خطبة عن ( ثمار التوكل على الله )
فبراير 8, 2016خطبة عن (أهمية وثمرة التوكل على الله )
فبراير 8, 2016الخطبة الأولى (التوكل على الله وطلب الرزق )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ) (3) الاحزاب ، وقال الله تعالى 🙁 قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ) سبأ (24)
إخوة الاسلام
إن طلب الرزق غريزةٌ عند كل الأحياء. وما أن تبدوا بوادر الصباح حتى ترى الناس بكافة أعمالهم وأعمارهم يستعدون للبدء في كدح طويل كي يحرز كل امرئ منهم قوته وقوت عياله. والدين الإسلام يأبى أن يكون الكدح وراء الرزق مزلقةً لمعصية الله الرزاق . قال عليه الصلاة والسلام كما في مسند البزار :(قَالَ : هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ جِبْرِيلُ نَفَثَ فِي رَوْعِي أَنَّهُ لاَ تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا ، وَإِنْ أَبْطَأَ عَلَيْهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، وَلاَ يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَأْخُذُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ). والمخرج من تلك الآثام هو التوكل على الله ،روى الترمذي ،وابن ماجة ،والحاكم في مستدركه : (عن عُمَر بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : « لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوحُ بِطَاناً ». فانظر إلى ذلك الطائر الصغير الحقير الذي لا يملك قوة ولا عقلا ولا تدبيرا يخرج من عشه في الصباح الباكر ليبحث عن رزقه بهدوء واطمئنان , لم يقض ليله مفكرا في قوته ولم يشغل باله في أمر طعامه وإنما عرف أن الله الذي خلقه قد تكفل برزقه, فاكتفى بمجرد فعل السبب المشروع، فما هو إلا أن خرج فإذا برزقه يأتيه فيمتلأ بطنه بالطعام فيعود إلى عشه مسبحا لله عز وجل..من الذي رزق ذلك الطائر؟ من الذي أشبعه؟ من الذي هداه إلى طريق الحبة؟ من الذي علمه طرق الكسب والسعي في الأرض؟.إنه (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) فالأرزاق بيد الخلاّق فما كان لك منها أتاك على ضعفك، وما كان لغيرك لم تنله بقوتك، ورزق الله لا يسوقه إليك حرص حريص، ولا يرده عنك كراهية كاره، والرزق مقسوم لكل أحد من برٍ وفاجر ومؤمنٍ وكافر، قال عز وجل: ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) هود (6) ،والقائل سبحانه : (وَكَأَيّن مّن دَابَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) العنكبوت ( 60) .. وروى ابن حبان في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما تركت شيئا يقربكم من الجنة ويباعدكم عن النار إلا قد بينته لكم, وإن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفى رزقها وإن أبطأ عنها, فاتقوا الله وأجملوا في الطلب, ولا يحملن أحدكم استبطاء رزقه أن يخرج إلى ما حرم الله عليه فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته, خذوا ما حل ودعوا ما حرم) ،فالأرزاق عند الله معلومة والآجال مكتوبة عليك أيها الإنسان قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ثم كتبت مرة أخرى وأنت في بطن أمك عندما نفخت فيك الروح كما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ (حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ :« إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا ، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ ، وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ . ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ .. )
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا هذا اللهث وراء الدنيا. ولماذا يجمع بعض الناس المال من طرق الحرام, والله تعالى قد تكفل برزقهم من الحلال. وأين توكلنا على الله؟ وأين ثقتنا بالله، وأين عملنا بقول الله تعالى: ( فَابْتَغُواْ عِندَ اللَّهِ الرّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) العنكبوت (17) ..فهل من ابتغاء الرزق عند الله أن نأكل ما حرم الله وهل من شكر الله أن نعصي الله في طلب المال فنجمعه مما حل ومما حرم. ونترك الاعتماد على من بيده ملكوت السموات والأرض وهو سبحانه القائل:( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق (3) ،.. وفي وذكرت كتب التفسير بأن رجلاً من قبيلة أشجع، كان فقير الحال وكان كثير العيال، وأن ابناً له قد وقع في الأسر بيد المشركين، فأتى النبيَ صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، إن ابني أسره العدو، وجزعت عليه أمه، فما تأمرني؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: ((اتق الله واصبر، وأكثر من قولك: لا حول ولا قوة إلا بالله)) .. ولم تلبث مدة وجيزة حتى تمكن الابن من الانفلات من الأسر، و في طريقه آتى على غنم سباها من الأعداء، فنزلت هاتان الآيتان الكريمتان من سورة الطلاق،( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ )، لتوضح أن من يتوكل على الله حقَّ توكله، فإنه يكفيه ما أهمه وما أغمه، وما يحتاج إليه. ونستكمل
الدعاء