خطبة عن (الصحابي: عباد بن بشر)
يوليو 20, 2016خطبة عن (الصحابي: عبد الرحمن بن عوف)
يوليو 20, 2016الخطبة الأولى ( الصحابي (عبد الرحمن بن أبي بكر)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29] ،وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الاسلام
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم – أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً ،وأحسنهم خلقاً ، واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار ،لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد ،نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله لنرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ،نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ، وضياع المصير ،حقا ، إنهم فتية آمنوا بربهم ، فزادهم الله هدى ، واليوم إن شاء الله موعدنا مع صحابي جليل إنه الصحابي: ( عبد الرحمن بن أبي بكر ) :أما عن نسبه : فهو عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ،وهو أكبر ولد أبي بكر الصديق. وأمه أم رومان أم عائشة فهو شقيقها، بارز يوم بدر وأحد مع المشركين. وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة فغيره النبي صلى الله عليه وسلم، وتأخر إسلامه إلى أيام الهدنة، فأسلم وحسن إسلامه. وقال أبو الفرج في “الأغاني” :لم يهاجر مع أبيه؛ لأنه كان صغيرًا. – وخرج عبد الرحمن مقاتلاً مع جيش المشركين، وفي غزوة أحد كان مع الرماة الذين جنّدتهم قريش لمحاربة المسلمين، وعند بدء القتال بالمبارزة وقف عبد الرحمـن يدعو إليه من المسلميـن من يبارزه، ونهـض أبوه أبو بكر الصديق ليبارزه لكن الرسـول الكـريم حال بينه وبين مبارزة ابنـه.
أيها المسلمون
أما عن قصة إسلام الصحابي عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما ، فلقد دقت ساعة الأقدار يوما, معلنة ميلادا جديدا لعبدالرحمن بن أبي بكر الصدّيق.. لقد أضاءت مصابيح الهدى نفسه فكنست منها كل ما ورثته الجاهلية من ظلام وزيف. ورأى الله الواحد الأحد في كل ما حوله من كائنات وأشياء, وغرست هداية الله ظلها في نفسه وروعه، فإذا هو من المسلمين..! ومن فوره نهض مسافرا إلى رسول الله, أوّابا إلى دينه الحق. وتألق وجه أبي بكر تحت ضوء الغبطة وهو يبصر ولده يبايع رسول الله. لقد كان في كفره رجلا.. وها هو ذا يسلم اليوم إسلام الرجال. فلا طمع يدفعه, ولا خوف يسوقه. وإنما هو اقتناع رشيد سديد أفاءته عليه هداية الله وتوفيقه .وانطلق عبدالرحمن يعوّض ما فاته ببذل أقصى الجهد في سبيل الله, ورسوله والمؤمنين… ومنذ أن أسلم عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما وهو لم يتخلف عن غزوة أو جهاد أو طاعة ،ويوم اليمامة أبلى فيه بلاءً لا مثيل له فهو الذي أجهز على محكم بن طفيل العقل المدبر لمسيلمة الكذاب وصمد مع المسلمين حتى أجهزوا على جيش الردة والكفر. ومن أهم ملامح شخصية عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما : فقد كان عبد الرحمن بن أبي بكر لم يجرب عليه كذبة قط، وقال ابن عبد البر: كان شجاعًا راميًا حسن الرمي ، وشهد اليمامة فقتل سبعة من أكابرهم منهم محكم اليمامة وكان في ثلمة من الحصن فرماه عبد الرحمن بسهم فأصاب نحره فقتله ودخل المسلمون من تلك الثلمة. – لقد كان جوهر شخصيته الولاء المطلق لما يقتنع به، ورفضه للمداهنة في أي ظرف كان، ففي يوم أن قرر معاوية أخذ البيعة لابنه يزيد بحد السيف، كتب إلى مروان عامله على المدينة كتاب البيعة وأمره أن يقرأه على المسلمين في المسجد، وفعل مروان ولم يكد يفرغ من القراءة حتى نهض عبد الرحمن محتجًّا قائلاً: “والله ما الخيار أردتم لأمة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقِليّة، كلما مات هِرقْل قام هِرَقْل”. – ومن ملامح شخصيته كرمه وبذله: يروى أن أعرابية وقفت على عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما فقالت: إني أتيت من أرض شاسعة تخفضني خافضة وترفعني رافعة في بوادي برين لحمي وهضن عظمي وتركنني والهة قد ضاق بي البلد بعد الأهل والولد وكثرة من العدد لا قرابة تؤويني ولا عشيرة تحميني ،فسألت أحياء العرب من المرتجي سيبه المأمون عيبه الكثير نائله المكفي سائله فدللت عليك ، وأنا امرأة من هوازن فقدت الولد والوالد فاصنع في أمري واحدة من ثلاث إما أن تحسن صفدي وإما أن تقيم أودي وإما أن تردني إلى بلدي, قال: بل أجمعهن لك ففعل ذلك بها.
أيها المسلمون
ومن بعض مواقف الصحابي عبد الرحمن بن أبي بكر مع الرسول صلى الله عليه وسلم : فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ :دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ ، وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقُلْتُ لَهُ أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ . فَأَعْطَانِيهِ فَقَصَمْتُهُ ثُمَّ مَضَغْتُهُ ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَاسْتَنَّ بِهِ وَهْوَ مُسْتَسْنِدٌ إِلَى صَدْرِي) ، وفي صحيح البخاري : (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ – رضى الله عنهما – قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – ثَلاَثِينَ وَمِائَةً فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ » . فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ ، فَعُجِنَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً – أَوْ قَالَ – أَمْ هِبَةً » . قَالَ لاَ ، بَلْ بَيْعٌ . فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً ، فَصُنِعَتْ وَأَمَرَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى ، وَايْمُ اللَّهِ مَا فِي الثَّلاَثِينَ وَالْمِائَةِ إِلاَّ قَدْ حَزَّ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا ، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ ، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ ، وَشَبِعْنَا ، فَفَضَلَتِ الْقَصْعَتَانِ ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْبَعِيرِ . ) ومن مواقفه مع أم المؤمنين عائشة ، ما رواه البخاري (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ، وَلَيَالِي الْحَجِّ وَحُرُمِ الْحَجِّ ، فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ قَالَتْ فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ « مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْىٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْىُ فَلاَ » . قَالَتْ فَالآخِذُ بِهَا وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَتْ فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ ، وَكَانَ مَعَهُمُ الْهَدْىُ ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعُمْرَةِ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ « مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهْ » . قُلْتُ سَمِعْتُ قَوْلَكَ لأَصْحَابِكَ فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ . قَالَ « وَمَا شَأْنُكِ » . قُلْتُ لاَ أُصَلِّى . قَالَ « فَلاَ يَضِيرُكِ ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ ، فَكُونِى فِي حَجَّتِكِ ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا » . قَالَتْ فَخَرَجْنَا فِي حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى فَطَهَرْتُ ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي النَّفْرِ الآخِرِ حَتَّى نَزَلَ الْمُحَصَّبَ ، وَنَزَلْنَا مَعَهُ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ « اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الْحَرَمِ ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ افْرُغَا ، ثُمَّ ائْتِيَا هَا هُنَا ، فَإِنِّي أَنْظُرُكُمَا حَتَّى تَأْتِيَانِي » . – قَالَتْ – فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ ، وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ فَقَالَ « هَلْ فَرَغْتُمْ » . فَقُلْتُ نَعَمْ . فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية الصحابي (عبد الرحمن بن أبي بكر)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن بعض مواقف عبد الرحمن بن أبي بكر مع الصحابة : ما كان بينه وبين أبيه يوم بدر: قال ابن هشام: نادى أبو بكر الصديق ابنه عبد الرحمن وهو يومئذ مع المشركين، فقال: أين مالي يا خبيث؟ فقال عبد الرحمن: لم يبق غير شكة ويعبوب *** وصارم يقتل ضلال الشيب ، وفي صحيح البخاري : (عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ كَانَ مَرْوَانُ عَلَى الْحِجَازِ اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ ، فَخَطَبَ فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ ، لِكَىْ يُبَايِعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ شَيْئًا ، فَقَالَ خُذُوهُ . فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا { عَلَيْهِ } فَقَالَ مَرْوَانُ إِنَّ هَذَا الَّذِى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ( وَالَّذِى قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي ) . فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عُذْرِي ) ، ويروى أنها بعثت إلى مروان تعتبه وتؤنبه وتخبره بخبر فيه ذم له ولأبيه لا يصح عنه. وبعث معاوية إلى عبد الرحمن بن أبي بكر بمائة ألف درهم بعد أن أبى البيعة ليزيد بن معاوية، فردها عبد الرحمن وأبى أن يأخذها، وقال: أبيع ديني بدنياي؟ – وعن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قدم الشام في تجارة -يعني في زمان جاهليته- فرأى هنالك امرأة يقال لها: ليلى ابنة الجودي. على طنفسة، حولها ولائدها، فأعجبته, قال ابن عساكر: رآها بأرض بصرى فقال فيها:
تذكرت ليلى والسماوة دونها *** فمال ابنة الجودي ليلى وماليا
وإني تعاطى قلبه حارثية *** تؤمن بصرى أو تحـل الحوابـيـا
وإني بلاقيهـا بلى ولعلها *** إن الناس حجوا قابلا أن تـوافيا
قال: فلما بعث عمر بن الخطاب جيشه إلى الشام قال للأمير على الجيش: إن ظفرت بليلى بنت الجودي عنوة فادفعها إلى عبد الرحمن بن أبي بكر فظفر بها فدفعها إليه، فأعجب بها وآثرها على نسائه، حتى جعلن يشكونه إلى عائشة، فعاتبته عائشة على ذلك، فقال: والله كأني أرشف بأنيابها حب الرمان. فأصابها وجع سقط له فوها، فجفاها حتى شكته إلى عائشة، فقالت له عائشة: يا عبد الرحمن، لقد أحببت ليلى فأفرطت، وأبغضتها فأفرطت، فإما أن تنصفها، وإما أن تجهزها إلى أهلها, فجهزها إلى أهلها.
