خطبة عن ( في الاتحاد قوة وتمكين )
سبتمبر 12, 2016خطبة عن (الباقيات الصالحات) (سُبْحَانَ الْلَّهِ ،وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا الْلَّهُ، وَالْلَّهُ أَكْبَرُ)
سبتمبر 12, 2016الخطبة الأولى ( الاستقامة : أسبابها وثمراتها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (30) فصلت ، وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (13) الاحقاف ، وروى الإمام أحمد في مسنده : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِأَمْرٍ فِي الإِسْلاَمِ لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً بَعْدَكَ. قَالَ « قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ ».
إخوة الإسلام
الاستقامة : هي سلوك الصراط المستقيم ، وهو الدين القيم ، من غير ميل عنه يمنة ولا يسرة ، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها ، الظاهرة والباطنة ، وترك المنهيات كلها ، الظاهرة والباطنة . والاستقامة هي وسط بين الغول والتقصير ، وكلاهما منهي عنه شرعاً. والمؤمن مطالب بالاستقامة الدائمة ، ولذلك يسألها ربه في كل ركعة من صلاته : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } الفاتحة 6 ، 7 ، والاستقامة درجات : فمن درجات الاستقامة : أولها : الثَّبَات على التوحيد، والبراءة من الشرك وأهله. وذلك عندما سُئِل أبو بكر الصديق – رضِي الله عنْه – عن الاستقامة قال: “ألاَّ تشركَ بالله شيئًا”؛ أي: لزوم التوحيد الخالص. ثانيًا : لُزُوم الأَوامِر والنواهي بفعل الأمر وترك النهي، وهي إتيان الطاعات واجتِناب المعاصي. كما قال بذلك عمر بن الخطاب – رضِي الله عنْه -: “أن تستَقِيم على الأمر والنهي، ولا تَرُوغ روغان الثعلب”. وذلك بِلُزُوم الطاعات في كلِّ الأحوال حتى ينشَغِل الإنسان بما فيه النفْع والخيْر، ويترُك المَعاصِي والمحرَّمات؛ لتَحقِيق الثَّبات على طاعة الله – عزَّ وجلَّ – لأنَّ التذبذب وعدم الثَّبات من صِفات المنافقين؛ كما قال تعالى : ﴿مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ﴾ [النساء: 143]، وقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدَّث كذب، وإذا وعَد أخلف، وإذا اؤتُمِن خان))؛ رواه البخاري ومسلم. فجِماع الاستقامة هي إخلاص التوحيد لله – عزَّ وجلَّ – وترْك النواهي والثَّبات على ذلك، فهي بجَمِيع أحوال الإنسان من أقوال وأعمال وثَبات. ولما كان من طبيعة الإنسان أنه قد يقصر في فعل المأمور ، أو اجتناب المحظور ، وهذا خروج عن الاستقامة ، فقد أرشده الشرع إلى ما يعيده لطريق الاستقامة ، فقال تعالى مشيراً إلى ذلك : { فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ } (فصلت 6 ) ، فأشار إلى أنه لابد من تقصير في الاستقامة المأمور بها ، وأن ذلك التقصير يجبر بالاستغفار المقتضي للتوبة والرجوع إلى الاستقامة. وفي سنن ابن ماجة (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ فِي لِسَانِي ذَرَبٌ عَلَى أَهْلِي وَكَانَ لاَ يَعْدُوهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَيْنَ أَنْتَ مِنَ الاِسْتِغْفَارِ تَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً ». وفي سنن الترمذي (عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ ،قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا) ، والاستقامة درجات يبينها قوله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « لَنْ يُنَجِّىَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ » . قَالُوا وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « وَلاَ أَنَا ، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا ، وَاغْدُوا وَرُوحُوا ، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ . وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا » ، وقوله صلى الله عليه وسلم:( سَدِّدُوا وَقَارِبُوا) ، فالسداد : هو الوصول إلى حقيقة الاستقامة ، أو هو الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد. وقوله : ( قاربوا ) أي: اجتهدوا في الوصول إلى السداد ، فإن اجتهدتم ولم تصيبوا فلا يفوتكم القرب منه. فهما مرتبتان يطالب العبد بهما : السداد ، وهي الاستقامة ، فإن لم يقدر عليها فالمقاربة ، وما سواهما تفريط وإضافة ، والمؤمن ينبغي عليه أن لا يفارق هاتين المرتبتين ، وليجتهد في الوصول إلى أعلاهما ، كالذي يرمي غرضاً يجتهد في إصابته ، أو القرب منه حتى يصيبه .
ومما يدل على أهمية الاستقامة أمور ، منها : 1ـ أنها في حقيقتها تحقيق للعبودية التي هي الغاية من خلق الإنس والجن ، وبها يحصل للمرء الفوز والفلاح. 2ـ أن الله تعالى قد أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بتحقيقها ، وكذلك كل من كان معه ، فقال: { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ } هود 112 ، وقال: { فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ } الشورى 15
بل قد أمر الله تعالى بها أيضاً أنبياءه ، فقال ، في حق موسى وأخيه عليهما السلام : { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (89) ) يونس ، 3ـ ومما يدل على أهميتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءه سفيان بن عبد الله الثقفي ـ رضي الله عنه ـ كما في مسند أحمد وغيره : (عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الإِسْلاَمِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً غَيْرَكَ. قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ بَعْدَكَ. قَالَ « قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ »
والاستِقامة يجب أن تكون في الظاهر والباطن؛ أي: في أعمال القلب والجوارح.
أيها المسلمون
وهناك وسائل تعين الفرد على تحقيق الاستقامة فمن وسائل تحقيق الاستقامة : 1 – وجوب الإيمان بأنَّ الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – قد عرَّف الأمَّة بجميع أمور دينِهم وما يحتاجُون إليه في الاعتِقاد والعمل؛ كما قال – تعالى -: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [التوبة: 115]، وقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تركتُكم على البيضاء؛ ليلُها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك))؛ رواه ابن ماجه في “سننه”. 2 – لُزُوم لوازم الإيمان بترك الابتداع أو التقصير في السنة والتهاون والتفريط. 3 – التوسُّط والاعتِدال وترْك التكلُّف والغلوِّ والتنطُّع، في الاعتِقاد والعمل، والتوسُّط هو منهج سلفنا الصالح وسلوكهم؛ قال تعالى -: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143]؛ أي: خِيارًا عُدُولاً. وبذلك يتحقَّق أهمُّ قواعد الاستقامة وهو لزوم طاعة الله باطنًا وظاهرًا، علمًا وعملاً.
وكما أن هناك وسائل تعين الفرد على الاستقامة ، فهناك أيضا أسباب ووسائل تعين الفرد على الانحراف والبعد عن الاستقامة ومن أسباب الانحِراف والبعد عن طريق الاستقامة : 1 – رفقة السوء. 2 – ومن أسباب الانحِراف ضعف الإيمان، والبعد عن الله، وترك الصلاة ومجالس الذكر. 3- ومن أسباب الانحِراف الغلوُّ والتشديد على النفس حتى يملَّ فيتركها وينحرف؛ قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الدين مَتِين فأَوغِلوا فيه برفق))؛ “مسند الإمام أحمد”، 4 – ومن أسباب الانحِراف الفَراغ بشقَّيْه الرُّوحي والزمني ، 5 – ومن أسباب الانحِراف اليأس والقُنُوط من رحمة الله عندَما يسرف الإنسان على نفسه، فيظن أنَّ الله لا يغفِر له، فيستمر فيها ويقنِّطه الشيطان من رحمة الله، والله تعالى يقول: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]. 6 – ومن أسباب الانحِراف وسائل الإعلام المضلِّلة ( إنترنت، وقنوات فضائية، وإذاعة، ومجلاَّت وصحف). 7 – ومن أسباب الانحِراف عدم وضوح الهدف في الحياة، وعدم تحديد الوجهة والغاية.
