خطبة عن (الغيبة : صورها وأسبابها وعقوبتها)
فبراير 18, 2016خطبة عن ( الكبر حرام في الاسلام )
فبراير 18, 2016الخطبة الأولى ( مرض الكبر وعلاجه)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ..ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى: “وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ” (الحجر: من الآية88)،
إخوة الإسلام
علاج الكبر يكون بالتواضع وخفض الجناح ،قال سبحانه: “أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ” (المائدة: من الآية54)،وقال النبي عليه الصلاة والسلام “المؤمن للمؤمن كالأرض الذلول” رواه أحمد. وعلاج الكبر يكون بالاطلاع على سير المتواضعين والتأسي بهم، وكذلك صحبة أهل التواضع والفقراء ومجالسة المساكين، والتفكر في عقوبة المتكبرين قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) [الأعراف 41:40]. وفي سنن الترمذي (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةِ الْخَبَالِ ». وفي مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « احْتَجَّتِ النَّارُ وَالْجَنَّةُ فَقَالَتْ هَذِهِ يَدْخُلُنِي الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ. وَقَالَتْ هَذِهِ يَدْخُلُنِي الضُّعَفَاءُ وَالْمَسَاكِينُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ – وَرُبَّمَا قَالَ أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ – وَقَالَ لِهَذِهِ أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا ».
إخوة الإسلام
ونتوجه بهذا النداء ، وتلك النصيحة، إلى كل من أصيب بهذا الداء : ونقول : أيها المتكَبّر.. تفخَرُ بمالِك.. فقارون كانت مفاتِيحُ خزائنُه لتنوءُ بالعُصْبَةِ أولي القوة فخُسِفَ به وبكنوزه الأرض.. تفخر بجاهِك.. ففرعَوْنَ هلك في الماء ولم ينفَعْه ملكُه ولا رجالُه.. تفخَرُ بقوّتِك.. فألمُ سِنك يُضجِعُك.. تفخَرُ بعِلمِك فليس مِن كيسك وإنما مِن جمعِ مَن قبلَك.. لأيّ شيءٍ تتعاظَمُ في نفسك وتتكبّر فإن أوَّلك نُطْفَة وآخِرُكَ جيفَة.. فلأي شيء تُعجِبُكَ نفسُكَ وقد خَرَجْتَ من حيثُ تعلَمُ مَرَّتَين والموتُ آت عليك فيقصِمُك. يروى أن مُطرِّف بن عبد الله الشِّخِّير رأى المهلب وهو يتبختر في جبة خز، فقال: يا عبد الله إن هذه مِشيةٌ يُبْغِضُها الله ورسوله .فقال له المهلب: أما تعرفني؟ فقال: بل أعرفك أولك نطفة مَذِرة وآخرك جيفة قذرة وأنت بين ذلك تحمل الَعذِرة ،فمضى المهلب وترك تلك المَشية ،وكان المهلب ملكاً.
أيها المسلمون
وإذا كان الإسلام قد نهى عن الكبر، فقد أمر بالتواضع ، والتواضع هو لين الجانب، وحسن الخلق، وعدم الترفع على الناس، كما في سنن الترمذي (عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَىَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ قَالَ « الْمُتَكَبِّرُونَ ». فتذكر عظمة الله وتذكر أن الله هو الذي أعطاك المال، وأعطاك الوظيفة، وأعطاك الجاه وأعطاك الوجه الحسن،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مرض الكبر وعلاجه)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ..ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد أيها المسلمون
تذكر أيها المسلم أن من شكر النعمة ذلك التواضع وعدم التكبر، وقد كان صلى الله عليه وسلم مثالا يحتذى به في تواضعه وسمته ،فها هو يخبر عن نفسه فيقول: “لا آكل متكئا”،وكانت مشيته عليه صلى الله عليه وسلم كأنما ينحدر من صبب ،وكان يجلس حيث انتهى به المجلس، وقال صلى الله عليه وسلم: “لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا: عبدا لله ورسوله” ولما أراد أحدهم أن يحدثه أخذته هيبة فارتعد، فقال له صلى الله عليه وسلم: “هون عليك إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة” وفي البخاري من حديث انس رضي الله عنه قال: كانت الأمة من إماء أهل المدينة….لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت ،وكان الرجل إذا دخل على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسأل أيكم محمد. وانظروا إلى تواضع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا هو الصديق رضي الله عنه يودع جيش أسامة ، وأسامة رضي الله عنه على فرسه وهو يسير على قدميه ،فيقول أسامة لتركب أو لأنزل فيقول الصديق ومالي لا أغبر قدمي ساعة في سبيل الله ، وهو الخليفة يستأذن أسامة في عمر فيقول: أتأذن لي بعمر أستعين به على أمور المسلمين؟ ، وهذا هو عمر رضي الله عنه لبس ثيابه يوم الجمعة ،وكان قد ذبح للعباس فرخان، وكان للعباس ميزاب على طريق عمر، فلما وافى عمر الميزاب صب ماء بدم الفرخين فأصاب عمر فأمر عمر بقلعه أي الميزاب، ثم رجع فطرح ثيابه ولبس ثيابا غيرها ثم جاء وصلى بالناس ،ثم أتاه العباس، فقال: والله إنه للموضع الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال عمر للعباس : وأنا أعزم عليك لما صعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل ذلك.
الدعاء