خطبة عن ( من هم الغرباء ؟ )
يوليو 7, 2016خطبة عن ( من وسائل التطهير )
يوليو 7, 2016الخطبة الأولى ( الغرباء )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام …وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه ..عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ». وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا » رواه مسلم.
إخوة الإسلام
ماذا يعني قوله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ )؟؟ ومن هم الغرباء؟؟ وما صفاتهم؟؟ولماذا أطلق عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الاسم ؟؟.. وما هي أنواع الغربة في هذا الزمان ؟؟…وما جزاء الغرباء؟؟.. هذا ماسو ف نتعرف عليه إن شاء الله.. فأقول بعون الله وتوفيقه… إن معنى قوله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ )…أي أن الناس كانوا قبل بعثته صلى الله عليه وسلم على ضلالة.. فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام..لم يستجب له في أول الأمر إلا القليل.. الواحد بعد الواحد من كل قبيلة.. وكان المستجيب لله ورسوله خائفًا من عشيرته وقبيلته .. يؤذى غاية الأذى…وهو صابر على ذلك في الله عز وجل ، وكان المسلمون إذ ذاك مستضعفين يشردون من ديارهم.. ويهربون بدينهم إلى بلاد بعيدة .. كما هاجر منهم إلى الحبشة مرتين ثم هاجروا إلى المدينة.. وكان منهم من يعذب في الله ومنهم من قتل…لذا ..فقد كان الداخلون في الإسلام حينئذ غرباء.. .غرباء في دينهم وشرعهم…غرباء في أخلاقهم ومعاملاتهم ..غرباء في أوطانهم … غرباء بقلة عددهم …. ثم ظهر الإسلام بعد الهجرة إلى المدينة وعز… وصار أهله ظاهرين كل الظهور …. ودخل الناس بعد ذلك في دين الله أفواجا ، وأكمل الله لهم الدين وأتم عليهم النعمة …وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ، وأهل الإسلام على غاية من الاستقامة في دينهم …(إن الإسلام بدأ غريباً ) ثم يخبرنا صلى الله عليه وسلم… ( وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ) أي أن الإسلام سيعود في آخر الزمان غريبا كما بدأ.. وخير ما يشهد علي ذلك واقعنا اليوم …فقد أصبح الإسلام كما ترون وتسمعون غريبا…. وأصبح المتمسكون بدينهم في هذا الزمان غرباء … فهل أنا وانتم من الغرباء ؟؟… نؤجل الإجابة على هذا السؤال بعد أن نستمع إلى تعريف الرسول صلى الله عليه وسلم للغرباء… فمن هم الغرباء كما بينهم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟؟، نسمع الإجابة في الروايات المتعددة للحديث ..في مسند أحمد.. (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ سَنَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيباً ثُمَّ يَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنِ الْغُرَبَاءُ قَالَ « الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ) . وفي رواية.. (قالوا يا رسول الله ومن الغرباء… قال الذين يزيدون إذا نقص الناس )… وفي رواية أخرى للإمام احمد(عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيباً وَسَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ». قِيلَ وَمَنِ الْغُرَبَاءُ قَالَ « النُّزَّاعُ مِنَ الْقَبَائِلِ » )… وفي غيره …(قال إن أحب شيء إلى الله الغرباء قيل ومن الغرباء… قال الفرارون بدينهم… يجتمعون إلى عيسى ابن مريم عليه السلام يوم القيامة )… وفي حديث عبد الله بن عمرو قال…قال النبي ذات يوم ونحن عنده ..عند الامام احمد (وَقَالَ « طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ». فَقِيلَ مَنِ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « نَاسٌ صَالِحُونَ فِي نَاسِ سَوْءٍ كَثِيرٍ مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ » ).. وفي حديث آخر رواه الترمذي .( إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِى مِنْ سُنَّتِي » أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد …وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ..وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والآن نجيب على هذا السؤال ..من هم الغرباء؟؟.. فمن مجموع الروايات السابقة يتبين لنا من هم الغرباء …فان الغرباء في هذا الزمان . ( هم الذين يصلحون ولا يفسدون … وهم الذين يزيدون في الطاعات ولا ينقصون …وهم الذين يفرون بدينهم من الفتن المهلكات …وهم الصالحون الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ..فلا يستجيب لهم إلا القليل …هم أهل السنة والجماعة.. والفرقة الناجية ….هم الأخفياء الأتقياء الأبرياء… الذين إذا غابوا لم يفتقدوا ..وإذا حضروا لم يعرفوا.. قلوبهم مصابيح الهدى… يخرجون من كل فتنة عمياء مظلمة.. وفي الحديث: ((سيظهر ( أي يعلو ) شرار أمتي على خيارها ..حتى يتخفى المؤمن كما يتخفى المنافق فينا اليوم) … فالمؤمنون في هذا الزمان هم الغرباء … غُربة أهل الصلاح بين الفساق… وغربة الصادقين بين أهل الرياء والنفاق…. وغربة العلماء بين أهل الجهل وسوء الأخلاق… وغربة علماء الآخرة بين علماء الدنيا الذين سُلبوا الخشية والإشفاق ، …وغربة الزاهدين بين الطامعين فيما ينفد وليس بباق.. فالغربة غربة الدين… ففي سنن الدارمي (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ لَمَّا أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« لَيَخْرُجُنَّ مِنْهُ أَفْوَاجاً كَمَا دَخَلُوهُ أَفْوَاجاً ». ومن غربة الدين في هذا الزمان ..غربة الفهم الشامل للإسلام.. فالكثير منا أصبح الإسلام في نظره.. هو الصلاة.. والصيام والحج فقط..ولا بأس عليه بعد ذلك أن يتعامل بالربا.. أو يغش أو..يشرب خمرا ..أو يلعب قمارا.. أو يهجر أخاه..أو يعق والديه ..أو يرتشي مالا.. أو يصرف راتبا بلا عمل . أو امرأة تلبس القميص والبنطلون .. أو تظهر جمالها ومفاتنها للناظرين ….فكأن ذلك كله ليس من الدين؟ .. ومن غربة الدين.. أن يتنازل عنه العبد لأجل متاع حقير...ومن غربة الدين. ذهاب الصالحين حتى لا يذكر اسم الله وفي الحديث: عند مسلم (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لاَ يُقَالَ فِي الأَرْضِ اللَّهُ اللَّهُ »)).. وفي الحديث: في سنن الدارمي((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ أَسْلاَفاً وَيَبْقَى حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِ الشَّعِيرِ »)).. ومن غربة الدين أن يكرم المفسدون…. ويهان المصلحون.. وماذا عن الغرباء؟؟ .. وما صفاتهم؟؟…وما جزاء الغرباء في الدنيا والآخرة ….ذلك ما سوف نتناوله في اللقاء القادم إن شاء الله …
الدعاء