خطبة عن ( المهدي )
يوليو 7, 2016خطبة عن ( الغرباء )
يوليو 7, 2016الخطبة الأولى ( صفات الغرباء )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام …وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه ..عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ »
إخوة الإسلام …
تناولت معكم في اللقاء السابق هذا الحديث الشريف ..وتعرفنا على معنى « بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ » وتبين لنا أن الغربة هي غربة الدين وليست غربة الأوطان والبلاد…وأن من غربة الدين غُربة أهل الصلاح بين الفساق…وغربة الصادقين بين أهل الرياء والنفاق…. وغربة العلماء بين أهل الجهل وسوء الأخلاق… وغربة علماء الآخرة بين علماء الدنيا الذين سُلبوا الخشية والإشفاق …وغربة الزاهدين بين أهل الطمع فيما ينفد وليس بباق…ومن غربة الدين… غربة الأخلاق.. فهناك قيم وأخلاق..فطرها الله في نفوس خلقه …يوم خلق السماوات الأرض،.. فإن الصدق والكرم والوفاء والحياء فضائل… وإن الغدر الكذب والظلم رذائل… ولكن من علامات الساعة، أن تختل تلك القيم…ففي الحديث: كما في سنن ابن ماحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « سَيَأْتِى عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ فِى أَمْرِ الْعَامَّةِ ».. ومن غربة الخلق ..قلة أهل الأمانة،… للحديث الذي في البخاري (حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ ، حَدَّثَنَا « أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِى جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ » . وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ « يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا ، وَلَيْسَ فِيهِ شَىْءٌ ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ ، فَيُقَالُ إِنَّ فِى بَنِى فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا . وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ . وَمَا فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَلَقَدْ أَتَى عَلَىَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِى أَيَّكُمْ بَايَعْتُ لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ الإِسْلاَمُ ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَىَّ سَاعِيهِ ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا » … ومن غربة الخلق إشاعة الزنا.. حتى تكون عرفا سائدا … للحديث الذي في مسند البزار (سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَتَسَافَدُوا فِي الطُّرُقِ تَسَافُدَ الْحَمِيرِ.). قد يقول قائلكم هذا لا يحدث في بلاد المسلمين .. فأقول له..لا بل قد وقع ألا يشاهد البعض منكم ..بطل الفلم أو التمثيلية وهو يضاجع البطلة على السرير .باسم الفن. ألا يشاهد البعض منكم ألاغاني المصورة وهذا والمغني يحتضن المغنية . ألا يشاهد البعض الأفلام المخلة بالآداب .نعم (لا تقوم الساعة حتى تسافدوا في الطريق تسافد الحمير) وصدقت سيدي يا رسول الله
أيها الموحدون
أهل الإيمان ..أهل الأخلاق.. أهل الصدق..أهل العفة والحياء. أهل الورع والتقوى…هؤلاء هم الغرباء..الذين مدحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولقلتهم في الناس ..سموا غرباء…. وكيف لا يكونوا غرباء.. وهم فرقة واحدة ناجية.. مقابل اثنين وسبعين فرقة هالكة ضالة ..كما أخبر بذلك رسول الله ومن صفات هؤلاء الغرباء… التمسك بالسنة إذا رغب عنها الناس… وترك ما أحدثوه من بدع …وتوحيد الله بالعبودية .. وإن أنكر ذلك أكثر الناس…فلا عبادة لشيخ ولا طريقة ولا مذهب ولا طائفة… بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية له وحده… وإلى رسوله بالإتباع لما جاء به وحده وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقا وأكثر الناس لهم لائمون ، فما واجب المسلم والمسلمة في زمن الغربة ؟؟..على المسلم الحق أن يعتز بغربته فإنها محمودة..يشابه فيها الأنبياء. فالزم جماعة المسلمين للحديث: كما في سنن ابن ماجه ( قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ قَالَ « فَالْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ كَذَلِكَ ».. وقوله في صحيح مسلم (جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ).. فلا تنخدع بكل مظهر أو فعل جاهلي…فإنما هي دنيا، وفي الحديث: في صحيح مسلم ((عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ ». وقوله صلى الله عليه وسلم كما في المعجم الكبير((مالي وللدنيا إنما أنا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها).فإذا أردت أن تكون من المؤمنين الغرباء …وإذا رزقك الله بصيرة في دينه… وفقها في سنة رسوله… وفهما في كتابه…ورأيت الناس متبعين للأهواء والبدع والضلالات… وابتعدوا عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله وأصحابه… فوطن نفسك وصبرها على قدح الجهال.. وأهل البدع .. وطعنهم فيك.. وتنفير الناس منك.. وتحذيرهم من إتباع قولك ..كما كان ..الكفار يفعلون مع رسول الله… فالمؤمن في هذا الزمان غريب في دينه.. لفساد أديانهم …غريب في تمسكه بالسنة…لتمسكهم بالبدع… غريب في اعتقاده…لفساد عقائدهم… غريب في صلاته…لسوء صلاتهم …وبالجملة فهو غريب في أمور دنياه و آخرته ..لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا… فهو عالم بين جهال…. صاحب سنة بين أهل بدع… داع إلى الله ورسوله… بين دعاة إلى الأهواء والبدع…. آمر بالمعروف ناه عن المنكر… بين قوم… المعروف لديهم منكر والمنكر معروف وعن عبد الله بن عمرو قال.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم …(أحب شيء إلى الله الغرباء…قيل وما الغرباء يا رسول الله ….قال الفرارون بدينهم.) صدق رسول اله صلى الله عليه وسلم
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الغرباء )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد …وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ..وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونأتي إلى سؤال الخاتمة… فما هو جزاء الغرباء في الدنيا… و عندما يعرضون على رب الأرض والسماء في الآخرة ؟؟؟ نسمع الإجابة من البشير النذير وهو يقول ( فطوبى للغرباء)) ومعنى ( طوبى ) أي : حياة طيبة في الجنة … وطوبى اسم شجرة من أشجار الجنة.. جعلني الله وإياكم من أهلها…وللغرباء في هذا الزمان الأجر المضاعف ..نعم ..مضاعف كأجر خمسين من الصحابة الأطهار …ففي الحديث كما في سنن الترمذي وغيره (عَنْ أَبِى أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِىِّ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىَّ فَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ تَصْنَعُ فِى هَذِهِ الآيَةِ قَالَ أَيَّةُ آيَةٍ قُلْتُ قَوْلُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِى رَأْىٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَزَادَنِى غَيْرُ عُتْبَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلاً مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ قَالَ « لاَ بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ ».. والغرباء … يجعل الله لهم من كل هم فرجا … ومن كل فتنة مظلمة مخرجا … ففي الحديث ..يقول صلى الله عليه وسلم عن الغرباء ( قلوبهم مصابيح الهدى… يخرجون من كل فتنة عمياء مظلمة…يجتمعون إلى عيسى ابن مريم عليه السلام يوم القيامة ) وفي الدنيا يكون الغريب في معية الله… جاء في الأثر ( لما خرج موسى عليه السلام هاربا من قوم فرعون… انتهى إلى مدين على الحال التي ذكر الله… وهو وحيد.. غريب.. خائف.. جائع… فقال يا رب.. وحيد.. مريض.. غريب… فقيل له يا موسى… الوحيد من ليس له مثلي أنيس…. والمريض.. من ليس له مثلي طبيب… والغريب… من ليس بيني وبينه معاملة )
الدعاء