خطبة عن (الزنا : معناه وأضراره وموقف الاسلام منه)
فبراير 17, 2016خطبة عن ( مضار الغيبة وحالات جوازها)
فبراير 18, 2016الخطبة الأولى (الزنا : حكمه وأضراره وعقوبته )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال تعالى: ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32). وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) (الفرقان:68). وفي الحديث (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « لاَ يَزْنِى الزَّانِي حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ » رواه البخاري ومسلم، وفي الصحيحين (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ « أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ » . قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ ، قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ « وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ » .قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ « أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ »، وفي صحيح مسلم( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ – قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ – وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ شَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ ».
إخوة الإسلام
الإسلام دين الطهر والعفة والنقاء، وجاء لينظم الغريزة البشرية ويهذبها ويجريها في مجراها الطبيعي . وجريمة الزنا من أعظم الحرام ومن أكبر الكبائر، وقد توعد الله الزناة بمضاعفة العذاب يوم القيامة والخلود فيه صاغرين مهانين لعظم جريمتهم وقبح فعلهم ،والزنا من أبشع الجرائم، وفاحشةٍ من أكبر الفواحش، وموبقةٍ من أخطر الموبقات، تتجلى فيها هذه البهيمية المغرقة. الزنا جريمة تفقد فيها الشهامة، وتذهب بالمروءة، ويحل مكان العفاف فيها الفجور، وتقوم فيها الخلاعة مقام الحشمة، وتطرد فيه الوقاحة جمال الحياء. جريمة الزنا ؛ كم جرَّعت من غصةٍ، وكم أزالت من نعمة، وكم جلبت من نقمة، وكم خبأت لأهلها من آلامٍ منتظرة، وغمومٍ متوقعة، وهمومٍ مستقبلة. وقد حرم الإسلام الزنا واعتبره من كبائر الإثم لمصلحتنا ؛ فليس لله حاجة في أن يحلل أو يحرم ، إن الله لا تنفعه طاعتنا ولا تضره معصيتنا ،وإنما يحلل الطيب ويحرم الخبيث ، فإذا حرم الزنا فهو لتزكية الإنسان والسمو به ،إنه يريد أن يحمي إيمان المؤمن فلا يكون إلا عبدا لله ،لا عبدا للغريزة ،ولا عبدا للشهوة ،ولا عبدا لامرأة ،ولا لأي شيء ؛إلا أن يكون عبدا لله ، الإسلام يقف من هذه الجريمة موقف حزم وحسمٍ، وصراحةٍ وصرامة؛ إنه يمتدح الشهمَ الكريمَ الذي يغار على نفسه ويغار على حرماته، كما في سنن الترمذي (وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ » ويندد بالديوث الذميم الذي يقر الخبث في أهله. لتبقى الأعراض مصونة، والشرف موفورًا عزيزًا. ولقد اقترن حال الزاني بحال المشرك في كتاب الله قال تعالى: ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) [النور:3]. فالزنا محرم بقواطع الأدلة؛ في محكم القرآن وصحيح السنة وإجماع أهل الملة بل وإجماع أهل الملل.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الزنا : حكمه وأضراره وعقوبته )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونواصل الحديث عن جريمة الزنا ، وأضرارها وعقوبتها : فالزنا قرينٌ لأعظم موبقتين ، وهما الشرك بالله وقتل النفس ، قال تعالى :( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) [الفرقان:68-70]. ويقول الإمام أحمد: لا أعلم بعد القتل ذنبًا أعظم من الزنا. والله سبحانه في محكم تنزيله نهى عن قربه والدنو منه مما يعني البعد عن بواعثه ومقدماته ودواعيه ومثيراته فقال سبحانه: ( وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ) [الإسراء:32]. قال أهل العلم:( وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ ) هذا قبح شرعيٌ؛( إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً) وهذا قبحٌ عقليٌ ( وَسَاء سَبِيلاً ) وهذا قبحٌ عادي. قالوا: وما جمع ذنبٌ بهذه الوجوه من القبح إلا وقد بلغ الغاية فيها. ولنا معه لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء