خطبة عن ( الرجولة سمات الرجال )
يوليو 11, 2016خطبة عن ( علامات الرضا عن الله تعالى)
يوليو 11, 2016الخطبة الأولى ( الرجولة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (36 ): (38) النور
إخوة الإسلام
في دار من دور المدينة المنورة ،جلس عمر بن الخطاب (رضي الله عنه ) إلى جماعة من أصحابه ، وقال لهم ، تمنوا ، فقال أحدهم أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله، ثم قال عمر ،تمنوا ، فقال رجل آخر ، أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا وجواهر ،أنفقه في سبيل الله ،وأتصدق به ، ثم قال عمر ، تمنوا ، فقالوا ما ندري ما تقول يا أمير المؤمنين ، فقال عمر ، ولكني أتمنى ملء هذه الدار رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبي حذيفة ، فأستعين بهم في إعلاء كلمة الله ، هكذا تمنى الجالسون ذهبا وجواهر ولكن عمر تمنى رجالا مؤمنين ، تفتح بهم البلاد ، وتنتشر تحت رايتهم الدعوة ، ويعم بهم الإسلام أقطار الأرض ، فرحم الله سيدنا عمر ، فقد كان خبيرا بما تقوم به الحضارات ، وتنهض به الرسالات وتحيا به الأمم ، فالأمم والحضارات والرسالات لا تحتاج الى أموال بقدر ما تحتاج الى رجال ، وإلى رءوس مفكرة ، وعقول مدبرة ، وقلوب مؤمنة ، وعزائم قوية ، فالرجل يصنع الذهب ، ولكن الذهب لا يصنع رجالا ، الرجل أعز من كل معدن نفيس وأغلى من كل جوهر ثمين ، لذا ، كان الرجال قليلين في دنيا الناس ، وقد جاء ما يؤكد ذلك في صحيح مسلم (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لاَ يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً ». فالرجل هو محور الإصلاح ، وبدون الرجال لن تقوم لنا (نحن المسلمين ) قائمة ، فاصنع ما شئت من الأسلحة ، فلن يقتل السلاح إلا برجل محارب ، وضع ما شئت من مناهج التربية ، ودروس العلم ، فلن يقوم المنهج إلا برجل معلم صالح ، وهكذا
أيها المسلمون
هلا علمتم لماذا تمنى عمر رجالا ولم يتمن لؤلؤا ولا مرجانا ، لأنه يعلم أنه بالرجال تفتح له كنوز الأرض وأبواب السماء ، ولكن : ماهي الرجولة التي نعنيها ؟ ،من هو الرجل الذي نقصده ؟ وما هي سمات الرجولة وخصائصها ؟ وكيف فهم شباب اليوم معنى الرجولة ؟ ،ذلك وغيره ما سوف أحاول الإجابة عليه إن شاء الله ،فالرجولة ليست مقابل الأنوثة ، ولكنها صفات وأخلاق تشير إلى القوة ، والشدة ، والشجاعة ، والتحمل والثبات ، والشهامة والبطولة ،الرجولة صفات نفسية ، ومزايا معنوية ، وفضائل أخلاقية ، قد تكون في المرأة كما تكون في الرجل ، لذا ، فقد وردت صفة الرجولة في القرآن الكريم في مقام المدح والثناء ،قال تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) الاحزاب 23، وقال سبحانه : (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) النور 37 ، وقوله تعالى : (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) التوبة 108 ، فالرجل الذي نقصده ليس من فتل شاربه، أو كبرت هيئته ، ليس هو طويل القامة، أومفتول السواعد ، لا ، فقد قال الله تعالى عن المنافقين : (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ) المنافقون 4، وفي الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّهُ لَيَأْتِى الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَقَالَ اقْرَءُوا : ( فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ) »، وفي البخاري : (عَنْ سَهْلٍ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ « مَا تَقُولُونَ فِى هَذَا » . قَالُوا حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ . قَالَ ثُمَّ سَكَتَ فَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ « مَا تَقُولُونَ فِى هَذَا » . قَالُوا حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْتَمَعَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا »
أيها المسلمون
الرجولة ليست بالسن ، ولا بالجسم ، ولا بالمال والجاه ، إنما الرجولة عند الله بقوة الإيمان ، وحسن الخلق ، وعلو الهمة ، فقوة الإيمان وعلو الهمة ، تجعل الصغير كبيرا ، وتجعل الفقير غنيا ، وتجعل الضعيف قويا ، فهو كبير في صغره ، غني في فقره ، قوي في ضعفه ، الرجل ، يعطي قبل أن يأخذ ، ويؤدي واجبه قبل أن يطالب بحقه ، ويعرف واجبه نحو نفسه وربه وبيته ودينه وأمته ،،، الرجال هم الذين يكثرون عند الفزع ، ويقلون عند الطمع ، لا يغرهم النصر ، ولا تحطمهم الهزيمة ،الرجولة عمل واستقامة ، ودعوة إلى الله ، وصبر على الأذى في سبيل الله ، والثبات على الحق والدعوة إليه ، قال تعالى (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) يس 20، 21 ، 22، ثم بين الحق جزاءه بقوله تعالى : (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) يس 27
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الرجولة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
تعرفنا على معنى الرجولة ، وأثرها في بناء الأمة ، ولكن آلمتني كلمة عالم من علماء الغرب ، درس الإسلام فقال في إعجاب مرير عن دين الإسلام حيث قال : ( يا له من دين ، لو كان له رجال)، نعم ، لو كان له رجال ، فقد فقدنا في عصرنا هذا، الرجال الذين يحملون مشاعل النور والهدية للبشرية جمعاء ، وأصبحنا كأشباه الرجال ، ملأ الطمع نفوسنا ، وملأ الوهن وحب الدنيا قلوبنا ، وأصبحنا غثاء كغثاء السيل ، لا يهابنا عدو ، ولا ينتصر بنا صديق ، يجمعنا الطمع ، ويفرقنا الخوف ،يجمعنا المزمار والرقص والمغنى وتفرقنا عصا
أيها المسلمون
إن رجلا واحدا قد يساوي مائة ،،ورجلا واحدا قد يزن شعبا لذلك قيل : ( رجل ذو همة ، يحيي أمة )، وتحكي كتب السير ، أن خالد بن الوليد ،لما حاصر الحيرة ، طلب من أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) مددا فما أمده إلا برجل واحد وهو 🙁 القعقاع بن عمرو التميمي ) ،وقال له في رسالة : ( لا يهزم جيش وفيه مثله )، وكان يقول عنه : ( لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف مقاتل ) ، وللرجولة خصائص وسمات في الإسلام فما هي ؟ وما هو مفهوم الرجولة عند شباب اليوم؟ ذلك وغيره ما نتناوله في اللقاء القادم إن شاء الله .
الدعاء