خطبة عن (فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ )
يناير 18, 2016خطبة ( الرياء: خطورته وعلاجه )
يناير 30, 2016الخطبة الأولى ( الحلال بين والحرام بين )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما ( النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ :(إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ)
إخوة الإسلام
حول هذا الحديث الشريف وما يحتويه من ارشادات وفوائد سوف يكون لقاؤنا اليوم إن شاء الله ، وبداية فقد أجمع العلماء على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده، وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وسبب عظم موقعه أنه صلى الله عليه وسلم نبه فيه على إصلاح المطعم والمشرب والملبس وغيرها، وأنه ينبغي ترك المشتبهات، فإنه سبب لحماية الدين والعرض، وحذر من مواقعة الشبهات…وفي هذا الحديث قسم النبي -صلى الله عليه وسلم- الأشياء إلى ثلاثة أقسام. وبين موقف المسلم من كل قسم: القسم الأول: الحلال البين: وهو الطيبات من المآكل والمشارب والملابس والمناكح والمكاسب وغيرها مما نص الله على حله، أو لم يرد دليل بتحريمه، فيبقى على الإباحة .القسم الثاني: الحرام البين: وهو الخبائث من المآكل والمشارب والملابس والمكاسب وغيرها مما نص الله على تحريمه، أو ظهر خبثه وضرره: كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، والخمر والزنى، ونكاح المحارم، والربا، والميسر، وأكل أموال الناس بالباطل من الغصب، والسرقة، والظلم، والرشوة، والغش، والخديعة أو أخذها بالخصومات الفاجرة والأيمان الكاذبة وشهادات الزور إلى غير ذلك من أنواع الظلم. فالحلال البين كل يعرفه: العالم والجاهل، ونفس المؤمن تطمئن إليه، وله آثار طيبة، ويقوي على الطاعة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} (51) سورة المؤمنون]. وموقف المسلم من هذا القسم أن يأخذه ويتمتع به من غير إسراف، ويتقوى به على طاعة الله، ويشكر الله عليه. والحرام البين: أيضاً كل يعرفه :العالم والجاهل، ونفس المؤمن لا تطمئن إليه، وله آثار قبيحة على القلب والسلوك، وله أضرار صحية على الجسم والقلب؛ لأنه يغذي تغذية خبيثة. وموقف المسلم من هذا القسم اجتنابه والابتعاد عنه. لا يدخله في ماله، ولا يأكل منه، ولا يلبس منه ولا يستعمله بأي نوع من الاستعمال، لأنه مأمور بتركه واجتنابه وعدم القرب منه. القسم الثالث: المشتبه: وهو ما يخفى حكمه على كثير من الناس، فلا يدرون :هل هو من قسم الحلال، أو من قسم الحرام؟ ولا يظهر حكمه إلا للراسخين في العلم، فيعرفون من أي القسمين هو. وهذا مثلُ المسائل المختلف فيها بين أهل العلم نظراً لاختلاف الأدلة فيها وحاجته إلى نظر دقيق، ومثل اختلاط المال الحلال بالمال الحرام على وجه لا يمكن التمييز بينهما، ومثل اختلاط ملكه بملك غيره. واختلاط الميتة بالمذكاة من الحيوان، ومثل وجود شبهة تحريم الرضاع فيمن يريد أن يتزوجها. فالشبهة هي كل أمر تردد حكمه بين الحلال والحرام بحيث يشتبه أمره على المكلف أحلال هو أو حرام . وقد فسر الإمام أحمد الشبهة ” بأنها منزلة بين الحلال والحرام يعني الحلال الخالص والحرام الخالص وفسرها تارة باختلاط الحلال والحرام “.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الحلال بين والحرام بين )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والاشتباه نوعان: 1- اشتباه في الحكم: كالمسائل والأعيان التي يتجاذبها أصلان حاضر ومبيح. 2- اشتباه في الحال: كمن وجد شيئا مباحا في بيته فهل يتملكه بناء على أنه داخل في ملكه أو يخرجه بناء على أنه مال للغير. والاشتباه أمر نسبي ليس بمطلق فلا يقع الاشتباه لجميع الناس ولكن يقع لكثير منهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ) ، ولا يكون الاشتباه أصليا في دلالة النصوص قال تعالى ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ) الانعام 38، ، وإنما يعرض لأفهام الناس ويزول بالاجتهاد والاطلاع الواسع واستقراء النصوص ولذلك يقل في العلماء ، ولا يمكن أبدا أن يقع الاشتباه في المسائل العملية عند جميع العلماء لأن الله قد تكفل بحفظ شرعه وبيانه للناس ، ولا تضل الأمة جمعاء عن معرفة الحق ولا يزال في الأرض قائم لله بحجة. وقوله صلى الله عليه وسلم (، فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِيِنِهِ وَعِرْضِهِ ) : فيه أنه ينبغي للمسلم أن يتوقى مباشرة ما يشتبه عليه ليحفظ دينه من الوقوع فيما حرم الله فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الناس حرصا على هذا ، فقد روى البخاري ومسلم (عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ قَالَ « لَوْلاَ أَنِّى أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا » .) ، ونستكمل الحديث في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء