خطبة عن (شروط الدعاء المستجاب)
فبراير 10, 2016خطبة عن (الدعاء المستجاب)
فبراير 10, 2016الخطبة الأولى (ما يراعيه الداعي قبل الدعاء)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى : ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ9 (16) السجدة
إخوة الإسلام
ماذا عن الدعاء المستجاب ، وما يراعيه الداعي قبل الدعاء : فإذا انكسر العبد بين يديه وبكى وتذلل وأشهد الله فقره إليه في كل ذرَّاته الظاهرة والباطنة عندها فليُبشر بنفحات ونفحات من فضل الله ورحمته وجوده وكرمه. ومما يراعيه الداعي قبل الدعاء أن يشهد مجالس الذكر : فالله تعالى يستجيب دعاء من يشهدون مجالس الذكر ويغفر لهم ببركة جلوسهم ، وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضْلاً يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ – قَالَ – فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ.قَالَ وَمَاذَا يَسْأَلُونِي قَالُوا يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي قَالُوا لاَ أَيْ رَبِّ. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي قَالُوا وَيَسْتَجِيرُونَكَ. قَالَ وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي قَالُوا مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا نَارِي قَالُوا لاَ. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي قَالُوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ – قَالَ – فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا – قَالَ –فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ قَالَ فَيَقُولُ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ». رابعا : اعلم أن الله تعالى يستجيب للمضطر إذا دعاه ، وللمظلوم ولو كان فاجراً أو كافراً، ولمن يدعو لأخيه بظهر الغيب وللوالدين على ولدهما وللإمام العادل وللمسافر حتى يرجع وللمريض حتى يبرأ ،وللصائم حتى يفطر.
أيها المؤمن
ولكي يستجاب دعاؤك ، فعليك أن تراعي أمورا أثناء الدعاء ، ومنها : 1- أخلص لله في دعائك ولا تدعُ إلا الله سبحانه، فإن الدعاء عبادة من العبادات، بل هو من أشرف الطاعات وأفضلِ القربات، ولا يقبل الله من ذلك إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، قال الله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) الجن:18 ،وقال تعالى: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) غافر: 14 ،وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له كما في روية الترمذي : ((إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ». قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. 2- أحسن الظن بالله تعالى، (فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ ») أخرجه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الجامع، وعنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِى وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُ وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَىَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ».رواه البخاري ومسلم
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الدعاء المستجاب ) 2
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فلا يمنعنَّك أخي من الدعاء ما تعلم من نفسك ، فالله أرحم وأكرم من أن يسأل فلا يستجيب . 3- فاحضر قلبك مع الدعاء ، وتدبَّر معاني ما تقول، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما تقدم: « ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ » أخرجه الترمذي 4- ولا تعتدي في الدعاء، والاعتداء هو كل سؤال يناقض حكمة الله، أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به، قال الله تعالى: ( ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ ))الأعراف:55، فمن ذلك: أن تسأل الله تعالى ما لا يليق بك من منازل الأنبياء، أو تتنطَّع في السؤال بذكر تفاصيل يغني عنها العموم ،أو تسأل ما لا يجوز لك سؤاله من الإعانة على المُحرمات ،أو تسأل ما لن يفعله الله، مثل أن تسأله تخليدك إلى يوم القيامة، أو ترفع صوتك بالدعاء إلى غير ذلك. 5- الحمد والثناء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : فإذا دعوت الله تعالى فلتبدأ أولا : بحمده والثناء عليه تبارك وتعالى ثم بعدها : بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم .. ثم ابدأ بعد ذلك في دعائك ومسألتك .
ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء