خطبة عن ( صفات الصحابي عبد الله بن عمر )
مارس 8, 2016خطبة عن ( فضائل الصحابي عبد الله بن عمر )
مارس 8, 2016الخطبة الأولى (أخلاق الصحابي عبد الله بن عمر )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الترمذي في سننه : ( عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ كَأَنَّمَا فِى يَدِى قِطْعَةُ إِسْتَبْرَقٍ وَلاَ أُشِيرُ بِهَا إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ طَارَتْ بِى إِلَيْهِ فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ ». أَوْ « إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ »
إخوة الإسلام
حديثنا اليوم -إن شاء الله تعالى- عن أخلاق الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه ، فمن أخلاق التي عرف بها الخشية من الله : فمن خشيته أنه كان شديد الحذر في روايته عن الرسول، فقد قال معاصروه: “لم يكن من أصحاب رسول الله أحدٌ أشد حذرًا من ألا يزيد في حديث رسول الله أو ينقص منه من عبد الله بن عمر”. كما كان شديد الحذر والحرص في الفُتيا، فقد جاءه يومًا سائل يستفتيه في سؤالٍ، فأجابه قائلاً: “لا علم لي بما تسأل”. وذهب الرجل إلى سبيله، ولا يكاد يبتعد بضع خطوات عن ابن عمر حتى فَرَك ابن عمر كفيه فرحًا، ويقول لنفسه: “سُئل ابن عمر عمّا لا يعلم، فقال لا يعلم”. أما عن جوده وكرمه وسخائه فقد كان ابن عمر من ذوي الدخول الرغيدة الحسنة؛ إذ كان تاجرًا أمينًا ناجحًا، وكان راتبه من بيت مال المسلمين وفيرًا، ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه قَطُّ، إنما كان يرسله على الفقراء والمساكين والسائلين، فقد رآه أيوب بن وائل الراسبي وقد جاءه أربعة آلاف درهم وقطيفة، وفي اليوم التالي رآه في السوق يشتري لراحلته علفًا دَيْنًا، فذهب أيوب بن وائل إلى أهل بيت عبد الله وسألهم، فأخبروه : “إنه لم يبت بالأمس حتى فرَّقها جميعًا، ثم أخذ القطيفة وألقاها على ظهره وخرج، ثم عاد وليست معه، فسألناه عنها فقال: إنه وهبها لفقير”. كما كان عبد الله بن عمر يلوم أبناءه حين يولمون للأغنياء ولا يأتون معهم بالفقراء، ويقول لهم: “تَدْعون الشِّباع، وتَدَعون الجياع”. ومن جوده وكرمه أنه كان إذا أعجبه شيء من ماله تقرب به إلى الله عز وجل. فقد كانت له جارية يحبها كثيرا فأعتقها وزوجها لمولاه نافع ، وقال: إن الله تعالى يقول “لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ” [آل عمران : 92] ،وكان له نجيب اشتراه بماله فأعجبه لما ركبه فقال: يا نافع: أدخله في إبل الصدقة ،وأعطاه ابن جعفر في نافع عشرة آلاف دينار فقيل له: ما تنتظر ببيعه؟ فقال: ما هو خير من ذلك. هو حر لوجه الله. وكان عبيده قد عرفوا ذلك منه فربما لزم أحدهم المسجد فإذا رآه ابن عمر على تلك الحال أعتقه. فيقال له: إنهم يخدعوك فيقول: (من خدعنا في الله انخدعنا له ). وما مات حتى أعتق ألف رقبة وربما تصدق في المجلس الواحد بثلاثين ألفا ،وقد أحبه الفقراء لجوده وكرمه وحنانه وعطفه عليهم فكان يطعمهم ويعطيهم ويوسع عليهم من فضل الله عليه .أما عن زهد عبد الله بن عمر وورعه ،فقد أهداه أحد إخوانه القادمين من خُراسان حُلَّة ناعمة أنيقة، وقال له: “لقد جئتك بهذا الثوب من خراسان، وإنه لتقر عيناي إذ أراك تنزع عنك ثيابك الخشنة هذه، وترتدي هذا الثوب الجميل”. قال له ابن عمر: “أرِنيه إذن”. ثم لمسه وقال: “أحرير هذا؟” قال صاحبه: “لا، إنه قطن”. وتملاّه عبد الله قليلاً، ثم دفعه بيمينه وهو يقول: “لا، إني أخاف على نفسي، أخاف أن يجعلني مختالاً فخورًا، والله لا يحب كل مختال فخور”. وأهداه يومًا صديق وعاءً مملوءًا، وسأله ابن عمر : “ما هذا؟” قال: “هذا دواء عظيم، جئتك به من العراق”. قال ابن عمر: “وماذا يُطَبِّب هذا الدواء؟” قال: “يهضم الطعام”. فابتسم ابن عمر وقال لصاحبه: “يهضم الطعام! إني لم أشبع من طعام قَطُّ منذ أربعين عامًا”.لقد كان عبد الله خائفًا من أن يقال له يوم القيامة: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20]. كما كان يقول عن نفسه: “ما وضعت لَبِنَة على لَبِنَة، ولا غرست نخلة منذ تُوُفِّي رسول الله”. ويقول ميمون بن مهران: “دخلت على ابن عمر ، فقَومتُ (ثَمّنْتُ) كل شيء في بيته من فراش ولحاف وبساط، ومن كل شيء فيه، فما وجدته يساوي مائة درهم”.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أخلاق عبد الله بن عمر )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فقد عاش عبد الله بن عمر – رضي الله عنه – حتى جاوز الثمانين سنه، وعاصر الأيام التي فتحت فيها الدنيا أبوابها على المسلمين، وفاضت الأموال، وانتشرت الضياع، وغطى البذخ أكثر الدور، كما كثرت المناصب وانتشرت المطامع والرغبات، ولكنه في كل هذا الخضم ما بدل ولا غير منهج الصالحين الزاهدين الذي تربى عليه، وما تخلى يوما عن ورعه وزهده، لسان حاله يردد كلمات الرسول الحبيب: (اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة). ويوضح منهجه فيقول: (اللهم إنك تعلم أنه لولا مخافتك لزاحمنا قومنا قريشا في هذه الدنيا). وكان إذا دعي لينهل من حظوظ الدنيا قال: (لقد اجتمعت وأصحابي على أمر، وإني أخاف إن خالفتهم ألا ألحق بهم). وكيف ينافس على الدنيا، وكلمات الرسول مازالت حية في قلبه ووجدانه: « أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا خَيْراً فَوَ اللَّهِ مَا الْفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ إِذَا صُبَّتْ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا فَتَنَافَسْتُمُوهَا كَمَا تَنَافَسَهَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ » رواه احمد ،وكان رحمه الله لا يأكل طعاما إلا وعلى خوانه يتيم أو مسكين، ولما اشتكى اشتهى حوتا فطبخ له، فلما وضع بين يديه جاء سائل، فقال: أعطوه الحوت. فقالت امرأته: نعطيه درهما فهو أنفع له من هذا، واقض أنت شهوتك منه. فقال: شهوتي ما أريد. وصدق والله جابر بن عبد الله إذ يقول: ما رأينا أحدا إلا قد مالت به الدنيا أو مال بها إلا عبد الله بن عمر. ونستكمل الحديث
الدعاء