خطبة عن (الإنفاق وأفضل الصدقات)
فبراير 15, 2016خطبة عن ( فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله)
فبراير 15, 2016الخطبة الأولى ( من شروط الصدقة المقبولة )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ) (261): (263) البقرة
إخوة الإسلام
لكي يؤدي الإنفاق تلك الثمار العظيمة والفوائد الجليلة لابد وأن يكون المنفق مستحضراً آداباً مهمة فيه ، وهي : 1 – الإخلاص : فالإخلاص يعني تجريد العبودية لله تعالى لا يشوبها شائبة رياء أو سمعة أو غيرهما، فإذا أنفق على نفسه وأسرته ينفق شاكراً لله تعالى على ما أعطاه من هذه المال ، حامداً له على هذه النعمة ، وإذا أنفق على الفقراء والمساكين ، أو مشاريع الخير وأعمال البر يريد الأجر والثواب من هذه الإنفاق ، فقد روى البخاري في صحيحه (عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ – رضى الله عنه – عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ »، فمن انفق يبتغي الأجر من الله فله ذلك ، ومن أنفق رياء أو سمعة أخذ حظه من ثناء الناس في الدنيا ، وليس له حظ في الآخرة ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِوذكر ومنهم …….: ” (وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِىَ فِي النَّارِ » . 2 – ومن آداب الإنفاق في سبيل الله عدم المن والأذى : فالمن هو : التحدث بما أعطي حتى يبلغ ذلك المعطي فيؤذيه . والأذى هو : السب والتطاول والتشكي على من تصدق عليه . وعدم المن والأذى هو الأدب الثاني الذي يتفق مع ما فطر الله تعالى النفس الإنسانية عليه من الكرامة والعزة ، فتلك النفس تأبى أن يكون هذا العطاء مقروناً بمن أو أذى، إذا أن هذا المن يخدش كرامة النفوس الكريمة ويجرح مشاعرها ، ويستذلها بمنته ، ويشعرها بالصغار والهوان . من هنا جعل الله سبحانه الصدقات المقرونة بالمن والأذى باطلة غير مقبولة، يقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ). ( البقرة : 264 )، 3 – ومن آداب الإنفاق في سبيل الله أن يكون الإنفاق من المال الطيب ،وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ». ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ». 4 – ومن آداب الإنفاق في سبيل الله الاعتدال في الإنفاق : لأن المال أمانة عند صاحبه ، فهو مال الله تعالى ، رزقه هذا الإنسان ، ليتعامل به وفق منهج الله تعالى ، فلا يتعالى فيه فيبذر ويسرف ويتجاوز القصد والاعتدال ، ولا يقتر فيشح ويبخل ويمسك ، قال تعالى مادحاً المؤمنين الذين يسلكون هذا المنهج : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان: 67
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من شروط الصدقة المقبولة )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن آداب الإنفاق في سبيل الله أن تتخير الأجود من الحلال الطيب الذي تحبه فتنفقه، قال تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) آل عمران 92، 6 – ومن آداب الإنفاق في سبيل الله أن تقدم ذوي الحاجة من أقربائك وذوي رحمك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَهِىَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ » [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني]. 7 – ومن آداب الإنفاق في سبيل الله أن تسر بصدقتك ما استطعت، إلا إذا كان في إعلانها مصلحة راجحة فأعلنها، قال تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [البقرة:271].وذكر من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: « وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ » [متفق عليه]. ونواصل الحديث في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء