خطبة عن (الدرجات:الصَّلاَةُ وَالنَّاسُ نِيَامٌ وفِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ
يوليو 9, 2016خطبة عن (الكفارات: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْكَرِيهَاتِ، نَقْلُ الأَقْدَامِ إِلَى الْجُمُعَاتِ)
يوليو 9, 2016الخطبة الأولى (من الكفارات: انْتِظَارِ الصَّلاَةِ، ومن الدرجات: إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَلِينُ الْكَلاَمِ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة . اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
روى الامام أحمد عن مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ احْتَبَسَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ غَدَاةٍ عَنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى كِدْنَا نَتَرَاءَى قَرْنَ الشَّمْسِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَرِيعاً فَثُوِّبَ بِالصَّلاةِ وَصَلَّى وَتَجَوَّزَ فِى صَلاَتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ « كَمَا أَنْتُمْ عَلَى مَصَافِّكُمْ ». ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْنَا فَقَالَ « إِنِّى سَأُحَدِّثُكُمْ مَا حَبَسَنِى عَنْكُمُ الْغَدَاةَ إِنِّى قُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيْتُ مَا قُدِّرَ لِى فَنَعَسْتُ فِى صَلاَتِى حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبِّى عَزَّ وَجَلَّ فِى أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَتَدْرِى فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى قُلْتُ لاَ أَدْرِى يَا رَبِّ. قَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى قُلْتُ لاَ أَدْرِى رَبِّ. فَرَأَيْتُهُ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَىَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ بَيْنَ صَدْرِى فَتَجَلَّى لِى كُلُّ شَىْءٍ وَعَرَفْتُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى قُلْتُ فِى الْكَفَّارَاتِ. قَالَ وَمَا الْكَفَّارَاتُ قُلْتُ نَقْلُ الأَقْدَامِ إِلَى الْجُمُعَاتِ وَجُلُوسٌ فِى الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلاَةِ وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْكَرِيهَاتِ. قَالَ وَمَا الدَّرَجَاتُ قُلْتُ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَلِينُ الْكَلاَمِ وَالصَّلاَةُ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. قَالَ سَلْ. قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِى وَتَرْحَمَنِى وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِى قَوْمٍ فَتَوَفَّنِى غَيْرَ مَفْتُونٍ وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ ». وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا وَتَعَلَّمُوهَا». وفي سنن الترمذي : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَتَانِى رَبِّى فِى أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَبِّى وَسَعْدَيْكَ قَالَ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى قُلْتُ رَبِّى لاَ أَدْرِى فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَىَّ فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَىَّ فَعَلِمْتُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قَالَ يَا مُحَمَّدُ. فَقُلْتُ لَبَّيْكَ رَبِّ وَسَعْدَيْكَ قَالَ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى قُلْتُ فِى الدَّرَجَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَفِى نَقْلِ الأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ وَإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ فِى الْمَكْرُوهَاتِ وَانْتِظَارِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ وَمَنْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ بِخَيْرٍ وَكَانَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ »، وفي المعجم للطبراني : ( عن طارق بن شهاب قال سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم فيم يختصم الملأ الأعلى فقال في الكفارات والدرجات فاما الدرجات فاطعام الطعام وافشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام واما الكفارات فاسباغ الوضوء في السبرات ونقل الاقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة )
إخوة الإسلام
ثم نأتي إلى السبب الثالث من مكفرات الذنوب : الجلوس في المساجد بعد الصلوات : ففي المسند وسنن ابن ماجة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَغْرِبَ فَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ وَعَقَّبَ مَنْ عَقَّبَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُسْرِعًا قَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ و قَدْ حَسَرَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ « أَبْشِرُوا هَذَا رَبُّكُمْ قَدْ فَتَحَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ يُبَاهِى بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ يَقُولُ انْظُرُوا إِلَى عِبَادِى قَدْ قَضَوْا فَرِيضَةً وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ أُخْرَى ». وفي المسند عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مُنْتَظِرُ الصَّلاَةِ مِنْ بَعْدِ الصَّلاَةِ كَفَارِسٍ اشْتَدَّ بِهِ فَرَسُهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى كَشْحِهِ تُصَلِّى عَلَيْهِ مَلاَئِكَةُ اللَّهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يَقُومُ وَهُوَ فِى الرِّبَاطِ الأَكْبَرِ » ويدخل في قوله: ” والجلوس في المساجد بعد الصلوات ” : الجلوس للذكر وقراءة القرآن وسماع العلم وتعليمه ونحو ذلك، لا سيما بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس،. وفي الصحيح عن النبي ( قال “وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ” وأما الجالس قبل الصلاة في المسجد لانتظار تلك الصلاة خاصةً فهو في صلاة حتى يصلي، وفي الصحيحين قَالَ أَنَسٌ نَظَرْنَا النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى كَانَ شَطْرُ اللَّيْلِ يَبْلُغُهُ ، فَجَاءَ فَصَلَّى لَنَا ، ثُمَّ خَطَبَنَا فَقَالَ « أَلاَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا ثُمَّ رَقَدُوا ، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِى صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاَةَ » ، وفيهما أيضاً عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِى مُصَلاَّهُ الَّذِى صَلَّى فِيهِ ، مَا لَمْ يُحْدِثْ ، تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ » ، وبالجملة.. فالجلوس في المسجد للطاعات له فضل عظيم، وفي حديث عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يوطن رجل المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله به حتى يخرج كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم »..وصحّ عن النبي ( أنه عدّ من السبعة الذين يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله: ” وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ ” ، وبعدما تعرفنا على بعض كفارات الذنوب ..فتعالوا بنا نستكمل بقية الحديث ونتعرف على الدرجات في قوله صلى الله عليه وسلم (قَالَ وَمَا الدَّرَجَاتُ قُلْتُ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَلِينُ الْكَلاَمِ وَالصَّلاَةُ وَالنَّاسُ نِيَامٌ.)، فهذه الاعمال الصالحة ترفع بها درجات العبد في الجنة: واولها إطعام الطعام، وقد جعله الله في كتابه من الأسباب الموجبة للجنة ونعيمها، قال الله عز وجل: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) الانسان 8 .. وفي مسند الامام احمد عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم (أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِنًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ) ،وفي سنن البيهقي (عَنْ أَبِى مَالِكٍ الأَشْعَرِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم( إِنَّ فِى الْجَنَّةِ غُرْفَةً يُرَى ظَاهِرُهَا مَنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَلاَنَ الْكَلاَمَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَتَابَعَ الصِّيَامَ وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ومن الدرجات: إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَلِينُ الْكَلاَمِ وافشاء السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة . اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
وفي حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال: يا حذيفة من ختم له بصدقة على مسكين يبتغي به وجه الله أدخله الله الجنة ). فإطعام الطعام يوجب دخول الجنة، ويُباعد من النار ويُنجي منها. وكان أبو موسى الأشعري يقول لولده” اذكروا صاحب الرغيف ” ثم ذكر أن رجلاً من بني إسرائيل عبدَ الله سبعين سنة، ثم إن الشيطان حسَّن في عينيه امرأة فأقام معها سبعة أيامٍ، ثم خرج هارباً فأقام مع مساكين فتُصُدِّق عليه برغيف كان بعض أولئك المساكين يريده، فآثره به ثم مات، فوِزن عبادته بالسبعة الأيام التي مع المرأة فرجحت الأيام السبعة بعبادته، ثم وُزن الرغيف بالسبعة الأيام فرجح بها. فأفضل أنواع إطعام الطعام: الإيثار مع الحاجة كما وصفه الله تعالى بذلك الأنصار رضي الله عنهم فقال: (ويُؤثِرونَ على أَنْفُسِهم ولو كانَ بهمْ خَصَاصَةٌ) الحشر 9، وأما لين الكلام وإفشاء السلام فمن موجبات الجنة، كما في صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم« لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا.أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَىْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ) .وقد روي الترمذي عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. قَالَ قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « عَشْرٌ ». ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « عِشْرُونَ ». ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « ثَلاَثُونَ » ” .. والملاحظ في الحديث أنه جمع بين إطعام الطعام ولين الكلام ..ليكمل بذلك الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل، فلا يتم الإحسان بإطعام الطعام إلا بلين الكلام وإفشاء السلام، فإن أساء بالقول بطل الإحسان بالفعل من الإطعام وغيره كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ) البقرة 264، وربما كان معاملة الناس بالقول الحسن أحب إليهم من الإحسان بإعطاء المالً. ونستكمل الحديث إن شاء الله
الدعاء