خطبة عن (الإبتلاء بالغنى والفقر )
فبراير 8, 2016خطبة عن (الأسوة الحسنة في الابتلاء)
فبراير 8, 2016الخطبة الأولى ( من موقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الابتلاء )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (155):(157) البقرة
إخوة الاسلام
ونستكمل حديثنا عن موقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الابتلاء بموت الاحباب ،فهذه ابنته زينب مات ولدها وأرسلت إليه صلى الله عليه وسلم فماذا فعل. ففي صحيح البخاري (أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضى الله عنهما قَالَ أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِى قُبِضَ فَائْتِنَا.فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلاَمَ وَيَقُولُ :« إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى ، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ ». فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا،فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّبِىُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ قَالَ حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ كَأَنَّهَا شَنٌّ.فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا فَقَالَ: « هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِى قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ ». وفي رواية عند البيهقي (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:خَرَجَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّخْلِ فَإِذَا ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَوَضَعَهُ فِى حِجْرِهِ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : أَتَبْكِى وَأَنْتَ تَنْهَى النَّاسَ؟ قَالَ :« إِنِّى لَمْ أَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ ، إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنِ النَّوْحِ ، صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ صَوْتٍ عِنْدَ نَغَمَةٍ لَهْوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرِ شَيْطَانٍ ، وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشِ وُجُوهٍ ، وَشَقِّ جُيُوبٍ ، وَرَنَّةٍ وَهَذَا هُوَ رَحْمَةٌ وَمَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ يَا إِبْرَاهِيمُ لَوْلاَ أَنَّهُ أَمْرٌ حَقٌّ وَوَعَدٌ صِدْقٌ وَأَنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ بِأَوَّلِنَا لَحَزِنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ تَبْكِى الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلاَ نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ ». وعندما قتل ابن عمه جعفر ابن أبي طالب كما عند الإمام أحمد (عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ :(لَمَّا أَتَى قَتْلُ جَعْفَرٍ عَرَفْنَا فِى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحُزْنَ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النِّسَاءَ قَدْ غَلَبْنَنَا وَفَتَنَّنَا.قَالَ« فَارْجِعْ إِلَيْهِنَّ فَأَسْكِتْهُنَّ ». قَالَ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ يَقُولُ وَرُبَّمَا ضَرَّ التَّكَلُّفُ أَهْلَهُ. قَالَ « فَاذْهَبْ فَأَسْكِتْهُنَّ فَإِنْ أَبَيْنَ فَاحْثُ فِى أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ ». قَالَتْ قُلْتُ فِى نَفْسِى أَبْعَدَكَ اللَّهُ فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتَ نَفْسَكَ وَمَا أَنْتَ بِمُطِيعٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَحْثُوَ فِى أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ). هذا هو حال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند فقد الأحباب .فهو معتدل في حزنه .فلم يسخط .ولم يفعل ما يغضب ربه بل كان صابرا محتسبا عند الله أجره كيف لا وهو القائل كما عند الإمام أحمد:« إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِى وَأْجُرْنِى فِيهَا وأَبْدِلْنِى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا » ، أما حاله عندما بشر بالولود.فهو أيضا فرح معتدل.ولم ينس شكر الواهب والمعطي ففي المعجم الكبير للطبراني (عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ :( لَمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ حَسَنًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا أَعُقُّ عَنِ ابْنِي ؟ قَالَ :لا ،وَلَكِنِ احْلِقِي رَأْسَهُ وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِ شَعْرِهِ وَرِقًا أَوْ قَالَ : فِضَّةً عَلَى الْمَسَاكِينِ ، فَلَمَّا وَلَدَتْ حُسَيْنًا فَعَلَتْ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ) وانظروا ماذا فعل معه عندما أصبح طفلا للطبراني(عَنْ يَعْلَى بن مُرَّةَ الْعَامِرِيِّ :أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَعَامٍ دُعُوا إِلَيْهِ ، فَإِذَا حُسَيْنٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَلْعَبُ مَعَ صِبْيَانٍ ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَسَطَ يَدَهُ، فَجَعَلَ الْغُلامُ يَفِرُّ هَاهُنَا وَهَاهُنَا فَيُضاحِكُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَخَذَهُ ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ فِي عُنُقِهِ ، وَالأُخْرَى فِي فَأْسِ رَأْسِهِ ، ثُمَّ اعْتَنَقَهُ فَقَبَّلَهُ ، ثُمَّ قَالَ : ( حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا ، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ ) .. هكذا كان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو معتدل في حزنه عند الموت وفي فرحه عند الولادة
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الأسوة الحسنة في الابتلاء )2
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونستكمل الحديث.. ثم ننتقل إلى ابتلاء وفتنة أخرى .ألا وهي ابتلاؤه بالصحة والمرض .ففي صحته صلى الله عليه وسلم كان لله شاكرا فيقول داعيا كما في المعجم الأوسط:« الحمد لله الذي أنامني في عافية، وأيقظني في عافية» وفي مسند الإمام أحمد عن ابْن عُمَرَ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِى وَحِينَ يُصْبِحُ :« اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِى دِينِى وَدُنْيَاىَ وَأَهْلِى وَمَالِى اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِى »، أما في مرضه فهو صلى الله عليه وسلم صابر محتسب .لم يتشكى ولم يتسخط ولم ييأس بل رأى في مرضه أجرا وثوابا ورفعة لدرجاته فعند البخاري (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ يُوعَكُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا.قَالَ :«أَجَلْ إِنِّى أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ ». قُلْتُ ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ قَالَ :«أَجَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا ، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا » ،فهو في صحته شاكر وفي مرضه صابر. ثم ننتقل إلى فتنة أخري ونرى كيف كان موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم منها إنها فتنة الفقر والغنى .فقد عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم حياة الفقراء وابتلى بالفقر ويظهر ذلك جليا في طعامه ولباسه وفراشه بل واستدانته من الآخرين كما في صحيح البخاري (عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِىٍّ بِثَلاَثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ). وعَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ،وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: « مَا أَصْبَحَ لآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ صَاعٌ ،وَلاَ أَمْسَى » وَإِنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ ) ونستكمل الحديث عن حاله في فقره وغناه
الدعاء