أيها المسلمون
ومن أسباب الاستقامة ووسائل الثبات عليها : 1ـ من أهم أسباب الاستقامة إرادة الله لهذا العبد الهداية ، وشرح صدره للإسلام ، وتوفيقه للطاعة والعمل الصالح ، قال تعالى: { قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (16) } ( المائدة )
2ـ ومن أسباب الاستقامة الإخلاص لله تعالى ، ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى: { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } البينة 5). 3ـ ومن أسباب الاستقامة الاستغفار والتوبة. وقد علق الله تعالى الفلاح والنجاح بالتوبة ، فقال تعالى: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور 31 ، 4ـ ومن أسباب الاستقامة محاسبة النفس : قال تعالى:{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (18) } (الحشر ) ، قال ابن كثير رحمه الله تعالى: أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم. . فالمحاسبة تحفظ المسلم من الميل عن طريق الاستقامة. 5ـ ومن أسباب الاستقامة المحافظة على الصلوات الخمس مع الجماعة: لأنها صلة بين العبد وربه ، وهي من عوامل ترك الفحشاء والمنكر ، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }(العنكبوت 45 ، 6ـ ومن أسباب الاستقامة طلب العلم: والمقصود به علم الكتاب والسنة ، لأنه الوسيلة لمعرفة الله تعالى وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم. 7ـ ومن أسباب الاستقامة اختيار الصحبة الصالحة : لأن الجليس الصالح يعين صاحبه على الطاعة وعلى طلب العلم ، وينهيه على أخطائه ، أما الجليس السيء فعلى العكس من ذلك تماماً ، قال تعالى: { الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } (الزخرف 67) ، 8ـ ومن أسباب الاستقامة حفظ الجوارح عن المحرمات : وأهمها: اللسان فيحفظه عن الكذب والغيبة والنميمة وغيرها، ويحفظ بصره عن المحرمات ، وليكن نصب عينيه قوله تعالى: { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) (36) الاسراء). وقوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين : (وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ » . 9ـ ومن أسباب الاستقامة معرفة خطوات الشيطان للحذر منها: قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } (21 : النور )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الاستقامة : أسبابها وثمراتها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة أيضا : – الإقبال على القرآن الكريم قراءةً وتدبُّرًا وعملاً؛ لأن هذا القرآن يَهدِي للتي هي أقوم؛ ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: 9]. ، 2 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة التِزام شرعِ الله والإكثارُ من الأعمال الصالحة؛ قال – تعالى -: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [إبراهيم: 27]. 3 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة قراءَة سِيَرِ الأنبِياء وقصصهم وتدبُّرها؛ لمعرفة ثباتهم وصبرهم والتأسِّي بهم؛ لقوله – تعالى -: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [هود: 120]. 4 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة كثرة الدعاء بالثَّبات، وكان – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول في دعائه: ((يا مُقلِّب القلوب، ثبِّتْ قلبي على دينك)). 5 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة كثْرة ذِكر الله – عزَّ وجلَّ – ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال: 45]. 6 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة اتِّباع السنة وهُدَى السلف – رحمهم الله – وهو طريق أهل السنَّة والجماعة. 7 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة التربية الإسلامية الصحيحة للناشئة. 8 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة الإيمان الصادق والتصديق. 9 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة مُمارَسة الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 10 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة الالتِفاف حوْل العلماء وطلَبَة العلم الشرعي، والحرص على الدروس وحِلَق الذكر. 11 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة الثقة بنصر الله للدين، والقَناعة التامَّة بأنَّه الحقُّ، والإيمان بوَعْد الله – عزَّ وجلَّ – من أن العزَّة لهذا الدين وأهله. 12 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة معرفة حقيقة الباطل وأهله، وعدَم الاغتِرار به مهما بلَغ من الطُّغيان والظُّهور؛ قال – تعالى -: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ﴾ [آل عمران: 196]، وقال – تعالى -: ﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾ [الرعد: 17]. 13 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة الصبر وعدَم الاستِعجال واحتِساب الأَجْر؛ قال تعالى : ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: 3]، وقال – تعالى -: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10]، وقال – تعالى -: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف: 28].
14 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة الاستِشارة وطلَب الموعظة والدُّعاء من الرجال الصالحين، وكذلك الاستِخارة في جميع الأمور. 15 – ومن وسائل الثَّبات على الاستقامة معرفة الدنيا على حقيقتها، والتجافي عن دار الغرور، وتذكُّر الموت والآخرة.
أيها المسلمون
وللاستقامة فوائد وثمرات يجنيها العبد في حياته وبعد مماته : ومن ثمرات الاستقامة : قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ{31} نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } الاحقاف
من هذه الآية وغيرها نستنتج بعضاً من ثمرات الاستقامة: 1ـ طمأنينة القلب بدوام الصلة بالله عز وجل. 2ـ ومن ثمرات الاستقامة أن الاستقامة تعصم صاحبها ـ بإذن الله عز وجل ـ من الوقوع في المعاصي والزلل وسفاسف الأمور والتكاسل عن الطاعات. 3ـ ومن ثمرات الاستقامة تنزل الملائكة عليهم عند الموت ، وقيل: عند خروجهم من قبورهم ، قائلين : { ألا تخافوا ولا تحزنوا} على ما قدمتم عليه من أمور الآخرة ، ولا ما تركتم من أمور الدنيا من مال وولد وأهل. 4ـ ومن ثمرات الاستقامة حب الناس واحترامهم وتقديرهم للمسلم ، سواء كان صغيراً أو كبيراً على ما يظهر عليه من حرص على الطاعة ، والخلق الفاضل. 5ـ ومن ثمرات الاستقامة وعد الله المتقين أن لهم في الجنة ما تشتهيه أنفسهم ، وتلذ أعينهم ، وتطلبه ألسنتهم ، ‘حساناً من الله تعالى.
الدعاء