خطبة عن ( من هو أسعد الناس؟ )
يوليو 11, 2016خطبة عن ( الشهادة وجزاء الشهداء )
يوليو 11, 2016الخطبة الأولى ( السعادة وأسبابها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (28) الرعد، وقال الله تعالى : (يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (57)، (58) يونس
إخوة الإسلام
إذا سألت من يجمع المال ، لم تجمع المال ؟ لقال لك : إنني أحب أن أكون بالمال سعيدا ،، وإذا سألت من يطلب الزواج أو الولد ، لم ترغب في الزواج والولد ؟ يقول لك : أحب أن أكون مع الزواج والولد سعيدا ، وإذا سألت من يطلب الجاه والسلطان والمنصب ، لم تطلبها ؟ ، يقول لك لسان حاله : أريد أن أعيش سعيدا ، وإذا سألت من يطلب الصحة ، أو الوظيفة ، أو المسكن الجميل ، أو السيارة الفارهة ، لماذا تطلبها ؟ لقال لك : أحب أن أعيش سعيدا ، وفي المقابل ، إذا سألت من منع نفسه طعامه وشرابه ، لعلمت أنه يطلب بصومه السعادة ، وإذا سألت من قام ليله ، أو تصدق بماله ، لعلمت أنه يبتغي السعادة ، وهكذا ،،، فكل الناس يطلبون بأعمالهم أن يكونوا سعداء ، والسؤال الذي يطرح نفسه : هل السعادة في جمع المال ؟ ،الإجابة : لا ، فكم من غني ملك الملايين أو المليارات ، ولا يعيش سعيدا ، بل يعيش تعيسا شقيا ، وقد يمنع من أشهى المأكولات والمشروبات ، وقد أثبتت الدراسات أن أكبر نسبة انتحار في العالم ، هي في البلاد ذات الدخل المرتفع ، فالمال لا يحقق السعادة ، والسؤال : هل السعادة في الزواج والأولاد ؟ ، والإجابة : لا ، فكم من متزوج ومتزوجة ومعهم الأولاد والأحفاد ، وحياتهم منغصة ، وغير سعداء ، إذن ، هل السعادة في الجاه والسلطان ، أو المنصب أو الوظيفة ، الإجابة بالطبع لا ، فكم من ذوي السلطان والجاه والمناصب والوظائف المرموقة ، يعيشون غير سعداء ، وقد يتظاهر أمام الناس بالسعادة ، ولكنه في داخله ضائق الصدر ساخط غير راض عن نفسه وحاله ، ويعاني من الآلام النفسية ، وخير مثال على ذلك ، أن أصحاب الشهرة من اللاعبين والفنانين وغيرهم ممن ملكوا المال والجاه البعض منهم ينتحر ، إذن ، فالسعادة ليست في المال ، ولا في الجاه والسلطان ، ولا في متعة الحياة من مسكن ومركب وغيرها ، السعادة ليست في ما تملك من متاع الدنيا ، ولكن السعادة الحقة في شيء آخر ، فيسأل سائل : أين نجد السعادة ، والإجابة نسمعها من الحق تبارك وتعالى ، قال تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) طه 123 ، 124 ، وفي قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) النحل 97 ، والإجابة نسمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ ) ،وكما قال الشاعر : ولست أرى السعادة جمع مال .. ولكن التقي هو السعيد .
أيها المؤمنون
أقول لمن يبحث عن السعادة ، أن السعادة سوف تجدها في الرضا ، والرضا ثمرة من ثمرات الإيمان ، فلن تكون سعيدا ، ولو ملكت الدنيا كلها ، إلا إذا كنت مؤمنا ، راضيا بما قسم الله لك ، ويخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن بعض الأسباب التي تجدد سعادة المؤمن ، ففي صحيح ابن حبان : (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع من السعادة المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب ) ،ومن أسباب السعادة : التوبة والإنابة إلى الله تعالى كما في مسند أحمد : (وَإِنَّ مِنَ السَّعَادَةِ أَنْ يَطُولَ عُمْرُ الْعَبْدِ وَيَرْزُقَهُ اللَّهُ الإِنَابَةَ » ، ومن أسباب السعادة أيضا : أن توفق قبل الموت إلى عمل صالح ،ويكون عند الله مقبولا ،وتموت عليه ، وفي الصحيحين : (عَنْ عَلِىٍّ قَالَ : كُنَّا فِى جَنَازَةٍ فِى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ :« مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِلاَّ وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً ». قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ فَقَالَ « مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ». فَقَالَ « اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ». ثُمَّ قَرَأَ ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) الليل 5 : 10
