خطبة عن (ما يراعيه الداعي قبل الدعاء)
فبراير 10, 2016خطبة عن ( أمثلة في الرفق بالحيون)
فبراير 10, 2016الخطبة الأولى ( الدعاء المستجاب ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى في محكم آياته : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) غافر 60، وقال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة 186. ورى الترمذي في سننه (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي قَوْلِهِ (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) قَالَ « الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ ». وَقَرَأَ ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) إِلَى قَوْلِهِ ( دَاخِرِينَ ). قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ) ، وفي صحيح ابن حبان وسنن أبي داود وغيره عَنْ سَلْمَانَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِى مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا ». وفي سنن الترمذي بسند حسن (عَنْ سَلْمَانَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ ».
إخوة الإسلام
الدعاء هو العبادة، بل هو مخ العبادة، والمولى عز وجل يحب من عبده أن يكون في معية ربه بالدعاء، ويحب الإلحاح في الدعاء. ويحب أن يسأل ، وفي سنن الترمذي (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ » ،والدعاء من أعظم العبادات التي يتجلَّى فيها الإخلاص والخشوع, وهو المقياس الحقيقي للتوحيد, وهو سببٌ عظيم للفوز بالخيرات والبركات، وسببٌ لدفع المكروهات والشرورِ والكربات، وهو استعانة من عاجزٍ ضعيف بقويٍ قادر، واستغاثة من ملهوف بربٍ مُغيث ، وتوجه إلى مصرِّفِ الكون ومدبِّر الأمر، لِيُزيلَ عِلَّة، أو يَرْفَعَ مِحْنَة، أو يَكْشِفُ كُرْبَة، أو يُحَقِّقُ رجاءً أو رَغْبَة… كم سمعنا عمَّن أُغلِقت في وجهه الأبواب، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، ثم طَـرَقَ باب مُسبب الأسباب، وألحّ على الله في الدعـاء، ورفع إليه الشكوى، وبكى بين يدي الرب الرحيم، فَفُتِحَتْ له الأبواب، وانفرج ما به من شِدّة وضيق. لذلك كله كان علينا أن نعرف جميعاً كيف يكون دعاؤنا مستجاباً .
أيها المسلمون
ويسأل سائل : ما هي أسباب إجابة الدعاء ؟ فأقول : عليك أن تراعي أمورا قبل الدعاء ، وأثناء الدعاء ، وبعد الدعاء ،أما قبل الدعاء فعليك : أولا: ترصَّد لدعائك الأوقات الشريفة وتخيّر وقت الطلب : كعشيَّة عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر، وخاصَّة العشر الأواخر منه، وبالأخص ليلة القدر، ويوم الجمعة من الأسبوع، ووقت السحر من ساعات الليل، وبين الأذان والإقامة ،وعند سماع صوت الديك ،وعند التحام الصفوف في القتال ، وعند نزول الغيث .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الدعاء المستجاب ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومما تراعيه أيها الداعي قبل دعائك : ثانيا : أن تستغل حالات الضرورة والانكسار التي تمر بها في حياتك ، وساعات الضيق والشدة: كالسفر، والمرض، أو كونك مظلوما، فإن القلب إذا مرت به هذه الأحوال دعا صاحبه دعاء الراغب الراهب المستكين .. الخاضع .. المتذلل الفقير الى ما عند ربه تبارك وتعالى ، بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والانطلاق. فأدع دعاء عبدٍ فقير إلى ما عند ربه تعالى … محتاجاً إلى فضله وإحسانه … مقراً بذنوبه … خاضعاً خضُوع المقصَّرين … يرى انه لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ، قال ابن القيم رحمه الله: ” إذا اجتمع عليه قلبه وصدقت ضرورته وفاقته وقوي رجاؤه فلا يكاد يرد دعاؤه” ،وقال ابن عطاء ” تحقق بأوصافك يمُدَّك بأوصافه ، تحقَّق بذُلك يمُدُّك بعزِّه ، تحقَّق بعجزِك يمُُّك بقدرته ، تحقَّق بضعفك يمدُّك بقوته “.وما أجمل قول القائل : يا من له عنت الوجوه بأسرها — وله جميع الكائنات توحد
يا منتهى سؤلي وغاية مطلبي — من لي إذا أنا عن جنابك أطرد
أنت المؤمل في الشدائد كلها — يا سيدي ولك البقاء السرمدُ
ولك التصرفُ في الخلائق كلها — فلذاك تهدي من تشاء وتُسعدُ
فأمنن عليَ بتوبةٍ يا من له قلبُ المُحب مقدِّسٌ وموحِّدُ
ونواصل الحديث عن الدعاء المستجاب في لقاء آخر إن شاء الله
الدعاء