خطبة عن ( فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله)
فبراير 15, 2016خطبة عن (الإنفاق في سبيل الله)
فبراير 15, 2016الخطبة الأولى ( الإنفاق في سبيل الله من أعظم القربات )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى : (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) (7) الحديد
إخوة الإسلام
من أعظم النعم : نعمة المال والرزق ، هذه النعمة التي تقوم عليها وتؤدي من خلالها كثير من النعم ، ولا يستغني عنها مخلوق حي حتى الطيور تبحث عن أرزاقها في غدوها ورواحها . وهذا المال مال الله تعالى يودعه عباده ، ليبتليهم أيشكرونه أم يكفرونه ، قال تعالى : ( وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ) (الإسراء : 6 ) ،وقال سبحانه (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (العنكبوت : 60) . والإنفاق في سبيل الله من أعظم التحديات التي تواجه النفس الإنسانية، خاصة أن طبيعة البشر أنهم حريصون كل الحرص على المال؛ محبون له أشد الحب، قال تعالى : ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ الفجر: 20، وقال تعالى :﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ العاديات: 8، فالذي يستطيع أن يكون المال في يده لا في قلبه ، فقد نجا من فتنة المال، ففي سنن الترمذي (عَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِى الْمَالُ » ، فمن الناس من افتتن بالمال فتنةً عظيمةً، حتى أنه أصبح عبدًا لذلك المال وللدرهم والدينار، فانطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ ) ،فهؤلاء لم يعد لهم همٌّ إلا جمع المال دون النظر من أي طريق يجمع، وفي أي طريق ينفق، فترك دينه وتفرغ لدنياه، فابتعد عن ذكر الله وترك صلاته وعبادته، وانشغل بالأدنى عن الذي هو خير، واستعمل ماله في سخط الله فتعس وانتكس، وبخل بما أعطاه الله ظانًّا أن ذلك خيرٌ له، ولم يسمع قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ آل عمران 180. ومن الناس من علم أن المال الذي بين يديه إنما هو أمانة ، وأنه مستخلف فيه، تصديقا لقوله سبحانه وتعالى: ﴿آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ الحديد 7، فعلم أنه ابتلاء من الله امتحنه فيه، فاتقى الله فيما بين يديه وحافظ على توازنه ما بين ماله ودينه، فأدى الحقوق المطلوبة وقام بالواجبات المفروضة، فبارك الله سبحانه وتعالى له في ماله في دنياه وضاعف له أجره في الآخرة، وصدق فيه قول الله سبحانه وتعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ البقرة: 245.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الإنفاق في سبيل الله )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن الإنفاق في سبيل الله سبحانه وتعالى هو أحد أهم الأمور التي يقاس بها العبد ، من ناحية صدقه مع الله تعالى ، وعبوديته له، كما قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم :(وَالصَّلاَةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ) ، خاصة وأن كثيرًا من الناس يدّعون الإيمان والعبادة، ويتذرعون أن أبواب الخير مؤصدةٌ في وجوههم. فالله سبحانه وتعالى أمرنا أن نجاهد بأموالنا كما أمرنا أن نجاهد بأنفسنا، بل جاء الأمر بالإنفاق جهادا للنفس قبل الجهاد بالنفس، لما في ذلك من تهيئة للنفس كي تجود بما هو أكبر من ذلك، فقال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ الصف 10 ، 11 .والإنفاق في سبيل الله إنماء للمال وإبقاء له: ففي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ – وَقَالَ – يَدُ اللَّهِ مَلأَي لاَ تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ – وَقَالَ – أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ » ، فالله الله على من زاد ماله وباركه بالإنفاق في سبيل الله ، وانتظر الجزاء من الله في الدنيا والآخرة، متيقنا بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ سبأ 39، .وصدق الله سبحانه وتعالى إذ قال: ﴿وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾ المزمل 20 .وفي الحديث المتفق عليه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ، وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا » ونواصل الحيث في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء