رِزقًا ومعاشًا وقُوتًا، الكافي كفاية خاصَّة مَن آمن به، وتوكَّل عليه، واستمدَّ منه حوائجَ دِينه ودنياه. ويُشرع للمسلِم أن يسأل ربَّه بهذا الاسم أن يكفيَه شرَّ مَن ظلمه وآذاه
الدعاء