خطبة عن ( الدروس المستفادة من سيرة سعد بن أبي وقاص )
مارس 7, 2016خطبة عن ( سعد بن أبي وقاص وخطته في معركة المدائن)
مارس 7, 2016الخطبة الأولى ( الدروس والعبر من سيرة الصحابي سعد بن أبي وقاص)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في سنن الترمذي : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَقْبَلَ سَعْدٌ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « هَذَا خَالِى فَلْيُرِنِى امْرُؤٌ خَالَهُ ».
إخوة الإسلام
فأما عن موقف الصحابي الجليل ( سعد بن أبي وقاص) من الفتنة التي ابتلي بها المسلمون بعد مقتل عثمان رضي الله عنه ، فقد اعتزل رضي الله عنه الفتنة، فما رواه عامر بن سعد، قال: “كان سعد بن أبي وقاص في إبِلِهِ، فجاء ابنه عُمر، فلما رآه سعد قال: “أعوذ بالله من شَرِّ هذا الرَّاكب”،فنزل فقال له: “أَنَزَلْتَ في إِبِلِكَ وغَنَمِكَ، وتركتَ الناس يتنازعون المُلْكَ بينهم؟”، فضرب سعدٌ في صدره فقال: “اسكتْ، سمعتُ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ((إن الله يُحِبُّ العبدَ التَّقِيَّ الغَنِيَّ الخَفِيَّ)) ،والمراد بالغني: غني النفس، والخفي: المنقطع إلى العبادة، والاشتغال بأمور نفسه، لا يبغي منصبًا ولا شهرة. لكنه شهد التحكيم في أذرح بين علي ومعاوية ورفض ان يترشح للخلافة كحل توفيقي كما فعل معه ابن عمر. وأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا إليه شيئا من أخبار الفتنة. وقد ذهب إليه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص, :ويقول له: يا عم, ها هنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بهذا الأمر. فيجيبه سعد: ” أريد من مائة ألف سيف, سيفا واحدا ، إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا, وإذا ضربت به الكافر قطع”. فيتركه وعزلته. وحين انتهى الأمر لمعاوية, واستقرت بيده مقاليد الحكم سأل سعدا: مالك لم تقاتل معنا..؟؟فأجابه:” اني مررت بريح مظلمة, فقلت: أخ .. أخ.. ، واتخذت من راحلتي حتى انجلت عني..” فقال معاوية: ليس في كتاب الله أخ.. أخ.. ولكن قال الله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) الحجرات 9. وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة, ولا مع العادلة على الباغية. أجابه سعد قائلا: ” ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول الله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي”. ومن كلامه الحسن أنه قال لابنه مصعب: يا بنى، إذا طلبت شيئاً فاطلبه بالقناعة فإنه من لا قناعه له لم يغنه المال. وقد كانت لسعد مواقفُ عظيمةٌ، تدلُّ على شجاعته ونُصْرَته لهذا الدِّين، فمن ذلك حراسته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري ومسلم (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ سَهِرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَقْدَمَهُ الْمَدِينَةَ لَيْلَةً فَقَالَ « لَيْتَ رَجُلاً صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِى يَحْرُسُنِى اللَّيْلَةَ ». قَالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ سَمِعْنَا خَشْخَشَةَ سِلاَحٍ فَقَالَ « مَنْ هَذَا ». قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا جَاءَ بِكَ ». قَالَ وَقَعَ فِي نَفْسِى خَوْفٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجِئْتُ أَحْرُسُهُ. فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ نَامَ. )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الدروس والعبر من سيرة الصحابي سعد بن أبي وقاص)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولنا في سيرة هؤلاء الرجال دروس وعبر فمن الدروس والعبر من سيرة سعد رضي الله عنه : أولاً: أن العبرة بالأعمال لا بالأنساب، وهو درس لمن يفتخر بنسبه ويتطاول على الناس بهذا السبب الضعيف، ففي سنن الترمذي (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا فَالنَّاسُ رَجُلاَنِ رَجُلٌ بَرٌّ تَقِىٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ وَفَاجِرٌ شَقِىٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ وَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ ». قَالَ اللَّهُ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ). وفي المستدرك للحاكم (عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن الله عز و جل يقول يوم القيامة :( أمرتكم فضيعتم ما عهدت إليكم فيه و رفعت أنسابكم فاليوم أرفع نسبي و أضع أنسابكم أين المتقون أين المتقون إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ،وقد أمر الرسول أمته بالتواضع ، وترك التفاخر بالأنساب، فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ قَتَادَةَ وَزَادَ فِيهِ « وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَىَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلاَ يَبْغِى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ». الثاني: أن ذكر ما وقع للمسلم من مشقة في ذات الله عز وجل جائز، فللإنسان أن يذكر بعض المواقف التي حصلت له، من باب الاقتداء به في الصبر والإقدام وفي التضحية كما يقول سعد: [لقد رأيتني وأنا ثالث ثلاثة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، أو سادس ستة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، والله ما لأحدنا طعام إلا ورق الشجر، حتى إن أحدنا ليضع كما تضع الشاة. الثالث: أن تميز سعد بالصدق مع الله والمطعم الحلال، وأن من أراد أن يستجيب الله دعوته فليطب مطعمه وليأكل حلالاً، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ». ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ». ونواصل الحديث إن شاء الله
الدعاء