أيها المسلمون
ومن بعض الأحاديث التي نقلها عبد الرحمن بن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم : ففي الصحيحين البخاري ومسلم : (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ – رضى الله عنهما – أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ – – صلى الله عليه وسلم – قَالَ مَرَّةً « مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ » . أَوْ كَمَا قَالَ ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاَثَةٍ وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بِعَشَرَةٍ ، وَأَبُو بَكْرٍ وَثَلاَثَةً ، قَالَ فَهْوَ أَنَا وَأَبِى وَأُمِّى – وَلاَ أَدْرِى هَلْ قَالَ امْرَأَتِي وَخَادِمِي – بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ ضَيْفِكَ . قَالَ أَوَ عَشَّيْتِهِمْ قَالَتْ أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ ، فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ ، فَقَالَ يَا غُنْثَرُ . فَجَدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ كُلُوا وَقَالَ لاَ أَطْعَمُهُ أَبَدًا . قَالَ وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنَ اللُّقْمَةِ إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا ، وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ ، فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا شَيْءٌ أَوْ أَكْثَرُ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِى فِرَاسٍ . قَالَتْ لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهْىَ الآنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ . فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ ، وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ – يَعْنِى يَمِينَهُ – ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً ، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ . وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ ، فَمَضَى الأَجَلُ ، فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ . اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ ، غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ ، قَالَ أَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ) ، وفي مسند أحمد والبزار : (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَدْعُو بِصَاحِبِ الدَّيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقِيمُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ أَيْ عَبْدِى فِيمَا أَذْهَبْتَ مَالَ النَّاسِ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ قَدْ عَلِمْتَ أَنِّى لَمْ أُفْسِدْهُ إِنَّمَا ذَهَبَ فِي غَرَقٍ أَوْ حَرَقٍ أو سَرِقَةٍ أَوْ وَضِيعَةٍ فَيَدْعُو اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِشَيْءٍ فَيَضَعُهُ فِي مِيزَانِهِ فَتَرْجَحُ حَسَنَاتُهُ ». وفي سنن أبي داود :(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه – دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِسَائِلٍ يَسْأَلُ فَوَجَدْتُ كِسْرَةَ خُبْزٍ فِي يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ.)
أيها المسلمون
أما عن وفاة عبد الرحمن بن أبي بكر : قال أبو زرعة الدمشقي: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر في نومة نامها. (وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ تُوُفِّىَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ بِحُبْشِىٍّ. قَالَ فَحُمِلَ إِلَى مَكَّةَ فَدُفِنَ فِيهَا فَلَمَّا قَدِمَتْ عَائِشَةُ أَتَتْ قَبْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَتْ وَكُنَّا كَنَدْمَانَىْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ يَتَصَدَّعَا فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّى وَمَالِكًا لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا ثُمَّ قَالَتْ وَاللَّهِ لَوْ حَضَرْتُكَ مَا دُفِنْتَ إِلاَّ حَيْثُ مُتَّ وَلَوْ شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ.) رواه الترمذي وغيره. وروى ابن سعد أن ابن عمر رأى فسطاطًا مضروبًا على قبر عبد الرحمن -ضربته عائشة بعد ما ارتحلت- فأمر ابن عمر بنزعه وقال: إنما يظله عمله. ويقال: إن عبد الرحمن توفي سنة ثلاث وخمسين. قاله الواقدي وكاتبه محمد بن سعد وأبو عبيد وغير واحد. وقيل: سنة أربع وخمسين. فالله أعلم.
الدعاء