خطبة عن ( الصحابي: أبي بن كعب)
يوليو 20, 2016خطبة عن ( الصحابي: البراء بن مالك)
يوليو 20, 2016الخطبة الأولى ( الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (73) ) هود، وقال تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (33) ) الاحزاب ، وفي سنن الترمذي : (عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ رَبِيبِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَدَعَا فَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ وَعَلِىٌّ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ ثُمَّ قَالَ « اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا ». وروى مسلم في صحيحه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ». وفي مسند الإمام أحمد (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَىَّ الْحَوْضَ »
إخوة الإسلام
حديثنا اليوم إن شاء الله عن واحد من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وإمام من أئمة المسلمين ، إنه الإمام الحسن رضي الله عنه وعن آل بيت رسول الله أجمعين ،أما عن شرف نسب الحسن بن علي رضي الله عنه : فهو الحسن بن علي هو أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، المدني الشهيد، سِبْط رسول الله وريحانته من الدنيا، وهو سيد شباب أهل الجنة، فهو ابن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وقد ولد الحسن في نصف رمضان سنة 3هـ.ومن صفاته الخلقية : أنه كان أبيض اللون مشرّباً بحمرة أدعج العينين، سهل الحديث، كثّ اللحية، جعد الشعر، ذا وفرة، حسن البدن، بعيد ما بين المنكبين، ليس بالطويل وليس بالقصير. وقد ظل الامام الحسن بن علي يتربى على يد المصطفى صلى الله عليه وسلم ما يقرب من ثماني سنوات، ربّاه على عينه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه حبًّا جمًّا، وقد تولّى النبي تربيته منذ اليوم الأول لولادته؛ فسماه الحسن، وأذَّن في أذنه ليرسِّخ في قلبه معاني عظمة الله ، وليطرد عنه الشيطان. كما برّك النبي الحسن، وحنّكه . وكان النبي يداعب الحسن كثيرًا، ويقبِّله ويعانقه حبًّا له وعطفًا عليه. وربما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد في الصلاة فيركب على ظهره فيُقره على ذلك ويطيل السجود من أجله. وربما صعد معه إلى المنبر، ففي سنن النسائي : (عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ إِذْ أَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا السَّلَام عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَنَزَلَ وَحَمَلَهُمَا فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ رَأَيْتُ هَذَيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فِي قَمِيصَيْهِمَا فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى نَزَلْتُ فَحَمَلْتُهُمَا) ، وكان النبي يؤصِّل في الامام الحسن منذ الصغر حب الإصلاح بين المسلمين، ويربط هذا الأمر بالسيادة؛ فقد روى البخاري بسنده : (قَالَ الْحَسَنُ وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ إِلَى جَنْبِهِ ، وَهْوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ « إِنَّ ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ » . وقد تحققت هذه النبوءة التي تنبّأ بها رسول الله بعد ذلك. وكان كثير الزواج والطلاق. وكان له خمسة عشر ولدا بين ذكر وأنثى وهم: زيد والحسن وعمرو والقاسم وعبد الله وعبد الرحمن والحسن الأكرم وطلحة وأم الحسن وأم الحسين وفاطمة وأم سلمة ورقية وأم عبد الله وفاطمة . وقال ابن الزبير عن أخلاقه رضي الله عنه : “والله ما قامت النساء عن مثل الحسن بن عليّ”. وقال محمد بن اسحق: “ما بلغ أحد من الشرف بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ما بلغه الحسن بن عليّ”. وكان رضي الله عنه كريما يجيب السائلين . قال: نحن أناسٌ سؤالنا خَضِلْ يرفع فيه الرجاء والأمـلْ تجود قبل السؤال أنفسنا خوفاً على ماء وجه من يسَلْ
ومن دلائل جوده وكرمه في عطائه : فقد ذكروا أن الحسن رأى غلاما أسود يأكل من رغيف لقمة، ويطعم كلبا هناك لقمة، فقال له: ما حملك على هذا؟ فقال: إني أستحي منه أن آكل ولا أطعمه. فقال له الحسن: لا تبرح من مكانك حتى آتيك، فذهب إلى سيده فاشتراه واشترى الحائط الذي هو فيه، فأعتقه وملّكه الحائط. فقال الغلام: يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له. وكان رضي الله عنه إذا جامع العلماء يكون على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم، وكان إذا غُلب على الكلام لم يُغلب على الصمت، كان أكثرهم دهره صامتا، فإذا قال يذر القائلين. وكان لا يشارك في دعوى، ولا يدخل في مراء، ولا يدلي بحجة، حتى يرى قاضيا يقول ما لا يفعل، ويفعل ما لا يقول تفضلا وتكرما، كان لا يغفل عن إخوانه ولا يستخص بشيء دونهم. وكان لا يكرم أحدا فيما يقع العذر بمثله، كان إذا ابتداه أمران لا يرى أيهما أقرب إلى الحق نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه.
