خطبة عن ( العاقل يحاسب نَفْسَهُ )
يوليو 11, 2016خطبة عن ( يا نفس توبي فإن الموت قد حانا)
يوليو 11, 2016الخطبة الأولى (يا نَفسُ توبي قَبلَ أَن لا تَستَطيعي أَن تَتوبي )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) ( 43): (45) الروم
إخوة الإسلام
جاء رجل يشكو إلى أمير المؤمنين عمر وهو مشغول فقال له : أتتركون الخليفة حين يكون فارغا حتى إذا شغل بأمر المسلمين أتيتموه ؟ وضربه بالدرة، فانصرف الرجل حزينا، فتذكر عمر أنه ظلمه، فدعا به وأعطاه الدرة، وقال له«اضربني كما ضربتك » فأبى الرجل وقال تركت حقي لله ولك فقال عمر «إما أن تتركه لله فقط، وإما أن تأخذ حقك» فقال الرجل تركته لله فانصرف عمر إلى منزله فصلى ركعتين ثم جلس يقول لنفسه «يا ابن الخطاب، كنت وضيعا فرفعك الله، وضالا فهداك الله، وضعيفا فأعزك الله،وجعلك خليفة.فأتي رجل يستعين بك على دفع الظلم فظلمته ؟ ما تقول لربك غدا وظل يحاسب نفسه حتى أشفق الناس عليه ) فنقول لنفس ونحاسبها : اذكري يا نفس حالك عند المرور على الصراط .أتثبت أقدامك أم تهوي في النار فالصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف وفي صحيح مسلم (وَتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ فَتَقُومَانِ جَنَبَتَىِ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالاً فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ ». قَالَ قُلْتُ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى أَىُّ شَىْءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ قَالَ « أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِى طَرْفَةِ عَيْنٍ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ وَشَدِّ الرِّجَالِ تَجْرِى بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ حَتَّى يَجِىءَ الرَّجُلُ فَلاَ يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلاَّ زَحْفًا قَالَ وَفِى حَافَتَىِ الصِّرَاطِ كَلاَلِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ وَمَكْدُوسٌ فِى النَّارِ ». وَالَّذِى نَفْسُ أَبِى هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ إِنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعُونَ خَرِيفًا ).. وتذكري يانفس يوم يرد أتباع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليشربوا من حوضه .فهل تكونين من الواردين ام تكونين من المبعدين ففي صحيح مسلم(عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، وَلَيُرْفَعَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِى فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى . فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ».فيانفس .ألا ترغبين في دخول جنات النعيم. ألا تشتاقين الى رؤية رب العالمين.ألا ترغبين في جوار سيد المرسلين.ألا تنظرين إلى الحور العين وما أعده الله لعباده المؤمنين .وأوليائه المقربين. لعل هذا يدفعك الى الطاعات وتركالمعاصي والموبقات .فمن شاهد نعيم الجنة هانت عليه كل العقبات قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} (من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات ومن أشفق من النار لهى عن الشهوات ومن ترقب الموت هانت عليه المصيبات).كيف لا.وفي صحيح البخاري (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « قَالَ اللَّهُ.أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ).. فتعالى يا نفس انظري إلى الجنة. وكأنك بالتعب وقد مضى.والصبر قد أثمر حلاوة الرضا .تعالى يانفس إلى جنات تجري من تحتها الأنهار. من يدخلها لا يفنى شبابه ولا تبلى ثيابه هي ، ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد وفاكهة كثيرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة في مقام أبدا في حبرة ونضرة في دار عالية سليمة بهية ».الجنة دار غرسها الله بيده، وجعلها مقرا لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه ووصف نعيمها بالفوز العظيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميع الخير وطهرها من كل عيب. فإن سألتَ عن أرضها وتربتها .فهي المسك والزعفران. وإن سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن. وإن سألت عن بلاطها فهو المسك الأذفر. وإن سألت عن حصبائها فهو اللؤلؤ والجوهر. وإن سألت عن بنائها فلبنة من فضة ولبنة من ذهب. وإن سألت عن أشجارها فما فيها من شجرة إلا وساقها من الذهب والفضة. وإن سألت عن ثمرها فأمثال القلال، ألين من الزبد، وأحلى من العسل. وإن سألت عن ورقها فأحسن ما يكون من رقائق الحلل.وإن سألت عن أنهارها فأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى. وإن سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون. وإن سألت عن شرابهم فالتسنيم والزنجبيل والكافور. وإن سألت عن آنيتهم فآنية الذهب والفضة، في صفاء القوارير. وإن سألت عن سعة أبوابها فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام، وإن سألت عن تصفيق الرياح لأشجارها فإنها تنعم بالطرب لمن يسمعها. وإن سألت عن ظلها ففي ظل الشجرة الواحدة يسير الراكب المجد السريع مائة عام لا يقطعها. وإن سألت عن سعتها فأدنى أهلها يسير في ملكه وسرره وقصوره وبساتينه مسيرة ألفي عام..فسبحان من أعطى وتفضل .سبحان الله العظيم .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (يا نَفسُ توبي قَبلَ أَن لا تَستَطيعي أَن تَتوبي)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونستكمل حديثنا عن وصف الجنان .فإن سألت عن خيامها وقبابها فالخيمة الواحدة من درة مجوفة، طولها ستون ميلا. وإن سألت عن علاليها فهي غرف من فوقها غرف مبنية، تجري من تحتها الأنهار. وإن سألت عن ارتفاعها فانظر إلى الكوكب الطالع ، الذي لا تكاد تناله الأبصار.وإن سألت عن لباس أهلها فهو الحرير والذهب. وإن سألت عن فرشها فبطائنها من إستبرق، مفروشة في أعلى الرتب. وإن سألت عن أرائكها فهي الأسرة ، مزررة بأزرار الذهب. وإن سألت عن وجوه أهلها وحسنهم فعلى صورة القمر. في جمال يوسف. ولو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدا سواره، لطمس ضوؤُه ضوءَ الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم .وإن سألت عن أعمارهم فأبناء ثلاث وثلاثين، على صورة آدم عليه السلام، طولهم ستون ذراعا، وعرضهم سبعة أذرع. وإن سألت عن سماعهم فغناء أزواجهم من الحور العين، وأحلى منه سماع الملائكة والنبيين، وأحلى منهما خطاب رب العالمين. وإن سألت عن مطاياهم التي يتزاورون عليها فنجائب مما شاء الله، تسير بهم حيث شاءوا. وإن سألت عن حليهم وشارتهم فأساور الذهب واللؤلؤ، وعلى رؤوسهم ملابس التيجان. وإن سألت عن غلمانهم فولدان مخلدون ، كأنهم لؤلؤ مكنون. يتلقى كل واحد منهم سبعون ألف خادم ، وإن سألت عن أزواجك وحبيباتك، فهن الكواعب الأتراب، اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب، تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت، ويضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت. إذا قابلتْ حِبَّها فقل ما تشاء في تقابل النورين، وإذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبيبين، وإن ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين، يرى وجهه في صحن خدها كما يُرى في المرآة التي جلاها، ويرى مخ ساقها من وراء اللحم و اطلعتْ على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحاً، ولاستنطقت أفواه الخلائق تهليلاً وتكبيراً وتسبيحاً، ولتزخرفت لها ما بين الخافقين، ولأغمضت عن غيرها كل عين، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم) ونستكمل إن شاء الله
الدعاء