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( السعادة وأسبابها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه : (عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ». فالعبد المؤمن يعيش سعيدا في المنع والعطاء ، وفي الشدة والرخاء ، وفي الصحة والمرض ، والغنى والفقر ، لأنه يكون راضيا بما قسم الله له ، محتسبا عند الله أمره وأجره ، لذا يقول الفضيل : ( خمسة من السعادة : اليقين في القلب ، والورع في الدين ، والزهد في الدنيا ، والحياء والعلم ) ،ويقول يحي بن معاذ : ( ثلاثة من السعادة : مقلة دامعة ، وعنق خاضعة ، وأذن سامعة ) أيها المسلم : أما زلت تبحث عن السعادة في جمع المال من الحلال والحرام ؟؟ أما زلت تبحث عن السعادة في الغناء والرقص ، والحب والغرام في الحرام ؟، أما زلت تبحث عن السعادة في الشهوات والملذات والغفلة عن رب الأرض والسموات؟ ، أما زلت تبحث عن السعادة في المعاصي والموبقات ؟ ،،،، أما آن لك أن تبحث عن سعادتك في قربك من ربك ؟ أما آن لك أن تبحث عن سعادتك في خشوعك وخضوعك واستسلامك لخالقك ؟ ، أما آن لك أن تبحث عن سعادتك في رقة قلبك ودمعة عينك وخشية ربك ؟، أما آن لك أن تبحث عن سعادتك في تلاوة القرآن ، أو صدقة تقدمها لمسكين ، أو بسمة في وجه حزين ، أو في معونة تقدمها لمحتاج ، أو برا بوالدين ، أو دعوة لأصحاب الحقوق عليك ، فيا أيها المسلم : و يا من تبحث عن السعادة ، هذا هو طريقها ، فرج عن مكروب ، واعط محروما ، وانصر مظلوما ، وأطعم جائعا ، واسق ظمآنا ، وعد مريضا ، وشيع جنازة ، وواس مصابا ، وأرشد تائها ، وأكرم ضيفا ، واحن على كبير ، واعطف على صغير ، وابذل طعامك ، وتصدق من مالك ، وحسن أخلاقك ، وتخير كلامك ، وكف أذاك ، وصل من قطعك ، واعف عمن ظلمك ،واعط من حرمك ، فهذا هو طريق السعادة ، ومن أعظم ما يذهب همك ويشرح لك صدرك
أيها الموحدون
إن السعادة الحقيقية ليست في الدنيا ، ولكن السعادة الحقيقية في الجنة ، حين ينادي المنادي ( يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ . يَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ . فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ . فَيَقُولُ أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ . قَالُوا يَا رَبِّ وَأَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِى فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا »رواه البخاري ، وحين ينادي المنادي: (يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ. فَيَقُولُونَ وَمَا هُوَ أَلَمْ يُثَقِّلِ اللَّهُ مَوَازِينَنَا وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَيُنْجِنَا مِنَ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَلاَ أَقَرَّ لأَعْيُنِهِمْ »، وحين ينادي المنادي : ( يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ لاَ مَوْتَ) ، ويوم ينادي المنادي : (يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، اخْرُجُوا إِلَى دَارِ الْمَزِيدِ ، فَيَخْرُجُونَ فِي كُثْبَانِ الْمِسْكِ ،ويوم ينادي المنادي 🙁 سَلُونِي فَهَذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ ، فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ : إِنَّا قَدْ رَضِينَا فَارْضَ عَنَّا ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ لَهُمْ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَوْ لَمْ أَرْضَ عَنْكُمْ لَمْ أُسْكِنْكُمْ جَنَّتِي ، فَهَذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ فَسَلُونِي ، فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَرِنَا وَجْهَكَ نَنْظُرْ إِلَيْهِ قَالَ : فَيَكْشِفُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْحُجُبَ ، وَيَتَجَلَّى لَهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، فَيَغْشَاهُمْ مِنْ نُورِهِ لَوْلا أَنَّ اللَّهَ قَضَى أَنْ لاَ يَمُوتُوا لاحْتَرَقُوا ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمُ : ارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ ، فَيَرْجِعُونَ وَقَدْ خَفَوْا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ ، وَخَفَيْنَ عَلَيْهِمْ مِمَّا غَشِيَهُمْ مِنْ نُورِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَلا يَزَالُ النُّورُ يَتَمَكَّنُ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى حَالِهِمْ أَوْ إِلَى مَنَازِلِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ، فَيَقُولُ لَهُمْ أَزْوَاجُهُمْ : لَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِنَا بِصُورَةٍ وَرَجَعْتُمْ إِلَيْنَا بِغَيْرِهَا ؟ فَيَقُولُونَ : تَجَلَّى لَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَنَظَرْنَا إِلَى مَا خَفِينَا بِهِ عَلَيْكُمْ قَالَ : فَهُمْ يَتَقَلَّبُونَ فِي مِسْكِ الْجَنَّةِ ، وَنَعِيمِهَا فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ ، وَهُوَ يَوْمُ الْمَزِيدِ)،، ويوم « يُنَادِى مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلاَ تَسْقَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلاَ تَمُوتُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلاَ تَهْرَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلاَ تَبْتَئِسُوا أَبَدًا ». فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) رواه مسلم ونستكمل إن شاء الله
الدعاء