أيها المسلمون
ومن أهم ملامح شخصية سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنه : جوانب العظمة والسمو البشري والأخلاقي في شخصية الحسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- من الكثرة بمكان، لكن أهم ما يميّزه هو هذا الملمح العظيم في شخصيته، وهو الحرص الواضح والدائم على حقن دماء المسلمين ووحدتهم، ويكسو هذا الحرص حياة الحسن طولاً وعرضًا، ويؤكد ذلك المواقف الكثيرة التي عاشها الحسن ، وتعايش معها انطلاقًا من هذا المبدأ العظيم. وخير شاهد على ذلك تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية حقنًا لدماء المسلمين، وأبرم الصلح معه بعد بضعة أشهر من مبايعته للخلافة، فكان ذلك فاتحة خير على المسلمين؛ إذ توحَّدت جهودهم، وسمي عام 41هـ عام الجماعة، وعاد المسلمون للجهاد والفتوحات.
أيها المسلمون
فبعد اغتيال الإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه، بايع أهل العراق الحسن في شهر رمضان سنة 40 هجرية، فكتب إليه ابن عباس يقول: إن الناس قد ولّوك أمرهم بعد عليّ. فاشدد عن يمينك وجاهد عدوّك. وكان علي بن أبي طالب، وهو يصارع الموت، قد أمره بان يصلي في الناس، وأوصى إليه عند وفاته قائلا: “يا بنيّ أنت وليّ الأمر ووليّ الدولة”. وبايعه الناس راغبين من أهل العراق والحجاز واليمن وفارس. وجاء في خطابه بعد البيعة: “نحن حزب الله الغالبون. وعشرة رسول الله الأقربون. وأهل بيته الطيبون الطاهرون. فأطيعونا فإنّ طاعتنا مفروضة، اذا كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة”. وبعد البيعة أخذت تظهر عناصر مفتنة في الكوفة عاصمة أبيه. وقد شجّعها على ذلك وجود معاوية والي الشام، الذي كان يغدق على المعارضين بوفير المال والوعود. كما أن وجود الخوارج في الكوفة أجّج الوضع. فأراد الحسن القتال فجمع جيشا وفيرا لكنّه خاف من تلوّنهم، فلا يمكن الثقة بمثل هذا الجيش الذي تحركه الشائعات، بل ويفتعل الشائعات، وفيه قسم كبير أراد من الحرب الحصول على الغنائم. وكان الامام الحسن رضي الله عنه حذِرا من الحرب ، نظرا لتجربة أبيه مع مثل هذا الجيش. وكان جيش عليّ الذي جهّزه وسار به نحو الشام يبلغ نحو (40) ألفا. أما الحسن فأضاف إليه (16) ألفا، وقيل إن العدد كان أكثر من ذلك. ولما رأى الحسن نفاق جيشه أراد الصلح مع معاوية فراسله، ووضع شروطه ، وقد قام الامام الحسن رضي الله عنه بخطوة هامة في التاريخ الإسلامي، وهي التنازل عن الملك في سبيل توحيد كلمة المسلمين وتوجيه قوتهم وسيوفهم نحو الروم وبلاد ما وراء البحار. وبتنازله هذا حقن دماء المسلمين وصان وجوههم من الذل والأسر والإبادة. وقد اتهمه بعض أتباعه بأنّه أذلّهم، ولكنه يردّ: “ما أردت بمصالحتي معاوية إلاّ أن ادفع عنكم القتل”. ولو التقى الجمعان لوقعت مذبحة رهيبة في صفوف أتباعه لأنهم كانوا قلة وفيهم المنافق والمتذبذب. وبقبوله الصلح كان الإمام الحسن هو الذي فرض شروط ذلك، وهذا ما يفعله المنتصر.
أيها المسلمون
ونعود إلى فضائله ومآثره ، فمن بعض مواقف سيدنا الامام الحسن بن علي رضي الله عنه مع الرسول صلى الله عليه وسلم : فقد روى الإمام أحمد بسنده : (عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ أَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنِّى أَخَذْتُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلْتُهَا فِي فِيَ – قَالَ – فَنَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِلُعَابِهَا فَجَعَلَهَا فِي التَّمْرِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ هَذِهِ التَّمْرَةِ لِهَذَا الصَّبِىِّ. قَالَ « إِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لاَ تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ » ، وروى البخاري بسنده : ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ فَانْصَرَفَ فَانْصَرَفْتُ فَقَالَ « أَيْنَ لُكَعُ – ثَلاَثًا – ادْعُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ » .فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ يَمْشِى وَفِى عُنُقِهِ السِّخَابُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بِيَدِهِ هَكَذَا ، فَقَالَ الْحَسَنُ بِيَدِهِ ، هَكَذَا فَالْتَزَمَهُ فَقَالَ « اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ ، فَأَحِبَّهُ ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ » . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ بَعْدَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مَا قَالَ
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن مواقف سينا الحسن بن علي رضي الله عنه مع الصحابة رضوان الله عليهم :فمع أبي بكر الصديق رضي الله عنه : فقد روى البخاري في صحيحه (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ – رضى الله عنه – الْعَصْرَ ، ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِى فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ ، فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَقَالَ بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ لاَ شَبِيهٌ بِعَلِىٍّ . وَعَلِىٌّ يَضْحَكُ . ) ومع أبي هريرة رضي الله عنه :فعن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال: كنا مع أبي هريرة فجاء الحسن بن علي بن أبي طالب فسلم علينا، فرددنا عليه السلام، ولم يعلم به أبو هريرة ، فقلنا له: يا أبا هريرة، هذا الحسن بن علي قد سلم علينا. فلحقه وقال: وعليك السلام يا سيدي. ثم قال: سمعت رسول الله يقول: “إنه سيِّد” رواه الطبراني. ومع ابن عباس رضي الله عنهما : فقد روى الإمام أحمد بسنده : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ نُبِّئْتُ أَنَّ جَنَازَةً مَرَّتْ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَقَامَ الْحَسَنُ وَقَعَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ الْحَسَنُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ أَلَمْ تَرَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَلَى وَقَدْ جَلَسَ. فَلَمْ يُنْكِرِ الْحَسَنُ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ومن مواقف الحسن بن علي رضي الله عنه مع التابعين : فعن علي أنه خطب ثم قال: إن ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالاً، وهو يريد أن يقسمه بينكم. فحضر الناس، فقام الحسن فقال: إنما جمعته لفقرائكم. فقام نصف الناس، فكان أول من أخذ منه الأشعث بن قيس . وعن عبد الله بن شداد أن الحسن بن علي مر براعٍ يرعى، فأتاه بشاةٍ فأهداها له، فقال له: حر أنت أم مملوك؟ ، فقال: مملوك. فردها عليه، فقال: إنها لي. فقَبِلها منه، ثم اشتراه واشترى الغنم وأعتقه، وجعل الغنم له. وأما عن أثر الامام الحسن بن علي رضي الله عنه في الآخرين : فعن الحسن بن علي قال: علمني رسول الله كلمات أقولهن في قنوت الوتر: “اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت”. وعن سوادة بن أبي الأسود عن أبيه قال: دخل على الحسن بن علي نفرٌ من أهل الكوفة وهو يأكل طعامًا، فسلموا عليه وقعدوا، فقال لهم الحسن : الطعام أيسر من أن يقسم عليه الناس، فإذا دخلتم على رجلٍ منزله فقرب طعامه، فكلوا من طعامه، ولا تنتظروا أن يقول لكم هلموا؛ فإنما يوضع الطعام ليؤكل. قال: فتقدم القوم فأكلوا، ثم سألوه حاجتهم فقضاها لهم.
أيها المسلمون
وقد روى الامام الحسن بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم صغر سنه ، ومن بعض الأحاديث التي نقلها : فقد روى الترمذي بسنده عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ السَّعْدِىِّ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ ». وروى الإمام أحمد بسنده عن الحسن بن علي، عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ « يَا عَلِىُّ هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَشَبَابِهَا بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ »
أيها المسلمون
ومن كلمات الامام الحسن بن علي رضي الله عنه ، ووصاياه وحكمه : فلما بويع له بالخلافة قال: “والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم”. قالوا: ما هي؟ قال: “تسالمون من سالمت، وتحاربون من حاربت”. ولما تمت البيعة خطبهم. وروي أنه كان يقول: “العَشاء قبل الصلاة يذهب النفس اللوامة”. ومن كلماته : “الدنيا ظل زائل”. ومن كلماته أيضًا لبَنِيهِ وبني أخيه: “تعلموا؛ فإنكم صغار قوم اليوم، وتكونوا كبارهم غدًا، فمن لم يحفظ منكم فليكتب”. وأما عن وفاة الامام الحسن بن علي رضي الله عنه :فقد توفي سنة 49 من الهجرة، وقيل سنة خمسين عن 47 عامًا. ويقال: إنه مات مسمومًا، ودُفن في بقيع الغرقد بجانب أمه فاطمة الزهراء.
الدعاء