خطبة عن ( وجوب تحكيم شرع الله )
يوليو 7, 2016خطبة عن ( صفات الحاكم المسلم )
يوليو 7, 2016الخطبة الأولى (العدل اساس الحكم )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام …وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) (58) النساء
إخوة الإسلام
نام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يوما في المسجد،..فدخل عليه رسول من كسرى ملك بلاد فارس .. فرآه في المسجد نائما على الارض و بدون حراسة.. وليس حوله خدم ..فقال قولة أصبحت مثلا ..قال:( عدلت.. فأمنت… فنمت يا عمر ) ، نعم ..لما عدل الحاكم بين رعيته أمنهم … فنام قرير العين بلا حراسة ،لان العدل أساس الحكم والملك … وما نالَتْ هذهِ الأُمَّةُ الاسلامية شرَفَ الرِّيادَةِ والسِّيادَةِ،… و ما حَظِيَتْ بكَوْنِها خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للناسِ إلاَّ بالعَدْلِ...وإن الحضارات الإنسانية لا ترقى إلى عزها و مجدها إلا حين يعلو العدل تاجها، .و يبسط العدل على القريب والبعيد، والقوي والضعيف، والغني والفقير…. واعلموا ..ان القسط والعدل هو غاية الرسالات السماوية كلهايقول سبحانه وقوله الحق ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) الحديد 25…فبالعدل قامت السموات والأرض… وللظلم يهتز عرش الرحمن. .الحكم بالعدل إذا قام في البلاد عمَّر، وإذا ارتفع عن الديار دمَّر. وإن الدول وان كانت كافرة.. لتدوم مادامت عادلة، …ولا تقوم دولة الاسلام إن كانت ظالمة … وكما قيل .. دولة الظلم ساعة .. ودولة العدل الى قيام الساعة …. وقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك أصحابه من بعده أروع الأمثلة في العدل بين الرعية فقد جاء في أسباب النزول أن( طعمة ) وكان رجلا من الانصار.. سرق درعاً فلما طلبت الدرع منه رمى واحداً من اليهود بتلك السرقة ، ولما اشتدت الخصومة بين قومه وبين اليهودي جاء قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه أن يعينهم …وأن يلحق هذه الخيانة باليهودي وان ينصر المسلمين على اليهود فانزل الله تعالى قرآنا على رسوله بحقيقة الامر ..وأن الذى سرق هو طعمة الانصاري… وأن الحق والعدل مع اليهودي… فقال وقوله الحق: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ) النساء 105، وهذا ايضا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه… افتقد درعا كانت عزيزة عنده.. فوجدها عند يهودي فقاضاه إلى قاضيه شريح .. وعلي يومئذ هو أمير المؤمنين.. فسأل القاضي شريح أمير المؤمنين عن قضيته فقال: الدرع درعي، ولم أبع ولم أهب …فسأل شريح اليهودي: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ فرد 🙁 الدرع درعي! وما أمير المؤمنين عندي بكاذب )… فيلتفت شريح إلى أمير المؤمنين، هل من بينة؟! هكذا العدل! البينة على من ادعى .. فقال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : صدق شريح! مالي بينة! فحكم القاضي شريح بالدرع لليهودي لعدم وجود البينة عند المدعي أمير المؤمنين!! وأخذ الرجل اليهودي الدرع ومضى وهو لايكاد يصدق نفسه! ثم عاد بعد خطوات ليقول: يا لله!! أمير المؤمنين يقاضيني إلى قاضيه… فيقضي عليه؟ إن هذه أخلاق أنبياء!… أشهد أن لاإله إلا الله، وأن محمدا رسول الله! …الدرع درعك يا أمير المؤمنين،.. خرجت من بعيرك الأورق فاتبعتها فأخذتها .. فيقول علي رضي الله عنه: أما إذ أسلمت فهي لك )!!
اخوة الاسلام
ولَّما تَوَلَّى أبو بكرٍ الصدِّيقُ – رضي الله عنه – الخلافَةَ بعدَ رسولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – أعْلَنَها مُدَوِّيَةً حِينَ قالَ وهوَ يخاطِبُ المسلمينَ: أَلا إنَّ أقْواكُمْ عِنْدِي الضعيفُ حتَّى آخُذَ الحقَّ له، وأضعفَكُمْ عِنْدَي القوِيُّ حتَّى آخُذَ الحَقَّ مِنْه… وأرسَلَ عمرإلى أبي موسَى الأشعريِّ – رضي الله عنه – يقولُ له: سَوِّ بينَ الناسِ في وَجْهِكَ وعَدْلِكَ ومَجْلِسِكَ؛ حتَّى لا يَطْمَعَ شَريفٌ في حَيْفِكَ، ولا يَيْأَسَ ضعيفٌ مِنْ عَدْلِكَ. فعدل الإسلام يسع الأصدقاء والأعداء، والأقرباء والغرباء، والأقوياء والضعفاء، والمرؤوسين والرؤساء. عدل الإسلام ينظم كل ميادين الحياة وشؤونها. في الدولة والقضاء، والراعي والرعية، والأولاد والأهلين. عدلٌ في حق الله. وعدل في حقوق العباد.. في الأبدان.. والأموال، والأقوال والأعمال. عدلٌ في العطاء والمنع، والأكل والشرب. يُحق الحق ويمنع البغي في الأرض بين البشر.(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( العدل اساس الحكم )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد …وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ..وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في المستدرك للحاكم بسند صحيح قال صلى الله عليه وسلم (ما من أحد يكون على شيء من أمور هذه الأمة فلم يعدل فيهم إلا كبه الله في النار))، فأقول لكم ناصحا أمينا .. ألا فالعدل العدل .. فلا ترضوا بالعدل بديلا … طالبوا بالحق والعدل ولا ترضوا بالظلم… فلا تدفعوا لظالم رشوة …ولا تسكتوا عن حق .. ولا تهابوا اهل الفساد .. فهم أضعف العباد … ولا تختاروا أهل الضلال والكذب والنفاق… ولا أهل الاطماع والمصالح الشخصية الذين يتسلقون على اكتاف الناس الى المناصب… ويجيبون كل ناعق.. فهولاء لا يصلحون . لا تسكتوا على ظلم ظالم .. فالساكت عن الحق شيطان اخرس …وفي سنن البيهقي (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ يَا هَذَا اتَّقِّ اللَّهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ فَلاَ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ ثُمَّ قَالَ : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) المائدة (78) ، (79) ، ثُمَّ قَالَ كَلاَّ وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا.)
اخوة الاسلام
فكونوا من الاتقياء الاوفياء الذين يصلحون في الارض ولا يفسدون.. فلا ترضوا بهم بديلا … ولا تأخذكم في الحق لومة لائم … حكموا عقولكم … وانظروا أين مصالحكم … وإياكم والعصبيات والقبليات .. قيموا العدل في أوطانكم ، وفي بيوتكم وبين اولادكم وازواجكم .. قيموا العدل مع اخوانكم وجيرانكم .. قيموا العدل مع انفسكم ومع ربكم .. واياكم والظلم فانه ظلمات يوم القيامة
الدعاء