خطبة عن ( كبائر المعاصي والذنوب )
يوليو 11, 2016خطبة عن ( النجاة في عصر الفتن )
يوليو 11, 2016الخطبة الأولى ( الظلم: أنواعه ،والتحذير من خطورته)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان..ولك الحمد أن جعلتنا من امة محمد عليه الصلاة والسلام….. واشهد أن لا اله إلا لله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد انه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
في صحيح البخاري : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ، وفي صحيح مسلم : ( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاتَّقُوا الشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ »
إخوة الإسلام
إن الظلم ذنب عظيم، وإثم كبير، وهو سبب لكل شر وفساد.. وكل بلاء وعقاب. فهو منبع الرذائل والموبقات ، وهو مصدر الشرور والسيئات .. الظلم : اذا فشا في أمة آذن الله برحيلها.. ومتى شاع في بلدة.. بدأت أسباب زوالها فبه تفسد الديار.. وتخرب الأوطان وتدمر الأمصار.. وبه ينزل غضب الواحد القهار..قال الله سبحانه وتعالى:( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ) الكهف 59.. والظلم أصله الجور ومجاوزة الحد ..ومعناه في الشرع: وضع الشيء في غير موضعه ،والظلم نوعان : الأول: ظلم العبد لنفسه، وأعظمه الشرك بالله تعالى ،والنوع الثاني : ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ..وهو من أعظمها…لأنه متعلق بحقوق الآخرين..ىوقد شدد الله على هذا الظلم في الدنيا والآخرة، اما في الدنيا…قال تعالى : (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) الانعام 21.. وقال تعالى:( إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) البقرة 258 ، فحكم الله تعالى بخسرانه.. وعدم هدايته .. وأما في الآخرة: فأول ما ينزل بالظالم اللعنة..وهو الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى.. يقول عز وجل: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) غافر 52 ، ويقول تعالى 🙁 وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) هود 18 . والظلمة في كل زمان ومكان ..ومن امثلتهم هؤلاء الذين نهبوا خيرات البلاد واكثروا فيها الفساد.. يحرمون من شفاعة إمام المرسلين ..وشفاعة عباد الله الصالحين يوم القيامة … قال تعالى: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) غافر 18 ، ويقول عليه الصلاة والسلام: (صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم .وكل غال مارق).رواه الطبراني ، واهل الظلم يحيط بهم العذاب من كل مكان.. قال تعالى : (وكذلك نجزي الظالمين يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) العنكبوت 55. واهل الظلم مفلسون من الحسنات يوم القيامة فقد روى مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ». قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ ». فبئست النهاية ،وساءت الخاتمة ،قال تعالى:( وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ) سبأ 42 ، فعاقبة الظالمين جهنم لا يموتون فيها ولا يحيون. قال صلى الله عليه وسلم: ((عَنْ أَبِى أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ». فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ».) [رواه مسلم]. وفي صحيح البخاري أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ ، فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ – رضى الله عنها – فَقَالَتْ يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأَرْضَ ، فَإِنَّ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ » ، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إنّ الله ليُمْلي للظالم حتى إذا أخَذَه لم يُفْلِته)) ثم قرأ عليه الصلاة والسلام: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) هود 102.. وما اجمل قول من قال :
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرًا… فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه… يدعو عليك وعين الله لم تنم
وقول آخر:
أما والله إن الظلم مشؤومٌ… وما زال المسيء هو الظلوم
إلى الديان يوم الدين نمضي…وعند الله يجتمع الخصوم
ستعلم في الحساب إذا التقينا ..غدًا عند المليك من الظَّلوم
ايها الموحدون
الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام…فماذا يقول الظالم لربه يوم يقف بجانب المظلوم ..يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم . فعَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ قَالَ « أَلاَ تُحَدِّثُونِى بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ». قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِىَّ وَجَمَعَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَتَكَلَّمَتِ الأَيْدِى وَالأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِى وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا. قَالَ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « صَدَقَتْ صَدَقَتْ كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لاَ يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ »
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الظلم : أنواعه ،والتحذير من خطورته)
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك…واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في صحيح مسلم عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ « يَا عِبَادِى إِنِّى حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا ) ، وفي قصص السابقين عبر ودروس: ذكر الهيثمي في كتاب الزواجر قال بعضهم: ( رأيت رجلاً مقطوع اليد من الكتف.. وهو ينادي:( من رآني فلا يظلمنّ أحدًا) .. فتقدمت إليه. .وقلت له:( يا أخي ما قصتك؟ فقال: قصتي عجيبة.. وذلك أني رأيت يومًا صيادًا مسكينًا قد اصطاد سمكة كبيرة فأعجبتني.. فجئت إليه.. فقلت: أعطني هذه السمكة.. فقال: لا أعطيكها .أنا آخذُ بثمنها قوتًا لعيالي… فضربته وأخذتها منه قهرًا… ومضيت بها.قال: فبينما أنا ماشٍ بها.. وكانت ما تزال فيها حياة.. إذ عضت على إبهامي عضة قوية.. وآلمتني ألمًا شديدًا.. حتى لم أنم من شدة الوجع، وورمت يدي.. فلما أصبحت أتيت الطبيب.. وشكوت إليه الألم.. فقال: اقطعها وإلا تلفت يدك.. فقطعت إبهامي…ثم اشتد الألم على باقي يدي ولم أطق الراحة ولا النوم. فذهبت إلى الطبيب.. فقال: لا بد أن يقطع الكف فقطعها، وما زال الألم يتردد عليَّ حتى قطعت يدي من الكتف.قال: فقال لي الناس: ما سبب ألمك؟ فذكرت قصة السمكة، فقالوا لي: لو كنت رجعت من أول ما أصابك الألم إلى صاحب السمكة فاستحللت منه واسترضيته ما قطعت يدك.. فاذهب الآن إليه.. واطلب رضاه قبل أن يصل الألم إلى بدنك…قال: فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته ..فوقعت في رجليه وأبكي وقلت: يا أخي سألتك بالله إلا عفوت عني.. فقال لي: ومن أنت؟..فقلت: أنا الذي أخذت منك السمكة غصبًا…وذكرت له ما جرى وأريته يدي, فبكى حين رآها، ثم قال: يا أخي قد حللتك منها. فقال الظالم: بالله يا أخي هل كنت دعوت عليّ لما أخذتها منك؟ قال: نعم. قلت: اللهم هذا تقوّى عليّ بقوته على ضعفي وأخذ مني ما رزقتني ظلمًا.. فأرني فيه قدرتك.. نعم : (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الابْصَارُ )ابراهيم 42 ، وفي صحيح البخاري : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – أَنَّ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ ، فَقَالَ « اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ » وقال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا))..
اخوة الاسلام
احذركم ونفسي من الظلم لأن الظلم عاقبته وخيمة سيئة. وهو منبع كل رذيلة ومصدر كل شر .. والظلم ظُلُمات يوم القيامة .. تَزِلّ به الأقدام وتضِلّ به الأفهام،.. وينتشر بسببه الفزع والاضطراب بين الناس. فلا تظلموا انفسكم ..ولا تظلموا ازواجكم واولادكم… ولا تظلموا اخوانكم واخواتكم ..ولا تظلموا جيرانكم او ارحامكم ..فدعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام، ويقول : ((وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)) ، وفي صحيح البخاري : ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ » . وروى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ ». فاللهم انا نعوذ بك ان نظلم او نظلم .. او نفتن او نفتن .. ولا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين …
الدعاء