خطبة عن (الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى)
مايو 29, 2016خطبة عن (معجزات وكرامات في غزوة بدر)
مايو 29, 2016الخطبة الأولى (غزوة بدر الكبرى والدروس المستفادة)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد ايها المسلمون
في صحيح مسلم : ( قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : ( لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَاسْتَقْبَلَ نَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ « اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِى مَا وَعَدْتَنِى اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِى اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ فِى الأَرْضِ ». فَمَازَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ. وَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ كَذَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ) فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلاَئِكَةِ ) .
إخوة الإسلام
من خلال أحداث غزوة بدر الكبرى نستتخلص الدروس والعبر : ومن الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى : أولاً: صدق الصحابة في موالاتهم للمؤمنين، ومعاداتهم للكافرين، وقد ظهر ذلك في غزوة بدر، عندما قتل عمر بن الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغيرة، ولم يلتفت إلى قرابته منه، وهَمّ أبو بكر بقتل ابنه عبد الرحمن، وقتل حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث أبناء عمهم عتبة وشيبة والوليد بن عتبة، وذلك في المبارزة، قال تعالى: ﴿ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللّـهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]. ثانياً: نبه الله المؤمنين إلى حقيقة هامة، وهي أن لا يجعلوا حب المال يسيطر عليهم عند النظر في قضاياهم الكبرى التي قامت على أساس النظرة الدينية وحدها، مهما كانت الحال والظروف، ولذا عالج الله تجربة رؤية الغنائم مع الحاجة والفقر، واختلافهم فيها، ومسألة الأسرى بوسائل تربوية دقيقة، كما في قوله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1]. وقوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 67]. ثالثاً: أن الدعاء من أعظم أسباب النصر على الأعداء، قال تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9]. وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو ربه ويستغيث به كلما نزل به كرب أو شدة، كما حدث في غزوة بدر. رابعاً: أن الإيمان والعمل الصالح من أعظم أسباب النصر؛ ولذلك وعد الله المؤمنين الصالحين بالنصر في غير آية من كتاب الله، قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]. خامساً : أن التوكل على الله من أعظم أسباب النصر، قال تعالى: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160]. وهذا ما حصل في غزوة بدر، فإن الصحابة على قلة عددهم وعُددهم مقابل عدوهم إلا أنهم توكلوا على الله، وقاتلوا فنصرهم الله، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [آل عمران: 123]. سادساً: أن الجهاد من أفضل الأعمال، وهو ذروة سنام الدين، لما يترتب عليه من إعلاء كلمة الله، ونصر دينه، وقمع الظالمين والمنافقين الذين يصدون الناس عن سبيله، ويقفون في طريقه، ولما يترتب عليه من إخراج العباد من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد. سابعاً: أن لزوم طاعة الله ورسوله، والابتعاد عن المعاصي وترك التنازع من أعظم أسباب النصر، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوجه أصحابه بأن لا يفعلوا أمراً حتى يخبروه بذلك، كما في حديث عمير بن الحمام: “لا يقدمن أحدكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه”، وكان الصحابة يمتثلون أوامر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وينفذونها بكل دقة.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (غزوة بدر الكبرى والدروس المستفادة)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد ايها المسلمون
ومن الدروس المستفادة من غزوة بدر : ثامنًا: أن لزوم طاعة الأمير أو القائد، وعدم الاختلاف عليه من أعظم أسباب النصر، وهذا ما حدث في غزوة بدر، فإن محمداً -صلى الله عليه وسلم- هو الرسول، وهو القائد، وكانوا يطيعونه فيما يأمرهم به كما تقدم. تاسعاً: أن الاختلاف والتنازع من أسباب الفشل والهزيمة أمام العدو، وهذا ما حدث في غزوة بدر، فإن المشركين قبل بدء القتال حصل بين قادتهم خلاف كان سبباً لضعف العزائم والهمم، وبالتالي إلى الهزيمة، قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46]. عاشراً: أن العداوة والإحن التي كانت بين الأنصار من الأوس والخزرج قد زالت بوصول النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فصاروا – رضي الله عنهم – يداً واحدة ضد المشركين واليهود، قال تعالى: ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 63]. الحادي عشر: إن الإخلاص والصدق من أسباب النصر على الأعداء، قال تعالى: ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40]. وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]. وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه – أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله” وهذا ما حدث في غزوة بدر، فإن المؤمنين لما صدقوا مع الله، وأخلصوا له كان النصر حليفهم. ونستكمل الحديث عن الدروس المستفادة إن شاء الله
الدعاء